اطبع هذه الصفحة


الشيخ محمد بن عبد الوهاب محاورا

محمد وقيع الله


تمهيد:


كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة للحوار الموضوعي المنفتح على الآخرين. ذلك أن رائدها الأكبر قضى حياته منذ سني يفاعته الأولى، وإلى نحو التسعين من العمر، يحاور الناس ويجادلهم بالحسنى، ويسعى في إصلاح أحوالهم العقدية والاجتماعية عن ذلك السبيل.

تلكم هي الصفة التي تهدي إليها عملية التحليل الدقيق للتراث الفكري والدعوي للشيخ محمد بن عبدالوهاب ولمدرسته الإصلاحية السلفية، فهو تراث حواري جدلي من الطراز الأول، حيث كان شيخ الإسلام، محمد بن عبد الوهاب، الفارس المجلى فى ذلك المضمار، ومما أثر عنه كثيرا أنه لم يكن يرحب بمواقف الحوار وحسب، وإنما كان يستدعيها، ويجذب إلى ساحتها مختلف الفرقاء، من أهل المذاهب والأفكار الضالة.


1- ورث المرونة الفكرية من ابن تيمية:


ورث شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب، من خلال اطلاعاته الوفيرة الغزيرة على كتابات الأئمة السلفيين عموماً، والحنابلة خصوصاً، رصيداً تطبيقيا وافياً من تجارب الحوار العميق، وعلى رأس ذلك تجارب الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، في حواراته مع فرق الابتداع من الجهمية والمعتزلة، وهي حوارات سجلت تفصيليا في كتب الحنابلة، كما سجلت في كتب التاريخ العام مثل تاريخ الطبري، والذهبي، وابن كثير، وطبقات الحنابلة. وهي سجلات تنضح بالعلم، وترشح بالحكمة، وتبين عن أبرع أساليب الحوار، والاقتدار على سوْق البراهين والأدلة على صحة مذاهب سلف الأمة الصالح.

وتتالت حوارات الثقافة النافذة لشيخ الإسلام الإمام تقي الدين بن تيمية، الذي ساجل جميع المذاهب الفكرية الكبرى في عصره، ولم يترك رأياً مخالفاً في العقيدة، أو في الفقه، من دون أن يخضعه للبحث الفاحص والنقد الجذري. لقد حاور ابن تيمية أقطاب الفلسفة اليونانية، بعد أن اطلع على كتاباتها الأصلية إذ كان يجيد اللغة اللاتينية، وقد تجلت تلك الحوارات في كتابه الضخم (درء تعارض العقل والنقل) وكما ذكر أحد النقاد المتمكنين تعليقا على سجالات الإمام ابن تيمية مع أطروحات الفلاسفة في ذلك الكتاب أن من: " العجيب أنه في نقده هؤلاء الفلاسفة كان يعتمد على الفلسفة أكثر من اعتمادهم عليها"[1]. وذلك تعليق مصيب لأن تأملات ابن تيمية في مختلف المقدمات الفلسفية – وقد كان يرد عليها جميعا - ملَّكه معرفة أوسع بالفلسفة، ومكَّنه من معرفة أي تيار فلسفي بأصوله المعرفية التي كان يتسلح بها في حواره مع التيارات الأخرى.

وقد حاور الإمام ابن تيمية أصحاب الأديان الكتابية معتمدا على نصوص التوراة والأناجيل باللغة العبرية، التي كان يفهم محتوياته فهما جيدا لقربها من العربية، وحاور الفرق العقائدية على اختلاف منطلقاتها ومتبنياتها شأن الجهمية والكرامية والمعتزلة والمرجئة والرافضة والحلوليين وغيرهم، كما حاور الفقهاء الجامدين على كتب مذاهبهم، أولئك الفقهاء الذين ما كانوا يعطون أدنى اعتبار للدليل، حتى ولو كان صحيحا، ما دام قد خالف الرأي المذهبى الذي نشأوا عليه وما عرفوا غيره، و في مجلىً آخر حاور ابن تيمية الحكام الظلمة والطغاة المستبدين والغزاة البغاة المعتدين، ولم يرضح لباطل أيا كان.

وقد تجلت سمة الإنصاف أيما تجل، في حوارات شيخ الإسلام ابن تيمية مع خصومه المذهبيين. إذ كان يعترف لكل منهم بما قد يكون معه من الصواب، حتى ولو كان أولئك من المبتدعة المارقين على حدود الدين، فهاهو يعترف لابن عربي الأندلسي الطائى[2]، الشهير القائل بوحدة الوجود، بجيد آرائه، بينما كان ينتقد سقيم آرائه العقدية و أباطيله وأضاليله أشد النقد، وها هو يعترف للأشاعرة بما كانوا عليه من الحق في قضايا العقيدة، وذلك في سياق نقده لهم على إسرافهم في التأويل[3]، وها هو يختلف مع كثير من الفقهاء ممن سبقوه، وممن عاصروه، ولكنه بأريحيته العقلية الفذة التمس لهم أعذاراً منهجية عشرة، فسر بها كيف وقعوا فيما يمكن أن يؤخذ عليهم من أخطاء في تفسير النصوص واستخراج الأحكام الشرعية[4].

ورفض ابن تيمية أن يقوم أي واحد من أتباعه بتوجيه نوعا من الإساءة أو النقد التسخيفي إلى أولئك الأئمة الأعلام لمجرد أنه اختلف معهم في الرأي، يقول ابن تيمية في هذا المعنى: " إن المجتهد المخطيء ذنبه مغفور، وله أجر الاجتهاد "، وفي الحقيقة فقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية متسامحا حتى مع خصومه الألداء الذين كانوا على غاية العنف والسخف معه، وقال في ذلك الصدد موصياً أصحابه وأتباعه، وداعيهم للرفق بالخصماء:" ولا أحب ان يؤذى أحد من عموم المسلمين – فضلاً عن أصحابنا - بشيء أصلاً، لا باطنا ولا ظاهرا ، ولا عندي عتب على أحد منهم، ولا لوم أصلا، بل لهم عندي من الكرامة، والاجلال والمحبة، والتعظيم أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل ، أما أن يكون مجتهدا مصيبا، أو مخطئاً، أو مذنباً، فالأول: مأجور مشكور، والثاني مع أجره على الإجتهاد: فمعفو عنه، مغفور له، والثالث: فالله يغفر لنا وله، ولسائر المؤمنين. فنطوي بساط الكلام المخالف لهذا الأصل. كقول القائل: فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان كان يتكلم في كيد فلان، ونحو هذه الكلمات، التي فيها مذمة لبعض الأصحاب، والإخوان، فإني لا أسامح من آذاهم من هذا الباب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله." [5]. وهكذا كان ابن تيمية بنفسه العالية، وقلبه الكبير، يسقط عن سياق الجدل وحوار الأفكار، كل ما قد يشوبه من أوضار التعصب والشقاق ويوقر محاوريه مهما كان شططهم في الملامة والعتاب.

2- الإصرار على الحوار:


وعلى هدي من هذا التراث الثر من الحوار المستنير، الواثق، القاصد، المتجرد لطلب الحق، مضت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، حيث أكثر الشيخ وأكثر تلاميذه من الحوار وتحرير الجدل وبث الرسائل الدعوية في الآفاق.

وكما لاحظ مؤرخ و محلل فكري معاصر، هو الأستاذ محمد جلال كشك، فإن أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، كانوا أول من استخدم أسلوب المنشورات في نشر الدعوة في العالم العربي في العصر الحديث[6]. وكانت الأدلة الناصعة من القرآن الكريم، والسنة النبوية المكرمة، ترصع تلك المنشورات، فقد كانت هي وسيلتهم المعتمدة في فن الجدل والإقناع، وما كانوا يهابون وقد امتلكوا ناصية تلك الأدلة، الخوض في أي خلاف مشروع. ومثلما كان رائدهم وشيخهم العظيم، تقي الدين ابن تيمية يستخدم أدلة الفلسفة نفسها ضد الفلاسفة، مدللا بذلك على استيعابه لتلك الأدلة بأفضل مما استوعبها الفلاسفة ، فكذلك كان أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب يناقشون بفضل من تمكنهم الفقهي، وتسامحهم الفكري، أصحاب المذاهب الفقهية بأدلتهم التي يعتمدونها.

فقد عرض الشيخ محمد بن عبدالوهاب على معارضيه ومنتقديه من الشيوخ، أكثر من مرة، أن ينازلهم في الحوار على أساس المُتَبَنَيَات الفقهية لكل منهم: " إن كان شافعيا فبكلام الشافعي، وإن كان مالكيا فبكلام المالكية ، أو حنبلياً أو حنفيا فكذلك، فإذا أرسلت إليهم ذلك عدلوا عن الجواب، لأنهم يعرفون أني على الحق، وهم على الباطل، وإنما يمنعهم من الانقياد التكبر والعناد على أهل نجد، كما قال تعالى: (الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه)"[7]. وتعهد الشيخ بقبول الحق من أي مصدر جاء قائلاً: " وأنا أشهد الله وملائكته إن أتاني منهم حق لأقبلنه على العين والرأس"[8]. وهكذا لم يجعل الشيخ من الحوار وسيلة للانتصار للذات، وطلب الغلبة وإفحام غيره، وإنما لمعرفة الحق المجرد مصحوباً ومحفوفاً بالدليل القاطع أو الراجح، وذلك مع العمل على ترويض النفس، وإلزامها بقبول الحق، حتى ولو جاء على لسان الآخرين.

وقد اتفق المؤرخون المنصفون على أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب كان في جل حواراته رفيقاً مع محاوريه، عاطفاً عليهم، وذلك مع أن بعضهم كانوا من الخصومة واللدد والشطط بمكان ، فكثير منهم لم يترددوا في تكفير الشيخ وأتباعه، بل و أحلوا دماءهم و أموالهم[9]. وكثير منهم كانوا يتهربون من الحوار مع الشيخ وتلاميذه فرقاً من منطقه القوي الحاسم، ولذلك السبب كانوا يحولون بين الناس وبين الحوار معه، ويغلقون من دون ذللك الأبواب، ويزيدون ببث الشائعات المنكرة عن الدعوة السلفية الإصلاحية ودعاتها، حتى يسمموا عقول الكثيرين، ليس من السذج والدهماء وحسب، وإنما من كثير من بعض المتصفين بالوعي وحتى من بين زمر العلماء، وذلك ما جعل الشيخ وأتباعه أكثر إصرارا على إجراء الحوارات المكثفة من أجل أن يكافحوا بها تلك الشبهات ويجلوها عن الأذهان لأنهم رأها قد رانت أحيانا على أذهان بعض العلماء![10]

و مع تكاثر الشبهات التي نشرها خصوم دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية، فقد أصبح الحوار حتما واجباً، بل أصبح وسيلة أثيرة عند دعاتها والمدافعين عنها، لأن الحوار برهن على أنه الوسيلة المثلى الكفيلة بمعرفة ما ترسب في الأذهان عن المباديء السلفية ، فتلك هي المرحلة الأولى لتحييد الناس، وكسب استعدادهم للاستماع، والنظر في الأصول الحقيقية الصحيحة لتلك الدعوة، وهكذا فما سجل تاريخ الفكر العربي صورة عالم إصلاحي ناهض من أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، إلا وهو يحاور ويناهض تلك الشبهات والاتهامات التي حاصرت الدعوة، وطالتها من كل ملتقى وطريق، وقد كان أتباع الدعوة السلفية يصرون على مبدأ الحوار في أحرج الظروف، وفي أقسى ساعات القتال، وحتى بعد الانتصار، وحتى عندما وقع بعضهم في أسر الأعداء، حين حاقت بالحركة الإصلاحية السلفية الهزائم في بعض معارك الجهاد الفاصل.

3- أطياف الحوار:


لقد حاور الشيخ محمد بن عبدالوهاب معاصريه من الخاصة والعامة ، بدءً بأبيه وأخيه، ومروراً بشيوخه العديدين، وزملائه المتكاثرين، وانتهاءً بجمهرة الناس وعامتهم من نجد، والحجاز، والعراق، و اليمن، والشام، و المغرب. كان محمد بن عبدالوهاب في مبدأ أمره على اختلاف حول وسائل الدعوة مع أبيه، ولكنه جادل أباه بالحسنى ولم يشتجر معه، ولم يصل أمرهما إلى درجة الجفاء كما يزعم بعض خصوم الدعوة، ولما لم ينته الجدال إلى طائل توقف خوفاً من أن ينقلب مراءً وبقي كل عند رأيه بلا حرج.

وجادل الفتى محمد بن عبدالوهاب أخاه الأكبر سليمان بن عبدالوهاب حول محتويات الدعوة نفسها، وحول أساليبها، وظل الخلاف بينهما مشتجراً محتدما مستعرا أمدا طويلا، و ذلك حتى فاء الأخ الأكبر إلى الحق، واقتنع باطروحات الدعوة السلفية الإصلاحية، وذلك بعد أن تنازل عن كبره وأنفته، و بارحته مشاعر الغيرة والبغضاء والحسد ، كما اعترف هو بنفسه على نفسه بعد أن لاذ بركن الحق الصراح.

وحاور الفتى محمد بن عبدالوهاب، وهو يعد طالب علم، شيوخه الذين حضر دروسهم سواء بالحجاز أوبالعراق، كما حاور فيهما زملاءه من طلاب العلم، الذين كانوا يتوزعون على كافة المذاهب العقدية والفقهية ، وواصل حواراته وكثفها بعد أن تفرغ لنشر الدعوة في نجد مركزاً على الأصول الأساسيات، رافضا أن ينجر إلى الفرعيات الجزئية من دون مسوغ راجح أو أكيد.

5- تحرير الحوار:


ومما أثر عن محمد بن عبدالوهاب أنه كان يحاور خصومه بود بالغ و بعاطفة حارة صادقة مؤثرة، و أنه ما كان يحتد بغير ما سبب موجب للحدة، وما كان بجنح لفرض آرائه فرضاً على الآخرين، إنما يعطي الفرصة الكاملة للحوار الحر العميق، والاستشهاد بالأدلة البينة، والرجوع إلى الكتب الموثوقة من طرفي الحوار معاً.

انظر إليه في هذا المثال وهو يجيب على خطاب حواري ورد إليه من شريف مكة، الشيخ أحمد بن سعيد، في عام 1182هـ حيث يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رداً على ذلك الخطاب: " إن الكتاب لما وصل إلي أخيك، وتأمل ما فيه من الكلام الحسن، رفع يديه بالدعاء إلى الله بتأييد الشريف، لما كان قصده نصر الشريعة المحمدية، ومن تبعها ، وعداوة من خرج عنها، وهذا هو الواجب على ولاة الأمور " [11].

فإن الشيخ محمد بن عبدالوهاب يدعو هنا لزعيم الأشراف، ويعترف له بولايته السياسية، ثم يرسل إليه بعد ذلك عالماً من المبرزين من أتباعه ليحاور علماء مكة، حواراً علمياً متكافئاً، مستنداً على الأدلة الشرعية وحدها. و قد استخدم الشيخ محمد بن عبدالوهاب في خطابة لزعيم الأشراف كلمة (ناقشوه) أي حاوروه، وأبرزوا آراءكم المضادة لما جاء به، ولم يقل لهم فاستمعوا لكلامه، وأذعنوا له، فهو القول الفصل، والتزموا به، لأنه ما كان يريد أن يقسر أحدا على ما يرى من رأي أو مذهب.

وأطال الشيخ في وصاياه لأتباعه وتلاميذه بضرورة التزام الموضوعية وألا ينفعلوا في مواقف الحوار الفكري، حتى ولو أساء إليهم أفراد الطرف الآخر في الحوار، وأن يحلموا ويعفوا ويصفحوا عن الذين يتبنون مواقف خاطئة، طالما أنهم كانوا ينبعثون عن نوايا طيبة صادقة. لطالما نصح الشيخ تلاميذه بألا يتشددوا في الحوار في مسائل الفروع بخاصة، لأن الاختلاف في كثير منها وارد لا محالة، ولكل مجتهد عذره فيما يتخذ من الرأي، والأصل فى هذا أن لكل عالم أسلوبه الخاص في الفهم والاستدلال بالنصوص، وبالتالى تختلف الآراء.

ولكن الشيخ رفض بعد ذلك أي تساهل أو مجاملة في مسائل الأصول، وهي مسائل العقيدة الكبرى التي لا خلاف فيها في الأساس، حيث يؤدي الخطأ هنا إلى عواقب جد خطيرة قد تتصل رأساً بمواقف الإيمان والكفر.

إن بعض تلك الوصايا هي مما انطوى عليه الخطاب الجليل الذي بعث به الشيخ محمد بن عبدالوهاب، إلى تلميذه أحمد بن يحي، الذى كان يعمل مطوعا لأهالي ناحية (رغبة)، وكان قد حاور شيخا يسمى سليمان شغب في الدعوة السلفية كثيراً، ونسب الأخير، أي سليمان، إلي الدعوة ما ليس فيها، وهاجمها وأزرى علي على أصحابها، وقد واسى الشيخ محمد بن عبدالوهاب تلميذه قائلاً: " ما ذكرت من طرف مراسلة سليمان فلا ينبغي أنها تزعلك: الأولى: أنه لو خالف، فمثلك يحلم، ولا يأتي بغايته هذا، ولا أكثر منه. وثانياً: إنك إذا عرفت أن كلامه ما له فيه قصد إلا الجَهْدَة في الدين ولو صار مخطئاً، فالأعمال بالنيات والذي هذا مقصده يغتفر له، ولو جهل عليك، ونحن ملزمون عليك لزمة جيدة، وربك ونبيك ودينك لزمتهم لزمة تتلاشى فيها كل لزمة، وهذه الفتنة الواقعة ليست في مسائل الفروع التي مازال أهل العلم يختلفون فيها من غير نكير، ولكن هذه في شهادة أن لا إله إلا الله، و الكفر بالطاغوت، ولا يخفاك أن الذي عادانا في هذا الأمر هم الخاصة الذين ليسوا بالعامة، هذا ابن اسماعيل والمويس وابن عبيد جاءتنا خطوطهم في إنكار دين الإسلام الذي حكى في (الإقناع)[12]، في باب حكم المرتد الإجماع من كل المذاهب أن من لم يدن به فهو كافر، وكاتبناهم ونقلنا لهم العبارات، وخاطبناهم بالتي هي أحسن ما زادهم ذلك إلا نفوراً، وزعموا أن أهل العارض ارتدوا لما عرفوا شيئا من التوحيد وأنت تفهم أن هذا لا يسعك التكفي عنه، فالواجب عليك نصر أخيك ظالماً أو مظلوماً، وإن تفضل الله عليك بفهم ومعرفة، فلا تعذر لا عند الله، ولا عند خلقه، من الدخول في هذا الأمر، فإن كان الصواب معنا فالواجب عليك الدعوة إلى الله، وعداوة من صرح بسب دين الله و رسوله، وإن كان الصواب معهم، أو معنا شيء من الحق، وشيء من الباطل، أو معنا غلو في بعض الأمور، فالواجب منك مذاكرتنا، ونصيحتنا، وتورينا عبارات أهل العلم، لعل الله أن يردنا بك إلى الحق ، وإن كان إذا حررت المسألة إذ أنها من مسائل الإختلاف، وأن فيه خلافاً عند الحنفية، أو الشافعية، أو المالكية، فتلك مسألة أخرى "[13].

وبهذا المنهج المحكم ظل الشيخ يحرر الجدل، ويصفيه مما يشوبه من المعلومات المغلوطة ، التي قد يقوم الخصم بدسها عمداً لتشويه آراء الطرف الآخر، وإضعاف مواقفه لدى عامة الناس. وفي الحق فإن هذا المنحى هو ما لجأ إليه أكثر خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، في حواراتهم ومساجلاتهم مع الشيخ ومع تلاميذه وأتباعه.

وهذا واحد منهم كان يسمى بسليمان بن سحيم، عمد إلى تزويد الأوساط العلمية في كل من البصرة، والأحساء، ببيان تقريري زائف عن آراء الشيخ ودعوته، وصم فيه الشيخ بأنه من أهل الابتداع والضلال، وما ذلك إلا لأنه لأنه قام بتحطيم القباب التي نصبت على قبور الصالحين، وزعم أن الشيخ هدم بعض المساجد الملحقة بتلك القبور، وأنه أحرق الكتاب المشهور المتداول بين العوام بعنوان (دلائل الخيرات)، وزعم أن الشيخ قام بتكفير كل من لم يتبعه في دعوته، ونسب إليه أنه قال أنه لو يقدر على هدم حجرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، لهدمها، وبأنه منع الصلاة على الرسول، صلى الله عليه وسلم، يوم الجمعة وأفتى بأن أجور القضاة هي من قبيل الرشوة[14]، وغير ذلك من الافتراءات الزائفة.

و لما شاع ذلك البيان باختلاقاته المتعددة في مختلف الأنحاء والأرجاء، وجاء الناس من كل حدب وصوب يسائلون الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ويجادلونه على ضوء الحيثيات التي رصدها سليمان بن سحيم، قام الشيخ بفحص متن البيان مبينا عما كان في من جوانب الحق أو البهتان، فذكر أنه احتوى على بعض المسائل الصحيحة التي لا ينكر نسبتها إليه، ولكنه احتوى على اثنتي عشرة مسألة مفتراة يقول الشيخ في تصفية محتويات ما جاء به بن سحيم: " فالمسائل التي شنع بها منها ما هو من البهتان الظاهر وهي قوله: إني مبطل كتب المذاهب، وقوله: إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وقوله: إني أدعي الاجتهاد، وقوله: إني أكفر من توسل بالصالحين، وقوله: إني أكفر البوصيري لقوله " يا أكرم الخلق " ، وقوله: إني أقول لو أقدر على هدم حجرة الرسول لهدمتها، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها، وجعلت لها ميزاباً من خشب، وقوله: إني أنكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: إني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهم، وإني أكفر من يحلف بغير الله. فهذه اثنتا عشرة مسألة، جوابي فيها أن أقول " سبحانك هذا بهتان عظيم "[15].

وبعد أن استبعد الشيخ تلك القضايا المختلقة من مناط الخلاف، أثبت لنفسه خمس مسائل قال إنها حق، وإنها أم المسائل وإنه قد قال بها ثم انبرى يدافع عنها وهي كلها من مسائل التوحيد الذي لا تهاون فيه.

6- أسلوب الشيخ في الحوار:


ومما يلاحظه من يطلع على رسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب، أنه كان في حواره مع خصوم الدعوة وشانئيها يكثر من ضرب الأمثال التصويرية البارعة، حتى يقنعهم بجلال أمر التوحيد، وبشاعة أمر الشرك، ففي حواره الكتابي مع المطاوعة[16] من أهل سدير، والوشم، والقصيم، كان ينعى عليهم استهانتهم ببعض مظاهر الشرك قائلا: " فلا يخفى عليكم ما ملأ الأرض من الشرك الأكبر، عبادة الأصنام: هذا يأتي إلى قبر نبي، وهذا إلى قبر صحابي، كالزبير، وطلحة، وهذا إلى قبر رجل صالح، وهذا يدعوه في الضراء، وفي غيبته، وهذا ينذر له، وهذا يذبح للجن، وهذا يدخل عليه من مضرة الدنيا والآخرة، وهذا يسأله خير الدنيا والآخرة. فإن كنتم تعرفون أن هذا الشرك من جنس عبادة الأصنام الذي يخرج الرجل من الإسلام، وقد ملأ البر والبحر، وشاع وذاع، حتى إن كثيراً ممن يفعله يقوم الليل، ويصوم النهار، و ينتسب إلى الصلاح والعبادة فما بالكم لم تفشوه في الناس ، وتبينوا لهم أن هذا كفر بالله، مخرج عن الإسلام ؟ أرأيتم لو أن بعض الناس أو أهل بلدة، تزوجوا أخواتهم، أو عماتهم، جهلا منهم، أفيحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتركهم، لا يعلمهم أن الله حرم الأخوات والعمات؟ فإن كنتم تعتذرون أن نكاحهن أعظم مما يفعله الناس اليوم عند قبور الأولياء والصحابة، وفي غيبتهم عنها، فاعلموا أنكم لم تعرفوا دين الإسلام، ولا شهادة أن لا إله إلا الله. ودليل هذا مما تقدم من الآيات التي بينها لله تعالى في كتابه، وإن عرفتم ذلك فكيف يحل لكم كتمان ذلك والإعراض عنه: " و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيينه للناس ولا تكتمونه"[17].

و كما يفعل أي محاور حصيف بلفت نظر محاوره إلى ينابيع الأدلة وأصول المسائل، فقد كان الشيخ يقطع حجة خصومه بردهم إلى المراجع الكبرى، للإستزادة من العلم والتأمل في البراهين، ويزيد على ذلك بأن يحذرهم من أن يكون الإستدلال بالقرآن عندهم هزواً. بعد ذلك يعود إلى لغة الحوار الودود، والتناصح المخلص قائلا:" فإن بان لكم في كلامي هذا شيء من الغلو، وأن هذه الأفاعيل لو كانت حراما فلا تخرج من الإسلام، وأن فعل أهل زماننا في الشدائد في البر والبحر، وعند قبور الأنبياء والصالحين، ليست من هذه بينوا لنا الصواب، و أرشدونا إليه! وإن تبين لكم أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، وأن الواجب إشاعته في الناس، و تعليمه الناس والرجال، فرحم الله من أدى الواجب عليه، وتاب إلى الله، أقر على نفسه. فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وعسى الله أن يهدينا وإياكم وإخواننا لما يحب ويرضى. والسلام " [18].

هذه اللغة السمحة التي تنضح بالتواضع والحب، خاطب بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب محاوراً آخر، انبرى لمساجلة الشيخ من منطقة المجمعة، يسمى الشيخ عبدالله بن سحيم، وقد دار الحوار حول مضامين كتاب لشيخ يدعى (المويس) وهنا خاطب الشيخ محمد بن عبدالوهاب محاوره قائلاً: " فقد وصل كتابك تطلب شيئا من معنى كتاب (المويس) الذي أرسل لأهل الوشم. و أنا أجيبك عن الكتاب جملة، فإن كان الصواب فيه فنبهني، وارجع إلى الحق، وإن كان الأمر كما ذكرت لك من غير مجازفة بل أنا مقتصر فالواجب على المؤمن أن يدور مع الحق حيث دار"[19]. وهذ نص كاشف عن القيمة العليا للإستقلال الفكري في نظر الشيخ، وعن دعوة الشيخ الملحة لنبذ الطائفية ولوازمها من عادات التقليد و الجمود والركون اللاواعي إلى مقولات ومذاهب بعض العلماء، بزعم أن مخالفتهم - حتى ولو خالفوا هم الدليل - تشكل خطرا ومروقا عن ربقة وحمى الدين الحنيف!

وقد كان بعض معاصري الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ينكرون عليه يقظته العقلية الحادة تلك، ويتوجسون من تحرره الكامل من قيود التقليد والتبعية المذهبية العمياء، و لذلك فقد أشاعوا عنه أنه خالف جمهور العلماء وفارق جميع المذاهب الفقهية المعروفة.

وتلك تهم لم تخف الشيخ ولم تزحزحه عن مواقفه المتحررة قيد أنملة، وآية ذلك أنه لم ينف عن نفسه تلك التهمة المشرفة، وإنما أثبتها، ولكن نفى ما يلابس تلك التهمة من شبهة اتباع النفس الهوى، وحب المرء الشهرة والظهور، أو الميل المودي إلى إغاظة الجمهور، أو استرضائه، أو النزوع إلى إكتساب بعض المصالح المادية الفانية من خلال إعطاء فتاوى دينية مهزوزة مزورة.

وقد رد الشيخ على من أثاروا في وجهه تلك التهمة قائلاً في سياق من القول لطيف: " ومن العجيب أن يوجد في بلدكم من يفتي الرجل بقول إمام، والثاني بقول آخر، والثالث بخلاف القولين، ويعد فضيلةً، وعلما، وذكاء ، ويقال: هذا يفتي في مذهبين أو أكثر، ومعلوم عند الناس أن مراده في هذا: العلو، والرياء، و أكل أموال الناس بالباطل. فإذا خالفت قول عالم، لمن هو أعلم منه أو مثله، إذا كان معه الدليل، ولم آت بشيء من عند نفسي، تكلمتم بهذا الكلام الشديد. فإن سمعتم أني أفتيت بشيء خرجت فيه من إجماع أهل العلم توجه على القول "[20].

فهذان موقفان متشابهان في الظاهر، ولكن الأتباع المقلدين المتعصبين، المرتهنين في براثن التبعية المطلقة لشيوخهم، يميلون كل الميل لانتحال العذر لشيوخهم في تعالمهم وعبثهم بالأدلة الشرعية، وإطلاقهم الفتاوى الدينية عن محض الغرض والهوى النفسي، أما عندما يحيد الشيخ محمد بن عبدالوهاب عن قول عالم، إلى قول عالم هو أعلم منه أو مثله، فإنهم ينتقدونه لذلك و يشنعون عليه بأقصى نعوت التشنيع!

لم يكن الشيخ محمد بن عبدالوهاب لينقاد إلا للدليل الصحيح الواضح، ولا يخضع إلا للحق الأبلج، ولا يتعصب لرأي بعينه لمجرد أنه قد صدر من جهة هذا العالم أو ذاك. و مصداقا لذلك، فعندما جاء موقف حوار اختلف فيه الشيخ محمد بن عبدالوهاب مع قول للإمام الشافعي رحمه الله في مسألة فقهية مشهورة من مسائل الطهارة، سخر منه عالم آخر قائلا: وهل أنت أعلم من الإمام الشافعي؟! فرد عليه الشيخ محمد بن عبدالوهاب قائلاً: إني أتبع الدليل ، وأتبع من يتبع الدليل، ولا آخذ الحق بلا دليل. وقال في بيانه المنهجي الفقهي لموقفه: " أنا لم أخالف من غير إمام اتبعته، بل اتبعت من هو مثل الشافعي، أو أعلم منه، قد خالفه واستدل بالأحاديث، فإذا قال: أنت أعلم من الشافعي؟ قلت: أنت أعلم من مالك وأحمد ؟ فقد عارضته بمثل ما عارضني به، وسلم الدليل من المعارض، واتبعت قول الله تعالى: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ". واتبعت من اتبع الدليل في هذه المسألة من أهل العلم، لم أستدل بالقرآن أو الحديث وحدي حتى يتوجه على ما قيل"[21].

وعلى إثر ذلك انقلب الشيخ إلى محاوره منتقداً فيه صفة الجمود والتحجر، وعاب عليه أنه و قبيله من الذيليين يحجرون على عقولهم حجراً كاملاً باتباعهم حرفيا قول عالم واحد، يقبلون منه كل ما يقول، ويرفضون قول كل من يختلفون معه في الرأى حتى ولو وافق مخالفوه نصوص الشرع.

يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب لمحاوره في هذا الصدد محذراً: " وإلا فمعلوم أن اتباعكم لابن حجر في الحقيقة، ولا تعبأون بمن خالفه من رسول أو صاحب أو تابع، حتى الشافعي نفسه لا تعبأون بكلامه إذا خالف نص ابن حجر. وكذلك غيركم إنما اتباعهم لبعض المتأخرين لا للأئمة. فهؤلاء الحنابلة من أقل الناس بدعة ، وأكثر (الإقناع) و (المنتهى)[22] مخالف لمذهب أحمد ونصه، يعرف ذلك من عرفه، ولا خلاف بيني و بينكم أن أهل العلم إذا أجمعوا وجب اتباعهم، وإنما الشأن إذا اختلفوا: هل يجب علي أن أقبل الحق ممن جاء به، وأرد المسألة إلى الله والرسول مقتديا بأهل العلم ؟ أو أنتحل بعضهم من غير حجة، وأزعم أن الصواب في قوله؟ فأنتم على هذا الثاني، وهو الذي ذمه الله، وسماه شركا، وهو اتخاذ العلماء أربابا. وأنا على الأول، أدعو إليه و أناظر عليه. فإن كان عندكم حق رجعنا إليه، و قبلناه منكم"[23].

إن الإمام ابن حجر، الذي أشار إليه الإمام محمد بن عبدالوهاب في هذا النص، هو عالم، لفقهه احترام وتبجيل عند الناس عموما، ولكن ما يرفضه الشيخ هنا هو أن يُعطي لهذا العالم أو لغيره من العلماء سلطة معرفية خارقة مطلقة، تضمن لآرائه جميعا القبول والإذعان التام من غير أدنى نقد أو استفهام، وهذا هو ما يتحدث عنه علماء نظرية المعرفة المحدثون تحت مفهوم (مذهب السلطة)، حيث يقبل الناس سائر أنواع المعلومات من شخص معين، متخصص أو مبدع في فرع معرفي معين، ولكن معرفته في الفروع الأخرى عادية أو ضعيفة، ولكن هذا الضعف لا يبدو للناس بسبب السلطان المعرفي الظاهر في جانب آخر. وإذا كان (مذهب السلطة) المعرفي قد ضلل الكثيرين من طلب العلم الدنيوي، حتى قام علماء نظرية المعرفة لتحجيمه ووضعه في حده الصحيح، فقد قام الشيخ محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، بذلك الجهد الرائد من قديم ، حيث رفض أن يتقبل الناس جميع آراء أى عالم من العلماء، لمجرد أنه أثبت رسوخا وتبريزا في فرعه المعرفي أو العلمي، هذا بينما قد تكون معرفته بالفروع الأخرى التي استفتى فيها دون الكفاية بكثير.

إن رأي العالم الواحد مهما كان مبرزا لا يعد في حد ذاته دليلا مستقلا على الأحكام الشرعية كما أشار إلى ذلك بحق الشيخ محمد بن عبدالوهاب في النص آنف الذكر، ولكن إجماع العلماء على رأي معين، بعد دراسته دراسة جماعية عميقة مستفيضة يعد رأيا ملزما للجميع، ويجب حينئذ اتباعه. وذلك هو مقتضى قول الشيخ لبعض محاوريه: " ولا خلاف بيني وبينكم أن أهل العلم إذا أجمعوا وجب اتباعهم، وإنما الشأن إذا اختلفوا: هل يجب على أن أقبل الحق ممن جاء به، وأرد المسألة إلى الله والرسول، مقتديا بأهل العلم؟ أو انتحل بعضهم من غير حجة، و أزعم أن الصواب فيه؟ ".

فالشيخ يفرق هنا بين أمرين اثنين أولهما: اتباع الرأي الذي يتفق عليه جميع العلماء أولي الشأن، وهذا أمر سائغ لا مشاحة فيه، والثاني: اتباع الرأي الشاذ الذي يقول به عالم واحد، من غير دليل كاف يدعمه ويسنده وهذا لا يسوغ ولا يستساغ. إن الاجماع هو إحدى الاليات العظيمة التي يستخدمها جمهور العلماء في الوصول إلى الأحكام الشرعية، وقد سار عليه صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من لدن عهد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حيث كان يحاور في مجلسه العلماء في شئون الحكم المستجدة، مثل حواره لهم في شأن سواد العراق، فإذا أجمعوا على أمر سار عليه و جعله سياسة عامة للبلاد.

إن الاجماع يعرف عند الأصوليين بأنه " اتفاق أهل الحل والعقد من هذه الأمة في أمر من الأمور " [24]، وأهل الحل والعقد هم مجموعة من الفقهاء المجتهدين، وتشمل الأمور التي هي مناط الإجماع مسائل الفقه التي لا نص فيها، ولا تدخل في ذلك مسائل العقيدة لأنها تحتاج إلى نص قاطع من القرآن أو السنة.

ولآلية الإجماع دليلها الشرعي من قول الله تعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا". و قوله صلى الله عليه وسلم " لا تجتمع أمتي على ضلالة"[25]. وقد دأب علماء السلف على قبول إجماع العلماء من العصور السابقة. وكما يقول الشيخ محمد الخضري :" فإن الأمة الإسلامية في عصورها المختلفة قررت أن الإجماع حجة قاطعة، حتى كان فقهاء كل عصر ينكرون أشد الإنكار على من خالف رأي مجتهدي السلف، والعادة تقضي أن مثل هذا الاتفاق لا يكون عن مجرد ظنون، بل لابد أن يكون عندهم دليل مقطوع به "[26]. وهكذا فإذا أدى حوار كبار العلماء إلى اتفاق إجماعي فيما بينهم، فهذا حكم ملزم لا يجوز الخروج عليه، كما ذكر شيخ الإسلام، محمد بن عبدالوهاب، وإما إن ظل الحوار مفتوحا واستمسك كل فريق برأيه، ودليله، فعندئذ لا مشاحة في مخالفة رأي هذا العالم إلى ذاك.

ولم يقطع الشيخ محمد بن عبدالوهاب حواره مع أي جهة قبل أن تبادر هى بقطع حبال الحوار ، فمثلا لم يقطع الشيخ حواره مع حكام وعلماء دولة الحجاز وعلمائها، إلا حيث امتنع أولئك الحكام والعلماء عن حواره وحوار من أوفدهم من العلماء إليهم.

يذكر لنا المؤرخ النجدي الشيخ عثمان بن بشر من أحداث عام 1204 للهجرة أن الشريف غالب، حاكم الحجاز، أرسل خطابا إلى الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، حاكم الدولة السعودية آنئذ يطلب منه أن يبعث إلى بلاطه عالما من أتباع الدعوة الإصلاحية ليحاوره في بعض أمور الدين التي دار عليها الاختلاف، فأرسل إليه الشيخ القاضي عبدالعزيز بن عبدالله الحصين، من كبار العلماء الإصلاحيين السلفيين، وقام الشيخ محمد بن عبدالوهاب بتزويده بخطاب جوابي يحمله معه جاء فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبدالوهاب، إلى العلماء الأعلام، في بلد الله الحرام، نصر الله بهم دين سيد الأنام، عليه أفضل الصلاة والسلام ، وتابعي الأئمة الأعلام، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد : جرى علينا من الفتنة ما بلغكم وبلغ غيركم، وسببه هدم بنيان في أرضنا على قبور الصالحين، ومع هذا نهيناهم عن دعوة الصالحين، وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله، فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البنيان على القبور كبر على العامة، وعاضدهم بعض من يدعي العلم، لأسباب لا تخفى على مثلكم، أعظمها اتباع الهوى، مع أسباب أخرى، وأشاعوا عنا أنا نسب الصالحين، وأنا لسنا على جادة العلماء، ورفعوا الأمر إلى المشرق والمغرب، فأشاعوا عنا أشياء يستحيا من ذكرها، وأنا أخبركم بما نحن عليه، وأن مثلكم ما يروج عليه الكذب، فنحن ولله الحمد متبعون، لا مبتدعون، على مذهب الإمام أحمد، وتعلمون أعزكم الله أن المطاع في كثير من البلدان، لو تبين بهاتين المسألتين أنها تكبر على العامة، الذين درجوا وآباؤهم على ضد، وأنتم تعلمون رحمكم الله، أن في ولاية الشريف أحمد بن سعيد، وصل إليكم الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله، وأشرفتم على ما عندنا بعدما، أحضروا كتب الحنابلة التي عندنا عمدة، كـ (التحفة)، و(النهاية) عند الشافعية، فلما طلب منا الشريف غالب، أعزه الله، ونصره، امتثلنا وهو إليكم واصل، فان كانت المسألة إجماعا فلا كلام ، وإن كانت مسألة إجتهاد، فمعلومكم أنه لا إنكار في مسائل الإجتهاد، فمن عمل بمذهبه في محل ولايته، لا ينكر عليه، وأنا أشهد الله، وملائكته، وأشهدكم، أني على دين الله، ورسوله، و أني متبع لأهل العلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته "[27].

في ذلك النص المفعم بالأدلة، ذكر الشيخ ما أفتعله بعض صغار المطاوعة، ومتحذلقة العلم من تلبيس على العوام، و كيف قاموا بتصوير مسألة هدم القباب على غير حقيقتها، زاعمين أن باعثها الأصلي هو كراهية الشيخ محمد بن عبدالوهاب للصالحين، وهنا قام الشيخ بجلاء الشبهة، وإماطة اللثام عن خبيئة الأمر، وذلك حتى تنجلي الحقيقة وتتجلى عارية للعيان، فإن باعث الشيخ الأصلي، ما كان سوى مكافحة الشرك، وتقرير التوحيد، وتجريده. وأما الصالحين فإنه كان يكن لهم كل المحبة والتوقير، ولكن في إطار مقامهم البشري، ونطاق عبوديتهم لله رب العالمين، إذ لا يجوز أن تجر محبة الصالحين إلى تقديسهم أو تأليههم، أو نسبة العبادة إليهم، أو دعائهم، أوالتوسل بهم.

وفي أدب لبق شفاف جاء خطاب الشيخ الموجه إلى شريف مكة، يقرر ثقته في عقل الشريف، وأنه لا يمكن أن ينطلي عليه الكذب أو التغرير الذي هو بضاعة أعداء الدعوة السلفية في الطارف والتليد، ثم يؤكد استعداد مبعوثه للحوار الحر انطلاقاً من كتب الحنابلة، مع القبول والإذعان لما يرد في كتب الشافعية كذلك، ثم ليؤكد للشريف أنه سيسلم لا محالة لأي مسألة فقهية انعقد عليها الإجماع، كما أنه مستعد لتقديم العذر لمن يخالفه في ما دون ذلك من المسائل الخلافية، فلا ينكر عليه رأيه، كما يأمل في الوقت نفسه أن يتحلى الآخرون بنفس الأدب، فلا ينكروا على الحنابلة ما تقرره كتبهم في مسائل الخلاف.

ثم يخطو الشيخ محمد بن عبدالوهاب خطوة كبرى في سبيل تسجيل موقف استراتيجي في علاقات الإمارات، والدول، والكيانات الإسلامية، وهو ما سجله في كلمته الجامعة المانعة حين قال: " فمن عمل بمذهبه في محل ولايته لا ينكر عليه "، وبمقتضى ذلك يتعايش الناس بوئام حتى في ظلال أجواء الخلاف، و لا يتطاحنون لمجرد اختلافهم في مسائل فرعية قابلة بطبيعتها لكى تتباين وجهات النظر إليها ، وتستجيب لمختلف المداخل في تحليلها، ومن ثم اتخاذ آراء متعارضة فيها. لقد قدم الشيخ محمد بن عبدالوهاب في تلك الوثيقة التاريخية الآسرة ميثاقا رائعاً لتعايش الآراء و تحاورها. ولكن بطانة الشريف من العلماء وقد أحست بعجزها عن مناظرة العلماء من أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب لجأت إلى اجهاض محاولة الحوار، و ذلك بالرغم من التنازلات والتعهدات الكثيرة التي بذلها لهم الشيخ في ذلك الخطاب لأجل إنجاح الحوار.

ويلخص لنا الشيخ المؤرخ عثمان بن بشر كيف أجهضت أطراف التخلف والعجز تلك البادرة قائلاً: " فقدم القاضي عبدالعزيز مكة المشرفة، فأكرمه غالب، واجتمع به مرات، وعرض عليه رسالة الشيخ، فعرف ما بها من الحق، فأذعن الشريف وأقر بذلك، وطلب من عبدالعزيز حضور العلماء للمناظرة في التوحيد، فأبوا وقالوا : هؤلاء يريدون أن يقطعوا جوايزك ، التي من أجدادك ، ويملكون بلادك، فارتعش قلبه و طار لبه "[28]. وبسبب من تلك النوازع والمطامع الدنيوية الهابطة ضاعت فرصة من أطيب فرص الحوار في التاريخ الإسلامي الحديث.

ومما يذكر في مجال الحوار الذي برز فيه الشيخ محمد بن عبدالوهاب فارسا مقداما أنه كتب كتابا مستقلا سماه (كشف الشبهات) وهو جملته ردود مكثفة على من ناوشوه بالتهم والشبهات، حيث لخص تلك الشبهات والتهم تلخيصا منهجيا محكما، ثم شرع في الرد عليها واحدة واحدة، بمنطق متماسك رصين، مرصع بالأدلة الباهرة.

وكانت معظم تلك الشبهات قد أثيرت حول آرائه في العقيدة ، فقام بعرض تلك الأراء عرضاً مجرداً و بصورة بالغة الحيوية.[29] وقد ثارت معظم تلك الشبهات فيما يبدو حول محتويات كتابه الذي سماه (كتاب التوحيد الذي هوحق الله على العبيد) وبالتالي يمكن حسبان كتاب الشبهات بمثابة (مذكرة تفسيرية) لكتاب التوحيد، وأسلوب تلك المذكرة التفسيرية الحوارية ربما بدا لبعض قراء اليوم أقوى أسلوبا و أكثر إقناعا من أسلوبه في كتاب التوحيد، مع أن أسلوبه في ذلك الكتاب كان هو الآخر كان أسلوبا محكما، ولكن الأسلوب الحواري يعطي الآراء والأفكار قوة تأثيرية أكبر من أسلوب العرض العلمي الأكاديمي الرصين.

وقد نجح الشيخ محمد بن عبدالوهاب في إقناع الكثيرين من المرتابين خلال ذلك الحوار، ثم بقيت نصوصه تشرح لكل من غمضت أو غامت عليه مسائل في النص الأصلي في كتاب التوحيد، كما بقيت روح تلك المناقشات دليلا هاديا للحوار الرشيد، تذكر الناس بتلك القدوة المثلى في آداب الحوار.

خاتمة:


إن الإنسان المسلم يسعى أبدا للحوار لأنه الكاسب أبدا في أي حوار حر متكافيء وإن الإنسان المسلم المرتبط بقراءة آي القرآن الحكيم، ومطالعة أحاديث النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم ، ودراسة تاريخ السلف الصالح يدرك أهمية مبدأ الحوار في نمو نضوج المجتمعات الإنسانية قاطبة، ذلك أن آلية الحوار هي إحدى أفضل آليات استطلاع واختبار وتمحيص الآراء، وتبيين الحق من الباطل.

وما كان الشيخ محمد ين عبد الوهاب، سوى عالم من جملة ورثة هدى السلف الصالح، في التزام مبدأ الحوار لنشر الدعوة، وعرض محاسن الدين القويم، ولذلك فقد استخدم آلية الحوار، والتزم بآدابها على امتداد تاريخ جهاده الدعوي الإصلاحي، الذي قام من يومه الأول على حوار هذا الداعية الرائد مع كل من أبيه، وأخيه، الذين اختلفا معه من منطلقين مختلفين، ومع جمهرة من أهل الرأي، من مختلف المذاهب، في كل بلد حل فيه.

وعلى نفس الخطى سار تلاميذ الدعوة السلفية، يحاورون الناس جميعا، من عامة، وعلماء، وحكام. وفي أشد ساعات المحنة والمواجهة وفي لظى المعارك فقد حافظ هؤلاء الأتباع على رباطة جأشهم، ولم ينفعلوا، ولم يخوروا، وإنما سطعت عقلانيتهم، وتألقت مهاراتهم في الحوار الموضوعي بما أثار إعجاب الخصوم!

لقد كان أتباع الدعوة السلفية النجدية، على عكس ما هو مشهور عنهم، من صور تمطية متعنتة متعصبة، من أكثر الناس إلحاحا على طلب الحوار. وذلك لأنهم أيقنوا أن الحوار كفيل بتبرئة ساحتهم من الإتهامات، والتشكيكات المثارة ضدهم. وقد عهدوا لآلية الحوار مردودا إيجابيا كلما انخرطوا في حوار متكافيء مع الآخرين، حيث كان التبادل الحر الصريح للأفكار، يسهم جيدا في تذويب رواسب الآراء المتحيزة والانطباعية ضد الدعوة السلفية وحملتها، وهي رواسب استقرت منذ زمان طويل في كثير من الأذهان التي تعرضت لرأي واحد، هو رأي خصوم هذه الدعوة، وبقي عليهم أن يستمعوا للإصلاحيين السلفيين وهم يدافعون عن أنفسهم ويذودون عن دعوة الحق افتراءات الخصوم.


----------------------
[1] عبدالله القصيمي، الصراع بين الإسلام والوثنية، بدون ناشر، القاهرة، 1405هـ ص 677.
[2] في نقد ابن تيمية لمقالات محي الدين بن عربي الواردة في كتابه فصوص الحكم، يقول: " وهي مع كونها كفراً فهو اقربهم إلى الإسلام، لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد كثيراً، ولأنه لا يثبت على الاتحاد ثبات غيره، بل هو كثير الاضطراب فيه، وإنما هو قائم مع خياله الواسع الذي يتخيل فيه الحق تارةً والباطل أخرى. والله أعلم بما مات عليه ". مجموع الفتاوى، الجزء الثاني، ص 143.
[3] راجع استعراض بن تيمية لأقوال أبي الحسن الأشعري الواردة في كتابه الإبانة في أصول الديانة، وذلك في الجزء الخامس،ص90-96.
[4] أحد تلك الأسباب العشر ألا يكون الحديث النبوي قد بلغ إلى ذهن العالم، ومن لم يبلغه الحديث، لم يكلف أن يكون عالماً بموجبه، والثاني: أن يكون الحديث قد بلغه، ولكنه لم يثبت عنده، بسبب أن أحد رجال الاسناد مجهول عنده، أو متهم، أو سيء الحفظ. والثالث: أن يعتقد العالم ضعف الحديث باجتهاد يخالفه فيه غيره من العلماء، وقد يكون الصواب معه أو مع غيره. والرابع: أن يشترط العالم في خبر الواحد العدل الضابط شروطاً قد يخالفه فيها غيره من علماء الحديث. والخامس: أن يكون الحديث قد بلغه من قبل، وثبت عنده، ولكنه نسيه عندما اصدر الفتوى في الموضوع. السادس: ألا يعرف العالم دلالة الحديث بسبب غرابة ألفاظه. والسابع: أن يعتقد العالم ألا دلالة في الحديث تجاه موضوع الفتيا. والثامن: أن يعتقد أن تلك الدلالة قد عارضها ما دل على أنها ليست مرادة، مثل معارضة العام بخاص، أو المطلق بمقيد، أو الأمر المطلق بما ينفي الوجوب، أو الحقيقة بما يدل على المجاز، والتاسع: أن يعتقد العالم أن الحديث معارض بما يدل على ضعفه، أو نسخه، أو تأويله، إن كان قابلاً للتأويل. والعاشر: أن يعارض العالم الحديث بما يدل على ضعفه، أو نسخه أو تأويله، مما لا يعتقد غيره، أو جنسه معارضاً ، أو لا يكون في الحقيقة معارضا راجحاً، كمعارضة كثير من الكوفيين الحديث الصحيح بظاهر القرآن. هذا ويمكن مراجعة التفصيل المهجي الدقيق لهذه الأسباب المنهجية العشر لاختلاف العلماء في الرسالة اللطيفة التي تحمل عنوان (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) في المجلد الثاني والعشرين من مجموعة فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية، وهي مطبوعة أيضاً طبعات كثيرة في شكل كتيب صغير.
[5] شيخ الاسلام أحمد بن تيمية ، مجموع الفتاوي، مرجع سابق، المجلد الثامن والعشرون، ص 52-53.
[6] استند محمد جلال كشك في ذلك على قول المؤرخ المصري عبدالرحمن الجبرتي في يوميات شهر ربيع الثاني 1222هـ: " إن الوهابي وزع كراسة يرد فيها على اتهامات المخالفين له ". وعلق محمد جلال كشك على ذلك قائلا: "ولعلها أول محاولة عربية لكسب رأي عام عربي لقضية عربية، فلا ندخل في حسابنا دجل نابليون وإفك مطبعته المرفوض من الشعب (إن) كراسة الوهابي هي أول منشور مكتوب على نطاق العالم العربي... ولابد انها كانت قوية التأثير اذا ما حكمنا بنتائجها على تفكير الجبرتي ومواقفه. راجع الكتاب القيم: (السعوديون والحل الإسلامي) الصادر عن دار نشر Halliday: West Hanover ، 1981، ص 178.
[7] محمد بن عبدالوهاب، الرسائل الشخصية ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب، المجلد الخامس، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، الرياض 1398هـ،، ص 144.
[8] المرجع السابق ، ص 145.
[9] عبدالله الصالح العثيمين، تاريخ المملكة العربية السعودية، الرياض 1419هـ. المجلد الثاني، ص 82.
[10] من طرائف ما يروى في هذا الشأن أن شيخا هنديا كان يجلس لتعليم مريديه بعض أبواب العلم وكان يبدأ كل مجلس من مجالسه بنقد الشيخ محمد بن عبدالوهاب و سبه سباق فبيحا و كان بنسب اليه ابشع انواع البدع والمخالفات اليه : فتوسل اليه واحد من حضور المجلس بحيلة تقضي على تحامل ذلك الشيخ الهندي من الجذور فاتاه نسخة عارية من الغلاف لكتاب "التوحيد الذي هو حق الله على العبيد" و طلب إليه ان يقرأه ثم يقومه على ميزان الشرع ، فقرأه الشيخ واعجب به أشد الاعجاب وامتدحه لتلميذه الذي أتى به فلما سمع التلميذ تلك الاجازة وذلك الاطراء بادر الشيخ بسؤال آخر وهو: ماذا تقول إذا أخبرتك ان هذا الكتاب من تأليف الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الذي سمعتك تسبه في كل مجلس علم حضرته بين يديك، فبهت العالم الهندي وانتبه إلى أنه كان متورطا في كراهية الامام محمد بن عبدالوهاب عن غير وجه حق، وأنه لم يكن قد قرأ كتاباته الاصلية و إنما سمع و لأقوال شائني الشيخ وكارهيه و نقاده عن غير وجه حق و استجاب لتلك الأقاويل من دون اختبار أو تمحيص، ثم آلى على نفسه أن يستغفر لذنبه و يستغفر للشيخ محمد بن عبدالوهاب في كل مجلس علم عقده بعد ذلك .
[11] محمد بن عبدالوهاب، الرسائل الشخصية، مرجع سابق، ص 41.
[12] الإقناع كتاب في فقه السادة الحنابلة.
[13] محمد بن عبدالوهاب، الرسائل الشخصية، مرجع سابق، ص 300-301.
[14] حسين بن غنام، تاريخ نجد، تحرير وتحقيق ناصر الدين الأسد، بيروت 1402هـ. المجلد الثانى، ص 79-81 .
[15] المرجع السابق، ص94-95
[16] المطاوعة هم المعلمون.
[17] حسين بن غنام، تاريخ نجد، مرجع سابق، ص 53.
[18] المرجع السابق، ص57.
[19] المرجع السابق، ص57.
[20] المرجع السابق، ص 24.
[21] المرجع السابق، ص17.
[22] منتهى الإرادات كتاب في فقه السادة الحنابلة.
[23] محمد بن عبدالوهاب، الرسائل الشخصية، مرجع سابق، ص 17.
[24] هذا التعريف للإمام شهاب الدين القرافي، في كتابه تنقيح الفصول في الأصول، المطبعة المنيرية ، القاهرة 1306 هـ، ص 140.
[25] رواه ابن ماجة والترمذي.
[26] محمد الخضري، أصول الفقه، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، 1389هـ، ص 287. راجع أيضاً كتاب شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول للإمام شهاب الدين القرافي، دار الفكر، القاهرة 1393هـ، ص 322- 345.
[27] عثمان بن بشر، عنوان المجد في تاريخ نجد، وزارة المعارف، الرياض، 1370هـ، ص 76.

المصدر : مجلة البيان

 

دعاوى المناوئين

  • ترجمة الشيخ
  • حقيقة دعوته
  • ما قيل في الشيخ
  • أثر دعوته
  • كتب ورسائل
  • مؤلفات في دعوته
  • مقالات ورسائل
  • شبهات حول دعوته
  • صوتيات
  • english
  • الرئيسية