اطبع هذه الصفحة


وجهة نظر في مشاريع إفطار الصائمين : أشبعوهم في بيوتهم !

أحمد بن موسى الحازمي


في هذا المقال ، وجهة نظر جديرة بالتأمل من يراع أديب ، كان عميقا في بحثه ، جادا في طرحه ، متزنا في آرائه وهو العلامة الدكتور محمود الطناحي رحمه الله تعالى ، اخترتها لكم من مجموع مقالاته 2/701 – طبعة دار البشائر الإسلامية ، والمقال يتعلق بظاهرة راقية من الظواهر التي يبتهج لها الصائمون بكافة طبقاتهم في شهر رمضان المبارك وهي ظاهرة إفطار الصائم ، إلا أنه وكعادة إبليس – لعنه الله - مع كل عمل يعمله ابن آدم ينزغ فيه نزغتان ، إما إفراط أو تفريط ، فقد اكتنف هذه العادة الطيبة من الإسراف والمباهاة وعدم الاحتياط وإلف العادة ما يجعلها لا تحقق كثيرا من المصالح إن لم تكن سببا في فتح أبواب من المفاسد ، والكلام على هذا الموضوع يحتاج إلى نفس أهل الفقه والاختصاص إذ في هذا المقال مناقشة لسلبية واحدة من سلبيات هذه العادة الطبية والمرجو فقط من أهل العلم هو الاستئناس برأي أهل الفكر والأدب فإن لهم أحيانا ومضات خلابة ونظرات ثاقبة في بعض المسائل العامة ، ولعل منهم صاحب هذا المقال ، بل هو في مقدمتهم وهذا هو سبب اختياري لهذا المقال وإعادة نشره ، والله الهادي إلى سواء السبيل .

أحمد بن موسى الحازمي


نص المقال
موائد الرحمن

بعد أيام يَهُلُّ هلالُ رمضان ، وفي رحاب هذا الشهر الكريم يعيش الناس أياماً طيبة حافلة بالنور والضياء ، وتنبسط نفوس الصائمين بألوان كثيرة من الخير و البر ، من أظهرها وأبرزها ما عرف في السنوات الأخيرة من موائد الإفطار التي نراها في المساجد ، وفي بعض الميادين ، يتحلق حولها الصائمون ينعمون بأطايب الطعام .

وقد عرفت هذه الموائد باسم "موائد الرحمن" ، وقد تأثرت هذه التسمية بما يطلقه إخواننا السعوديون على الحجيج باسم "ضيوف الرحمن" .

وهذه الموائد تحقق للمصريين عادتهم في استدعاء مظاهر البهجة ، وارتفاع الأصواتِ الفَرِحَة في أثناء رص الموائد ورش الماء أمامها ، وتوزيع الأطباق " وعقبال العودة يا حاج" "ونزلت كم طبق بالصلاة على النبي ؟" " وخللي بالك من الرجل ! البركة دا والنبي ". ( تعليق : الدكتور الطناحي نقل بعض التعابير المصرية العامة على سبيل الحكاية فقط ، ولا يخفاك أخي القارئ ما في العبارة من الحلف بغير الله عز وجل ، فتنبه !(الحازمي) ولكن هل تحقق هذه الموائد الغاية التي يَتَغَيَّاها هؤلاء المحسنون من إقامتها ؟ وهل يستفيد منها أهل الحاجة فقط ؟ أم أنها يغشاها من يستحق من لا يستحق ؟ وما نصيب النساء والأرامل منها ؟ ثم ما نصيب هؤلاء الفقراء الذين يقعدهم الحياء واستبقاء الكرامة عن غشيان هذه الأماكن العارية – وقد ورد في كلام بعضهم : الأكل والنوم عورتان فاستروهما – وهؤلاء الفقراء هم الذين وصفهم الله تعالى بقوله : (( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً )) البقرة : 273، ثم وصفهم بشار بقوله :
إن الكريم ليخفي عنك عسرته حتى تراه غنياً وهو مجهود

ألا يمكن أن يكون هناك بديل عيني في صورة مبلغ من المال يذهب إلى هؤلاء المحتاجين في بيوتهم ؟ لقد حسم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب هذه القضية حسماً قاطعاً ، فيما رواه الطبري في تاريخه 4/245 (حوادث سنة 24) قال : (( وكان عمر يجعل لكل نفس منفوسة ( أي مولودة ) من أهل الفيء في رمضان درهماً في كل يوم وفرض لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم درهمين درهمين ، فقيل له : لو صنعت لهم طعاماً فجمعتهم عليه !! فقال : أشبعوا الناس في بيوتهم )) .

و رحم الله عمر ؟ فقد جعل الله الحق على لسانه وقلبه ، كما أخبر الصادق المصدوق ، فيما رواه الترمذي عن ابن عمر . وأخرج البخاري أيضاً عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدَّثون ، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر )) . والمحدَّث بتشديد الدال المفتوحة : هو الملهم ، كأنه حُدِّث بشيء فقاله .
وكل عام وأنتم بخير .
 

شهر رمضان

  • استقبال رمضان
  • يوم في رمضان
  • رمضان شهر التغيير
  • أفكار دعوية
  • أحكام فقهية
  • رسائل رمضانية
  • المرأة في رمضان
  • سلوكيات خاطئة
  • فتاوى رمضانية
  • دروس علمية
  • رمضان والصحة
  • الهتافات المنبرية
  • العشر الأواخر
  • بطاقات رمضانية
  • المكتبة الرمضانية
  • وداعاً رمضان
  • الصفحة الرئيسية