اطبع هذه الصفحة


تصريحات بابا الفاتيكان بخصوص نبي الإسلام
"باطل يجب الرجوع عنه"

الدكتورة لينه الحمصي

 
قد تحجب الستائر القاتمة الكثيفة والنظارات السوداء السميكة نور الشمس عن العيون المختبئة خلفها عن قصد أو عن غير قصد، عن علم أو عن غير علم، ولكنها لاتستطيع ولن تستطيع أبداً أن تشوّه نور الشمس أو أن تحول بينه وبين العيون السليمة التي لاتغطّيها سحب الجهل أو الحسد أو الغيظ والكمد...

وقد تكدّر أوراق الخريف، ورياح الشتاء، وقمامة السيل، ومياه السواقي والأنهار، ولكنها لن تستطيع ولا تستطيع أن تكدّر المنبع الأساسي الذي يرفدها بالمياه...

وقد تؤثّر مقالة البابا بنديكيت السادس عشر ( بابا الفاتيكان) بخصوص نبي الإسلام على ضعاف العقول والنفوس، ولكنها لن تؤثّر أبداً على نقاء مسيرة ذلك النبي الذي قال فيه غير المسلمين ( والفضل ما شهدت به الأعداء) :

قال فيه الشاعر القروي المسيحي رشيد الخوري في خطبة له في البرازيل بمناسبة ذكرى مولده عليه السلام:

يا سيدي، يا بن عبد الله، يا نبي الله حقاً، يا مجد العرب، يا مجد الإنسانية، يا آية الصحراء الكبرى، لن تجد الإنسانية مخرجاً من مأزقها وراحة لأرواحها وصلاحاً لأمورها إلا بالارتماء في حضن الإسلام، عندها ستجد الحلول لمشكلة الحياة الكامنة في التوفيق بين قوى الإنسان جميعاً جسداً وعقلاً وروحاً، وعندئذ يحقّ للبشرية أن تهتف بملء فيها:

عيد البرية عيد المولد النبوي *** في المشرقين له والمغربين دويّ
عيد النبي بن عبد الله من سطعت *** شمس الهداية من قرآنه العلوي
صلّى الإله على النبي ويوم مولده العظيم
يومٍ نقابل في ماضينا بحاضرنا الأليم
يومٍ نراجع فيه ذكرى ذلك البطل العظيم
فنهبّ له من حجر القبور إلى مقاصير النجوم
ونعيد في اليوم الجديد جلائل المجد القديم

أما الكاتب البريطاني الشهير جورج برنارد شو، فقد كان يضع فوق مكتبه صوراً لبعض عظماء العالم أمثال غاندي ولينين وستالين وأبسن وجيبو فسكي، وفي إحدى المرات قال لزائريه: لو كانت لمحمد صورة لوضعتها فوق هؤلاء جميعاً... ثم أردف قائلاً:

" لما قرأت دين محمد أحسست أنه دين عظيم، وأعتقد أن هذا الدين العظيم سيسود العالم ذات يوم قريب مقبل، إذا ما وجد الفرصة لانتشاره، ليتعرّف العالم عليه بلا تعصّب"

أما الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت، والذي كان لايترك فرصة إلا وينتهزها في الطعن بالإسلام ونبيه، فإن زيارته لمصر واجتماعه ببعض علماء الأزهر فيها، جعلته يغيّر ما كان عليه من عداء، ولمّا رجع من زيارته تلك عكف على دراسة الإسلام من منابعه الأصلية، فأعجب به، ورأى فيه ديناً لايكتفي بتنظيم علاقة الناس بخالقهم والعمل على إروائها فقط، بل هو إلى جانب هذا يهتمّ بتنظيم علاقة الناس بعضهم مع بعض وفق تشريع رائع، تعجز جميع التشريعات البشرية عن مضاهاته.

وكثيراً ماكان يتساءل: تُرى كيف يُتاح لبدوي عاش في الصحراء والقفار، بدون أن يتعلّم أو يدرس أو يقرأ أو يكتب، أن يُنشئ مثل الشريعة الإسلامية التي لا تماثلها شريعة بين الشرائع السماوية، سواء في التشريع أو في الأحكام والفلسفة؟!

وهاهو الكاتب المسيحي "مايكل هارت" يؤلّف كتاباً في أعظم علماء العالم، فيخرج بألف شخصية، يغربلها بعد ذاك إلى مئة شخصية، سطّرها في كتاب أسماه "المئة الأوائل"، ويضع على رأس قائمة هؤلاء العظماء اسم محمد بن عبد الله، وأما اسم المسيح عليه السلام فيحتل المرتبة الثالثة، ويعقّب المؤلف على هذا قائلاً: "إن اختياري محمداً للأولية في قائمة عظماء التاريخ قد يُدهش القارئ، ولكن محمداً هو الوحيد في التاريخ كله الذي فاقهم جميعاً."

أما بخصوص الفتوحات الإسلامية، التي نوّه البابا بنديكيت السادس عشر إلى أنها فتوحات ظالمة، أرادت نشر الإسلام بالقوة، فقد تواردت مقولات غير المسلمين، سواء من الذين شهدوا تلك الفتوحات، أو من الذين درسوها دون تعصب ولا عنجهية، لتكذّب هذا الافتراء، وتشهد بعدالة تلك الفتوحات...

من هذا ما شهد به البطريرك بنيامين، الأسقف الأعلى للأقباط في مصر، والذي غيّبته الحكومة الرومانية المسيحية الأرثوذكسية عن كرسيه، بسبب أنه يخالفها في المذهب والرؤية المسيحية، ليعيده عمرو بن العاص فاتح مصر، إلى كرسيه بعد ثلاث عشرة سنة من الاضطهاد والتغريب والتهجير القسري، طالباً إليه أن يتولّى شؤون الأقباط الكنسية والدينية، الأمر الذي أثلج صدره، وأنطق لسانه بكلمة الحق، فقال:

"لقد وجدت في مدينة الاسكندرية زمن النجاة والطمأنينة اللتين كنت أنشدهما بعد الاضطهادات والمظالم التي قام بتمثيلها الرومان الظالمون المارقون."

وهذا هو البطريرك عيشويابه الذي عاش في القرن السابع الهجري يقول أيضاً: "إن العرب الذين مكّنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون، إنهم ليسوا أعداءً للنصرانية، بل يمتدحون ملّتنا ويوقّرون قدّيسنا وقسّيسنا، ويمدّون يد العون إلى كنائسنا وديننا"

ويسطّر المستشرق غوستاف لوبون عدالة هذه الفتوحات وسماحتها فيقول: "لم يعرف التاريخ فاتحين أرحم من العرب، و لا ديناً سمحاً مثل دينهم"

وكذلك يفعل المستشرق توماس أرنولد، فيقول: "لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة، وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهدة على هذا التسامح"

وبعد هذه الشهادات كلها، تختفي مصداقية شهادة البابا بنديكيت السادس عشر وينكشف القناع الزائف الذي أريد له أن يكون غطاء لها...

لن أعود بعد هذه المقولة المفترية على نبي الإسلام، لأنبش التاريخ... ولن أذكّر البابا بنديكيت بما فعله الصليبيون في بلاد الشام المسلمة من مذابح تقشعر لها الأبدان، ويندى لها جبين التاريخ... ولن أذكّره أيضاً بالمخازي والمآسي التي قام بها مسيحيو اسبانيا ضد المسلمين في الأندلس ولا بمحاكم التفتيش وبأنواع العذاب الذي لا يخطر على قلب بشر والذي تفنّنت كهنة المسيحيين باختراعه باسم المسيح والمسيح من هذا بريء...

ولن أذكّره أيضاً بمجزرة سان بارتلمي، والتي قام بها الكاثوليك ضد إخوانهم البروتستانت في باريس، والتي تعتبر سبة في تاريخ المسيحية، فاقت حدود التخيّل، ومثّلت أبشع صور الغدر والغيلة.

لن أذكّره بكل هذا هنا، فنحن نريد رأب الصدع ولمّ الشمل، وليس شيئاً آخر...

نعم... نريد من البابا أن يعود أدراجه إلى جادة الصواب، وأن يكون خير خلف لمن سلف...

والرجوع عن الباطل خير من التمادي فيه...

 

أعظم إنسان

  • اعرف نبيك
  • إلا رسول الله
  • الدفاع عن السنة
  • اقتدي تهتدي
  • حقوق النبي
  • أقوال المنصفين
  • الكتب السماوية
  • نجاوى محمدية
  • دروس من السيرة
  • مقالات منوعة
  • شبهات وردود
  • أصحابه رضي الله عنهم
  • أعظم إنسان