اطبع هذه الصفحة


الحرب الإعلامية الصليبية على العراق

حسين بن محمود

 
لقد أصبح الإعلام في زماننا هذا الخط الأول للجيوش وقلبها ومؤخرتها ، فهو يشارك في الحرب قبل تحرك الجيوش ، ومع تحركها ، وبعد انتهاء المعركة ، ولا شك أن أكثر ما نسمعه هذه الأيام في الوسائل الإعلامية هو من قبيل الحرب الدعائية بين الحكومة الأمريكية ومن والها وبين العراق والمسلمين ، فليس كل ما تعلنه الحكومة الأمريكية والإعلام الغربي أو الشرقي يكون صادقاً أو دقيقاً ..

إن التصريحات التي يُطلقا ساسة البيت الأبيض والحكومة البريطانية ليست ارتجالية على الإطلاق ، وإنما هي نتاج لقاءات بين متخصصين في علم النفس وسياسيين وإعلاميين يتفقون على صيَغ موحدة للتأثير على الرأي العام العالمي وفق دراسات ميدانية علمية تاريخية نفسية .. هذه التصريحات التي تنقلها وسائل الإعلام لها مدلولات وأهداف خاصة تصب في مصلحة القوات المعتدية في فترة معينة ثم تستخدم بعدها مصطلحات ومفاهيم أخرى للفترة المقبلة وفق مجريات الأحداث يحددها أهل الخبرة والدراية ..

ولحسن الحظ أن الإدارة الأمريكية لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب إعلامياً بحيث تستطيع التأثير على الرأي العام العالمي في الحروب (وإن كانت تملك أضخم القنوات الإعلامية في العالم) ، فقد رأينا في حرب الصومال كيف أنها حضّرت له إعلامياً لأكثر من سنتين ينقل إعلامها المجاعات والصور لأطفال الصومال ، ثم بدأت عملية احتلال الصومال تحت غطاء المساعدات الإنسانية ولكن سرعان ما انكشف زيف إدعاءاتها للعالم بعد أن اصطدمت قواتها بالمجاهدين الصوماليين الذين برهنوا للدنيا بأن الأمريكان غير مرغوب بهم من قبل سكان الصومال ، فقد زعمت أنها أتت لمساعدة الصوماليين وإذا بها تقتلهم .. ويجب أن ننبه بأن الحكومة الأمريكية قد تُسلم الحرب الإعلامية للبريطانيين الذين هم من أخبث الناس في هذا المجال لخبرتهم الطويلة ومعرفتهم الكبيرة بالنفسية العربية والإسلامية ..

وسوف نذْكر هنا بعض الأساليب الدعائية الأمريكية في الحرب الراهنة للتحذير منها أولاً ، ثم لمعرفة أسلوب العدو في حربه الدعائية وكيفية التعامل معها :

بعض الأساليب الدعائية الأمريكية في الحرب العراقية:
1- إستخدام مصطلح "صدام" أو "حزب البعث" : فالإعلام الأمريكي والغربي عامة لا يقول بأنه يحارب "دولة العراق" بل يردد بأنه يحارب "صدّام" أو حكومة "صدام" أو "حزب البعث" وهذا يهدف إلى تقليل تفاعل الجموع الإسلامية مع العراق لكون المُحارَب لم يزل عدو للإسلام والمسلمين في نظر أكثر الناس .. والرد على هذا يكون بتركيز الحكومة العراقية على المعاني الإسلامية في خطاباتها وتصريحاتها لتكسب الرأي العام الإسلامي ، وتبتعد كل البعد عن التركيز على "البعث" أو على شخص صدام ..

2- التركيز على إستخدام ألفاظ كـ "الأكراد" أو "كردستان العراقية" للإيحاء بإقرار الحكومة الأمريكية بحق الأكراد في وطن قومي لإستجلاب الأكراد في صفهم وللتفريق بينهم وبين باقي الشعب العراقي ، وقد رأينا مثل هذا في الحرب الأمريكية على أفغانستان حيث أعلن بوش عن موافقته لقيام "دولة فلسطينية" لكسب الرأي العام الإسلامي (فهل يتعظ بعض الأكراد) .. والرد على هذا يكون بالتركيز على أسلمة القضية ومخاطبة أحفاذ صلاح الدين من منطلق إسلامي شرعي تاريخي ، مع بيان الأسباب الحقيقية للحملة الصليبية على بلاد الإسلام ..

3- الضرب على وتر "الشيعة المضطهدين" في العراق ، أو الأقليات المضطهدة فيها للتفريق بين العراقيين وربما التحريش بينهم ليكونوا كأفغان الشمال الذين وقعوا في الفخ الأمريكي بكل سهولة فأصبحوا كبش فداء القوات الأمريكية الغازية لبلادهم ، وللتقليل من تدخل شيعة إيران في الحرب : حيث أنها أتت لتخليص إخوانهم من الطاغية "صدام" .. وللرد على هذا ينبغي الإستعانة بعلماء الرافضة في إيران والعراق لإقناع الرافضة في العراق بأن القنابل الأمريكية والجيش الأمريكي لا يُفرق بين سُنّي ورافضي ..

4- التذكير بماضي "صدام" الدموي في الوسائل الإعلامية لكسب الرأي العام الإسلامي خاصة والعالمي عامة ، وهذا يصرف النظر (بعض الشيء) عن تاريخ أمريكا الدموي في جميع أنحاء العالم .. فينبغي على الإعلام العراقي تذكير الناس بما جنته الحومة الأمريكية على شعوب العالم وفضح تاريخها الأسود ..

5- تكرار أسماء الدول العربية التي تنطلق منها القوات الأمريكية (كالكويت وقطر وغيرهما) لخلق نوع من السخط في الشارع الإسلامي على هاتين الدولتين ومن ثم عزلهما عن باقي جسد الأمة ، وبهذا يسهل إبقائهما كقاعدتين دائمتين للقوات الأمريكية في المنطقة ، ولصرف نظر البعض عن الغزو الصليبي واشغالهم بنقد هذه الدول ، وللإيحاء بأن العالم العربي في صف القضية الأمريكية العادلة (لسماح الدول العربية بانطلاق الطائرات والصواريخ الأمريكية منها) .. ينبغي على الحكومة العراقية مخاطبة الشعوب العربية والإسلامية وعدم استعداء أي شعب (وخاصة شعوب دول الجزيرة والشام) ، والتفريق بين الشعوب وحكوماتها والتصريح بأن أمريكا أرغمت حكومات هذه الدول على التعاون معها بغير إرادتها ..

6- التركيز على تكرار الأسباب المُعلنة للحرب : كنزع الأسلحة ، وتخليص العالم من "صدام" وغيرها من الأسباب التي قد تصبح في يوم من الأيام من المسلّمات بسبب التكرار . والتركيز على "أسلحة الدمار الشامل العراقية" يصرف النظر عن استخدام أمريكا وبريطانيا لهذه الأسلحة ضد العراقيين (وقد استخدم الجيش الأمريكي القنابل العنقودية في اليوم الثاني من الحرب على العراق) .. فينبغي على الحكومة العراقية تذكير الناس بتاريخ أمريكا في استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد بعض الدول وكشف استخدام أمريكا وبريطانيا للقنابل "المحرمة دولياً" في حربها الحالية برغم إعلانها أنها بدأت الحرب لتخليص العالم من هذه الأسلحة ، وبهذا يكون للعراق الحق في الدفاع عن نفسه بأسلحة مشابهة !!

7- يركز الإعلام الغربي على إظهار صافرات الإنذار الكويتية وتصوير مشاهد من الكويت وهي تتعرض للقصف العراقي ، وذلك لكسب الرأي العام العربي .. فينبغي على الحكومة العراقية إعلان أن الجيش الأمريكي هو المتسبب في هذا القصف بتواجده في الكويت وبناء قواعده فيها ، وأن الشعب الكويتي ليس هو المستهدف في هذا القصف ، وأن الأمريكان يقصفون المدنيين العراقيين من الكويت فيجب الرد عليهم وعلى مواقعهم العسكرية ، وإذا كانت القنابل الأمريكية الذكية تُخطئ أهدافها بين الحين والآخر ، فالقنابل العراقية من باب أولى ..

8- يستخدم الإعلام الغربي بعض المرتدين العرب (الذين يُطلق عليهم لقب العَلمانيين) من الكويت وغيرها للدفاع عن هذه الحرب الصليبية ضد العراق في وسائل الإعلام العربية ، فإذا دافع العرب عن الأمريكان فليس لأحد الإعتراض على أمريكا !! وهؤلاء أشبه ما يكونون بـ "كلاب القافلة" التي تنبح حولها ولكن لا ناقة لها في القافلة ولا جمل .. وينبغي فضح هؤلاء ووصفهم بما يليق بهم من الألقاب : كالعملاء المنافقين ، وأذناب الإحتلال المرتدين ، وغيرها من المصطلحات التي برع فيها العراقيون ، ولكن ينبغي أن تكون هذه الألقاب ذات صبغة إسلامية ..

9- عمدت القوات الأمريكية بمساندة قوات "طالباني" و "بارزاني" المرتديْن على منع الصحفيين من التواجد في مناطق الأحزاب الإسلامية الكردية في شمال العراق وذلك لمنعهم من نقل ما يدور هناك من قصف أمريكي عنيف وقتل للأكراد المدنيين العُزّل من قبل الأمريكان ، ولو أن الإعلام نقل ذلك لتفككت أواصر الصلة بين بعض الأكراد والأمريكان ولأدرك الأكراد بأن الأمريكان لم يأتوا لتحريرهم من "صدام" .. فينبغي على الحكومة العراقية أن تعمل جاهدة على توصيل صور ضحايا الأكراد جراء القصف الأمريكي للإعلام المحلي العراقي وللإعلام والعربي والدولي ..

10- يبث الإعلام الغربي صور لأسرى عراقيين ، وتُضخّم التصريحات الأمريكية والبريطانية أعداد الأسرى وتُعلن بين ساعة وأخرى عن استسلام الجنود العراقيين لتبث حالة من اليأس في صفوف الجيش العراقي ، وكذلك تُعلن عن إضطرابات داخلية في الحكومة العراقية أو إشاعات بمقتل "صدام" تهدف من ورائها إلى نشر حالة من الفوضى في صفوف القادة الميدانيين وأفراد الجيش العراقي .. وقد أحسن العراقيون بإظهار الأسرى الأمريكان على شاشات التلفاز ، ولا ينبغي لهم الإستماع إلى الأمريكان بضرورة معاملة الأسرى وفق معاهدة جنيف ، وإن استخدم الأمريكان سلاح القوانين الدولية فعلى العراقيين تذكير العالم بأسرى جوانتنامو ..

11- تُعلن الحكومة الأمريكية عن سقوط المدن تباعاً في يدها لقتل روح المقاومة في الجيش العراقي ولخلق حالة من الذعر والهلع في صفوف المدنيين العراقيين .. وينبغي صد هذه الهجمة النفسية بالإعلان عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والأسرى في صفوف الأمريكان والبريطانيين لإرباك هذه القوات ولتهييج الرأي العام في هاتين الدولتين ..

12- المراقب للإعلام الأمريكي يرى بأنه لا ينقل الجانب المعماري أو الحضاري للمدن العراقية ، وكل ما ينقله هو ليل العراق المظلم مع المناظر الصحراوية ليُعطي انطباعاً للشعب الأمريكي (الجاهل) بأن حكومته إنما تحارب بلد صحراوي متخلّف ليس فيه جانب حضاري (وهكذا في نقلها من جميع البلاد العربية) ، واستخدمت أمريكا هذه الطريقة في حربها الباردة مع السوفييت التي ما كانت تنقل على شاشاتها إلا صور المسنيين الذين تنتقيهم إنتقاءً ليكونوا أقبح الموجودين ، وتنقل معها أيام موسكو الباردة المظلمة .. ينبغي على الحكومة العراقية إبراز الجانب المدني والجمالي من الآثار والعمران في المدن العراقية على شاشات التلفاز ليفهم الشعب الأمريكي بأن هذه المدن وهذه البلاد عامرة زاخرة لها تاريخ عريق ..

13- سوف تحاول الحكومات العربية الضرب على وتر العقيدة البعثية عن طريق بعض العلماء المرتزقة لتفريق الصف الإسلامي وصرف الناس عن مساندة العراق بحجة أن حاكمه وحزبه من الكفار (مع أن هؤلاء الحكام ارتكبوا أكثر من ناقض من نواقض الإسلام ، منها موالاة النصارى ضد بلاد الإسلام) .. يينبغي أن يكون واضحاً لك مسلم بأن الجهاد في العراق "ضد جيوش نصرانية غازية لدولة إسلامية" لا شأن للبعثيين بهذه الحرب ، فالعراق ملك للمسلمين وليس للبعثيين أو حتى أهل العراق (كما هو الشأن في فلسطين وسائر بلاد المسلمين) ، ولقد أخطأ التلفزيون العراقي خطأ كبيراً جداً بتصوير بعض الأفراد وهم يهللون ويفدّون صدام ، فهذا من شأنه أن يقلل الدعم العربي والإسلامي للقضية ، فينبغي للإعلام العراقي أن ينتبه لهذا وأن يعمل على أسلمة القضية بدلاً من تحزيبها ..

ليس المقصود هنا استقصاء جميع الإشاعات أو احتواء كل الوسائل والتكتيكات الإعلامية في هذه الحرب الصليبية ولكننا ذكرنا هنا بعض النماذج حتى نبين أسلوب العدو في هذه الحرب وكيفية تسخيره لهذا السلاح (الإعلامي) الخطير في سبيل تحقيق مصالحه ، ولكي نبين للقارئ المسلم أساليب الحرب الإعلامية والنفسية حتى لا يقع فريسة سهلة للأمواج الإعلامية النصرانية اليهودية العاتية ..

للأسف فإن الإعلام العراقي والتصريحات العراقية لم تكن بالمستوى المطلوب ، فقد أتى الكثير منها ارتجالياً لا يخدم المصلحة العراقية على المدى البعيد (ولقد رأينا ذلك جلياً في مقابلة الأسرى الأمريكان) ، فلا بد للحكومة العراقية من الإنتباه لهذا الجانب الخطير من الحرب وعدم تمكين غير المؤهلين للظهور في وسائل الإعلام العالمية فإن هذا قد يؤدي إلى نتائج عكسية قد تضر بالمصالح العراقية على المدى القريب والبعيد ..

كيف يتعامل الشارع الإسلامي مع هذه الحرب الإعلامية:

سوف تكثر الإشاعات والتخمينات والتحليلات والتصريحات ، فالحرب الإعلامية – كما بينا – لها أهمية كبيرة لا يمكن تجاهلها من الطرفين ، فكيف نتلقى هذه الأخبار وهذه التصريحات !! وكيف نواجه هذه الحرب الإعلامية !!

1- يجب أن نعي بأن الأصل في الكفار أنهم أهل غدر وكذب وخيانة وعلى المسلم أن لا يصدقهم في كل ما يقولونه ، فإن الذين تقوّلوا على الله وزعموا أن له ولداً (تعالى الله عما يقولون علوّاً كبيراً) لأحرى بأن يكذبوا في ما هو دون ذلك ، وإن كان الله قد أمرنا بالتبين من المسلم (الفاسق) إذا أتانا بخبر ، فكيف بالأمريكي أو البريطاني الكافر "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا .. "

2- لقد فقدت أجهزة الإعلام الغربية مصداقيتها فلم تعد نزيهة (كما كان يظن البعض) بل لم تكن نزيهة في يوم من الأيام ، وإنما كان الإعلام الغربي أفضل من الإعلام العربي الرسمي فقط ، وهذا من قبيل أفضل الموجود ، أما الآن فقد أصبحت الأخبار تُنقل من وسائل متعددة كثيرة يصعب التعتيم عليها أو كتمانها ، فلا ينبغي التعويل على الأخبار المنقولة في وسائل الإعلام الغربية ولا ينبغي نشرها بين الناس إلا في نطاق ضيق يخدم المصلحة الإسلامية العامة ..

3- لا يمكن التأثير إعلامياً على من يمتلك جملة من الإعتقادات الثابتة الراسخة ، فلا بد من غرس العقيدة الإسلامية الصحيحة في قلوب المسلمين ، والتي من أهمها في وقتنا هذا : عقيدة الولاء والبراء ، والحب في الله والبغض في الله ، وحقيقة وحدة الأمة الإسلامية على أساس دينها ، ونبذ العصبية الجاهلية ، ولا بد من بيان وترسيخ أسباب هذه الحرب الصليبية في نفوس المسلمين . وإذا تمكنت هذه العقائد في قلوب المسلمين فلن تؤثر فيهم - إن شاء الله - أية دعاية صليبية أو "عَلمانية" مهما بلغت درجة قوتها ..

4- لا بد من الحذر الشديد من المنافقين والمرجفين في صفوفنا ، فليس كل من تكلم بلغتنا ولبس لباسنا وظهر بمظهرنا يكون على قلب أتقى رجل منا !! فالقنوات الإعلامية الرسمية في الدول العربية ليس لها رسالة إلا تحقيق مصالح حكوماتها الموالية للصليبيين ، وهناك الكثير من العرب (الذين باعوا دينهم بدنيا حكامهم) وظيفتهم تثبيط المؤمنين وتخذيلهم والتحريش بينهم ، وسترون أغلب هذا في الإذاعات الكويتية التي تمكن منها (العَلمانون) الذين لا يمثلون الشعب الكويتي المسلم وإن زعموا ما زعموا (واسألوا عنهم الشيخ الكويتي الفاضل: حامد العلي ، حفظه الله) .. كما أن معظم القنوات العربية يسيطر عليها النصارى الذين يوالون الأمريكان من منطلق عقدي ..

5- ينبغي الحذر من الفُرقة والشتات الفكري في النوازل ، فمع كل نازلة تنتشر المواضيع التي تُطرح على الساحة لإشغال العامة والرأي العام الإسلامي (وخاصة بين شباب الصحوة) عن عن القضايا المصيرية ، ومن هذه المواضيع المتكررة : الإنشغال بالطعن في العلماء (وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله) ، إشغال الناس بالخلاف بين السنة والرافضة ، إستحداث قضايا مدنية ذات بعد فقهي (كما حدث في حرب أفغانستان من قضايا : كسواقة المرأة ، وبطاقة الإئتمان ، والتأمين ... ) فينشغل العلماء وشباب الصحوة بها عن الحرب الراهنة ، وهذا من عمل الحكام وعلماء السوء وأتباعهم !!

6- يجب أن نتعلم فن تحويل السلبيات إلى إيجابيات : فمن مات من المسلمين في الحرب فهو شهيد مات ميتة يتمناها كل مسلم فنحن لا نحزن لموته ، ومن مات من الكفار فهو مخلّد في النار . وإذا سقطت مدينة في يد الصليبيين فهي فرصة للمجاهدين لمواجهتهم في حرب أرضية . وإذا قصفت القوات الصليبية المدن فإننا نستثمر هذا لزيادة بث الكراهية لهم والحقد عليهم بين الجموع المسلمة . فكل سلبية نستطيع تحويلها إلى إيجابية تصب في مصلحة الأمة ، وذلك يتطلب نوع من الفطنة والوعي النفسي والإعلامي يقوم به أهل الخبرة والدراية "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا " (83 النساء)..

وبعد:
فقد بينت السيرة النبوية (على صاحبها الصلاة والسلام) خطورة الجانب الإعلامي في الحرب ، فقد قال عليه الصلاة والسلام لحسّان رضي الله عنه "اهج قريشا، فإنه أشد عليهم من رشق النبل" (متفق عليه) .. ولقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحرب النفسية الكلامية ضد قريش (ولمّا يؤذن له بالقتال بعد ) ، فقد قال لجمع من كبرائهم يوماً في مكة " أتسمعون يا معشر قريش !! أما والذي نفس محمد بيده : لقد جئتكم بالذبح" . فأخذت [القوم] كلمته ، حتى ما منهم رجل إلا لكأنما على رأسه طائر واقع، حتى إن أشدهم فيه وطأة قبل ذلك يترفؤه بأحسن ما يجيب من [القول]؛ حتى إنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم ، انصرف راشدا ، فوالله ما كنت جهولا !! فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ..." (حسن : صحيح الموارد 1404) ، وهذا التهديد والوعيد وهذه النبرة المتحدية هي من صلب السياسة الشرعية ، وليست السياسة دائما اللين في القول وخفض الصوت كما يظن بعض الجُهّال ..

إن جهاد اللسان (الذي هو الجهاد الإعلامي الآن) من أهم أنواع الجهاد الذي يتطلب دراية وخبرة ، وهو من الجهاد المأمور به شرعاً "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" (صحيح : صحيح سنن أبي داود 2186) ، وقال عليه الصلاة والسلام "إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه" (صحيح : رواه أحمد والطبراني ، وهو في صحيح الجامع :1930) ، ولولا أهمية وخطورة هذا الجانب الجهادي لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولما حث عليه .. فعلينا معرفة الأساليب الحديثة لهذا الجهاد البياني كمعرفتنا بأساليب استخدام الأسلحة الحديثة ، وينبغي لنا التنبه ومحاولة اتقاء تأثير الحرب اللسانية التي يخوضها أعدائنا ضدنا حتى لا نقع فريسة الهزيمة النفسية ..

وختاماً : أُذكّر المسلمين بأن قضيتهم الأولى ليست العراق بل فلسطين ، فلا ينبغي لنا أن ننسى فلسطين في زحمة الأحداث ، ولقد استغل المجرم شارون انشغال العالم بالحرب في العراق فأخذ يصول ويجول في فلسطين الحبيبة .. وأنا أُهيب بمن عقد النية على الذهاب إلى العراق للدفاع عن المسلمين هناك أن يُفكر في فلسطين أولاً ، فإن لم يستطع الذهاب إليها فعليه بثغر العراق أو أي ثغر من ثغور المسلمين الكثيرة (كالشيشان ، وكشمير ، والفلبين ، والسودان ، وأندونيسيا ، وأفغانستان ، وتركستان الشرقية ... بعد التنسيق مع المجاهدين في هذه الثغور) ..

اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب أهزم النصارى والمنافقين واليهود المحاربين للإسلام والمسلمين .. اللهم أهزمهم وزلزلهم ، اللهم أقذف الرعب في قلوبهم ، وفرق جمعهم ، وشتت شملهم ، وخالف بين آرائهم .. اللهم أجعل بأسهم بينهم شديداً ، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك ، يا قوي يا جبار ..

اللهم أذل الدول الكافرة المحاربة للإسلام والمسلمين ، اللهم أرسل عليهم الرياح الصرصر العاتية ، والأعاصير الفتاكة الماحية ، والقوارع المدمرة ، والأمراض القاتلة ، اللهم أشغلهم بأنفسهم عن المسلمين ..

اللهم لا تجعل لهم على المسلمين سبيلا ، اللهم أتبعهم بأصحاب الفيل ، وأجعل كيدهم في تضليل ، وأرسل عليهم طيراً أبابيل ، ترميهم بحجارة من سجيل فتجعلهم كعصف مأكول ..

اللهم خذهم بالصيحة والرجفة وأرسل عليهم حاصبا .. اللهم صب عليهم العذاب صبا .. اللهم أخسف بهم الأرض ، وأنزل عليهم كسفاً من السماء .. اللهم اقلب البحر عليهم نارا ، والجو شهباً وإعصارا ..

اللهم أسقط طائراتهم ، ودمر مدمراتهم ، وأغرق سفنهم ، وفجّر صواريخهم في نحورهم ، وأجعل أسلحتهم عليهم دمارا ، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم يا قوي يا متين ..

اللهم إليك نشكوا ضعفنا وقلّة حيلتنا وهواننا على الناس ، اللهم إنا مسّنا الضرّ وأنت أرحم الراحمين .. اللهم إنك ترى مصيبتنا وما جنيناه على أنفسنا ببعدنا عنك ، اللهم إنا نُقر لك بذوبنا ، اللهم أعنا على طاعتك ونُصرة دينك ، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .. لا اله إلا أنت العظيم الحليم ، لا اله إلا أنت رب العرش الكريم .. اللهم كن معنا واهدنا إلى الحق وانصرنا على القوم الظالمين ..

اللهم انصر الإسلام والمسلمين ، وأذل الكفر والكافرين ، وأحفظ إخواننا المجاهدين في كل مكان .. وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

كتبه
حسين بن محمود
22 محرم 1424 هـ

 

بلاد الرافدين

  • الفلوجة
  • رسائل وبيانات
  • في عيون الشعراء
  • من أسباب النصر
  • فتاوى عراقية
  • مـقــالات
  • منوعات
  • الصفحة الرئيسية