اطبع هذه الصفحة


ديمقراطية المحتل

مصطفي بكري

 
لم يكن حدثا جديدا.. لم يكن حدثا فريدا..
منذ أن جاء البرابرة إلي أرضنا، سرقوا، نهبوا، أطلقوا عصابات الاجرام، لتقوض الدولة وتسرق خيراتها، اختطفوا النساء وقاموا ببيعهن في اسواق النخاسة، سعر الماجدة العريقة، الشريفة، سليلة الحسب والنسب فقط مائتا دولار، والتهريب يجري قسرا عبر منافذ صحراوية مع دول الجوار.
لم يكن حدثا استثنائيا.. لم يكن اكتشافا انفردت به ال'سي.بي.إس' الأمريكية، فالحواديت والحكاوي التي يعج بها الشارع العراقي تحمل ماهو أخطر من تلك البشاعة بكثير.
منذ أن وطئت اقدامهم النجسة أرض العروبة والاسلام، ارض الحضارة والتاريخ وهم ينفثون سمومهم في الجسد العراقي، جاءوا معهم بجوقة من الخونة، العملاء، السفهاء، وأجلسوهم علي مقعد عرين الأسد في العراق، تواطئوا، تآمروا، شنوا حملات من الاكاذيب، حدثونا عن القمع والديكتاتورية والآن خرسوا عن الكلام.

وصلت الصور إلي قناة التليفزيون الامريكية سي.بي.إس يالها من صور بشعة، اغتصاب للرجال وممارسة للواط مع الشيوخ والشباب والأطفال، اجبار للنساء علي مضاجعة السفلة الأمريكيين، صور تفوقت علي افلام 'البورنو'، مئات الصور لأوضاع جنسية فردية وجماعية لمئات السجناء والسجينات.
ترددت القناة في اذاعتها علي الفور، فالرقيب العسكري ينتظر علي الأبواب، تقدمت إلي وزارة الدفاع تطلب الاذن، فوجئت ادارة القناة بأن البنتاجون لديه علم بكل التفاصيل.. وادركت ايضا أن صناع القرار في الولايات المتحدة، اغلقوا الملف منذ شهر يناير الماضي واكتفوا بتوجيه توبيخ كتابي إلي قائدة السجن وعدد من الضباط المشاركين.
كانت الصور بشعة اثارت اشمئزاز كل العاملين بالقناة.. جنود يغتصبون النساء والرجال يصعقون المعتقلين بالكهرباء في اعضائهم التناسلية، ويستخدمون الكلاب الشرسة ويجبرونها علي مضاجعة الرجال والنساء بينما هم يضحكون ويمرحون.
اكثر من 80 ألف سجين عراقي يكتظ بهم سجن ابو غريب حسب تقديرات مركز رصد الاحتلال في العراق، جميعهم يتعرضون للموت من جراء التعذيب والمهانة اليومية.
الشيخ شريف القبيسي يبلغ من العمر 72 عاما، انه شيخ مسن لم ينضم لصفوف المقاومة، ولم يïعرف عنه أنه كان واحدا من مؤيدي نظام الرئيس صدام حسين، ولكنه وجد نفسه فجأة ينعم 'بالحرية الامريكية' في سجن ابو غريب.
في مساء احد الأيام، كان شريف القبيسي جالسا في زنزانته، اقتحمت الغرفة مجندة امريكية تأملت وجهه ولحيته، امرته بخلع جميع ثيابه، الرجل لم يصدق، انه شيخ طاعن في السن، توسل إليها أن ترحمه، لكنها اصرت وصممت وهددته بالقتل.
خلع الشيخ ملابسه، سالت دموعه ساخنة، دفعته المجندة امامها عاريا، وطافت به انحاء السجن، تركله بحذائها وتجبره علي المضي، مكشوف الوجه امام الجميع بينما امسكت بعصا وراحت تعبث بها في مؤخرته.
أما د.عبدالسلام الكبيسي عضو هيئة علماء المسلمين فراح يروي قصة من نوع آخر تخص أحد أئمة المساجد الذي اعتقل في سجن أبو غريب.
لقد أجبرته مجندة أمريكية في السجن علي ارتداء ملابس داخلية نسائية حمراء، ثم دفعت به إلي غرفة مغلقة داخل السجن مع 16 أمرأة.
نظر الرجل إلي نساء العراق، كان أغلبهن حوامل من جراء الاعتداءات الجنسية للكلاب الأمريكيين، انهمرت الدموع من عينيه وهو يري حاله وحال بنات مسلمات في عمر الزهور، بكي بحرقة، واندلع نحيب النساء يبكين علي الشيخ المهان، الشيخ يبكي عليهن وعلي حاله.
المصور صهيب عمران اعتقلوه، قال بعد الافراج عنه لا يسمح لنا بالاستحمام إلا مرة واحدة في الشهر، يمنعوننا من الذهاب إلي دورات المياه أياما كاملة إمعانا في الإذلال، ولا يسمحون للمساجين سوي برداء واحد دون تغيير طيلة فترة السجن.
أستاذ جامعي قال لموقع 'إسلام أون لاين' كانوا يعاملوننا كالكلاب الضالة، يرمون إلينا الطعام بكل احتقار، كانوا يكرمون كلابهم ويدللونها ويطعمونها بأيديهم، أما نحن فلا نستحق، فنحن وهابيون مسلمون حسب اتهاماتهم.
ويستكمل الأستاذ الجامعي الذي اعتقل لعدة شهور بلا ذنب فيقول: 'عرفنا في تلك السجون كيف يكون القهر وسلب الإنسان أبسط حقوقه، وإذا حاول الكلام يكمم الجنود الأمريكيون فمه بقطعة قماش يأتون بها من تحت أرجل كلابهم'.
إيمان خماس رئيسة مركز رصد الاحتلال في العراق أدلت ببيان صحفي قالت فيه: 'إن ما يحدث في سجن أبو غريب يصعب تصديقه، هناك رسالة سربت من داخل السجن لبعض الصحف العراقية، كتبتها إحدي المعتقلات العراقيات تطالب فيها العشائر العراقية وشرفاء العراق بتفجير سجن أبو غريب بعد أن انتهك جنود الاحتلال الأمريكي شرف المعتقلات هناك'.
تري هل بعد كل ذلك من هوان؟!
هل يحق لأحد أن يتحدث عن التحرير والديمقراطية في العراق .. أين هم خونة الأمة ورجال أمريكا ليحدثوننا عن ديمقراطية سيدهم الشاذ الأكبر في العالم؟!.
أين هم الذين ملئوا الدنيا ضجيجا ضد صدام حسين لنسمع رأيهم وتفسيراتهم الجنسمقراطية في سجن أبو غريب؟!.
أريد أن أسمع صوت جلبي مصر، سعد الدين إبراهيم وأمثاله ممن باعوا ضمائرهم وتحولوا إلي رأس حربة ضد أوطانهم .. مقابل ملايين الدولارات التي تدفع إلي جيوبهم.
نريد أن نسمع رأي المتباكين علي حقوق الإنسان والذين وقفوا يساندون أمريكا في وسائل الإعلام العربية، أين هم من الجرائم الأمريكية، وهل شعروا بالصدمة، أم أنهم شعروا بالشماتة في الشعب العراقي.
إن ما حدث هو جريمة في حق العر ب والإسلام .. لن أقول فضيحة لأمريكا، فأمريكا مجتمع الفضائح والرذيلة والشذوذ.
لن أطالب المجتمع الدولي بالتحرك، ولكن أسأل بحق السماء: أين نحن من هذا الذي يجري، ولماذا هذا الصمت علي شرفنا المنتهك في فلسطين والعراق؟
لقد هدموا المسجد واغتالوا الشرف، قتلوا الرموز، واعتدوا علي أعراضنا، نهبوا ثروتنا واغتصبوا أراضينا، والآن يؤلفون لنا بديلا لقرآننا الكريم، فمتي نتحرك؟
أسألكم بحق العقيدة والوطن، بحق القيم والشرف.
إلي متي سنبقي صامتين خانعين؟
ما يحدث في سجن أبو غريب هو الوجه الحقيقي لجورج بوش ورامسفيلد وكونداليزا وتشيني، إنها حرب مجنونة تشن ضد العرب والمسلمين حقدا وكراهية، انتقاما من تاريخ مضي وتقويضا لمستقبل قادم.
يا عرب.. يا مسلمون
أمتكم تذبح، شرفكم يهان، نساؤكم تغتصب، رجالكم يجري اذلالهم، وشيوخكم يجري تعريتهم واجبارهم علي ارتداء ملابس النساء.
ألا لعنة الله علي الصامتين.
ألا لعنة الله علي المتواطئين
ألا لعنة الله علي كل من سمع ولم يتحرك
ألا لعنة الله علي عصر رديء.
تسيد فيه الشواذ والمرضي وأبناء الغانيات الذين جاءوا إلينا من كل حدب وصوب.
لا تنسوا ثأركم يا عرب.. لا تبيعوا العزة بحياة خانعة ذليلة، اخلعوا عنكم رداء الخوف والجبن، مدوا أيديكم للمقاومة الباسلة في فلسطين والعراق، اسحقوا الخونة ودوسوا عليهم بالأحذية.
لا تتركوا نساء العراق عرضة لشواذ العالم
لا تتركوا بغداد الرشيد تموت من الألم والعذاب.
لا تتركوا شبابنا وشيوخنا تحت المذلة الأمريكية الصهيونية.
لاتسمحوا بضياع العراق كما ضاعت فلسطين.
إذا دافعتم عن بغداد فأنتم تدافعون عن القاهرة والقدس وعمان، وإذا تخليتم عنها فأنتم تتخلون عن كل الوطن، وكل المقدسات.
يا نساء القاهرة وبني غازي والرياض
يا شيوخ دمشق وبيروت والرباط
يا أطفال الجزائر وتونس واليمن والخليج
مصيركم واحد.. ومستقبلكم واحد، فانتفضوا قبل فوات الأوان.
حطموا القيود، دوسوا علي الخوف
وتأملوا ما حدث في الفلوجة، والله أنهم لجبناء!! لا تضعفوا، لا تسكتوا بعد اليوم، فالسكوت هو الموت، كفانا موتا، وابحثوا عن طريق الحرية.
الأمة الخانعة أمة لا تستحق الحياة، والأمة التي تبحث عن الحرية، ليس أمامها سوي طريق التضحيات.

 

بلاد الرافدين

  • الفلوجة
  • رسائل وبيانات
  • في عيون الشعراء
  • من أسباب النصر
  • فتاوى عراقية
  • مـقــالات
  • منوعات
  • الصفحة الرئيسية