السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد .....
ليس المحب من يرى صاحبه غارقاً في اليم فلا يمد إليه يداً تنقذه من الموت
....
وليس المحب من يرى أخاه جريحاً فلا يضمد جراحه ...
إنما المحب من يخشى على صاحبه الهلاك ومن سبل الغواية ...
وحتى نجد نحن المحبين ساحة تسمع فيها الكلمة التي تنطق بها أفواهنا قبل أن
يأتي علينا يوم لا نستطيع فيه إليكم سبيلا ...
قررنا أن نكتب إليكم هذه الأسطر نحاول جهدنا علّنا نعذر أمام الله وعلّ هذه
الحروف تلامس قلوباً نخشى عليها من غضب الواحد القهار ...
ونخاف عليها سخط الجبار ...
استدراكاً منا لها قبل أن يأتي عليها يوم لا تستطيع فيه الرجوع ...
ولا ينفع بعدها الندم بعد الوقوع ...
فيا من نحب لهم الجنة ونخشى عليهم من النار ...
اسمعوها كلمة نخاطب فيها أفئدتكم وضمائركم الحية
إنها دلائل ...
سطرتها الأيام عبراً لمن يعتبر ...
فاسمعوها فإنكم ولا شك تخشون أن تكونوا عبرة لغيركم ...
وترفضون أن تصبحوا " قصصاً " تتداولها الألسن ...
ويتسلى بسردها رواد المجالس ....
اسمعوا هذه فإنها ليست من كلام بشر يعتريه النقص أو الخلل ...
بل قول عزيز مقتدر يقول في كتابه الكريم " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً
ضنكاً .... "
قولٌ حق لا يعتريه شك في أي جنب من جوانبه لأنه قول رب العزة والجلالة تؤمنون
بمصداقيته إيماناً مطلقاً ....
وقد آمن به غيركم ولكن هذه الآية لم تتجاوز مسامعهم فلا عقلٌ وعى ولا قلبٌ
اهتدى حتى حلّ الضنك تلك النفوس وتمكن منها بعد فوات الأوان وبعد طريق طويل
كان الرجوع فيه ممكناً إلا أن إبليس أبى إلا أن يرى تلك الحتوف المؤلمة التي
مهّد لها الفن وشق طريقاً واسعاً إليها بل وحفر لها قبوراً من اليأس والبؤس
....
فلنعرج على بعض منها طلباً للعبرة واستخلاص ما يعيننا فيه على الرجوع إلى
طريق النجاة ...
نجاة الأنفس من جحيم الهوى واتباعه...
ولنحلق قليلاً مع الدكتور فاروق العمر في سماء مقاله " مصير أهل الفن " الذي
ذكر فيه صوراً لمصير كثير من الفنانين من الذين فاقت شهرتهم الآفاق ووصلت
ثرواتهم إلى مالا يعد أو يحصى من الأموال ولكن الأمور حقاً بخواتيمها ....
فهنا " الممثل المصري المعروف
" إسماعيل ياسين "
الذي أضحك الملايين بأدوراه الهزلية لم يخرج
من الدنيا إلا بثمن كفنه الذي كفن به ومات مفلساً فقيراً ترك لابنه من بعده
ديوناً مالية كبيرة يصعب سدادها إلا بعد سنوات طوال.
والممثل " أمين الهنيدي "
المسرحي المعروف والذي مات في المستشفى بعد
مرض عضال لم يستطع أهله استخراج جثته لأن ذويه لم يدفعوا مصاريف علاجه والتي
قدرت بـ " 2000 " جنيه فقط .
" عبد السلام النابلسي "
الذي أرسله والده إلى مصر للدراسة في الأزهر
الشريف ولكنه اتجه للفن وأهله حتى أصبح مشهوراً فيه ولكنه أيضاً مات فقيراً
ونسيه الذين أحبوه وصفقوا له.
" نهاد قلعي "
الممثل السوري المعروف رفيق " دريد لحام "
الملقب بـ " غوار الطوشي " هذا الممثل المعروف قد ضرب على رأسه بعصى أصابته
بالشلل وقضى بقية عمره طريح الفراش هجره أصدقائه ورفقاء دربه ومات فقيراً
معدماً بعد أن باع كل شيء يملكه ليعالج نفسه من مرض الشلل .
" حسن الإمام "
هذا المخرج السينمائي المعروف لقي نفس المصير
الذي لاقاه نهاد قلعي فلقد باع كل ما يمتلكه حتى اضطر لبيع ساعة يده ليشتري
بها لقمة تسد رمقه وجوعه ثم مات بشكل بائس بعد أن كان ثرياً يجمع الملايين في
كل عمل من أعماله.
" ليلى مراد "
الفنانة المعروفة ماتت فقيرة معدمة بعد أن
فقدت شبابها وجمالها وشهرتها وعاشت في ضنك من العيش شديد وحيدة حتى وافتها
المنية في شقتها في القاهرة.
" عقيلة راتب "
التي أصيبت بالعمى وفقدت كل أموالها التي
كانت تملك وأقعدها المرض والعمى في منزلها حتى وافاها الأجل وهي على هذه
الحال البائسة.
" زهرة العلا " و " مريم فخر الدين "
بيعت ممتلكاتهما في المزاد العلني حتى هددت
مريم فخر الدين بأنها سوف تتحجب !! إن لم يسندوا إليها أدواراً ولو كانت
صغيرة وتافهة! ولم تقل ذلك إلا لحاجتها للمال حتى تستطيع البقاء على قيد
الحياة مجرد الحياة فقط !!
وقد تقاعد
" يوسف وهبي " و " أمينة رزق " و " فاطمة
رشدي "
على معاش تقاعدي يبلغ ( 32 ) جنيهاً ثم رفعها
إلى مائة جنيه مصري فقط !!
وسندريلا الشاشة العربية
" سعاد حسني "
التي كانت تتقلب في النعيم الدنيوي والشهرة
والأضواء في فترة الستينات والسبعينات عاشت في سنواتها الأخيرة تتجرع الأحزان
والآلام والمرض بعدما عجزت عن دفع تكاليف علاجها في لندن وقد كانت تصرف
الآلاف على فساتينها ومكياجها وسفراتها ولكنها بعد ذلك عاشت حياة الكفاف
والفاقة والعوز قبل أن تنتحر كما ذكرت أكثر من صحيفة عربية ذلك وسينساها
الناس كما نسوا غيرها في دروب الحياة ...
وهناك اليوم
" والكلام لم يزل للدكتور فاروق العمر "
أربعمائة فنان يعيشون على القروض والصدقات وقد مات زميلهم الممثل " عماد حمدي
" حسيراً كسيراً لا يملك لقمة العيش معزولاً عن الناس وزملاء المهنة!
والصور لم تنتهي أخي فسنة الله تعالى ماضية في خلقه " وتلك الأيام نداولها
بين الناس" ....
فلتتفكر أخي ويتفكر كل من سلك هذا الطريق وليسأل نفسه هل هو طريق يرضي الله
تعالى ويجلب السعادة الحقيقية التي ينشد ؟
أم أنها مجرد أضواء ما تلبث إلا أن تزول كما
يزول العمر وينطوي الشباب ؟
أليس للشهرة أجل ؟ أليس للعمر أجل ؟ أليس للثراء أجل ؟ أليس للشباب أجل ؟
ثم ينقضي هذا وذاك ولا تبقى إلا موازين العمل وحفرة صغيرة تحوي صغيرنا
وكبيرنا فقيرنا وغنينا ؟
القبر هو صندوق العمل فإما روضة من رياض
الجنة أو حفرة من حفر النار .....
فلا مالٌ باقي .... ولا دنيا خالدة .... إنها الحقيقة ولا سواها انه الواقع
إنها سنة الله في الأرض فكلنا راحل لا محالة إن لم يكن اليوم فغداً ....
أيامٌ وتنصرم فما أقرب الأجل وما أقل الزاد ....
أخي الفنان أختي الفنانة إنها ليست كلمات تكتب يراد بها عرض زائل أو يراد بها
ثمن ومكافئة بل هي كلمات تخرج من القلب لتلامس القلب هي كلمات حب تخشى على
تلك الوجوه من النار وتحب لها التقلب في جنات النعيم والعودة الصادقة إلى
رحاب الله عز وجل ....
فما أجمله من طريق وما أروعها من عودة إلى الله ... لا إلى بشر يتجهمنا ولا
يرى فينا إلا هذه الشهرة وهذا المال وهذا الصيت ثم لا يلبث حتى ينسانا كما
نسي غيرنا وتدور الأيام علينا كما يدور الرحى ....
طريق الله عز وجل ....
هذا الطريق الذي هو طريقين طريق دنيوي فيه السعادة وراحة البال والاطمئنان
وطريق الآخرة الذي فيه روحٌ وريحان ورب راضٍ غير غضبان فيا لها من حياة عظيمة
لا نبتغي سواها ولا نعيش إلا لها ....
ولنودع ذلك الطريق المظلم " المحاط بأضواء بشرية كاذبة " المليء بالسوداوية
القاتمة حاضراً وماضياً ومستقبلاً ....
فلنودع بحق ذلك الطريق ولنسد ذلك الدرب ونردمه بأيدينا
" ذاك طريق الفن "
ولنقبل بصدق وعزيمة قوية ولنضيء دروبنا بمشكاة الإيمان ونور الإسلام الحق فهو
طريق النجاة ولا غير وهو النبراس الذي ينير لنا دروب الحياتين الدنيوية
والأخروية فاقبلوا نحوه إني مشفقه عليكم ومحبة لكم ما أحبه لنفسي .....
" رضى الله والجنة "
أختكم رحيل