اطبع هذه الصفحة


خمسة أسباب للنجاح في التدريس


بسم الله الرحمن الرحيم
 


لقد التمست الوصلة إلى النجاح في أسباب خمسة كلها معلوم بالضرورة،مؤيد بالطبع، ولكن العلم غير العمل، والرأي خلافالعزيمة، والتجربة وجود الفكرة وواقع الحقيقة

1 - مواصلة وإدمان النظر :
فلم أترك كتابا في المواد التي أدرسها حتى تقصَّيته أو ألممت به واستفدت منه، وكان جدوى ذلكعلي وثوق الطلبة بما أقول، وظهور التجديد فيما أعمل، وتصريف الدرس وتنويعه على ما أحب، ولن تجد أشفع للمدرس منسعة اطلاعه وغزارة مادته.

٢ - إعداد الدرس وأداؤه:
وكان يعنيني على الأخص ربطه بالدروس السابقة، والسير فيه مع الطلاب خطوة خطوة على الطريقةالاستنتاجية inductive، ثم تلخيصه بطريق الأسئلة، فكان من حسن إعداده أن ملأت الوقت كله به، فلم يعد فيه فراغ لعبثعابث ولا تجنّي سفيه، وجررت إليه أذهان الطلاب بالتشويق والتطبيق والسؤال فلم يصبهم سأم ولا ضيق، وشغلتهم عنأنفسهم وعني فلم يفرغوا لاصطياد نكتة ولا لالتماس غميزة، وليس أعون على حفظ نظام الفصل من ملء الوقت بالمفيد الممتع،ولا أضمن لجودة شرح المعلم وحسن استماع التلميذ من فهم الموضوع.

٣- مسايرة الترقي:
فلم أتشبث بالقديم، ولم أتعصب للكتاب، ولم أُعن إلا بما له قيمة عملية، فالموضوعات منتزعة من حياةالتلميذ وحال المجتمع، والأمثلة مستنبطة من أساليب العصر ومواضعات أهله، والبحث حر في حدود المنطق، يقوم على أساسالتحليل والنقد والموازنة. وفي تشابه الفكرة والنزعة والغاية توثيق الصلة بين المعلم والمتعلم.

٤ - حسن الخلق:
ولعمري ما يؤتى المعلم إلا من إغفاله هذه الجهة، فالادعاء والتظاهر، والكبرياء والتفاخر، والبذاء والتنادر،والكذب والتحيز، والكسل والتدليس، آفات العلم وبلايا المعلم. وما استعبد النفس الشابة الحرة كالخلق الكريم، ولا يسَّر تعليمهاوتقويمها كالقدوة الحسنة، ناهيك بما يتبع ذلك من جمال الأحدوثة واستفاضة الذكر، وهما يزيدان في قدر المعلم واعتباره،ويغنيان التلاميذ الجدد عن اختباره.

٥ - قوة الحزم:
فكنتُ ألين في غير ضعف، وأشتد في غير عسف، وأسير بالطالب إلى الواجب عن طريق ضميره وحسه، لا عنطريق تأنيبه وحبسه، وأجعل رضائي عنه غاية ثوابه، وسخطي عليه غاية عقابه، وأعده الوعد فلا أذهل عن تنجيزه، وأحكم عليهالحكم فلا أنكل عن تنفيذه، وأستعين على فهم عقليته ودرس نفسيته بإنشائه، فأعامله بما يوائمه وأعالجه بالدواء الذي يلائمه.

كل ذلك يُسعِدُه طبعٌ غالب، ورغبةٌ حافزة، ومرانةٌ طويلة، وقدرٌ من الله جعلني أجد سعادتي وراحتي في الفصل وبين الطلاب،أكثر مما أجدهما في البيت وبين الأصحاب، ولكن المعلمين وآسفاه كما بدأهم الله يعودون!، فليت شعري هل يكون الدرسالأخير في مبدأ مماتي، كما كان الدرس الأول في مبدأ حياتي؟!


من كتاب : ذكرى عهود ، أحمد حسن الزيات

 

 
  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية