اطبع هذه الصفحة


آخر نكتة
أم قصر ... والورع الأمريكي !!

بقلم طارق حميدة - فلسطين

 
آخر نكتة فلسطينية ، بحسب معرفتي ، جاءت على شكل سؤال وجواب هكذا:
س: ليش فات الأمريكان على" أم قصر" وبعدين خرجوا ؟؟
ج: لأن " أبو قصر" ما كان موجود في البيت!!

وهنا يضحك السامعون ، لأن أم قصر بلدة وليست امرأة متزوجة من أبي قصر ، ولأن عدم دخول البيوت في غياب الرجال ليس من تقاليد الأمريكان ، وإنما هو سلوك منبثق عن ثقافتنا الإسلامية ... وهناك أسباب أخرى للضحك سنأتي على ذكرها فيما بعد .
النكتة صورة وتشبيه تمثيليّ يتضمن المشبه والمشبه به ووجه الشبه ،
حيث إن النكتة ، في الحقيقة ،إنما هي انعكاس لصورة الواقع في النفوس .

الصورة الظاهرية للنكتة تتحدث عن شخص توجه إلى بيت ، ولما لم يجد الرجل هناك قفل راجعاً..ولكن لماذا ضحكنا ملء أشداقنا، تهكماً عليه وسخرية منه، والمفروض أنه تصرف بشكل يستدعي الاحترام حين لم يدخل بيتاً في غياب الرجال؟؟ .

إننا في الواقع نسخر، بشماتة واحتقار، من شخص قصد بيتاً بنية سيئة وهو مطمئن إلى غياب الرجال ، فلما أراد الدخول لقضاء مآربه الخسيسة ، استقبلته النساء ، أم قصر وأخواتها، بالبصاق في وجهه ،وبالأحذية على أم رأسه ... وفاجأه الرجال هناك فهشموا وجهه ودغدغوا جسمه ، ومرغوا أنفه بالتراب ، فعاد يجر أذيال الخيبة ، مجللاً بالخزي والعار ... وإذا ما سأله البعض ، وهم يعلمون ،لماذا قفل راجعاً ولم يدخل ، فإنه يجيب :لأنه لا رجال في البيت!.

إنها ذات الصورة ، فالأمريكان قدموا إلى العراق لغايات خسيسة وأغراض غير شريفة ، هي احتلال الأرض وانتهاب الخيرات وإذلال الشعب ... وقد كان الغزاة الجبناء الأنذال ، يمنون أنفسهم بغياب الرجال أو موت الرجولة ، ولكن خاب فألهم إذ كان الرجال لهم بالمرصاد ، فلقنوهم درساً لن ينسوه ،بل إن النساء هن الأخريات قد أبلين بلاءً حسناً وقاومن ببسالة وضراوة .

وإذ قفل الأمريكان يجرون أذيال الخيبة والهوان ، مدحورين عن أبواب المدن العراقية ، وفي مقدمتها أم قصر، على صغر حجمها وقربها الشديد من الحدود ، وبالتالي سهولة الوصول إليها وإمكانية دخولها واقتحامها .. فقد كانت لذلك رمزاً للبطولة والتحدي وصد العدوان .

لقد تكررت تصريحات الغزاة بأنهم "لا يرغبون" أو" لا يهدفون" و"ليس في خطتهم" دخول البصرة ...بعد أن ردتهم المدينة على أعقابهم... وهذه النكتة ترد عليهم بأن السبب الحقيقي هو أنهم لا يقدرون على تحقيق هذا الهدف ، شأنهم شأن ذاك الخسيس الذي رده الرجال عن غرضه الحقير ، فتظاهر بأنه رجع لعدم وجود الرجال في البيت ، متظاهراً بالشرف والعفة ، ليخفي تحتهما ما يعلمه الجميع ، وقد كان غاية ما يتمناه ألا يكون هناك رجال .

وقد يحسن أن نذكر بأن تشبيه الأرض بالمرأة أماً وزوجاً وحبيبة، مما يكثر في ثقافتنا الشعبية وأدبنا الرسمي ،وانطلاقاً من ذلك يوصف العدوان على الأرض بالاعتداء على العرض ،كما يدافع الرجال عن أرضهم دفاعهم عن أعراضهم . ومن هنا أمسكت النكتة باسم البلدة" أم قصر " .
وفي ثقافتنا أيضاً ،وربما في غيرها أيضاً، يكون الرجال رجالاً بدفاعهم عن حرماتهم وأوطانهم...وتُسلب منهم هذه الصفة إن جبنوا عن ذلك ، وهو ما أوضحناه في تحليلنا لبعض نكات الاجتياح الصهيوني للأراضي الفلسطينية قبل عام .

 

بلاد الرافدين

  • الفلوجة
  • رسائل وبيانات
  • في عيون الشعراء
  • من أسباب النصر
  • فتاوى عراقية
  • مـقــالات
  • منوعات
  • الصفحة الرئيسية