الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى اله وصحبه
أجمعين
إلى اليائسين إلى من ضاقت عليه الأرض بما رحبت لقد سبقك إلى ذلك كثير من
المسلمين ولقد تمنى بعضهم الموت والبعض هاجر بدينه ولكن العيش مع كتاب الله
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تجد فيهما المخرج من ذلك كله
مكث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في مكة للدعوة ثلاثة عشر سنه وقد لقي بأبي
هو وأمي من الضيق والعذاب المنهال عليه من قريش ما الله به عليم ومعه أصحابه
رضي الله عنهم أجمعين لقوا من العذاب الشديد الذي لا يحتمله إلا المخلصين لله
سبحانه وتعالى ومن القصص في ذلك الكثير وهذه سنة الله في خلقه قال تعالى :
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ
الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم
مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ
الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ
نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }
يقول تعالى
"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ
الْجَنَّةَ" قبل أن تبتلوا وتختبروا
وتمتحنوا كما فعل بالذين من قبلكم من الأمم ولهذا قال
" وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ
الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء"
وهي الأمراض والأسقام والآلام والمصائب والنوائب .
قال ابن مسعود وابن عباس وأبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير ومرة الهمذاني
والحسن وقتادة والضحاك والربيع والسدي ومقاتل بن حيان
"الْبَأْسَاء"
الفقر
"وَالضَّرَّاء"
السقم
"وَزُلْزِلُواْا"
خوفوا من الأعداء زلزالا شديدا وامتحنوا امتحانا عظيما كما جاء في الحديث
الصحيح عن خباب بن الأرت قال: قلنا يا رسول الله ألا تستنصر لنا ألا تدعو
الله لنا فقال
"إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع
المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط
الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه"
ثم قال
" والله ليتمن الله هذا الأمر حتى
يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم
قوم تستعجلون "
وقال الله تعالى
"ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا
آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا
وليعلمن الكاذبين" وقد حصل من هذا
جانب عظيم للصحابة رضي الله عنهم في يوم الأحزاب
قال الله تعالى
"إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم
وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي
المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما
وعدنا الله ورسوله إلا غرورا" الآيات.
ولما سأل هرقل أبا سفيان هل قاتلتموه قال: نعم. قال: فكيف كانت الحرب بينكم؟
قال: سجالا يدال علينا وندال عليه. قال: كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها
العاقبة.
وقوله
"مثل الذين خلوا من قبلكم"
أي سنتهم كما قال تعالى "فأهلكنا أشد
منهم بطشا ومضى مثل الأولين"
وقوله
"وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين
آمنوا معه متى نصر الله"
أي يستفتحون على أعدائهم ويدعون بقرب
الفرج والمخرج عند ضيق الحال والشدة. قال الله تعالى "ألا
إن نصر الله قريب" كما قال "فإن
مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" وكما
تكون الشدة ينزل من النصر مثلها ولهذا قال
"ألا إن نصر الله قريب"
وفي حديث أبي رزين
"عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيثه
فينظر إليهم قانطين فيظل يضحك يعلم أن فرجهم قريب"
الحديث.
نعم لقد أسقطت دولة إسلامية ممثله في حركة طالبان واُسر إخواننا في كوبا وقتل
من المجاهدين أعداد كثيرة ولكن هل انتهى الإسلام لا زال لواء الجهاد قائم
بإذن الله ولا ينتهي الجهاد إلى أن يقاتل آخر الأمة الدجال كما جاء عن النبي
صلى الله عليه وسلم ولكنكم قوم تستعجلون
إلى أولئك الذين أصابهم فقد الأمل في
نصر الله أليس كتاب الله بين أيدينا هل قرأنا هذه الآيات
قال تعالى
{ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ
اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن
يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }
وقال سبحانه
{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ
مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }
وقال سبحانه
{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى
الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين }َ
وقال سبحانه
{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ
مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ
النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ
شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }
وقال سبحانه
{ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا
وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }
وقال سبحانه
{ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن
دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا
دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ
وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا
وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز }
علينا الصبر والتقوى وتحقيق النصر في أنفسنا وطلب ذلك من الله سبحانه بالدعاء
وخاصة في أوقات الإجابة .
وصلى الله وسلم على نبيه محمد
كتبه
أبو أنس الطائفي