اطبع هذه الصفحة


إلى أصحاب المحطات الفضائية

أم أحمد من لبنان


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،
ان الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا اله الا الله و أشهد أن محمدا رسول الله .
أما بعد ،
يقول الله تعالى في كتابه المحكم :
(
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )
و يقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم : " الدين النصيحة ... الدين النصيحة . قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال: لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم " ( رواه مسلم )

لذلك أكتب إليكم هذه الكلمات التي خرجت من قلبي خالصة لاخوتي في الله ، لعلها تكون منطلقا إلى الهداية و الإصلاح، والعز و النجاح في الدنيا و الآخرة و ذلك هو الفوز العظيم . فآمل أن يتسع صدركم لسماع هذه النصيحة ...

قال صلى الله عليه و سلم : " من سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها و أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا و من سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها و وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا"(رواه مسلم )

و لقد تهافتت المحطات الفضائية على عرض البرامج التي تدور حول الشهوة و اللذة و ما عادت تقليدا أعمى للغرب فقط بل فاقتهم في قلة الحياء و الرعونة بما تقدمه من نساء عاريات ، و برامج هدامة لا تدعو إلى صلاح الأمة و الرفعة بها بل الى افسادها و انحلالها ، و أغان ماجنة تخدر المشاعر و لا تدور سوى حول الهوى و النساء، مع ما تحويه من استخفاف بالدين و استهزاء بالله عز و جل و أوامره و نواهيه، فأصبحت وسيلة لفعل الزنا و الفواحش .

فكم من أعراض قد انتهكت
و كم من شباب قد ضاعوا
و كم من فضيلة قد تلاشت
و كم من أموال قد أهدرت على ما حرم الله

فكانت سببا لهلاك شبابنا و أطفالنا ، و سببا في العقوبات الالهية فقد قال الرسول صلى الله عليه و سلم : " سيكون في هذه الأمة خسف و مسخ و قذف . فقال رجل من المسلمين : يا رسول الله و متى ذاك ؟ قال : اذا ظهرت القينات و المعازف و شربت الخمور ( رواه الترمذي ) تماما كما هو حاصل في هذا العصر.

كما كانت هذه الفضائيات و ما تعرضه سببا لهلاك أصحابها و مدرائها في الآخرة فانهم بهذا يحملون سيئاتهم و سيئات من تبعهم و من أثروا فيهم كما قال سبحانه : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ )

و نحن يحزننا أن يكون اخواننا في الإسلام ، هذا الدين القيم الذي أتى بالفضيلة و الرحمة و الصلاح ، أصحاب هذه المحطات أو مدراءها من الذين أنعم الله عليهم و أسبغ عليهم . فلا تجعلوا هذه النعم و هذا العلم الذي تحملونه وسيلة لإشاعة الفاحشة في المؤمنين و تشويه صورة الإسلام بل و تحطيمها كما قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )

بل لما لا تكون هذه الوسائل الإعلامية التي يصل صداها إلى العالم بأسره طريقة لبيان حقيقة هذا الدين و سموه و إبعاد الشبهات عنه، التي يتعرض لها في كل يوم آلاف المرات .

إخوتي في الله ،
تخيلوا أن الرسول صلى الله عليه و سلم داخل عليكم ، يسألكم حالكم في هذه الدنيا ، هل ستخجلون بعملكم ؟ هل ستندمون ؟ هل ستطلبون منه أن يستغفر الله لكم ؟؟؟

فكيف بكم و الله مطلع عليكم ليل نهار ؟؟؟ كيف بكم يوم الوقوف بين يديه عز و جل ؟؟؟ (
يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) و( يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ) و( هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) ، (لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) .

اخوتي في الله ،
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و استعدوا للموت و للقبر و ظلمته و ليوم القيامة و أهواله ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )
( وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )

غدا توفى النفوس ما كسبت *** و يحصد الزارعون ما زرعوا
اذا أحسنوا أحسنوا لأنفسهم *** و ان أساؤوا فبئس ما صنعوا

كما قال الشاعر :

يا نفس توبي فان الموت قد حانا *** و اعص الهوى فالهوى ما زال فتانا
في كل يوم لنا من نشيعه *** ننسى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس مالي و للأموال أكنزها *** خلفي و أخرج من دنياي عريانا
ما لنا نتعامى عن مصارعنا *** ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا

فعودوا الى ربكم و حكموا دينكم و احذروا تضييع أماناتكم و غش أبنائكم و بناتكم فكلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته . و اعلموا أن الله يغفر الذنوب جميعا فقد قال في كتابه الكريم : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }

و كما جاء في الحديث القدسي : يا ابن آدم انك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك و لا أبالى ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك و لا أبالي ، يا ابن آدم انك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا غفرت لك و لا أبالي .

فنسأل الله أن يغفر لنا و لكم و يرحمنا بواسع رحمته كما نسأله الهداية و التوفيق لما يحبه و يرضاه و اعلموا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .

و الحمد لله رب العالمبن و أصلي و أبارك على خاتم النبيين و امام المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
 

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية