أملا أن لا ينشغل شبابنا بالشهوات الفانيات.....ويستعدوا للممات الآت.....
ويتنبهوا لأضرار العشق والهيام بينهم بنينا وبنات..... ابعث بكلمات مليئة
بالآلام..... وحروف سطرتها الأقلام..... على أوراق تتزاحم عليها النصيحة
والكلام..... ابعثها إلى كل من كان مغرورا بعشيقته وعلى حبيبته إقباله......
إلى كل من كان مفتونا بكوا ذب قلبه وأماله..... إلى كل من اقبل على ما يضره
تاركا ما يفيده..... إلى كل من يخفى عليه الأمر الرشيد..... إلى كل من ضيع
لحظة فى العشق والهيام وقد أحصاها عليه رقيب وعتيد..... نقول له انتبه إلى
كلامنا فهو لك مفيد وعليك شهيد.....
أما بعد:-
فو الذي ألف القلوب... ووحد الخطوب انى احبك فى الله... ولكن عفوا وعذرا فانا
لا أحب فيك معصيتك... وقد وجدت أن انشغالك بالعشق والهيام احد الأمراض التي
وقع مكروبها على قلبك... وحتما سيستولى على عقلك... وينتشر جرثومها فى أنحاء
جسدك... فاستمع إلى كلامنا يامن غبت عن الصواب... والا سيعلمك الدهر أن قلبك
بعشقك للحرام كذاب... انى لا أريد الإ الإصلاح ما استطعت.... وما توفيقي الإ
بالله عليه توكلت واليه متاب.
العشق هو:- الوقوع فى المحبة...
بحيث يستولى المعشوق على قلب العاشق... وبدايته نظرة إعجاب طفيفة تتدرج
بالعاشق حتى لا يخلو قلبه من تخيل معشوقه وذكره والتفكير فيه بحيث لا يغيب عن
خاطره وذهنه.
حكم الحب في الإسلام:- قال أهل
العلم إن المحبة أنواع متعددة... فمنها ما هو حلال نافع بل هو واجب... كحب
الفرد لأبيه وأمه وزوجه... ومنها ما هو مستحب كمحبة الفرد لصديقه لله وفى
الله وليس لأجل المصلحة الدنيوية... ومنها المحبة الضارة المحرمة شرعا... وهى
المحبة التي تقع بين جموع الشباب والفتيات... والذي يطلق عليها أدعياء
الحضارة ( الحب العاطفي ) ويطلق عليها علماء الشرع ( عشق الصور ) وسماه
العلماء بعشق الصور لان العاشق يحفر صورة معشوقه في عقله... وقال علماء الأمة
إن الحب العاطفي حرام اذا كان فى بدايته... اى إحساسا يتخلل إلى نفس
العاشق... والمقابلات.مة اشد حرمة اذا كان مختلطا بالخطابات الغرامية
والمكالمات الهاتفية... والمقابلات ...
وقد ينتقل بالعاشق إلى مقام الكفر لان العاشق قد يحب معشوقه أكثر من حبه
لله... وها نحن نسمعها على السنة الشباب فها هو احدهم يقول (أنا أعبدك ) وأخر
يقول لمعشوقته ( انى أحبها أكثر من كل شيء ) ولا تعجب من ذلك فان ذلك موجود
فى أوساط الشباب وعلامته أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه... وهذا هو
حال من وقعوا فى عشق الصور او بالمعنى الشبابي من وقعوا فى الحب العاطفي.
أقوال في الحب العاطفي:- قال
ابن القيم رحمه الله:- ( إن من المعلوم انه ليس فى عشق الصور مصلحة دينية لا
دنيوية بل مفسدته الدينية والدنيوية أضعاف أضعاف ما يقدر فيه من مصلحة)
وقال أخر:- ( العشق الحرام سم مميت لأفئدة الكرام )
وقال أخر:- ( العشق الحرام بمنزلة الهادم للأبدان... وان وقعت فيه قتلك وان
أكثرت منه قتلك)
وانشد أخر قائلا: ( خليلي إن الحب فيه لذاذة... وفيه شقاء دائم وكروب )
وقال صاحب كتاب الكبائر والنساء: (ام العشق الحرام هو أن تعشق المتزوجة رجلا
غير زوجها لما له من صفات تثيرها... وأيضا عشق الفتاة البكر التي تعشق رجلا
غريبا سواء إن كان مهتما بها او غير مبالي بأمرها فهو كبيرة من الكبائر )
قال ابن حجر الهيثمى: ( العشق إما مباح كعشق الرجل لزوجته او أمته... وأما
محرم كمن غلب عليه هوى محرم )
وأظن انه قد تبين لك آخى القارىء من هذه الأقوال حكم الحب
العاطفي... وسنختمها بهذا القول... وهو قول احد العارفين:- ( لان ابتلى
بالفاحشة واقع فيها خير إلى من ابتلى بعشق امرأة يتعبد لها قلبي وتشغله عن
ذكر الله )
أيها العاشق الولهان:- تدبر
العواقب... واحذر قوة المراقب... وخف من عقوبة المعاقب... واحذر من حفر الحب
الخائب... فانه والله للنار شر طالب... أين الذين قعدوا فى طلب الهيام وقاموا
وداروا على بنيان قصر العشاق النادمين وحاموا... فيا اقل ما لبثوا وانقص ما
قاموا... لقد وبخوا أنفسهم فى عقر قبورهم على ما أسلفوا من العشق الحرام
ولاموا.
أسباب الوقوع فى الحب العاطفي:-
1- فراغ القلب من الإيمان بالله وعبادته
وكما قال الشاعر
اتانى هواها قبل أن اعرف الهوى *** فصادف قلبا خاليا فتمكن
2- النظر إلى ما حرم الله: ولقد قال احد
الحكماء
(الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على الم ما بعده )
وقال الشاعر:
كل الحوادث مبدؤها من النظر... ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت من قلب صاحبها... كمبلغ السهم بين القوس والوتر
وقديما قيل: ( النظرة تولد إعجاب ثم يولد الإعجاب خطرة ثم تولد الخطرة تولد
فكرة ثم تولد الفكرة شهوة ثم تولد الشهوة إرادة ثم تقوى الإرادة وتصير عزيمة
حازمة ثم تقوى العزيمة فيقع العشق ولابد ما لم يمنع منه مانع )
3- نسيان الموت وعدم تذكرة مراقبة الله:- وتلك
هي المعصية الكبرى... والكارثة العظمى... فكما نقول دائما وسنظل نقول إن
نسيان الموت ومراقبة الله كان السبب الاساسى فى صدا قلوب الناس... ووقوعهم فى
الشهوات... فلو تذكر العاشق الموت وقت هيامه بمحبوبة... ما عشق حراما قط.
وكذا لو تذكر شاب الجامعات الذين يتسامرون ضحكا وسرورا وعشقا مراقبة الله...
ما فعلوا ما يفعلون.
أسباب تحريم الحب العاطفي (أضراره):-
أولها واقلها:- هو إن اقل مراتب العشق
هو " التتيم " وهوا ول منزلة من منازل العشق وهى منزلة الإعجاب لذا يقال"
عاشق متيم" ففي هذه المنزلة نرى العاشق اقل شىء يحدث له هو انه يتذكر
المحبوب... وقد يؤدى تذكره مع وسوسة الشيطان إلى إثارة الشهوة... وحتى إن لم
يثير تذكر العاشق لمعشوقه شهوته... فانه لا يجوز أصلا أن يتذكره لأنه لا
يملكه... لا بزواج ولا بملك يمين... وكما قلنا من قبل " الخطرة تولد
فكرة.......... عشق".
ثانيها:- إن العشق يوقع العاشق
فى المحرمات شيء فشيئا... فتجد العاشق يريد لفت انتباه معشوقه... إما
بالابتسامة او بالاتفاق الملحوظ فى الراى... او بالنظر نظرا شيطانيا غير
عاديا... وهذا شيء ملحوظ عند العشاق... تجد العاشق منهم ينظر للمعشوقه غير اى
نظرة لاى شخص أخر.
ثالثها:- الانشغال بحب المعشوق
وذكره عن حب الله تعالى وذكره... لقد اخبرنا ابن القيم رحمه الله... ( لا
يمكن أن يجتمع فى القلب حب الرحمن الأعلى وعشق الصور بل هما ضدان لا
يتلاقيان).
رابعها:- إن العاشق لا يملك
معشوقه... وهنا نرد على من يقول " إن الحب شيء لا يتحكم فيه الإنسان بل هو
خارج عن الإرادة "... فانا اقصد بقولي إن العاشق لا يملكه... اى لا يملك
معشوقه كي يفكر فيه... او يتحدث معه بلا مبالاة شبابية... او غير ذلك. ولست
اقصد أن العاشق لا يملك دخول العشق إلى قلبه ولن أرد هنا بكلماتي... بل كلمات
عمرين الخطاب رضي الله عنه حينما أتاه رجل وقال له أمير المؤمنين انى وقعت فى
عشق امرأة فقال عمر " لقد وقعت فى المحظور وعشقت مالا تملك"... وها نحن نرى
عمر بن الخطاب قال له وعشقت مالا تملك... ولم يقل له وفعلت ما لا تملك.
خامسها:- عذاب قلب العاشق
بمعشوقه:- ولقد قال احد أهل العلم ( من أحب شيئا غير الله عذب به ولابد...
والعشق أن استلذ به صاحبه فهو اشد درجات عذاب القلب... بدليل إننا نسمع عن من
جلس طوال الليل قلقا على معشوقه لأنه لم يراه او يسمع صوته... وكثيرا ما
نسمععن الذى لم يذق طعم النوم لأنه حبيبته هجرته وغير ذلك ).
وكما قال الشاعر....
فما فى الأرض أشقى من محب... وان وحد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا فى كل حين... يخاف فرقة او لا شتياق
سادسها:- إن قلبه أسير فى قبضة
غيره يسومه الهوان: وهنا نرى على من يقول من الشباب ( ان الحب ليس حراما اذا
كان شريفا اى ليس مختلطا بالرسائل وغير ذلك وخاصة اذا كان المعشوق لا يعلم
بعشق من يعشقه)... أقول له إن هذا العاشق كالعصفور الأسير فى يد الكفل
الصغير... فالعصفور يشهق والطفل لا يشعر به بل هو يلهو ويلعب فهو كما قال احد
الشعراء...
طليق براى العين وهوا سير... عليل على قطب الهلاك يدور
سابعها:- إن الحب العاطفي اذا
تمكن من القلب واستحكم وقوى سلطانه افسد الذهن وأحدث الوسواس... ولقد قال
محمد بن أبى بكر الدمشقي ( إن أفات الدنيا والآخرة أسرع إلى عشاق الصور "
عشاق الحب العاطفي "من النار فى يابس الحطب)
ثامنها:- إن الحب العاطفي اذا
اشتد على صاحبه قد يجعله فى تعداد المجانين... وهذا ليس هراء... بل هو حقيقة
مشاهدة... فهل ترى شيء اذهب عقل مجنون ليلى الإ هذا... وكما قيل...
قالوا أجننت بمن تهواه.... فقلت لهم العشق أعظم بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه... وإنما يصرع المجنون فى الحنين
تاسعها:- انه يفسد الحواس...
فنجد العاشق كأنه قد عمى عن عيون معشوقه فأصبح لا يرى الامميزاته... وكذا قد
تراه قد أصبح أصم فهو لا يسمع الإ محاسنه... فهو كما قيل
صورتك إذ عيني عليها غشاوة... فلما انجلت قطعت نفسي ألومها
عاشرا:- عدم رضا الله عنك...
لأنك لو قال لك احد الشباب ( أنا اعشق أختك او أحبها)... ربما ضربته وقاطعته
او قتلته مهما كان أحب أصدقائك... فما بالك وأنت مكانه... هل أنت راضى عن
نفسك... ام هل إن الله راضى عنك.
اظنه قد نسى:- قرأ احد الشباب
ضئيلا من بعض كلماتي عن حرمة العشق وكان ذلك فى رسالة للمرآة المسلمة فعارض
قائلا:- ( العشق ليس حراما لأنه ثبت عن النبي عليه السلام انه كان يحب عائشة
أكثر من جميع زوجاته وثبت عنه انه قال أيضا اللهم إن هذا قسمي فيما املك فلا
تؤاخذني فيما لا املك )...
وأظن أن ذلك الشاب الفاضل المعارض نسى أن عائشة كانت زوجته وليست معشوقته فهو
يملكها ويملك عشقها.
طرق العلاج لم وقع فى الحب العاطفي هي:-
1- التوبة الى الله ... آخى الحبيب...
اذا كنت تعلم أن العشق حراما... فها هي أبواب التوبة على مصرعيها أمامك...
ولا تحزن فلقد قال تعالى:" كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم سوءا
بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فانه غفور رحيم "
2- إخراج القلب من فراغه... فلقد قال السلف
الصالح ( العشق حركة قلب فارغ... اى فارغا مما سوى معشوقه)
3- الإخلاص في مقاومة النفس من الوقوع فى داء
الحب العاطفي... وذلك لان الإخلاص سبب فى التخلص من الفواحش عموما فاقد قال
تعالى:- " كذلك لتصرف عنك السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين "
4- مصاحبة الصالحين والبعد عن الفاسدين
5- عدم الركون إلى الغفلة عن تعاليم الإسلام
الصحيحة... فاقد قال ابن القيم ( عشق الصور مضاد للتوحيد... لا يقع فى شباكه
الا من غفل عن الله )...
6- عدم التفكير فى المعشوق ومحاسنه... بل إن
شئت فتذكر معايبه حتى يبتعد عن فكرك.
عجبا:- إن من دواعي الاندهاش
والعجب إن بعض الفتيات تعلم إن عشيقها يكذب عليها... وهى رغم هذا تواصل العبث
بالنار.
أختاه:- اسمعي عنى هذه الكلمات
فأنها والله أهات قلب المؤمن الغيور إننا نستطيع كغيرنا إن نتلاعب
بالعواطف... وان ندغدغ المشاعر بكلام الحب والغرام... بل إن شئت نستطيع أن
نجعلك تعيشين فى عالم من الأحلام... وبحار من الأوهام... ولكن ماذا بعد ؟شتان
بين من يريدك لشهوته وبين من يريدك لعزته... نريدك أهلا للكرامة... وليس كما
يريدك الآخرين بيتا للغزل والحب والشهوة.
قصة وعبرة:- اذكر أليك هذه
القصة يا اخيتى مصداقا لقول الله تعالى " فاقصص القصص لعلهم يتفكرون "فلعلها
تعينك على الخروج من مأزق الحب إن كنت من وقعت فى شباكه ولعلها تكون لمحة
نذير إن كنت ممن عفاك الله من هذا الداء... قالت المعشوقة الصريعة...كانت
البداية نظرة إعجاب عفوية... تبعتها ابتسامة ندية... ثم تطورت إلى قصة حب
وهمية... قالت وهى تذرف دموع الندم اوهمنى انه يحبني وسيتقدم لخطبتي طلب منى
رؤيتي... رفضت... ضعفت.بقطع العلاقة...ضعفت ... بعثت له صورتي مع رسالة
غرامية معطرة... طلب منى أن اخرج معه... رفضت بشدة، هددني بالصور والرسائل
المعطرة... خرجت معه على أن أعود... وبالفعل عدت وأنا احمل العار. وعندما قلت
له الزواج قال لي ( زواج أيه يا ابله ) فقلت له " حرام عليك " فقال لي ( حرام
إيه اللي يخرج معي يخرج مع غيري... بعد أذنك فيه ميعاد مع صيده ثانية ).
انتهت القصة.
أسمعت أختاه:- أترضين بعد هذا كله إن تكوني
فريسة مثل هذه لذئب يأكل لحمك.
الذئب يأكل كل شاه صادها فى خفية
صوني عفافك يا فتاه وشمري للجنة
فالحسن من نعم الإله وشكرها بالعفة
أما أنت آخى الحبيب:- فان كنت ممن امتلأت
قلوبهم بذكر الله... ولست من العاشقين... فأنى ابعث أليك... بهمسات تحذير من
الوقوع فى العشق... فلقد قال لي احد العشاق عندما سألته عن الذى استفادة "
العشق أوله لذة وهيامه وأوسطه سامة وأخره ندامة وبعد هذا كله تقع عليك آثامه
"
وقال أخر:-
الحب أول ما يكون لجاجة... ياتى بها وتسوقه الأقدار
حتى اذا حاض الفتى لجج الهوى... جاءت أمور لا تطاق كبار
وقال أخر :( عش حاليا فالحب أوله لذة بعناء ... وأوسطه سقم
بلا رخاء... وأخره قتل بلا دواء )
وأخيرا آخى التائب من العشق والهيام:إياك أن تعرض عن النصح كان النصح ما قيل
لك... وإياك أن تندم على ذنب عظيم قد أثقلك... يا واقعا فى شباك حب النساء ما
أجهلك ؟ إلى متى تغتر بالذي أمهلك... كأنك قد ظننت انه قد أهملك... فكأنك
بالموت قد جاء بك وأنهلك... واذا الرحيل وقد أفزعك الملك... أسرك الشيطان
بوسوا سه وعرقلك.
ونهاية:- فلا تجزع إن شعرت إن
فى كلماتي شيئا من القسوة... فان الأخ قد يقسو علىاخيه خوفا عليه... واللبيب
من يحكم العقل فى كلامنا ويعيى النصيحة... فما كلامنا الا توعيه للغافل...
وتذكرة للعاقل... فإنما نحن منذرين... وما نحن بمؤنبين... وذكر فان الذكر
تنفع المؤمنين... ولا تنسى كلما وقعت عينك على هذه الكلمات أن تدعو لمن أعدها
وقدمها أليك بين يديك قائلا اللهم أنله مراده ليقول الملك بإذن الله ولك
بمثل.
أعدها: الراجي رحمة الغفورى
ابو عيناء الحورى