اطبع هذه الصفحة


أنت متميز لكن !

علي بن صالح الجبر البطيّح


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده , وبعد:
لكل إنسان أهداف وحاجات في حياته يسعى إلى تحقيقها , ومع فرط حرصه نجد أنه لايحقق إلا القليل منها , لأسباب عديدة ليس هذا مجال بسطها .... لكن ما يعنينا هنا هو أنه يحقق نجاحات في جزء أو أجزاء على حساب أجزاء أخرى , وأهدافه وحاجاته تدور بين (الإيمانية والتعبدية – الأسرية – الوظيفية – العلاقات – الضرورية كالمسكن والأمن والمال.. – الصحية – النمو المعرفي والمهاري - ... )
ولعلك – عزيزي القارئ – تسمع عن شخص يرغب بالسفر والجلوس معه لأنه يألف ويؤلف , وناجح في جانب العلاقات , ويتنافس الكثير من المحيطين به في دعوته لجلسة سمر وإن طالت إلى الفجر حيث لاملل ولاسأم لكن هذا النجاح المتمثل في التربع في قلوب الآخرين , وكسب محبتهم , كان على حساب أشياء أخرى كالأسرة مثلا , ولذا نسمع بعضا من مداخلات زوجات هذا الصنف من الناس عند اتصالاتهن ما مفاده : أنه ناجح خارج البيت فاشل داخل الأسرة , فيه من الفظاظة والغلظة الشئ الكثير, وليس بالضرورة أن نجاحه في العلاقات ينسحب على الأسرة , وربما أننا نجده – أيضا - فاشلا وظيفيا و ... إلخ ومن طريف ما مرّ بي : أن شابا في استراحة ليلا اتصل به أحد أصحابه فتناول الجوال وردّ على المكالمة بكل ذوق وأدب رفيع وبشاشة ودعاه إلى الاستراحة ليشاركهم عشاءهم – وهو حديث عهد برؤيته حيث رآه صباح ذلك اليوم – وبعد إنهاء المكالمة بخمس دقائق فقط , اتصلت به زوجته فكان الردّ قاسيا وفيه من الجفاء مافيه وأنهى المكالمة كما ينهيها الكثير من المتذمرين من زوجاتهم بقوله : خلاص خلاص يكفي مع السلامة مع قفل الزر ( إنهاء ) بشدّة ... أخي مالذي حدث ؟ وماالفارق – زمنيا – بين المكالمتين ؟ ومن أولى الناس ببشاشتك .. ؟ ألم تفكر بزوجتك وأنها تحتاج إلى خطاب جميل وذوق رفيع ؟ لماذا نجحت هنا وفشلت هناك ؟
عزيزي القارئ : هذا فضلا عمن ينجح في الكثير مما سبقت الإشارة إليه , لكنه فاشل مع الله تعالى في الأمور الإيمانية والتعبدية , ناجح وظيفيا وصحيا وأسريا وماليا وثقافيا لكنه لايصلي في المسجد , ولم يفتح المصحف منذ زمن , ولايؤدي زكاة ماله , ولا .. ولا ..فهل نجاحاته السابقة تغنيه من الله شيئا ؟ ( ما أغنى عني ماليه .. ) ( وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدتّ له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا ... )
وازن بين دولاب الحياة وكن ناجحا في كل مجال , إن بحثنا عنك في الأمور الإيمانية والعبادية وجدناك عابدا تقيا نقيا ورعا مخبتا , وإن بحثنا عنك أسريا وجدناك نعم الأب ونعم المربي ونعم الراعي لرعيته , وإن بحثنا عنك وظيفيا وجدناك متميزا مطوّرا متجددا وهكذا...
 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية