اطبع هذه الصفحة


خطبة الجمعة
خطأ أمريكا القاتل غزو العراق

هيثم بن جواد الحداد

 
الخطبة الأولى

الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومديم النعم بشكره، ومستدرج الكافرين بمكره، الذي قدر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاء على عباده من ظله، وأظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يمانع، والظاهر على خليقته فلا ينازع، والآمر بما يشاء فلا يراجع، والحاكم بما يريد فلا يدافع.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
وأشهد أن محمدا عبده الأمين، ورسوله المكين، حسن الله به اليقين وأرسله إلى الخلق أجمعين بلسان عربي مبين، بلغ الرسالة وأظهر المقالة، ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في سبيل الله المشركين وعبد ربه حتى أتاه اليقين.
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {8} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {9} الصف

أمة الإسلام: نحن أيها المؤمنون نشاهد عدوانا جديدا على بلد من بلاد المسلمين، ها هي القوات الصليبية الحاقدة تغزو ديار المسلمين بجج واهية، وذرائع سخيفة
أيها المؤمنون هذه الخطبة عنوانها لا تحسبوه شرا لكم، بل هو خير
لا تحسبوا هذا العدوان الأمريكي على شعب العراق شرا بل هو خير، نعم والله نرجوا أن يكون خيرا.

يا قائدَ الظلم لا تغترّ إن لنا ركناً شديداً وقد وافاك إرشادُ
فالطائرات وما تحويهِ من عُدَدٍ والقاذفاتُ وأعدادٌ وإعدادُ
وقمةُ العلم في تطوير أسلحةٍ والراجماتُ وأبطالٌ وأجنادُ
تبقى أمام جنود الله خاضعةً فالله أكبرُ والتقوى هي الزادُ
يا قادةَ الظلم إن الحقَّ منتصرٌ وللمعامع فرسانٌ وقوّادُ
سلاحكم في الوغى درعٌ وقنبلةٌ والرعبُ فيكم بحول الله يزدادُ
ونحن أشواقنا لله أسلحةٌ عظمى ، ويحملها في الروع آسادُ
نشتاق للموت في عزٍّ وفي شرفٍ وفي السماءِ لنا جندٌ وإمدادُ

عباد الله: لقد عاش المسلمون بعد سقوط الخلافة العثمانية سنة 1917 حالة من التيه والضياع، لا سيما حينما جثم الاستعمار الغربي على بلاد المسلمين حقبا طويلة من الزمن، حيث بدأ في بعض بلاد المسلمين قبل سقوط الدولة العثمانية، ولم ينته إلا قبل مدة يسيرة من الزمن
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945، وخروج أمريكا بانتصار ساحق في اليابان، ودعمها لعدة دول أوربية أمام الألمانية الهتلرية، ظهرت هذه الدولة الأمريكية كأحدى أقوى دولتين في العالم.
ظلت الولايات المتحدة الأمريكية في تصاعد مستمر، تصاعد في قوتها العسكرية، وتبع ذلك تصاعد في قوتها الاقتصادية، وبدأت في تصدير أنموذجها إلى العالم كله
وبدأت دول كثيرة من العالم تتلقى هذا النموذج الأمريكي بعين الرضا، وربما قامت على اقتباسه في كثير من جوانب الحياة، السياسية، والاقتصادية، والثقافية وهو أشدها خطرا، الأمر الذي جعل العالم كله ساحة للعب من قبل مصدروا الثقافة الأمريكية بكل أطيافها.
وهكذا أيها المؤمنون بدأ غزو لا بل اكتساح أمريكي شامل، ومدمر، وشديد على الأمة الإسلامية، وعاش المسلمون في تلك الفترة أحلك أوقاتهم على مر التاريخ، نعم كانت تلك أشد الأوقات سوادا على الأمة الإسلامية.
تلك الفترة التي كانت جموع المنتسبين إلى الإسلام يفتحون قلوبهم، وصدورهم، وعقولهم لتقمص القيم الأمريكية والثقافة الأمريكة، بل والحياة الأمريكية بكل أطيافها، حتى غدونا نتحدث عن نظام عالمي جديد، أو عولمة، بل إن الصحيح والواقع أن الذي يجري كان في حقيقته أمركة قذرة.
كان الدعاة يوصفون بضيق الأفق والانغلاقية ومحدودية التفكير، حينما يجأرون خوفا من استعمار جديد يجتاح عقيدة الأمة، تارة تحت غطاء الاقتصاد، وتارة تحت غطاء الديموقراطية، ومرات بدافع وتارة بدون غطاء ولا ستر.
كان الدعاة يواجهون بالسخرية والازدراء حينما يطالبون الأمة بتوحيد الصف، ونبذ الفرقة بشتى صنوفها.
كان الدعاة يلمزون بالإرهاب حينما يدعون الناس للعمل بما تمليه عليهم عقيدة الولاء والبراء، مثل التخلص من ولائهم للغرب النصراني.
كل هذا ولا مجيب ولا مستجيب ألا في دوائر ضيقة محدودة، وكأن الأمة دخلت في سبات عميق، الأمر الذي جعلنا نظن بأن طول العهد بالخنوع والجهل والانغماس في الشهوات يحتاج إلى نيران ملتهبة توقظ هذه الأمة، وتثير مشاعر الخوف من خطر الحريق الداهم لتتحرك نحو إنقاذ نفسها، بل إنقاذ البشرية كلها.
لقد حفظ الله هذا الدين، وجعل هذه الأمة خير الأمم، وجعل دينها ظاهرا على الدين كله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا {28} الفتح
فشاء الله جل وعلا أن يبعث هذه الأمة من جديد، وأن يجدد فيها إيمانها، وأن يعيدها إلى سابق عزها.
وهنا تأتي مشيئة الله التي قضت بأن النصر والعاقبة ستكون للإسلام وأهله، فيقدر الله عز وجل بقدره وحكمته أن تهب رياح عاتية لتأز جوانب هذه الأمة، فتولد نيران الحمية للدين، والغضب لانتهاك حرمات الله، والثأر لعزة هذه الأمة المسلوبة.
حدث الغزو الروسي لأفغانستان، وارتكب الروس فظائع خارجة عن التصور، وخرج من رحم هذا الأتون المحرق تجديد لمصطلح الجهاد، وعادت بعض أدبياته للظهور بعد أن كادت أن تكون مجرد تراث أدبي.
ثم جاءت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وأريقت الدماء على جوانب رحلة الصراع هذه، وأنجبت لنا هذه الملحمة فتى عنيدا، اسمه حب المقاومة ورفض الخنوع.
ثم تلا ذلك أزمة الخليج والحرب بين العراق من جهة وحلفائها من جهة أخرى، وخسرت الأمة أنواعا من المكاسب المادية، لكن الأزمة ساعدت في إحداث تصدع في نظرة المسلمين للغرب، وانبهارهم بعدالته ومثله المدعاة.

عباد الله: ثم يقد الله بحكمته التي لا تقاربها حكمه، وعلمه الذي أحاط كل شيء، ورحمته بهذه الأمة التي لا تدانيها رحمه، فيريد تهيأة المسلمين لمرحلة جديدة في تاريخهم الحديث، فتندلع الانتفاضة الفلسطينية الباسلة مرة ثانية، لتعلي صيحات الجهاد، ولتغرس معاني الولاء والبراء، ولتثبت حب المقاومة والاستعلاء على خور النفس، ولتزيد من التصدع في ولاء المسلمين بالغرب الصليبي.

الأمر الأول:
أحداث متوالية، كلها تساهم في تعميق الهوة بين الغرب والشرق، بين الشرق المسلم والغرب النصراني الصليبي، هذه الهوة التي من شأنها أن تكون العائق الذي يكبح جماح الاكتساح الثقافي الذي قامت به الثقافة الغربية أو الأمريكية على العالم الإسلامي.
كان المسلمون ينظرون إلى النموذج الأمريكي على أنه المثال الذي يجب أن يحتذى في كل أموره، في نظمة الاقتصادية، في نظمه في تسيير شؤون الدولة، في نظمه الإعلامية، بل في نظمه السياسية، ونظر المسلمون إلى الثقافة الأمريكية على أنها الثقافة الأفضل، وربما فضلها بعضهم على النظام الإسلامي

عباد الله: إن من حكمة الله جل وعلا أن يوقع الظالم في شر أعماله، كما أن من حكمته جل وعلا أن يحجب التوفيق والسداد عن كل نظام لا يتفق مع كلماته وشرعه.
(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى)
لو أن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت في سياستها الهادئة الخبيثة مع العالم الإسلامي لنجحت إلى حد كبير جدا في اجتياح العالم الإسلامي وتحويله إلى مستعمرة أمريكية يلهوا فيها رعاة البقر الأمريكان كما يشاؤون، وهذا هو الذي كان يخشاه كثير من العلماء والدعاة
لكن الولايات المتحدة الأمريكية حرمت التوفيق كما حرمت الهداية، فسيطر عليها الغرور والكبر، وأخذتها الغطرسة، فظنت أنها استعبدت شعوب العالم الإسلامي، وأخذت في الظلم والبغي، والعدوان والتجبر، الأمر الذي حال بينها وبين المقدرة على الاستمرار في نهجها الاستعماري المبني على السياسة الهادئة وتصدير الثقافة.
إن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش أسوء مراحل حياتها، بل إنها بعد أن وصلت إلى قمة الهرم بدأت في الانحدار السريع نحو الهاوية، ونسأل الله جل وعلا أن يعجل بسقوطها.
إن الولايات المتحدة الأمريكية باعتدائها الغاشم على العراق ودخولها إلى قلب العالم الإسلامي ستكرس الكراهية ضدها من قبل جموع المسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية، تلك الكراهية التي ستحول بين المسلمين وبين تقمص ثقافتها واستيراد نظمها ومن ثم السير ركابها
بغدادُ والكبشُ هذا اليومَ بغدادُ ا لأشلائنا في الأرض تِعدادُ
بغدادُ والذابح الباغي وفي يدهِ سوطٌ على أمةِ الإسلامِ جلادُ
بغدادُ والرومُ قد عادت جحافلُها لها مع البحر إرغاءٌ وإزبادُ
يقودها الحقدُ والعدوانُ غايتُها والكفرُ بالله في ذاكم لها زادُ

الأمر الثاني:
إن الاعتداء التي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية على بلد إسلامي سيجعل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها دولة مقاتلة مهاجمة، الأمر الذي سيسوغ لكثير من المسلمين الذين يعيشون في تلك البلاد، بل ربما المسلمين في كل أنحاء الدنيا مهاجمتها ومحاولة ضربها، وسيشعر كثير من المسلمين بناء على ذلك أن التجمعات الأمريكية في كل مكان أهدافا مشروعة لهم، وهكذا سيتعرض التواجد الأمريكي والبريطاني في أماكن متعددة من العالم إلى اعتداءات متنوعة مختلفة.
وإذا ما حدث هذا فستهتز هيبة تلك الإمبراطورية بشكل يغري خصومها بالإنقضاض عليها في أي فرصة تسنح لهم.

الأمر الثالث:
لقد وضعت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في عزلة شبه كاملة عن باقي دول العالم، فقد كثرت الدول المعارضة للحرب صراحة وعلى المستوى الرسمي وها هي ثلاث دول من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن تعارض الحرب على العراق، ولم يتفق مع العراق في هذا العدوان الصارخ إلا دول معدودة، تحت ضغط ترغيب أو ترهيب

أيها المؤمنون: نحن لا نؤمل كثيرا على مواقف بعض الدول الغربية من الحرب، فهاهي ألمانيا وهي من أكثر الدول معارضة للحرب ضد العراق تصرح بأنها رغم معارضتها للحرب إلا أنها ستفي بالتزاماتها تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.
أما فرنسا وهي حليفة ألمانيا في معارضة الحرب الأمريكية على العراق، فهاهو رئيسها شيراك، يحبب عندما سؤال عن الدعم المادي الذي يمكن ان تقدمه فرنسا للولايات المتحدة وبريطانيا قائلا: «لا اعرف ما يمكن ان يطلبه البلدان من فرنسا لاحقاً. حتى الآن، لم تطلب الولايات المتحدة سوى امر واحد هو السماح لطائراتها بعبور الاجواء (الفرنسية). وهذا الطلب وافقت عليه لاننا اصدقاء وحلفاء حتى وان كنت لا اوافق ابداً على هذه الحرب اليوم». بل قد صرح وزير الخارجية دور فيلبان بما هو ابعد من ذلك حينما صرح ن باريس «ستكون الى جانب الولايات المتحدة الاميركية اذا واجهت وضعاً جديداً غير متوقع اليوم، او ازمة خاصة كيماوية او بيولوجية. فرنسا ستكون الى جانبها للتعبير عن تضامنها معها». وقد صرحت فرنسا كذلك بأنها تتمنى انتصار الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحرب.
صدق الله جل وعلا إذ يقول ({72} وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ {73}

عباد الله: لكننا مع ذلك يجب أن لا نكون قصيري النظر ولا محدودي الفكر، فالدول الغربية وإن كانت كلها تدين بدين واحد، وأهداف متقاربة لا سيما إن كانوا يواجهون العالم الإسلامي، إلا أننا يجب أن لا نهمل أن تلك الدول تعيش فيما بينها صراعات حادة من أجل الزعامة.
لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ {14} الحشر
ولايفوتنا هنا أن نشير إلى تلك المعارضة المتنامية التي تشهدها الساحة البريطانية ضد الحرب، فلم يقتصر الأمر على المظاهرات الشعبية العارمة، بل جاوزه إلى أعضاء الحكومة نفسها، وقد سمعتم نبأ استقالة ثلاثة وزراء حتى الآن من الحكومة البريطانية، فضلا عما سمعناه من التصريحات القوية التي صرح بها جورج جالوي حيال الحرب الحالية.
لقد أفرزت هذه المواقف الحمقاء من الولايات المتحدة الأمريكية على أسقاط هيبتها السياسية أمام دول صغير بل وفقيرة، فبعض المواقف الشجاعة من دول مثل الكاميرون وانغولا وغينيا والمكسيك وتشيلي وهي دول فقيرة لا تستغني عن المعونة الأمريكية يعكس مدى سقوط الهيبة الأمريكية.
خلال فترة وجيزة يا عباد الله، بل وقياسية، بات العالم الآن ينظر الى اميركا، لا كقوة ديمقراطية عظمى، وإنما كوحش بدائي ينبغي ان يتضافر الجميع لردعه.

الأمر الرابع:
أيها المؤمنون: أما العزلة التي تعيشها الولايات المتحدة على المستوى الشعبي في دول العالم كلها فشيء فاق التوقعات، في مصر العربية الأبية، خرج بالأمس في اليونان مائة ألف معبرين عن احتاجهم عن الغزو الأمريكي، وفي بليجيكا خمسون ألفا، واعتصم آلاف أمام مبنى البرلمان البريطاني، بل جابت المظاهرات شوارع المدن الأمريكية ...
المواقف الشعبية قد تؤثر تأثير مباشرا في بعض الأحيان ففي تركيا مثلا التي كانت تستميت في إرضاء حلف الناتوا، هاهو برلمانها رغم كل الإغرائات الأمريكية يرفض بالأغلبية السماح للقوات الأمريكية بالانتشار على أرضه، وما ذلك إلا تجنبا للغضب الشعبي المتزايد ضد الوجود الأجنبي

عباد الله: صحيح أن الموقف الشعبي قد لا يؤثر تأثيرا مباشرا في جميع الحالات على المدى القصير لكنه فعال ومؤثر على المدى الطويل، بل قد قيل بأنّ الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أصبحت ستا بدل الخمس، أما السادس فهو الرأي العام، إن الرأي العام يعمل على بث الجرءة في نفوس عموم الناس على التعبير عن رأيهم بدل أن يكونوا مجرد قطعان تساق إلى المجزرة وهي لا تدري، إنه يساهم على المدى البعيد في تصدع البنية التحتية للوحدة الغربية، ناهيك أنه يفتح آفاقا وآمالا للمسلمين، سواء باختراق صفوف الغرب، أو تكريس التدافع، أضف إلى ذلك أنه فرصة عظيمة للدعوة إلى الإسلام، وتبيين محاسنه.

الخطبة الثانية

عباد الله:
أما الأمر الخامس:
الأمم المتحدة: تلك المؤسسة التي انشأت لرعي لظلم، ولإذلال الضعيف والإمعان في إهانته بغطاء رسمي وتحت مظلة قانونية، كثيرا ما تحدث العلماء والدعاة الصادقون عن هذه المنظمة الجائرة وأن الدخول فيها والإنصياع لأنظمتها إنما هو موافقة صريحة على الظلم، واستمراء للهوان، ولكن أيا من هذه الدعوات وجدت من يلتفت لها، وها نحن نراها اليوم
ها نحن نرى ما كان تدعيه النخب المثقفة والسياسية من شرعيتها الدولية، وضرورة التحاكم لها، ها نحن نرى هذه الشرعية تتهاوى أمام أنظار العالم كله، فهاهي دول أعضاء فيها تنفرد بالحرب على بلد آخر دون الرجوع إليها، ويصرح السياسيون من دول شتى من العالم الإسلامي بأن تلك المنظمة الدولية باتت عاجزة عن القيام بمهمتها، وأن ذلك قد يؤدي إلى البحث عن بدائل تكون أكثر فعالية لا سيما في وقت الأزمات.
لا يرجع الحق السليب بهيئة دولية يلهوا بها الدولار
أو مجلس نسبوه للأمن الذي هو لعبة في شرعهم وقمار

الأمر السادس
أمة الإسلام: إن أمريكا والغرب الصليبي لم يكن قادرا على الوصول إلى ما وصل إليه إلا من خلال مجموعة من الزعماء الذين سخرهم أداة لاستعباد شعوبهم وقهرها، حيث جعلهم أحذية يطؤها، ويطأ بها أشواك الشعوب المسلمة التي يمكن أن تنخز جسده فتأذيه، حتى إذا انتهت مهمة أحد هذه الأحذية، خلعها المستعمرون وألقوها في أقذر الأماكن، وأنتن المزابل، واستبدولها بحذاء آخر، ، وأظن أن الرئيس العراقي أحد تلك الأحذية.
لقد أراد الله بهذه الأمة الخير حينما توالت الاختبارات والمحن عليها، لتفضح أولئك الذين يقفون عقبة كؤود في وجه الشعوب، ويحولون بينها وبين بذلها كل ما تستطيع من نفس ومال في سبيل قضاياها العادلة، ابتداء من قضية فلسطين، والانتفاضة، وانتهاء بهذه الأزمة التي تمر بها الأمة.
لقد استكملت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها بريطانيا في هذا الغزوة الغاشم على بلد مسلم ما كشفت عنه الأحداث الجسام التي مرت بالأمة بدءا من الانتفاضة الفلسطينية، ومرورا بالموقف من الاعتداء على أفغانستان من المواقف العربية الممعنة في الذلة والمهانة والولاء لأعداء دين الله، يصرح رئيس دولة عربية كبرى قبيل الاعتداء بعد أن غط في نوم عميق واختفى عن الساحة السياسية بأن ما يجري في المنطقة إنما جلبه الرئيس العراقي، وإنه يتحمل التعبات التي ستجري على شعبه وعلى بلده وعلى العالم كله، يتبجح بذلك دون أن يلقي ولو كلمة لوم واحدة على راعية الإرهاب الدولي.
يبقى مُهاباً من القرآنُ قائدُهُ وسوف يخسرُ من للغربِ ينقادُ
ويطمئن آخر بأن إمدادات الوقود التي ستستخدمها الطائرات الغازية التي تقذف الموت والدمار والهلاك لن تتوقف ولن تتأثر فليطمئن أطفال العراق الذين يموتون بالآلاف يوميا بأن دولا مجاورة قد سهلت سبل الهلاك لهم، في الوقت التي تقاطع الولايات المتحدة الأمريكية وبشدة المنتجات الفرنسية حتى لو كانت مجرد جبن ليس له تأثير يذكر.
دولة المكسيك علي بعد خطوات من الحدود الامريكية، وتشيلي في حاجة ماسة الي المساعدات الامريكية، اما غينيا فتعاني الفقر والفاقة، ومع ذلك رفض زعماء هذه الدول ان يصوتوا الي جانب القرار الثاني في مجلس الأمن، وهم ليسوا عربا ولا مسلمين، بينما الزعماء العرب و المسلمون فتحوا القواعد للعدوان، وحاولوا ارسال الوفود الي بغداد للضغط علي رئيسها من اجل الاستقالة، وتسليم بلاده للاحتلال الامريكي دون مقاومة.
هذه المواقف المبغوضة من الله، والملعونة من عباد الله، تجاه هذا العدوان الفاضح على هذا الشعب المقهور ستجبر الأمة على إعادة النظر في تسليم زمام أمورها لهذه القيادات، وستضعها أمام حقيقة كانت تتستر من قبل وراء غشاوت هافتة، وهي أن الأمة لا يمكن أن تعود إلى عزها وتتبوأ المكانة التي تصبوا إليها إلا بالعمل الدؤوب على التخلص من العملاء، واستبدال أولئك الذين لا يعملون إلا من أجل شهواتهم الرخيصة، ونفوسهم الدنيئة، استبدالهم بالمخلصين الذين يحملون همّ الأمة، ويعملون لمصالحها العليا.
قال الله جل وعلا : (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) وقال جل من قائل (وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ) الأنعام آيه 55
اللهم يا منزل الكتاب ويا مجري السحاب ويا سريع الحساب ويا هازم الأحزاب أهزم النصارى واليهود المحاربين للإسلام والمسلمين
اللهم أهزمهم وزلزلهم , اللهم أقذف الرعب في قلوبهم , اللهم فرق جمعهم
اللهم شتت شملهم , اللهم خالف بين آرائهم , اللهم أجعل بأسهم بينهم
اللهم أرنا بهم عجائب قدرتك , يا قوي يا قادر
اللهم أذل الدول الكافرة المحاربة للإسلام والمسلمين ,
اللهم أشغلهم بأنفسهم عن المؤمنين
اللهم لا تجعل لهم على مؤمن يدا وعلى المؤمنين سبيلا
اللهم أسقط طائراتهم ، اللهم دمر مدمرا تهم ، وأجعل قوتهم عليهم دمارا
يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم .
اللهم أن بالمسلمين من الجهد والضنك والضيق والظلم مالا نشكوه إلا إليك
لا اله إلا الله العظيم الحليم , لا اله إلا الله رب العرش الكريم
لا اله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم
اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

 

بلاد الرافدين

  • الفلوجة
  • رسائل وبيانات
  • في عيون الشعراء
  • من أسباب النصر
  • فتاوى عراقية
  • مـقــالات
  • منوعات
  • الصفحة الرئيسية