كيف يستطيع إنسان أن يعبد الله إلا بشريعة من الله موحاة إلى أنبيائه عليهم
الصلاة والسلام.
لكن متى ما عبث أحد في هذا الموروث بالتأويل دون الرجوع لما عليه الأصل فلاشك
أن المنهج سيكون متناقض يبعث الحيرة في نفوس متبعيه ، فقد قال عليه
الصلاة والسلام ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)
فإذا جاء أحد من الخلف ليشكك في هؤلاء الخلفاء أو في أحد منهم هنا يتبين أنه
صاحب هوى يري الإستأثار بهذا المنهج لنفسه كي يحرف ويصرف فيه كيفما شاء بناء
على رؤيته القاصره ويملي ذلك على أتباعه.
ومن هؤلاء علماء الإباضية عندما نبذوا ظاهر القرآن واشتغلوا في تحريف معانيه
وتكييفيه كيفما يروق لهم ، فقد تسبب ذلك في حيرة أتباعهم عندما أصطدموا في
التناقض العجيب وهي النتيجة الطبيعية لهذا الإنحراف .
ولكي نبين شيء من ذلك فإني بمشيئة الله سأجعل هذا الموضوع على حلقات حتى نوقض
الحس في أتباع الفرقة الإباضية للبحث عن الحق متخطين التبيعة العمياء لعلماء
الضلال.
عندما يريد الإباضي الدعاء فإنه يرفع يديه
للسماء ، لكن حينها يتذكر أن منهج شيوخه لا يعترف بأن الله فوق السماء
السابعة ، عندها يحتار أين الله قبل أن أناجيه فلا يجد جواب بل إن مجرد
السؤال عن (أين الله ) مرفوض .
فيعلم حينها أن رفع يديه مجرد عبث وأن عليه أن يبحث عن وجود خالقه قبل أن
يدعوه .
عندما يرى الإباضي من حوله من إخوانه
وأقاربه ممن هم يشهدون بشهادة التوحيد ويقيمون الصلاة ويصومون ويزكون ويحجون
ويعملون الأعمال الصالحة من بر للوالدين وصلة لأرحام والتصدق على المساكين
غير أنهم متلبسين بكبيرة مثل الإسبال أو شرب الدخان أو غيرها من الكبائر فيرى
الحكم الجائر في منهج بني قومه ومشائخه أن هؤلاء إن ماتوا على كبيرة فلا عبرة
بتوحيدهم ولا صلاتهم ولا سائر عباداتهم وقرباتهم متأولين بتكلف قوله تعالى
(إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء) كل ذلك لتبعد الرحمة
والمغفرة عن من مات من هؤلاء وهو على كبيرته زاجين بهم مع زمرة الكافرين
الذين لم يسجدوا لله سجدة لا فرق بينهم وبين فرعون وهامان وكأن حالهم حال
المنافقين الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان (وهم من ذلك براء) بمعاملتهم
لهم في الدنيا على أنهم من أهل الإسلام وفي الآخرة من أهل النيران خالدين
فيها كما المنافقين والكفر غير أن الاختلاف في الدركات فقط ،
وهم بهذا الحكم الجائر يبصر الإباضي المسكين في منهجه الذي يتبعه خلل حيث يرى
فيه أنه لا عبرة للأية التي سبقت ولا بقول الله عز وجل (فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) وقوله تعالى ( إن الله لا يظلم مثقال
ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤتي من لدنه أجراً عظيما) فيعيش في حيرة هذا
التناقض العجيب الذي يجعل من المسلمين في الآخرة كالكافرين سواء بسواء لا فرق
بينهم في المصير إن ماتوا على كبيرة.
ومما يصيب الإباضي بالحيرة من هذا
المنهج الذي يعيشه بتناقضاته ؛ كونه يرى هذا الحكم الجائر على المسلمين الذين
يعملون الكبيرة بزجهم في النار مع الكفار خالدين فيها أبداً لا ينفعهم توحيد
ولا صلاة ولا زكاة ولا حج ولا بر ولاصدقات ، أقول ومما يبعث في نفسه حيرة أنه
إذا ماتوا المصر ين على الكبيرة فإن بني معتقده يصلون عليهم ، فيحتار كيف
يصلى على من مات مصر على كبيرة وموعده النار خالداً فيها .
و ما تنفعه الصلاة عليه ما دام أن معتقدهم يحكم فيه وأمثاله بالخلود في النار
، هل الصلاة عليه مجرد عبث ؟!!!!!!!
أم هي كما يزعم بعضهم تنفع المصلي فقط ولا تنفع المصلى عليه؟!!!
إذاً لماذا لا يصلون على كل من مات حتى لو كان كافراً لأنهم تماثلوا في
المصير ؟!!
أليس النفع يعود فقط على المصلي ؟!!!!
ثم ما عساهم يدعون له في صلاتهم وقد مات على كبيرة (مثل من يموت مخمور)
أيدعون له بالرحمة؟!!
هذا تناقض عجيب يبعث في النفس الحيرة ، لأن في معتقدهم ، أن مصير من مات على
الكبيرة النار خالداً فيها ، لا ينفعه توحيد وأعماله فكيف ينفعه بعد ذلك دعاء
المصلين له !!!!!!!
حكم جائر ، يقابله صلاة لا يمكن أن يقال عنها إلا أنها مجرد عبث لا ينفع ،
وهذا محال في دين الله الحق.
وكذلك مما يصيب الإباضي بالحيرة أنه حينم
يرغب في التدين وهو ملازم لكبيرة لا يستطيع تركها فإن الحكم الجائر على
أمثاله – في ديانتهم- يقف عائقاً دون التزامه فهو مهما عمل من الصالحات مادام
مقترفاً لهذه الكبيرة فلن تنفعه وفي الأخرة هو والكافر في المصير سواء ، فيرى
أنه لا طائل من قيامه بالأعمال الصالحة (شهادة التوحيد ، صلاة ، صيام ، حج ،
… الخ ) فيعزف عنها لحين أن يفلح في ترك الكبيرة فإما أن ينجح في تركها أو
يسوف إلى أن يدركه الموت على حال أسوء من لو كان عاملاً بالأركان مع اقترافه
الكبيرة كأن يموت مرتداً .
ومنهم من يتخذ قرار حاسماً من أول وهلة ؛ بأن يستمر على كبيرته ويضيف إليها
الكفر بالله من ترك للصلاة والسخرية بأهل الدين …. الخ ، ويعمل كل ما يحلوا
له لأنه يرى أن من المحال تركه لكبيرته ، ومصيره المحقق إلى النار خالداً
فيها سواء كان مسلم أم كافر.
ومما يوقع الإباضي في حيرة ويحول بينه
وبين رغبته في التدين بسب الشك في المنهج ؛ نصوص من شيوخ الإباضية وعلمائها
تناقض الأصل الذي هم عليه ، فمع حكمهم الجائر على صاحب الكبيرة الذي يموت مصر
عليها مع أنه على التوحيد ويقوم بالأركان كونه يخلد في النار ولا يدخل الجنة
أبداً ، إلا أنه يجد نص لأحد علمائه وهو صاحب كتاب (بداية الإمداد على غاية
المراد في نظم الإعتقاد) / سليمان بن محمد بن أحمد بن عبدالله الكندي في صفحة
78 يقول فيه ما نصه :
((فيجب القطع بأن من ثبتت ولايته بالحقيقة هو من أهل الجنة قطعاً ولو فعل ما
فعل في حياته ولو ارتد والعياذ بالله ومات على ذلك في رأي العين وأنت على
رأسه ولم تعلم منه توبة يجب عليك القطع بسعادته الأبدية))
ووجه الحيرة أنه يناقض ما سبق ويعتقدونه من أن من يموت موحد مقيم للأركان فهو
في النار خالداً مخلداً فيها مادام أنه مات مصر على كبيرة في حين أن الكندي
يرى العكس بل يرى أن من يموت مرتد والعياذ بالله وليس فقط مرتكب للكبيرة في
رأي العين وأنت على رأسه ولم تعلم منه توبة يجب عليك القطع بسعادته الأبدية.
في حين أن الإباضي تعلم من شيوخه أن
الإستعاذة بالمخلوقين شرك وأنه لا يجوز الإستعاذة بغير الله ؛ إلا أنه يجد في
مسندهم مسند الربيع بن حبيب حديثاً برقم 652 هذا نصه :
(روى أبو عبيدة عن جابر عن أبي هريرة أن رجلا من أسلم قال ما نمت الليلة قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي شيء قال لدغتني عقرب فقال عليه السلام
أما إنك لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات العامات من شر ما خلق لم
يضرك شيء إن شاء الله )
وشيوخه يقولون أن كلام الله (القرآن) مخلوق ، فيقع في حيرة إزاء هذا الإعتقاد
الذي يجعل من الرسول صلى الله عليه وسلم داعياً إلى الشرك بنص الحديث ، وهذا
محال .
فهل يصدق شيوخه ويقول أن القرآن مخلوق فيقع على أثر ذلك إن استعاذ به في
الشرك ، أم يصدق ماورد في مسند الربيع بن حبيب من أن القرآن ليس بمخلوق
بإمارة أن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على الإستعاذة بكلمات الله التامات
والقرآن كما هو معلوم كلام الله.
والشكر موصول للأخوين : ماجد المبارك وأبو
بثينة .
حيث بينوا ذلك في هذا الموضوع :
سؤال للإباضي ....... فقط للإباضية