اطبع هذه الصفحة


ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها !

د . عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف


سأل الخليقة هارونُ الرشيد الإمامَ مالك بن أنس في رجل شتم النبي-صلى الله عليه وسلم- وذكر له أن بعض المتفقهة أفتوا بجلده ،
فغضب مالك وقال يا أمير المؤمنين: ما بقاء الأمة بعد شتم نبيها صلى الله عليه وسلم، من شتم الأنبياء قُتل .
وقد تسامع الناس ما وقع  من صحف دانمركية ونيروجية، من إصرار على التطاول والانتقاص لسيد ولد آدم، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وخير الخلق أجمعين، والمبعوث رحمة للعالمين .

وهذا الحدث الموجع يوجب أن  نقف معه وقفات :
الوقفة الأولى : من حقه- صلى الله عليه وسلم- علينا أن ننصره ونجلّه، فقد أمر الله تعالى بذلك في قوله سبحانه: (( وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً )) ( الفتح: 9) . 
فالواجب أن ننصره ونؤيده ونمنعه من كل ما يؤذيه، كما يتعيّن علينا إجلاله وإكرامه صلى الله عليه وسلم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ( أما انتهاك عرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فإنه مناف لدين الله بالكلية، فإن العرض متى انتهك سقط الاحترام والتعظيم، فسقط ما جاء به من الرسالة، فبطل الدينُ، فقيام المدح، والثناء عليه، والتعظيم، والتوقير له قيام الدين كله، وسقوط ذلك سقوط الدين كله، وإن كان ذلك وجب علينا أن ننتصر له ممن انتهك  عرضه .. ) الصارم المسلول ص 211 .
 يقول الله تعالى: (( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ )) ( الكوثر: 3) .
فأخبر سبحانه أن شانئه ( مبغضه ) هو الأبتر، والبتر: القطع .
ومما قاله ابن تيمية عن هذه الآية الكريمة: ( إن الله سبحانه بتّر شانئي رسوله من كل خير، فيبتر ذكره، وأهله، وماله، فيخسر ذلك في الآخرة، ويبتر حياته فلا ينتفع بها، ولا يتزوّد فيها صالحاً لمعاده، ويبتر قلبه فلا يعي الخير، ولا يؤهله لمعرفته ومحبته، والإيمان برسله، ويبتر أعماله، فلا يستعمله في طاعة، ويبتره من الأنصار فلا يجد له ناصراً ولا عوناً، ويبتره من جميع القرب والأعمال الصالحة ، فلا يذوق طعماً ، ولا يجد لها حلاوة .. ) مجموع الفتاوى 16/ 526 .
 
وما أجمل ما كتبه تقي الدين السبكي في مطلع كتابه: ( السيف المسلول على من سبّ الرسول صلى الله عليه وسلم ):
حيث قال في سبب تصنيفه: وكان الداعي إليه أن فتيا رُفعت إليّ  في نصراني سبّ ولم يسلم، فكتبتُ عليها: يُقتل النصراني المذكور كما قتل النبي- صلى الله عليه وسلم- كعب بن الأشرف، ويُطهّر الجناب الرفيع من ولوغ الكلب .

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى    حتى يُراق على جوانبه الدم .

إلى أن قال السبكي: وليس لي قدرة أن انتقم بيدي من هذا الساب الملعون، والله يعلم أن قلبي كارهٌ منكر، ولكن لا يكفي الإنكار بالقلب هاهنا، فأجاهد بما أقدر عليه من اللسان والقلم، وأسال الله عدم المؤاخذة بما تقصر يدي عنه، وأن ينجِّيني كما أنجى الذين ينهون عن السوء، إنه عفوّ غفور.  السيف المسلول ص 113 – 114 .
 
الوقفة الثانية :
 
المقصود أن يجتهد أهل الإسلام عموماً وأهل السنة خصوصاً في الذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والانتصار لمقامه الشريف بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .
وأن يبذل الجميع قصارى جهدهم تجاه هذه الواقعة ونظائرها، وإذا كان من أهل العلم ممن يفتي بمقاطعة المنتجات الدانمركية، فهذه خطوة عملية وإيجابية، لكن ماذا فعلت الحكومات العربية والإسلامية والجاثمة على الجماهير المسلمة نحو تلك الدول المهينة من دانمرك ونرويج ؟
 
أين دور وزارات الخارجية وسفاراتها في مواجهة هذه الرعونة والصفاقة  التي استمرت مدة طويلة مع إصرار وعدم مبالاة بأهل الإسلام ؟
قد عهدنا من تلك السفارات ضجيجاً لا ينقطع عند ما تمس أو تنتقد سياسة حكامها، مع أنها سياسات تغيّرها وتحرّكها المصالح والمطامع والمخاوف، فأين الذبّ عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو أعظم الثوابت، وأجلّ المطالب ؟  وفي الانتصار لمقامه وعرضه الشريف خيريِّ الدنيا والآخرة، ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
 
أين دور وزارات التجارة في تلك البلاد ؟
وماذا قدّمت نقابات التجّار  والغرف التجارية ونحوها من الهيئات التجارية من أجل الضغط والأخذ على أيدي أولئك الزنادقة السفهاء ؟
 
الوقفة الثالثة :
 
 أن يقال لهؤلاء الزنادقة الملاحدة وأشباههم: إن العقوبات والمثُلات واقعة ومتحققة لمن أبغض الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تنقّصه بسبّ ، أو استهزاء، أو افتراء، ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: (( كان رجل نصراني، فأسلم وقرأ سورة البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي- صلى الله عليه  وسلم-، فعاد نصرانياً، فكان يقول:  لا يدري محمد إلا ما كَتبتُ له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا : هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا في الأرض ما استطاعوا، فأصبح قد لفظته ، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه )) .
 
ـ ومن العقوبات التي حلّت بمن انتقص الرسول صلى الله عليه وسلم – ولو تعريضاً – في هذا العصر ما ذكره الشيخ أحمد شاكر– رحمه الله – عن أحد خطباء مصر، وكان فصيحاً متكلماً مقتدراً، وأراد ذاك الخطيب أن يمدح أحد أمراء مصر عند ما أكرم طه حسين، فقال في خطبته: ( جاءه الأعمى– يعني طه حسين– فما عبس وما تولى )، فما كان من الشيخ محمد شاكر- والد الشيخ أحمد شاكر– إلا أن قام بعد الصلاة، يعلن للناس أن صلاتهم باطلة، وعليهم إعادتها؛ لأن الخطيب كفر بما شتم الرسول صلى الله عليه وسلم.
يقول أحمد شاكر: ( ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الآخرة ، فأقسم بالله لقد رأيته بعينيَّ رأسي بعد بضع سنين، وبعد أن كان عالياً متنفحاً، مستعزاً بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء، رأيته مهيناً ذليلاً خادماً على باب مسجد من مساجد القاهرة يتلقى نعال المصلين يحفظها، في ذلة وصغار، حتى لقد خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني، لا شفقة عليه، فما كان موضعاً للشفقة، ولا شماتة فيه، فالرجل يسمو على الشماتة، ولكن لِما رأيت من عبرة وعظة..)) ..  كلمة الحق ص 176 – 177 .
 
ـ فاللهم قاتل كفرة أهل الكتاب الذين يصدّون عن سبيلك،ويؤذون نبيك.
 

المصدر : شبكة نور الإسلام
 

أعظم إنسان

  • اعرف نبيك
  • إلا رسول الله
  • الدفاع عن السنة
  • اقتدي تهتدي
  • حقوق النبي
  • أقوال المنصفين
  • الكتب السماوية
  • نجاوى محمدية
  • دروس من السيرة
  • مقالات منوعة
  • شبهات وردود
  • أصحابه رضي الله عنهم
  • أعظم إنسان