اطبع هذه الصفحة


توجيهات في خضم الأحداث
توجيهات تربوية

خالد بن ســليمان الغــرير


الحمد لله مغيثِ المستغيثين ، ومجيبِ دعوةِ المضطرين
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم أمّا بعد

فإن الناظر بعين بصره وبصيرته في عالم اليوم وخاصة المسلمون منهم على مستوى أفرادهم ومجتمعاتهم فإنهم يمرون بفتن عظيمة ، تنوعت أسبابها واختلفت موضوعاتها ، وتعددت مصادرها ، في العقول والأنفس ، في الأعراض والأموال ، والأولاد والممتلكات ، تتضمن في طياتها تحسين القبيح ، وتقبيح الحسن ، تعاظم خطرها ، وتطاير شررها ، ولأجل هذا فقد جاء الشارع الكريم بالتحذير من غوائلها وشرورها ومدلهماتها ، وإليك أخي الكريم هذه الوسائل والضمانات والأسس والتي ترسم لك المسار الصحيح تجاه هذه الفتن حال ظهورها والمنهج الأرشد لأوضاعها وأحوالها ، صيانة لك من الزلل والخلل ، وعصمة لك من الهلاك والدمار بإذن الله ، ومن هذه الوسائل :

1- تحقيق التوحيد الخالص لله وإفراده جل وعلا بالعبادة

2- الوحدة والإتلاف وترك التنازع والاختلاف والاعتصام بالكتاب والسنة " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا "
[آل عمران : 103] " تركت فيكم أمرين ؛ لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " [ قال الألباني في كتاب " منزلة السنة " إسناده حسن ]

3- الحرص على العبادة والعمل الصالح " الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ "
[ روى مسلم 2948 ] .

4- لزوم التوبة والاستغفار والإكثار من التسبيح والدعاء " فلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
[ الأنعام : 43] قال علي رضي الله عنه : ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة
كذلك محاسبة النفس وتفقدها من الإخلال بأوامر الشرع والنكوص عن الجادة وعن صراط الله المستقيم لأن النفس من طبيعتها الضعف ولكن هل يستمر الأنسان
في الضعف والتقصير
أيها الأخوة الضعف الذي يصيب المسلم يمكن أن نقسمه إلى ثلاثة أقسام"
فالقسم الأول: ما يكون ضعفاً شديداً جداً يخرجه عن ملة الإسلام فيصبح مرتداً وهو أسوأ الأنواع.
والقسم الثاني: يخرج المسلم من دائرة الاستقامة إلى دائرة الفسق فيصبح فاسقاً فاجراً لكن لا يزال في دائرة الإسلام،
والقسم الثالث: الفتور الذي يصيب المسلم

وسنتكلم هنا عن النكوص الذي ينزل الإنسان من دائرة التقوى إلى دائرة الفسق. والانحراف الذي يجعله يرتكب بعض المحرمات أو يترك بعض الواجبات...
ويجب أن نعلم أن النكوص الذي نتحدث عنه هو عن شخصاً كان مستقيماً في أموره ثم انحرف. وليس لشخصً
كان أصلاً غير مستقيم في بعض الجوانب ثم انحرف في كل الجوانب. كشخص مثلاً كان لا يحافظ على صلاة الفجر ويشاهد الأفلام المحرمة ثم أطلق لحيته والتزم في بعض الأشياء ثم انتكس بالكلية ليس هذا الشخص الذي نتحدث عنه. وهذا الرجل لا يسمى ناكص لأنه كان أصلا منتكساً من قبل . وهو الآن اتسعت رقعة اتساعه فهذا الذي حدث له.
ويمكن أن نقسم أسباب الإنحراف إلى قسمين:
ذاتية أي راجعه للشخص ذاته .
و خارجية .
فمن الأسباب الذاتية:
1) فساد الابتداء مثل أن يكون التزام بعض الأشخاص ليس لله كطالب مثلا دخل نشاط إسلامياً في مدرسة واستقام في الظاهر لأجل مدرس ما حتى يحصل على درجات من هذا المدرس. فلذلك لو تخرج هذا الطالب من المدرسة فلا يتوقع له أن يستمر على عهده ولو جاءت العطلة لربما تغير. ومثله كذلك من يلتزم من منطلق تغيير جو فهذا من فساد الابتداء.
2) عدم التخلص من شوائب الجاهلية وآثامها عند الاستقامة فقد يكون للشخص المستقيم الذي يتظاهر الآن بالاستقامة علاقات مازالت مع بعض أهل الشهوات لم يتب منها ولم يقطعها.وربما خفف منها في البداية أو توقف عنها ولكنه لا يزال يحن ويعاوده الشوق إلى ممارسة تلك العلاقات مرة بعد مرة حتى يسقط فعلاً. ويدخل في ذلك عدم قطع الصلة برفقة أصحاب السوء القدامى فهو لا يزال يجلس مع هؤلاء ومع هؤلاء لازال يجلس مع أصحاب السوء الذين كان على علاقة بهم ولا يزال يجلس أيضاً مع أصحاب الاستقامة الذين قد تعرف عليهم الآن.فهو كالشاة الحائرة بين الغنمين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فلا يلبث أن يغلب جانب الشر في نفسه ولا يجتمع في قلب عبد محبة الله ومحبة الشيطان وكما قال ابن القيم رحمه الله:(وإن القرآن والغناء لا يجتمعان في قلب عبد أبداً...) فلا بد أن يكون عاقبة هذا السقوط عاجلاً أم آجلاً. ولذلك لابد من هجر أهل السوء بالكلية عند الدخول في طريق الإستقامة ومن الشاهد على هذا حديث القاتل مائة نفس الذي ورد في الصحيح.هذا الرجل الذي قتل مائة نفس لما ذهب إلى عالم فسأله هل له من توبة..؟ قال له نعم ومن الذي يحول بينك وبين التوبة وقال له : اذهب إلى قرية كذا وكذا فإن فيها أُناس صالحون يعبدون الله فاعبد الله معهم. وعد بعض العلماء شروط التوبة وكان منها مفارقة مكان المنكر.
3) أن يكون الإنسان في بداية الالتزام في حالة ندم شديد على ما فعل في الماضي فيبدأ الضمير يؤنب ويبدأ الرجل يحس بالحاجة إلى المواعظ ويحس بالحاجة إلى الرقائق فهو لا يزال يسمع الرقائق الواحدة تلو الأخرى،بعد فترة من الزمن تبرد الأمور وينشغل بأشياء أخرى عن الرقائق وينسى خشية الله.ويقول: دع المواعظ لغيري ممن دخلوا في الطريق الآن أنا أمري أعظم من سماع المواعظ... فيترك سماع المواعظ وينشغل بغيرها.. فيضعف واعظ الله في قلبه والرسول صلى الله عليه وسلم كان من منهجه المحافظة على المواعظ حتى ممن تقدم به العمر في زمن الإستقامة.
ولذلك يقول الصحابي وعظنا الرسول صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون مع أنهم دخلوا في الإستقامة منذ سنوات.وورد في البخاري أن ابن عمر كان يعظ أصحابه كل خميس.
4) أن التزام بعض الناس غير مؤسس على تقوى من الله ورضوانه فسرعان ما يزول أو يكون بتأثير طاعة من الطاعات أو حادث من الأحداث فهناك أناس يتغير واقعهم بعد الحج مثلاً أو بعد عمرة في رمضان أو بعد حادث سيارة نجى منه فهو تغير بعد طاعة واحدة أو بعد حادث من الأحداث ولم يستغل التأثر الحادث بعد هذا الحدث وبعد هذه العبادة في تنمية الإيمان في نفسه وإنما جاءت هذه الدفعة من الإيمان فلا زالت تنقص شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن وهو لا يستغل هذا الإيمان الحاصل في نفسه. فضعف ثم ضعف حتى سقط .
5) وانتكاس بعض الناس راجع إلى أن التزامهم في أحكام الدين كان بطريقة فردية لم تحط بسياج من الأخوة الإسلامية (ومادامت الشاة بعيدة عن القطيع فإن تسلط ذئاب الشبهات والشهوات عليها يجعلها فريسة سهلة..)وإذا بقي وحيداً فلا بد أن يكون السقوط حليفه في يوم من الأيام مالم تدركه رحمة الله.
6) الإعجاب بالنفس والكبر والتعالي على خلق الله على إخوانه المستقيمين وممن اشتهر في كتب التاريخ حادثة ارتداد جبله بن الأيهم وإن كانت قد وردت من طريق الواقدي وغيره فملخصها أن جبله كان نصرانياً من ملوك غسان فأسلم وجاء يطوف بالكعبة فوطيء رجل على إزاره فصفعه جبلة صفعة هشمت أنفه أو عينه فرفع الأمر إلى عمر فقال: لابد القود (أي القصاص) فلما رأى جبلة أنه سوف يقاد منه مع أنه ملك! بل يقاد منه من أجل رجل من مزينة...فما كان منه إلا أن هرب في الليل وولى ورجع إلى النصارى وعاش في أكنافهم حتى مات. وهذا الكبر والغرور يؤدي بالإنسان إلى السقوط في مهاوي لا يعلم بها إلا الله ولعل من أشهر الأمثلة في هذا القرن عبد الله القصيمي (نسأل الله الثبات والعافية ) الذي كان عالم من العلماء وألف كتب في العقيدة السلفية نَدُر أن يؤلف مثلها ومن أعظم كتب هذا الرجل كتاب: الصراع بين الإسلام والوثنية الذي رد فيه على أناس كثيرين من أهل الضلال.هذا الرجل بعد فترة من الزمن أصبح ملحداً من الملاحدة .

5- أهمية التأصيل العلمي القائم على المنهج الشرعي " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " []
" إنَّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل "
[ رواه البخاري 6808ومسلم 2671] .

6- الالتفاف حول العلماء الربانيين والدعاة الصادقين لمعرفة الأحكام الشرعية حيال الفتن قال تعالى : " فلولا إذ جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ..؟
[ النساء : 83 ]
يقول ابن القيم عن دور شيخه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله في التثبيت " وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله عنا "

7- لزوم جماعة المسلمين وإمامهم "عن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قال كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ .قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ .قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا .قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ، قلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ "
[ روى البخاري 3606 ومسلم 1847 ] .

8- تحقيق مبدأ الأخوة الإسلامية في الله " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ..الآية "
[المجادلة : 22] " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه " [رواه البخاري 13] .

9- التأني والرفق وعدم العجلة مما يجعل المسلم يبصر حقائق الأمور بحكمة ، ويقف على خفاياها وأبعادها وعواقبها و " ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه "
[رواه مسلم 4698]

10- الصبر الصبر "ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "
[البقرة : 155] " إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ قَالَ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ . " [ رواه ابن ماجه 4014 وصححه الألباني في الصحيحة 494 ]

11- اجتناب الفتن والبعد عن مواطنها والخوض فيها " إنها ستكون فتن ، القاعد فيها خير من الماشي فيها والماشي فيها خير من الساعي إليها "
[رواه البخاري 3602 ومسلم 2886] " يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القط ر يفر بدينه من الفتن " [رواه البخاري ح 19]

12- الاقتصاد في المعيشة والبعد عن حياة الترف ولو لفترات زمنية محدودة ، فهو أمر يساعد في مواجهة الأزمات " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين "
[ الأعراف: 31 ]

13- مدارسةُ الآيات وتدبّرُ البينات والعظات فهي تعين على الثبات" وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ "
[ هود : 120 ]

14 :- البعد عن العاطفة الزائدة وحسن التأمل للواقع " حدثوا الناس بما يعقلون أتريدون أن يُكذب الله ورسوله "
[ البخاري ]

15:- تحقيق الإيمان بالقضاء والقدر في قلوب العباد " إنا كل شيء خلقناه بقدر "
[ القمر : 49 ] " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون " [ التوبة : 51 ]

16:- التواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون "
[هود : 117] " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده " [ صحيح الجامع 1970 ]

17- الإكثار من الصدقة في السر والعلانية " أكثروا من الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا "
[ رواه ابن ماجه ] " صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، وصدقة السر تطفيء غضب الرب .. " [ رواه الطبراني صحيح الجامع 3797 ] .

18 - دعاء الله عز وجل بالثبات والأكثار من قول الله تعالى : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك انت الوهاب )
ومن دعاء نبينا عليه الصلاة والسلام يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
 

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 

كتبه : خالد بن ســليمان الغــرير
الــرس
alghorair@hotmail.com

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية