اطبع هذه الصفحة


رسالة من شاب إلى الآباء


بســــم الله الرحمن الرحيم

أيها الآباء المحترمون:
اسمحوا لي أن أكتب إليكم هذه الرسالة مع اعترافي بحقكم وفضلكم علينا فلكم علينا كامل البر والوفاء ولكن ذلك لا يمنعنا من المطالبة بحقنا عليكم طالما وقد قمنا بحقكم ولأن تقصيركم في حقنا قد يدفعنا إلى التقصير في حقكم.
أيها الآباء:
إنني أكتب إليكم هذه الرسالة؛ لأعبر من خلالها عن بعض المشاعر والخواطر التي تجيش في نفوس الكثير من أبنائكم الشباب.
إنكم تعلمون الواقع المرير الذي نعيشه وتشعرون وتحسون بما يعانيه الشباب ( هذا لمن كان لديه إحساس).
ولا يخفاكم ما ظهر في هذه الأيام من وسائلِ وأسبابِ الفتن ودواعي الشهوات التي تجذب إليها الكثير من الشباب وتوقعهم في حبائلها.
فأنتم تعرفون المظاهر الفاتنة التي تنتشر في الشوارع والأسواق، وتعرفون أن هناك قنواتٍ خليعةً ماجنةً فاسدةً تنشر الإباحية والشذوذ بين الشباب.
وهناك المجلات الفاسدة التي تروج للفاحشة وتزينها، وهناك المواقع الإباحية على الإنترنت، وهناك الوسائل المتاحة عبر الجوال من بلوتوث ووسائط ودردشة فاسدة مُفْسِدة، وهناك رفقاء السوء الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين.
ولأنني واحد من الشباب فأنا أشعر بأن أكثر الآباء في عالم وأبناءَهم في عالمٍ آخر.
فبعض الآباء أو أكثرهم يتركون لأبنائهم مساحة كبيرةً من الحرية في اختيار الأصدقاء والدخول إلى المقاهي وتصفح المواقع التي يحبونها دون حسيبٍ أو رقيب، وهناك الكثير والكثير من المظاهر التي تدل على الانحراف والشذوذ ، والآباء في غفلةٍ عن هذا أو هم متغافلون.

أيها الآباء:
إننا أبناؤكم، ونحن أمانةٌ في أعناقكم فهل تحسون وتشعرون بما نعانيه من أحاسيسَ ومشاعرَ أَمْ جَمَدَتْ عقولُكم وتَحَجَّرَتْ قلوبُكم؟
هل تذكرون عندما كنتم شبابًا مثلنا أم نسيتم تلك المرحلةَ التي عانيتم فيها شيئًا يسيرًا مما نعانيه نحن اليوم؟
لماذا أنتم غافلون ومتشاغلون عنا؟
لماذا أنتم تحتقروننا ولا تساعدوننا على استغلال أوقاتنا في النافع والمفيد؟
لماذا صنعتم الحواجز بيننا وبينكم فلا تجلسون معنا ولا تحترموننا ولا تسألوننا عن مشكلاتنا وهمومنا ولا عن طموحاتنا وآمالنا؟
هل تظنون أن الفساد الذي نقع فيه ليس عليكم به إثم ولا حرج خاصَّةً وأنَّكم أهملتم تربيتنا وقصرتم في حقنا؟!
فأنتم لا تدرون ماذا نقرأ؟ وماذا نتابع؟ وماذا نشاهد عبر القنوات والإنترنت؟ وماذا في جوالاتنا من مصائب وبلايا؟ ولا تعرفون مع مَن نسير ومَن نُصَاحِب؟ وقد نبيت خارجَ بيوتنا ولا تبالون أين بِتْنَا ومَعَ مَن كنا هل بِتْنَا في فندق أو لوكندة أو قهوة أو... ومَن أصحابُنا الذين نَبيتُ معهم؟؟؟

أيها الآباء:
إننا أصحابُ مشاعرَ وأحاسيسَ ورغبات فإن لم تَرْعَوْنا وتعتنوا بنا وتعطونا حقنا وتشبعوا رغباتِنا وأحاسيسَنا ومشاعرَنا بالصالح والنافع والمفيد، وإلا فهناك مِن أصحابِ الشر والفساد ودعاةِ الخلاعة والمجون والشذوذ والانحراف مَن يقوم بتربيتنا والتأثير فينا من حيث تشعرون أو لا تشعرون.
فأنتم لم تأخذوا بأيدينا إلى المساجد، ولم تشجعونا على حفظ القرآن الكريم، وقد تعطوننا أموالاً وتتركون لنا الحريةَ في صرفها في أي اتجاه فنشتري بها الأجهزةَ والسيديهات والوسائل الحديثة التي نستغلها في الشر، ونخرج الخَرْجَات ونذهب إلى الفنادق مع رفقاء السوء ونفعل ما نشاء لعلنا نُشْبِعُ مشاعرَنا وأحاسيسَنا وشهواتِنا ورغباتِنا، وإن لم تعطونا مالاً فإنَّ أصحابَ الشر والفساد سيشتروننا بأموالهم.

أيها الآباء:
أين الرحمة؟ أين المشاعرُ النبيلة؟ أين الأحاسيسُ الرقيقة؟ أين الوُدُّ والحَنَان؟ أين الشفقةُ والإحسان؟
لماذا تتعاملون معنا كأننا جمادات لا نحس ولا نشعر؟
ارحمونا، ارفِقُوا بنا، اعطُونا حقنا من الحنان ولا تدفعونا إلى البحث عن الحنان عند غيركم من المُسْتَغِلِّين وهم موجودون في كل مكان فنحن نجدهم على أرصفة الشوارع وفي الحدائق والمنتزهات وفي مقاهي الإنترنت ومحلات الألعاب وغيرِها.

أيها الآباء:
لماذا تساعدوننا على الفساد والانحلال؟!
قد تستغربون من هذا السؤال فأقول: مِن حيثُ تشعرون أولا تشعرون.
فهل يخطر ببالك أن تُزَوِّجَ ولدَك وتُعِفَّه عن الحرام؟
لقد ضيقتم طريقَ الزواج وحاصرتم مَن يريد ذلك وأغليتم المهور وتباهيتم بالأثمان! وتركتمونا بعد ذلك نشقى بنار الشهوة فنحن خاسرون وفاشلون في كل شيء فلم ننجح في دراسة ولم نتقن أيَّ عمل أو مهارة؛ لأننا نحترق بنار الشهوة ونتلظى بسعيرها ونصطلي بجحيمها فلا نهنأ بنوم ولا نشعر براحة.
هل ترضون لنا أن نعيشَ هذه الحياةَ التعيسة ونَشْقى في هذا الجحيمِ المحيطِ بنا من كل ناحية؟
لقد حاصرتم وضيقتم طريق الزواج الحلال وتركتم لنا الحبلَ على الغارِب في الطُّرُقِ المُحَرَّمة فأنتم شركاؤنا في الفساد.

أيها الآباء:
هل تريدون حِفْظَ أعراضِكم وصَوْنَ كرامتكم؟
هل تشفقون على أبنائكم وبناتكم من التحلل والفساد؟
هل تحبون الخير لأولادكم؟ هل تتمنون المستقبل السعيد والرقي المجيد لأولادكم ؟
أجيبوا بصراحة وصدق وأمانة وعندها ستعرفون دوركم في تربية أولادكم.

أيها الآباء الكرام:
هذه كلمات ومشاعر وأحاسيس كتبتُها إليكم وإنني أدرك أَنَّ بعضَ أولادِكم سيشعر بمثل ما شعرتُ به. فأرجو أن تتخيل أيها الأب أن هذه الرسالةَ قد كتبها أحَدُ أولادِك فما موقفُك وشعورُك وإحساسُكَ عند ذلك.
أتمنى أن تُصَارِحَ أولادَك وتنفتحَ معهم وتستمعَ لآرائهم وتساعدَهم على حل مشكلاتهم.
هذه الرسالةُ أمانةٌ في أعناقكم إلى يوم القيامة ولن نسامحكم في ذلك اليوم بل سنطالب بحقنا وأن تذوقوا من العذاب يومَ القيامة مثلَ العذاب الذي ذقناه نحن في الدنيا.
واعلموا أَنَّ هذه الرسالةَ ليست من الأبناء والشباب فقط بل من البنات والشابات أيضًا، فهناك الكثيرُ من القواسم المشتركة بين الشباب والشابات في هذه الأيام.
وأنا لا أدعوكم لِأَن تعيشوا مع الشكوك والوساوس والأوهام فتسيؤوا الظنَّ بأبنائكم وبناتكم وتراقبوا جميعَ تحركاتِهم وأفعالِهم وأقوالِهم حتى يشعروا كأنهم في سجن وكأنهم مُقَيَّدُون ومُكَبَّلون بل أدعوكم للقيام بالمسؤوليةِ المُلْقَاةِ على عواتقكم وأداءِ الواجبِ الذي عليكم لأبنائكم على أكمل وجه مُسْتَخْدِمِينَ الوسائلَ والأساليبَ التربوية التي تحقق الهدف وتوصل إلى الغاية دون وقوع في مفاسد وأخطاء تربوية.
ونحن نعلم أنَّ تقصيرَكم وإهمالَكم في تربيتنا لا يعذُرُنا ولا يُبَرِّرُ لنا الوقوعَ في الخطأ والتَّمادي في الزَّلَل، ولكنَّنا نُذَكِّرُكم بدوركم ومسؤوليتكم تجاه الأمانةِ الملقاةِ على عواتقكم، وأَنَّكُم شركاؤنا في الخير وفي الشر، على قدر اهتمامكم وعنايتكم ورعايتكم لنا.

أيها الآباء:
أَدْرِكُوا القطارَ قبل أن يفوتَ الأوانُ، وقبل أن تندموا حين لا ينفعُ الندم، وقبل أن تذوقوا الحسرةَ التي لن تفارقَكم إلى الممات، وقبل أن تقعَ الفضيحةُ ويحصلَ الذلُّ والعار.
وإنني أطلب منكم العفوَ والمسامحةَ إن كان في رسالتي شيءٌ من الغلظة والقسوة فهذا بعضُ ما نشعر به وما نعانيه فارحمونا سيرحمكم الرحمن ولا تتركونا نَتَخَبَّطُ في سُبُلِ الشيطان.
وإلى أن نلقاكم يوم القيامة بين يدي الله عَزَّ وَجَلَّ فيحكم بيننا فهو الحَكَمُ الحَقُّ العَدْلُ المُبِين.


المرسل
ولدكم الشباب / فلان

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية