صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مختارات رمضانية من مقالات د جمال المراكبي

صفوت الشوادفي - رحمه الله -


حال النبي صلي الله عليه وسلم في رمضان
بقلم د. جمال المراكبي


شهر رمضان شهر عظيم مبارك، جعله الله موسمًا للخيرات، وزادًا للتقوى والبركات، اختصه الله سبحانه بنزول القرآن في ليلة هي خير من ألف شهر، وافترض علينا صيامه، وسَنَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامه، قال تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه {البقرة: 185}.
استقبال النبي صلى الله عليه وسلم لرمضان

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتفل برمضان ويحتفي به وينبه أصحابه وأمته لفضيلة هذا الشهر وكيفية استقباله، واغتنام أيامه ولياليه دون إفراط أو تفريط، فيقول: "إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم". "صحيح سنن ابن ماجه" (1333).
ويقول صلى الله عليه وسلم : "إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة". صحيح سنن ابن ماجه (1331).
ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُرَغِّب في صوم التطوع، ويُكثر من الصوم في شعبان، فكان يصوم حتى يقولوا لا يفطر، إلا أنه نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وذلك لمعنى الاحتياط لرمضان، وينهى عن صيام اليوم الذي يُشك فيه، ويقول: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين". البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم : "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروا الهلال، فإن غُم عليكم فاقدروا له". البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم : "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجلٌ كان يصوم صومًا فليصم ذلك الصوم". البخاري.
لأن ذلك من التنطع، ومن الغلو في الدين الذي لا يحبه الله ورسوله.
وكان صلى الله عليه وسلم يحب تأخير السحور وتعجيل الفطر، ويقول: "تسحروا فإن في السحور بركة". البخاري.
ويقول صلى الله عليه وسلم : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص رمضان من العبادة بما لا يخص به غيره من الشهور، وكان يواصل فيه أحيانًا فيصل الليل بالنهار صائمًا ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة، وكان ينهى أصحابه عن الوصال ويبين لهم أنه من خصوصياته صلى الله عليه وسلم فيقولون له: إنك تواصل، فيقول: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقني".
وقد أبى بعض أصحابه أن ينتهي عن الوصال إمعانًا في متابعته صلى الله عليه وسلم ، فواصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا عن الوصال. رواه البخاري.
وقد نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة للأمة، وأذن فيه إلى السحر، فقال: "لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر". رواه البخاري.
وقد اختلف أهل العلم في جواز الوصال أو منعه، وتعجيل الفطر أولى لما سبق من الحديث: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر".
وفي السنن: "لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر، وإن اليهود والنصارى يؤخرون". وفيها عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل: "أحب عبادي إليّ أعجلهم فطرًا".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسافر في رمضان للغزو وغيره، ويجاهد في سبيل الله في رمضان، وكان في سفره يصوم ويفطر، ويخير الصحابة بين الأمرين، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله، وسافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان في أعظم الغزوات وأجلها في غزوة بدر، وفي غزوة الفتح.
ففي البخاري عن أبي الدرداء قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى ليضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة.
وفيه عن جابر قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى زحامًا ورجلاً قد ظُلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: "ليس من البر الصوم في السفر".
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: خرج رسول الله عام الفتح في رمضان فقام حتى بلغ الكديد، ثم أفطر، وكان أصحابه يتتبعون الأحدث فالأحدث من أمره ويرونه الناسخ المحكم، وإنما أفطر النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له إن الصوم قد شق على الناس، فلما علم أن بعضهم ظل صائمًا قال: أولئك العصاة.
وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُقبل نساءه وهو صائم، ويباشر وهو صائم، وشبه القبلة بالمضمضة بالماء في عدم التأثير على الصوم، وكان كما قالت عائشة: أملك الناس لإربه.
وكان صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من جماع، فيدركه الفجر وهو جنب، فيغتسل بعد طلوع الفجر ويصوم.
وكان صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه وهو صائم، ويتمضمض ويستنشق وهو صائم، وينهى الصائم عن المبالغة في الاستنشاق، وكان يتسوك وهو صائم، ولم يرد عنه كراهية السواك للصائم بعد الزوال، كما يقول بعض الفقهاء.
وكان صلى الله عليه وسلم يحث على قيام رمضان ويرغب فيه، قال ابن شهاب : عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر بعزيمة، فيقول: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه". قال ابن شهاب: فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، وكان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناسٌ، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبح قال: "رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا خشية أن يُفرض عليكم". قالت: وذلك في رمضان. متفق عليه.
وعن عبد الرحمن بن عبدٍ القارِيِّ أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاعٌ متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجلُ فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل- أي أفضل- فجمعهم على أبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد عمر صلاة آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله. رواه البخاري.
وقيام رمضان جماعة سنة غير بدعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي". وإنما قصد عمر بالبدعة؛ البدعة اللغوية لا الشرعية؛ لأن الابتداع في الدين ضلالة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "وكل بدعة ضلالة"، وقوله: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد". متفق عليه.
وإنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على قيام رمضان في المسجد خشية أن يُفرض كما صرح بذلك في الحديث، وقام بهم في المسجد ليالي معدودة لبيان أنه سنة.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يزيد في قيام الليل عن إحدى عشرة ركعة في رمضان وفي غير رمضان، وكان يطيل في الصلاة حتى خافوا أن يفوتهم السحور.
وكان يحث على صلاة النافلة في البيوت ويقول: "لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، اجعلوا في صلاتكم من بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا". متفق عليه.
ويقول: "صلاتكم في بيوتكم أفضل من صلاتكم في مسجدي هذا إلا المكتوبة". رواه أبو داود.
وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، واعتكف نساؤه معه ومن بعده، وكان يدخل المعتكف إذا صلى الغداة- الفجر- واستأذنته عائشة في أن تعتكف فأذن لها، فضربت فيه قبة- خباء أو خيمة- فسمعت حفصة فضربت قبة، وسمعت زينب بها فضربت قبة أخرى، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغداة أبصر أربع قباب، فقال: "ما هذا؟" فأخبر خبرهن، فقال: "ما حملهن على هذا البر، انزعوهن فلا أراها"، فنزعت.
وهذا دليل على أن العمل ينبغي أن يبتغي به وجه الله، ولا يُفعل على وجه التقليد للغير، أو مجرد مصاحبته دون قصد البر والقربة، وكان يخرج من المعتكف لقضاء الحاجة.
وكان يحرص على إدراك ليلة القدر ويتحراها ويأمر بتحريها في العشر الأواخر، وربما كان اعتكافه لهذا الغرض، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الوسطى من رمضان فاعتكف عامًا حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج في صبحها من اعتكافه، قال: "من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر".
قال أبو سعيد الخدري: فأمطرت السماء تلك الليلة، وكان المسجد على عريش فوكف المسجد، فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين. {متفق عليه}
وربما أذن النبي صلى الله عليه وسلم في اعتكاف ليلة فقد جاءه رجل، فقال: إني أكون بباديتي، وإني بحمد الله أصلي بهم، فمرني بليلة من هذا الشهر أنزلها إلى المسجد فأصليها فيه، فقال: "انزل ليلة ثلاث وعشرين فصلها فيه فإن أحببت أن تستتم آخر الشهر فافعل، وإن أحببت فكف". رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع جبريل في رمضان في كل سنة مرة، فلما كانت السنة التي قبض فيها دارسه القرآن مرتين. وكان يكثر من الصدقة والجود والنفقة، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يأتيه جبريل.
وكان يأمر بإخراج زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من طعام، ولم يأمر بإخراج القيمة ولا فعل ذلك أحد أصحابه إلا قول معاوية: أرى مدين من سمراء الشام يعدل صاعًا من تمر، فجعل معاوية نصف صاع من قمح يعدل صاعًا من تمر أو من شعير، وهو اجتهاده رضي الله عنه.
وكان يخرج إلى العيد ماشيًا ويصلي بالناس ركعتين، ثم يخطب في مصلى العيد، وما صلاها في المسجد قط، وكان يذهب من طريق ويرجع من طريق ليشهد له الطريق ويسلم على أهله.
والحمد لله رب العالمين
 



ليلة القدر خير من آلف شهر
اعداد د . جمال المراكبى
رئيس مجلس علماء جماعة أنصار السنة المحمدية


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فلقد منَّ الله تبارك وتعالى على أمة محمد بأن اختصها على غيرها من الأمم بخصائص عديدة، من هذه الخصائص تلك الليلة المباركة التي هي خير ليالي العام على الإطلاق، والتي نزل فيها القرآن الكريم، ويُكتب فيها ما يكون في سنتها من موت وحياة ورزق ومطر، وقد جعل الله عز وجل العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر، قال تعالى «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ» سورة القدر

فضل ليلة القدر :
وفضائل ليلة القدر كثيرة وعظيمة من حُرم خيرها فهو المحروم حقاً، ومن وفقه الله عز وجل لقيامها فهو الفائز السعيد، ومن فضائل ليلة القدر أنها ليلة مباركة نزل فيها القرآن الكريم على النبي ، قال تعالى «إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ» الدخان ، ، وقال تعالى «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ» القدر فيها تكتب الآجال والمقادير، قال تعالى «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» وعن ربيعة بن كلثوم قال سأل رجل الحسن ونحن عنده فقال يا أبا سعيد أرأيت ليلة القدر أفي كل رمضان هي ؟ قال إي والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي كل شهر رمضان إنها ليلة يفرق فيها كل أمر حكيم فيها يقضي الله عز و جل كل خلق وأجل وعمل ورزق إلى مثلها الإبانة لابن بطة وعن مجاهد في قوله تعالى «يمحو الله ما يشاء ويثبت»، قال إن الله ينزل كل شيء في ليلة القدر فيمحو ما يشاء من المقادير والآجال والأرزاق، إلا الشقاء والسعادة فإنه ثابت العمل فيها خير من عمل ألف شهر، قال تعالى «لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ» القدر أن قيام ليلها سبب لغفران الذنوب، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رسول الله «من قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه»ِ متفق عليه من حرمها فقد حُرم، فعن أنس بن مالك قال دخل رمضان فقال رسول الله إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم صحيح سنن ابن ماجه أن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى يقبل الله التوبة فيها من كل تائب وتفتح فيها أبواب السماء وهي من غروب الشمس إلى طلوعها وعلى كل من الحائض والنفساء أن تحسن العمل طوال الشهر حتى يتقبل الله منهن، ولا يحرمهن فضل هذه الليلة، قال جويبر قلت للضحاك «أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب؟»، قال «نعم، كل من تقبل الله عمله سيعطيه نصيبه من ليلة القدر» شؤم المشاجرة والملاحاة رفعت معرفة ليلة القدر بسبب الشجار والمخاصمة والتنازع فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمِينَ، «فَقَالَ إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالتَمِسُوهَا فِي التِّسْعِ وَالسَّبْعِ وَالخَمْسِ» فالتنازع والتشاجر سبب في رفع البركة وفي رفع الخير الذي يحدث لهذه الأمة

الاختلاف في تحديد ليلة القدر
اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافاً كثيراً، وقد أورد الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح أكثر من أربعين قولاً فيها، منها أنها رُفعت، ومنها أنها في جميع السنة، ومنها أنها في جميع ليالي رمضان، ومنها أنها أول ليلة من رمضان، وأنها ليلة النصف، وأنها ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وسبع وعشرين وغير ذلك من الأقوال

دليل من قال هي ليلة إحدى وعشرين
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الوُسْطَى مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ صُبْحَهَا مِنِ اعْتِكافِهِ، قَالَ مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مِعِي، فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَالتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَكَانَ المَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رضي الله عنه فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ انْصَرَفَ عَلَيْنَا، وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ المَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صَبِيحَةِ لَيْلَةِ إِحْدَى ولهذا كان أبو سعيد يقول إن ليلة القدر هي ليلة إحدى وعشرين استناداً إلى هذا الحديث عن النبي

دليل من قال هي ليلة ثلاث وعشرين
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ رضي الله عنه قلتُ لِرَسُولِ اللَّهِ إِنَّي أَكُونُ بِبَادِيَتِي، وَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ أُصَلِّي بِهِمْ، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ أَنْزِلُهَا إِلَى المَسْجِدِ، فَأُصَلِّيهَا فِيهِ، فَقَالَ انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ، فَصَلِّهَا فِيهِ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَسْتَتِمَّ آخِرَ الشَّهْرِ فَافْعَلْ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ فَكُفَّ، قَالَ فَكَانَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ، دَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلا فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ، كَانَتْ دَابَّتُهُ بِبَابِ المَسْجِدِ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ القَدْرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «كَمْ مَضَى مِنَ الشَّهْرِ، قُلْنَا اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ، وَبَقِيَ ثَمَانٍ، فَقَالَ مَضَى اثْنَتَانِ وَعِشرُونَ وَبَقِيَ سَبْعٌ، اطْلُبُوهَا اللَّيْلَةَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُون»َ

دليل من قال هي ليلة سبع وعشرين
عَنْ زِرٍّ، قَالَ قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَبَا المُنْذِرِ أَخْبِرْنَا عَنْ لَيْلَةِ القَدْرِ، قَالَ فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، يَقُولُ مَنْ يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْهَا، فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُخْبِرَكُمْ، فَتَتَّكِلُوا، هِيَ وَالَّذِي أَنْزَلَ القُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقُلْنَا يَا أَبَا المُنْذِرِ، أَنَّى عَلِمْتَ هَذَا ؟ قَالَ بِالآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ ، فَحَفِظْنَا وَعَدَدْنَا، هِيَ وَاللَّهِ لا نَسْتَثْنِي، قَالَ قُلْنَا لِزِرٍّ وَمَا الآيَةُ ؟ قَالَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، كَأَنَّهَا طَاسٌ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ هذا والراجح أنها في العشر الأواخر من رمضان فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهما، قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُجَاوِرُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَيَقُولُ «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي العَشرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» وعَنْها أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوِتْرِ مِنْ عَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ» قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّاهَا المُؤْمِنُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ جميعها كَمَا قَالَ النَّبِيُّ «تَحَرَّوْهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ» وَتَكُونُ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ أَكْثَرَ وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا كَانَ أبي بْنُ كَعْبٍ يَحْلِفُ أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ اهـولا شك أن الحكمة في إخفاء ليلة القدر أن يحصُل الاجتهاد فى التماسها وطلبها علامات ليلة القدر ورد لليلة القدر علامات منها أنها ليلة بلجة منيرة، وأنها ساكنة لا حارة ولا باردة، وأن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر

طلب العفو والعافية في ليلة القدر
سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها النبي ماذا أقول إن وافقت ليلة القدر ؟ قال لها النبي «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» ولو تأملت أخي في جواب النبي تجد أن هذه الكلمات تجمع للإنسان خيري الدنيا والآخرة، بأن يسلم من البلاء في الدنيا ومن العذاب في الآخرة، فإذا عوفي الإنسان في دنياه وآخرته كان مآله إلى الجنة ولا بد فبالعافية تندفع عنك الأسقام ويقيك الله شرها ويرفعها عنك إن وقعت بك، وبالعافية يقيك الله شر ما لم ينزل من البلاء، وتستشعر نعمة الله عليك، وقد علمنا النبي أن نقول عند رؤية المبتلى سواء في دينه أو في بدنه وأهله وماله الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا وبين لنا أنها بمثابة المصل الواقي من طروء مثل هذا البلاء، فمن قالها عند أهل البلاء لم يصبه ذلك البلاء وقد ثبت عن النبي أنه كان يسأل ربه العفو والعافية والستر والأمن والحفظ في كل يوم و ليلة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الكلمات إذا أصبح وإذا أمسى «اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك من أن أغتال من تحتي» الأدب المفرد وسنن الترمذي، قال الشيخ الألباني صحيح وأتى النبيَ رجلٌ فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه الغد فقال يا نبي الله؛ أي الدعاء أفضل قال سل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإذا أُعطيت العافية في الدنيا والآخرة، فقد أفلحت قال الشيخ الألباني صحيح

ليلة الإسراء و ليلة القدر
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل قال ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر، وقال آخر بل ليلة القدر أفضل فأيهما المصيب ؟ فأجاب
الحمد لله، أما القائل بأن ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر، فإن أراد أن تكون الليلة التي أسري فيها بالنبي ونظائرها من كل عام، أفضل لأمة محمد من ليلة القدر، بحيث يكون قيامها، والدعاء فيها أفضل منه في ليلة القدر فهذا باطل، لم يقله أحد من المسلمين، وهو معلوم الفساد بالاطراد من دين الإسلام، هذا إذا كانت ليلة الإسراء تعرف عينها، فكيف ولم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة، ليس فيها ما يقطع به، ولا شرع للمسلمين تخصيص الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره، بخلاف ليلة القدر

ليلة القدر وليلة النصف من شعبان
روي عن عكرمة رحمه الله أنه قال في تفسير قوله تعالى «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» أن هذه الليلة هي ليلة النصف من شعبان، يبرم فيها أمر السنة، وينسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة، وهي ليلة القدر كما قال عز وجل «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْر»، وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ» ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة، فإن نص القرآن في رمضان ا هـ والحق أن هذه الليلة المبارك هي ليلة القدر، لا ليلة النصف من شعبان، لأن الله سبحانه وتعالى أجملها في قوله «فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ» وبينها في سورة البقرة بقوله «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ» وبقوله تعالى «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْر» فدعوى أنها ليلة النصف من شعبان لاشك أنها دعوى باطلة، لمخالفتها النص القرآني الصريح، ولاشك أن كل ما خالف الحق فهو باطل، والأحاديث التي يوردها بعضهم في أنها من شعبان المخالفة لصريح القرآن لا أساس لها، ولا يصح سند شيء منها كما جزم به ابن العربي وغير واحد من المحققين، فالعجب كل العجب من مسلم يخالف نص القرآن الصريح بلا مستند من كتاب ولا سنة صحيحة عن أبن أبي مليكة قال قيل له أن زياداً النميري يقول إن ليلة النصف من شعبان أجرها كأجر ليلة القدر فقال ابن أبي مليكة لو سمعته منه وبيدي عصا لضربته بها فعلى المسلم العاقل أن يطلب ليلة القدر، ويجتهد فيها قدر الإمكان حتى يحوز ذلك الفضل العظيم، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال قال رسول الله «اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله عز وجل نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله عز وجل أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم» وعن محمد بن مسلمة قال قال رسول الله «إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا له لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبداً» اللهم اجعلنا ممن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، واجعلنا من عتقائها يا رب العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
 



شهرا عيدٍ لا ينقصان
د. جمال المراكبي


الحمد للَّه رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه ولي الصالحين ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقته وانتهج نهجه إلى يوم الدين ، وعلى رسل اللَّه أجمعين .. أما بعد :
فقد أظلنا شهر عظيم مبارك ، خصه اللَّه تبارك وتعالى بصنوف من البركات ، وجعله عيدًا للطاعات والخيرات ، يعود علينا كل عام بنفحات رحمانية ، من حُرمها فقد حُرِمَ الخير كله ، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( إن هذا الشهر قد حضركم ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخير كله ، ولا يُحرم خيرها إلا محروم )) . [ صحيح (( سنن ابن ماجه )) ] .وشهر رمضان لا يدانيه في هذا الفضل إلا شهر ذي الحجة ، حيث جعلهما اللَّه تبارك وتعالى شهري عيد يعودان على المسلمين بالبر والخير والفرح والسرور .قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( شهران لا ينقصان : شهرا عيد رمضانُ ، وذو الحجة )) . [ البخاري ( ك الصوم 1912) ] .
وفي رواية لمسلم والترمذي وأبي داود وابن ماجه وأحمد بلفظ : (( شهرا عيدٍ لا ينقصان : رمضان ، وذو الحجة )) .
وقد اختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث ، فمنهم من حمله على ظاهره ، فقال : لا يكون إلا ثلاثين يومًا ، وهذا قول ضعيف يكفي لرده قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غُبِّيَ عليكم - أي : خفي عليكم - فأكملوا عدة شعبان ثلاثين )) . [ البخاري ] .
ومنهم من تأول له معنى لائقًا.
فقال أحمد والبخاري : لا يجتمعان كلاهما ناقص ، فإن جاء أحدهما تسعًا وعشرين ، جاء الآخر ثلاثين ولا بد .
وقال إسحاق بن راهويه : لا ينقصان في الفضيلة ، وإن كان ناقصًا فهو تمام ، وقيل : لا ينقصان في الأحكام ، فالأحكام الشرعية فيهما متكاملة غير ناقصة .
وفائدة الحديث رفع ما يقع في القلوب من شك لمن صام تسعًا وعشرين أو وقف في غير يوم عرفة .
وأطلق على رمضان أنه شهر عيد ؛ لقربه من العيد ، أو لأن العيد يكون ختامًا لرمضان ، وتتويجًا للعاملين فيه ، وفرحًا واحتفالاً بالفطر .
ولو تتبعنا ما في الشهرين من فضائل لوجدنا توافقًا عجيبًا ؛ فرمضان محل فريضة الصوم ؛ الركن الرابع من أركان الإسلام ، وسبب مغفرة الذنوب .
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ، ويجتهد في العبادة ويحث أمته على ذلك !!
(( من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه )) .
(( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر )) .
(( من أدرك رمضان فلم يُغفر له فأبعده اللَّه )) .
وذو الحجة محل فريضة الحج ، الركن الخامس من أركان الإسلام وسبب مغفرة الذنوب .
(( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه )) .
وشهر رمضان فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم ، وشهر ذي الحجة فيه أفضل يوم في العام ، يوم عرفة ويوم النحر ، فمن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن صام يوم عرفة كفَّرَ له ذنوب سنتين .
والعشر الأواخر من رمضان كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص فيهن على الاعتكاف ، والاجتهاد في العبادة ، ويحث أمته على ذلك ، والعشر الأول من ذي الحجة كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في العمل الصالح فيهن مِن ذكر للَّه وصلاة وصوم ، حتى قال صلى الله عليه وسلم : (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى اللَّه من هذه الأيام العشر )) . فليالي رمضان أفضل ليالي العام ، وأيام العشر أفضل أيام العام ، وفي رمضان بدأ تنزل القرآن على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وفي يوم عرفة أكمل اللَّه الدين ، ونزلت آية التمام : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } [ المائدة : 3 ] .
ثم يُتوج رمضان بعيد الفطر وتمام الصوم والتكبير على الهداية ، ويُتوج ذو الحجة بعيد الأضحى وتمام الحج وذبح الأضاحي والهدي والتكبير والذكر على ما رزق اللَّه من بهيمة الأنعام.
وفضائل رمضان كثيرة ، فاحرص أخي المسلم على اغتنامها ، ففي رمضان تفتح أبواب السماء لاستقبال الدعاء . قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء )) . [ البخاري ].
إشارة إلى إجابة الدعاء ، فدعوة الصائم لا ترد ، ورب العزة يقول في أثناء آيات الصيام : { وَإِذَا سَأَلَكَ‏ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ‏ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [ البقرة : 186] .
وفي رمضان تفتح أبواب الجنة ، وتغلق أبواب النار ، وتُسلسل الشياطين ، ويرغب الناس في الخير ، وتعتق الرقاب من النار.
(( وإذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجان ، وغُلقت أبواب النار ، فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة ، فلم يُغلق منها باب ، ونادى منادٍ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، وللَّه عتقاء من النار ، وذلك في كل ليلة )) . [ (( صحيح ابن ماجه )) والترمذي عن أبي هريرة ] .
(( إن للَّه عند كل فطر عتقاء ، وذلك في كل ليلة )) . [ (( صحيح ابن ماجه )) ] . فهذه أبواب الجنة تنادي الطائعين ، والريان ينادي الصائمين .
(( من أنفق زوجين في سبيل اللَّه نودي من أبواب الجنة : يا عبد اللَّه ، هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة )) . [ (( البخاري )) ] .
وأرجو أن نكون أخي المسلم ممن يُدعى من تلك الأبواب كلها ، وأن يعتق مولانا رقابنا من النار ، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى اللَّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 



أسباب المغفرة
د.جمال المراكبي


رمضان شهر المغفرة ، يغفر اللَّه فيه ذنوب المؤمنين المتقين ويعتق رقابهم من النار ، فمن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ، ومن قام ليله إيمانًا واحتسابًا غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه ، ومن أعرض عن أسباب المغفرة في رمضان ، فأدرك رمضان ولم يُغفر له ، فمتى يدرك عفو اللَّه ومغفرته ؟ إن اللَّه تعالى يبعده ويطرده ، استجابةً منه سبحانه لدعاء أمين السماء وأمين الأرض : بَعُدَ عن اللَّه من أدرك رمضان فلم يُغفر له .
وإذا كان موسم الخير قد انقضى بانقضاء رمضان ، فإن فعل الخيرات لا ينقضي ، وأسباب المغفرة موصولة أبدًا لا تنقطع ولا تنتهي ، ومن حَصَّلَ المغفرة في رمضان لا يعدم أسباب المغفرة بعد رمضان ، وأسباب المغفرة كثيرة ويسيرة على من وفقه اللَّه ، وهذه بعض أسباب المغفرة نعرضها مع أدلتها باختصار شديد :
التوحيد وترك الشرك من أعظم أسباب المغفرة :
قال تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ -9,‏ ‏وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } [ المائدة : 9، 10 ] .
وقال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ -2,‏ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ -3,‏ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [ الأنفال : 2- 4 ] .
وقال تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } [ طه : 82 ] .
وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } [ النساء : 48 ] . وفي الحديث القدسي يقول اللَّه عز وجل : (( يا ابن آدم ، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تُشرك بي شيئًا لأ تيتك بقرابها مغفرة )) . [ الترمذي (3540) ] وفي (( صحيح مسلم )) : (( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد ، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر ، ومن تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا ، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئًا لقيته بمثلها مغفرة )) . [ مسلم (2687) ] .
وفي حديث أبي ذر فيمن مات على التوحيد : (( ما من عبد قال : لا إله إلا اللَّه ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ، وإن زنى وإن سرق ، رغم أنف أبي ذر )) . قال البخاري : هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال : لا إله إلا اللَّه غفر له .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، كحديث عثمان عند مسلم : (( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا اللَّه دخل الجنة )) .
وحديث البطاقة عند الترمذي وأحمد صريح في ذلك ، حيث تطيش سجلات الذنوب وترجح كلمة الإخلاص .
الاستغفار :
قال تعالى : { وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ البقرة : 199 ] ، وقال تعالى : { وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [ البقرة : 285 ] ، وقال تعالى : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا } [ النساء : 110 ] .
وقال تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ -135, أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [ آل عمران : 135، 136 ] .
وفي الحديث القدسي : (( يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني ، غفرت لك ولا أبالي )) .
وإذا أذنب العبد ذنبًا ثم استغفر اللَّه ، قال اللَّه عز وجل للملائكة : (( علم عبدي أن له ربًا يأخذ بالذنب ، ويغفر الذنب ، أشهدكم أني قد غفرت له )) . والأحاديث في هذا كثيرة مشهورة .
التقوى :
قال تعالى : { يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [ الأنفال : 29 ] .
الدعاء مع رجاء الإجابة :
قال تعالى في الحديث القدسي : (( يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي )) .
ويدخل في ذلك دعاء الولد لوالده ، كما في الحديث : (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث .. )) ذكر منها : (( أو ولد صالح يدعو له )) .
اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم :
قال تعالى : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ آل عمران : 31 ] .
الإنفاق في سبيل اللَّه في السراء والضراء ، وكظم الغيظ ، والعفو مع القدرة :
قال تعالى : { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ -133, الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران : 133، 134 ] ، وقال تعالى : { وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } [ الشورى : 40 ] .
الصبر مع العمل الصالح :
قال تعالى : { إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } [ هود : 11 ] ، وقال تعالى : { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } [ الشورى : 43 ] .
الوضوء مع الإسباغ :
عن عثمان قال : رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا ، ثم قال : (( من توضأ هكذا ، غُفر له ما تقدم من ذنبه ، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة )) ، أي زيادة ثواب . [ مسلم ] .
وفي رواية ابن ماجه : (( من توضأ مثل وضوئي هذا ، غُفر له ما تقدم من ذنبه )) .
والأحاديث في تكفير الخطايا بسبب الوضوء كثيرة .
الذكر بعد الوضوء :
عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ ( أو فيسبغ ) الوضوء ، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا اللَّه ، وأن محمدًا عبد اللَّه ورسوله ، فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء )) . [ مسلم (234) ] .
وفي رواية الترمذي : (( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين )) .
صلاة ركعتين بعد الوضوء :
عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ، ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبلٌ عليهمابقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة )) . [ مسلم ] .
وعن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه )) . [ متفق عليه ] .وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه ، ثم يصلي الصلاة ، إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها )) . [ مسلم ] .
وهذه الصلاة مع المحافظة على الوضوء من أرجى الأعمال الموجبة للجنة ، كما في حديث بلال حين سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن أرجى عمل يعمله ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( ما أحدثت إلا توضأت ، وما توضأت إلا صليت )) .
الأذان للصلاة :
ففي (( صحيح الجامع الصغير )) : قال رسول اللَّه : (( يغفر للمؤذن منتهى أذانه ، ويستغفر له كل رطب ويابس )) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( المؤذن يغفر له مَدُّ صوته ، وأجره مثل أجر من صلى معه )) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّه وملائكته يصلون على الصف الأول ، والمؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه من سمعه من رطب ويابس ، وله مثل أجر من صلى معه )) .
إجابة المؤذن وترديد الأذان :
عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلى الله عليه وسلم : (( من قال حين يسمع المؤذن : أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، رضيت باللَّه ربًا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينًا ، غُفر له ذنبه )) . [ مسلم ] .
وإجابة المؤذن والدعاء بعد الأذان سبب لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للمسلم ، وسبب لصلاة اللَّه عز وجل على عبده ، وسبب لإجابة دعوته .
المشي إلى المساجد للجمع والجماعات :
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( ألا أخبركم بما يمحو اللَّه به الخطايا ويرفع به الدرجات ! إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط )) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( والكفارات : إسباغ الوضوء على الكريهات ، ونقل الخطى إلى الجمعات - الجماعات - والمكث في المساجد بعد الصلوات )) . وقال صلى الله عليه وسلم : (( من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كانت له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها )) .
الصلوات الخمس ، وصلاة الجماعة :
قال صلى الله عليه وسلم : (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر )) . [ متفق عليه ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ )) قالوا : لا يا رسول اللَّه ، قال : (( فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو اللَّه بهن الخطايا )) .
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول اللَّه ، أصبتُ حدًا فأقمه عليَّ ، قال : وحضرت الصلاة فصلى مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى الصلاة قال : يا رسول اللَّه ، إني أصبت حدًا فأقم فيَّ كتاب اللَّه ، قال : (( هل حضرت الصلاة معنا ؟ )) قال : نعم ، قال : (( قد غُفر لك )) . [ مسلم (2764، 2765) ] .
وفي رواية : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للرجل : (( أرأيت حين خرجت من بيتك أليس قد توضأت فأحسنت الوضوء ؟ )) قال : بلى . قال : (( ثم شهدت الصلاة معنا ؟ )) قال : نعم يا رسول اللَّه ، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( فإن اللَّه قد غفر لك حدك )) . أو قال : (( ذنبك )) . [ مسلم (2765) ] .
وفي (( الصحيحين )) أنه نزلت في شأن ذلك الرجل هذه الآية : { أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } [ هود : 114 ] ، فقال رجل : هذا له خاصة ؟ قال : (( بل للناس كافة )) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر اللَّه له ذنوبه )) . [ مسلم (232) ] .
صلاة الجمعة :
قال تعالى : { ‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [ الجمعة : 9 ] .
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر )) . [ متفق عليه ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ، ثم يصلي معه ، غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ، وفضل ثلاثة أيام )) . [ مسلم (857) ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى )) . [ البخاري (883، 910) ، والنسائي (1403) ] .
التأمين خلف الإمام :
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( إذا أمن الإمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه )) . [ مسلم (410) ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( إذا قال أحدكم في الصلاة : آمين ، والملائكة في السماء : آمين ، فوافق إحداهما الأخرى ، غُفر له ما تقدم من ذنبه )) . [ مسلم (410) ] .
قول : (( ربنا ولك الحمد )) :
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( إذا قال الإمام : سمع اللَّه لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا ولك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه )) . [ مسلم ] .
صلاة الضحى مع الجلوس للذكر بعد الغداة :
روى الترمذي بسند فيه ضعف : (( من حافظ على شفعة الضحى غفر له ذنوبه ، وإن كانت مثل زبد البحر )) .
وعند أبي داود بسند فيه مقال : (( من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرًا ، غفر له خطاياه ، وإن كانت أكثر من زبد البحر )) .
وفي صحيح مسلم : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه حتى تطلع الشمس )) .
وعند الترمذي : (( من صلى الفجر في جماعة ، ثم قعد يذكر اللَّه حتى تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة )) . [ حديث حسن ] .
وعند الطبراني : (( من صلى الصبح في مسجد جماعة ، ثم مكث حتى يسبح تسبيحة الضحى ، كان له كأجر حاج ومعتمر تام له حجته وعمرته )) .
قيام الليل ، خاصة في رمضان ، وفي ليلة القدر :
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه )) .
وقال : (( من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه )) .
الذكر بعد الصلاة :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من سبح اللَّه في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين ، وحمد اللَّه ثلاثًا وثلاثين ، وكبر اللَّه ثلاثًا وثلاثين ، فتلك تسع وتسعون )) . ثم قال : (( تمام المائة : لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، غفر له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر )) . [ أحمد (8478) ] .
وفي رواية أخرى : (( غفر له ذنبه ولو كان أكثر من زبد البحر )) .
وبعد أخي القارئ ، فهذا غيض من فيض ، يتعرض له المسلم كل يوم خمس مرات مع كل صلاة يصليها ، فتغفر خطاياه مهما عظمت ، وإن كانت مثل زبد البحر ، فاحرص أخي المسلم على أسباب المغفرة ، فلا تفرط فيها ، عسى أن يغفر لك اللَّه الذنوب ويستر العيوب ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى اللَّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
صلاة التسابيح :
ورد في فضلها أحاديث كثيرة ، أكثرها ضعيف ، ولكن حسن بعض أهل العلم بعض طرق هذه الأحاديث ، وفيها : (( فلو كانت ذنوبك مثل رمل عالج غفرها اللَّه لك )) . [ ابن ماجه (1386) ، وصححه الألباني ، رحمه اللَّه ] .
 



رحيل الشهر الكريم


الحمد لله الذي هدانا للإسلام، ووفقنا للإيمان، وبلغنا رمضان، ووفقنا لصيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه»، «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه». فرحة الصائم لقد آن لنا أن نفرح بهذا الخير العميم، وقد انقضى وقت العبادة، وحان وقت الجزاء، «للصائم فرحتان؛ إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه». إنها إحدى الفرحتين قد حان وقتها فأعطانا الله يومًا نفرح فيه لمنته علينا أن هدانا للطاعة ثم قبلها منا وأثابنا عليها وختمها لنا بعيد يتجدد نفرح فيه ونسعد. ونحن على موعد مع فرحة أعظم؛ إنها الفرحة الكبرى، يوم يرى الصائم صومه جُنة يحول بينه وبين نار جهنم: «من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا». يوم يرى الصائم رائحة الخلوف وقد صارت أفضل وأطيب من رائحة المسك، يوم يرى الصائم العباد يجازيهم ربهم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ثم يضاعف الجزاء للصائمين بغير حساب: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به». ورحل رمضان هذا هو رمضان قد رحل عنا، كنا بالأمس نترقب قدومه ونتأهب لاستقباله، فلما أقبل علينا محملاً بنفحات الرحمة سعدنا به ورجونا رحمة الله فيه وشعرنا بأبواب السماء تتفتح لقبول الدعاء من الصائمين والقائمين وأبواب الجنة تتفتح تنادي المؤمنين المتقين، فمن كان من أهل الصلاة نادى عليه باب الصلاة، ومن كان من أهل الصوم نادى عليه باب الريان، وأبواب النار تغلق، وشهوات النفس التي تَحَفّ بالنار تُكبح، ومردة الشياطين تسلسل وتصفد، ولكن سرعان ما رحل عنا رمضان يحمل في طياته صكوك المغفرة من الله لعباده المؤمنين الصائمين القائمين، فطوبى لعبد دخل في طاعة ذي الجلال والإكرام خوفًا وطمعًا فشملته الرحمة وأدركته المغفرة، وتعسًا لعبد أدرك رمضان فأعرض عن ربه وأقبل على شهوات نفسه واتبع هواه فلم يغفر الله له: «بعد عن الله من أدرك رمضان ولم يُغفر له». والمسلم الحق من تكون تقوى الله شعاره طوال حياته، والمؤمن الصادق الإيمان من يكون عمله بالطاعات واجتنابه للمعاصي والخطيّات دينًا له ومنهاجًا إلى أن يدركه الموت، فلا تزيده مواسم الخير إلا اجتهادًا في العبادة وحرصًا على الطاعة، فإذا انقضت هذه المواسم فإن آثارها تبقى متمثلة في حياته واقعًا ملموسًا، وعملاً مشاهدًا محسوسًا. لقد مر بنا هذا الشهر المبارك سريعًا، مضى وهو شاهد لنا أو علينا بما أودعناه فيه، فهل تأسينا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالسلف الصالح وهل أخذنا بأسباب القبول بعده واستمررنا على العمل الصالح، وهل أتبعنا الحسنة بالحسنة أم أتبعناها بالسيئة وكنا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ} [النحل: 92]، هل عزمنا على الاستقامة وعلى الطاعة والبعد عن المعصية؟ إن الإعراض عن الله وعن عبادته دليل على نقصان الإيمان وضعف العزيمة فيجب علينا أن نراقب الله وأن نستقيم إليه في جميع الأوقات وأن نتقرب إليه بالأعمال الصالحات، فرب رمضان هو رب جميع الشهور والأزمان. سنة الرحيل إن الرحيل سنة من سنن الله في كونه: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 26، 27]، تَصَرَّمت الأعوام عامًا بعد عام، والناس في غفلة ساهون، أَمَا يشاهدون مواقع المنايا، في كل يوم يرحل عنهم بعض من كان بينهم يملأ الدنيا حياة ويؤمل فيها؟ فيا ليت شعري على أي شيء تطوى صحائف الأعمال أعلى أعمال صالحة وتوبة نصوح صادقة أم على تفريط في جنب الله تعالى؟ ماذا يقول رمضان عنا؟ لقد رحل رمضان وإن الله سائله عنا وهو أعلم، فماذا يقول؟ يقول: استقبلوني بالزينات والفوازير والمسلسلات والرقص والغناء، وما لذَّ وطاب من الطعام، وودعوني بالتواشيح والتواحيش، ولا أوحش الله منك يا شهر القرآن. ومع هذا فأكثرهم لا يقرأ القرآن ولا يفهمه ولا يعمل به فمنهم من يصوم ولا يصلي، ومنهم من لا يصوم ولا يصلي، منهم من لا يعقل أركان الإسلام وأركان الإيمان، فهم في حاجة ماسة إلى جبريل ليسأل، وإلى محمد صلى الله عليه وسلم ليجيب، فيتعلموا أمور دينهم من جديد، لم يعتصموا بحبل الله جميعًا، بل فرقت بينهم الحدود، تداعت عليهم أمم الأرض، يأخذون الثروات، ويدنسون المقدسات، ويدعونهم إلى الاستسلام تحت مسمى السلام. تحققت فيهم نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها». قالوا: أَوَمِنْ قلة نحن يا رسول الله؟ قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل»، يتقاتلون على السلطة والمال، وقوى الشرك والطغيان تقتلهم وتستذلهم في فلسطين والعراق. المَخْرَج من الفتن إنها فتن عمت وطمت، فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا، فالمخرج في الرجوع إلى الإيمان والتوحيد، وفي تقوى الله عز وجل والتوكل عليه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}. الالتجاء إلى الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن الدعاء والالتجاء إلى الله والرجوع إليه هو أعظم مخرج من الفتن: «لا إله إلا الله ماذا أنزل الليلة من الفتن، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه- وحلق بأصبعيه السبابة والإبهام- من يوقظ صويحبات الحُجَر». وماذا تفعل صويحبات الحجر لمنع الفتن، ولماذا يوقظهن النبي صلى الله عليه وسلم؟ يوقظهن النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة بالليل والناس نيام وللدعاء والاستغفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. ينبغي لنا أن نعاهد الله على أن نرجع إليه ونتوب من ذنوبنا. فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه: «بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه». فبايعناه على ذلك. المسارعة إلى التوبة علينا بكتاب الله وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم: «إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة». فهذا كتاب الله محفوظ بحفظه له، وهذا هدي محمد صلى الله عليه وسلم معروف، والله تعالى يوفق طائفة من الأمة للثبات على هذا المنهج لا تميل عنه، ليجعلهم قدوة للعباد وحجة عليهم فلنكن منهم ولا نكون عليهم، إنهم العلماء العاملون بالكتاب والسنة، ولنترك أهل البدع ودعاة الضلال ولا نغتر بهم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك». متفق عليه. والله من وراء القصد.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

شهر رمضان

  • استقبال رمضان
  • يوم في رمضان
  • رمضان شهر التغيير
  • أفكار دعوية
  • أحكام فقهية
  • رسائل رمضانية
  • المرأة في رمضان
  • سلوكيات خاطئة
  • فتاوى رمضانية
  • دروس علمية
  • رمضان والصحة
  • الهتافات المنبرية
  • العشر الأواخر
  • بطاقات رمضانية
  • المكتبة الرمضانية
  • وداعاً رمضان
  • الصفحة الرئيسية