اطبع هذه الصفحة


سلسلة أخلاقنا

محمد بن عبدالله النونان


بسـم الله الرحمـن الرحيـم



فضل حسن الخلق


الحمد لله المتفضل بالجود والإحسان, المنعم على عباده بنعم لا يحصيها العد والحسبان, الكريم المنان الذي أسبغ علينا النعم ظاهرة وباطنه, فله الحمد في الأولى والآخرة.
نحمده تعالى ونشكره ونصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, سيد المرسلين وإمام المتقين, وعلى آله وصحبه أجمعين.

فإن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، بها تُنال الدرجات، وتُرفع المقامات. وقد خص اللّه جل وعز نبيه محمداً صلى اللّه عليه وسلم بآية جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب فقال تعالى:((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ))

وإن لحسن الخلق في الإسلام مكانة عالية, وتتعدد النصوص في فضل الخلق القويم والحث على التحلي والتمسك به:

فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا)) سنن الترمذي

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن الناس لم يعطوا شيئاً خيراً من خلق حسن)) صحيح الجامع

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((عليك بحسن الخلق وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما)) الترغيب والترهيب

وحُسن الخُلق نعني به: طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الناس، هذا مع ما يلازم المسلم من كلام حسن، ومدارة للغضب، واحتمال الأذى.

وتأملوا أحبتي الأثر العظيم والثواب الجزيل لمن حسن خلقه:
* به تنال درجة العابدين فقد قال صلى الله عليه وسلم: )) إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل ، صائم النهار ((السلسلة الصحيحة
* إن أثقل ما يوضع في ميزانك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال)):ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق ((صحيح الترمذي
* ويجعلك أحب الناس إلى الله، و تكون به أقرب الناس مجلسًا إلى النبي فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال)):ألا أخبركم بأحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة؟!)) قالوا: بلى، قال: ((أحسنكم خلقًا ((صحيح الترغيب
* حسن الخلق طريقا من طرق دخول الجنة بل بلوغ الدرجات العلى فيها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم)):أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ((رياض الصالحين

أحبتي فكم من أجور أضعناها بغفلتنا عن حسن الخلق والاعتناء به, وهذه دعوة بأن نحتسب أجر التحلي بالصفات الحسنة، ونقود أنفسنا إلى الأخذ بها والمجاهدة في ذلك.

مقتدين بسيرته صلى اللّه عليه وسلم فهي أعظم نموذج يُحتذى به في الخلق مع نفسه، ومع زوجاته، ومع جيرانه، ومع ضعفاء المسلمين بل وحتى مع الكفار.

وسنتحدث من خلال هذه السلسلة التي نلقاكم بها خلال يومين في الأسبوع,,لنحيي عن عدد من الأخلاق الكريمة التي حث عليها الدين ورتب عليها الأجر العظيم...

فابقوا معنا فما زال للحديث بقية
 



خلق الأمــانة


الأمانة خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه.

فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان، بينما رفضت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها، يقول الله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنا وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولاً}

مـا هي الأمانـة؟

الأمانة هي أداء الحقوق، والمحافظة عليها، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه.

مــكانــة الأمــانـة:

1- لقد أثنى الله على عباده المؤمنين بحفظهم للأمانة، فقال تعالى: {والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون}

2-الأمانة خلق الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان يلقب قبل البعثة بالصادق الأمين.

3- الأمانة علامة من علامات الإيمان، والخيانة إحدى علامات النفاق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم))آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائْتُمِنَ خان ((البخاري

4- إنها من أغلى ما يرزقه الله للعبد ، ولا يحزن بعده على أي عرض من الدنيا ، كما جاء في الحديث ))أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : صدق الحديث، وحفظ الأمانة ، وحسن الخلق ، وعفة مطعم ((صحيح الترغيب

أنــواع الأمـــانــــة:

الأمانة لها أنواع كثيرة،منها:

* الأمانة في العبادة:

فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف، فيؤدي فروض التي افترضها الله عليه على أتم وجه قاصداً بها وجه الله تعالى.

* الأمانة في حفظ الجوارح:

وعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله.

* الأمانة في الودائع:

ومن الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي, قال تعالى{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}

* الأمانة في العمل:

ومن الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل والطالب ورب الأسرة....إلخ الكل مطالب بأن يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة.

* الأمانة في الكلام:

ومن الأمانة أن يلتزم المسلم بالكلمة الجادة، فيعرف قدر الكلمة وأهميتها.

* الأمانة في حفظ الأسرار:

فالمسلم يحفظ سر أخيه ولا يخونه ولا يفشي أسراره.

ثمـــــرات الأمــــانة:

1- أن الله يحب الأمناء ويحبهم رسول الله ثم يحبهم الناس لذلك.
2- شيوع الثقة والتعاون بين أفراد المجتمع.
3- وجود الطمأنينة وراحة البال وسهولة التعامل بين الناس.
4- تورث الذكر الجميل بين الناس.

كيــف تكون أميـنــــاً؟

1- بالتعود والتنشئة وتعظيم مكانتها في نفس المسلم منذ الصغر.
2- تذكر المسئولية والموقف أمام الله يوم القيامة.
3- السعي لحسن الذكر في الدنيا, وعظيم الأجر في الآخرة بفضل الله ثم بالتحلي بالأخلاق الحميدة ومنها الأمانة.
4- تذكر عاقبة الخيانة وأنها دليل على النفاق.
5- الاستفادة من سيرة السلف الصالح وحالهم مع الأمانة

فهيا معاً لنحيي خُلقاً عظيماً من أخلاق الإسلام, ولنجاهد أنفسنا عليه لننال عظيم الأجر من الله جل وعز

هذا وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين...

وإلى لقاء قريب مع خلق آخر كريم
 



خلق الإيثار


إذا كنت ممن يسهل عليهم العطاء ولا يؤلمهم البذل فأنت سَخِي، وإن كنتَ ممن يعطون الأكثر ويُبقون لأنفسهم فأنت جواد.
أما إن كنت ممن يعطون الآخرين مع حاجتك إلى ما أعطيت لكنك قدمت غيرك على نفسك فقد وصلت إلى مرتبة الإيثار..
ومرتبة الإيثار هي من أعلى المراتب.

معنـى الإيثـار:


الإيثار هو أن يقدم الإنسان حاجة غيره من الناس على حاجته، برغم احتياجه لما يبذله، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي سواه.
تقول أمنا عائشة رضي الله عنها: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، ولو شئنا لشبعنا، ولكننا كنا نؤثر على أنفسنا.

مكـانـة الإيثــار:

1- أثنى الله على أهل الإيثار، وجعلهم من المفلحين، فقال تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}
2- لو لم يكن من فضائله إلا أنه دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام ورفعة الأخلاق لكفى.
3- هو طريق إلى محبة الرب سبحانه.
4- هو طريق لجلب البركة ووقاية من الشُّحِّ.

درجـات الإيثـار:

لقد قسم بعض العلماء الإيثار إلى مراتب ودرجات، فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:

الأولـى:
أن تُؤْثِرَ الخلقَ على نفسك فيما لا يخْرُمُ عليك دِينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، يعني أن تُقدمهم على نفسك في مصالحهم.

أما كلُّ سببٍ يعود عليك بصلاح قلبك ووقتك وحالك مع الله فلا تؤثِر به أحدًا، فإن آثرت به فإنما تُؤْثِر الشيطان على الله وأنت لا تعلم.

الثانيـة:
إيثارُ رضا الله على رضا غيره وإن عظمت فيه المحن وثقلت فيه المؤن.
وإيثار رضا الله عز وجل على غيره، هو أن يريد ويفعل ما فيه مرضاته، ولو أغضب الخلْق، وهي درجة الأنبياء، وأعلاها لِلرسل عليهم صلوات الله وسلامه. وأعلاها لأولي العزم منهم، وأعلاها لنبينا صلى الله عليه وسلم.

ثمـرات الإيثـار:

1- انتشار التعاون والتعاضد بين المسلمين.
2- تحقيق الكفاية المادية في المجتمع.
3- بتحقيق الإيثار يتحقق الكمال الإيماني في النفس, قال صلى الله عليه وسلم )) لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (( البخاري
4- الإيثار يقودك إلى ترك جملة من الصفات الذميمة ، كالحسد والحقد ، والبغض للآخرين ، والأنانية و الجشع ، وغيرها من الصفات الذميمة.

دوافع الإيثــار:

1- الرغبة في مكارم الأخلاق، والتنزه عن سيئها، إذ بحسب رغبة الإنسان في مكارم الأخلاق يكون إيثاره.
2- بُغض الشُّحِّ، فمن أبغض الشُّحَّ علم ألا خلاص له منه إلا بالجود والإيثار.
3- توطين النفس على تحمل الشدائد والصعاب، فإن ذلك مما يعين على الإيثار.
4- تعظيم الحقوق، فمتى عظمت الحقوق عند امرئٍ قام بحقها وأيقن أنه إن لم يبلغ رتبة الإيثار لم يؤد الحقوق كما ينبغي فيحتاط لذلك بالإيثار.

نسأل الله العلي القدير بمنه وفضله أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو

ويتجدد اللقاء بكم عما قريب مع خُلق آخر من الأخلاق الكريمة..
 



خلق الحلم


السلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ....

هناك ارتباطاً مؤكداً بين ثقة المرء بنفسه وبين أناته مع الآخرين وتجاوزه عن خطئهم ، فالرجل العظيم حقاً هو من اتسع صدره وامتد حلمه وعذر الناس من أنفسهم والتمس المبررات لأغلاطهم.

ما هــو الحلــم؟

الحلم هو ضبط النفس، وكظم الغيظ، والبعد عن الغضب، ومقابلة السيئة بالحسنة.
وهو لا يعني أن يرضي الإنسان بالذل أو يقبل الهوان، وإنما هو الترفع عن شتم الناس، وتنزيه النفس عن سبهم وعيبهم.

مـــكانـــة الحلـــــم:


* الحلم صفة من صفات الله -تعالى- فالله -سبحانه- هو الحليم، يرى معصية العاصين ومخالفتهم لأوامره فيمهلهم قال تعالى {واعلموا أن الله غفور حليم}

* الحلم خلق من أخلاق الأنبياء، قال تعالى عن إبراهيم {إن إبراهيم لأواه حليم}
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أحلم الناس، فلا يضيق صدره بما يصدر عن بعض المسلمين من أخطاء.

* الحلم صفة يحبها الله -عز وجل-، قال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة ))إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة ((رواه مسلم

ثمـــرات الحلــــم:


1- الحلم وسيلة للفوز برضا الله وجنته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ))من كظم غيظًا وهو قادر على أن يُنْفِذَهْ، دعاه الله -عز وجل- على رءوس الخلائق يوم القيامة، يخيره من الحور العين ما شاء ((صحيح الترغيب

2- الحلم دليل على قوة إرادة صاحبه، وتحكمه في انفعالاته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ))ليس الشديد بالصُّرْعَة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ((البخاري

3-الحلم وسيلة لكسب الخصوم والتغلب على شياطينهم وتحويلهم إلى أصدقاء، قال تعالى {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}

4- الحلم وسيلة لنيل محبة الناس واحترامهم، فقد قيل: أول ما يُعوَّض الحليم عن حلمه أن الناس أنصاره.

وعلى الرغم من أن الحلم كله خير, ويأتي بالخير, وأن الشر في الغضب, إلا أنه أحياناً يحمد الغضب بل يجب...فالغــــضب نوعــــان:

1- الغضب المحمود:
هو الذي يحدث بسبب انتهاك حرمة من حرمات الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو القدوة والأسوة الحسنة- لا يغضب أبدًا إلا أن يُنْتَهك من حرمات الله شيء.

2- الغضب المذموم:
وهو الذي يكون لغير الله، أو يكون سببه شيئًا هينًا, وقد ينتهي أمره إلى ما لا يحمد عقباه.

ويتم التحلي بخلق الحلم بعدة وسائل منها:

1- التربية والتعود والتكرار.
2- تذكر ثواب الحلم وفوائده, وعقوبة السفه والغضب.
3- مصاحبة الحلماء ومراجعة سيرهم.
4- تكلف الحلم وقهر النفس عليه.
5- الترفع عن السباب, وهذا من شرف النفس وعلو الهمة.

نسأل الله أن يجعلنا ممن حسنت أخلاقهم, وتهذبت نفوسهم...نفعنا الله بما نقول ونكتب...وإلى لقاء آخر قريب بإذن الله
 



خلق الحياء
 

حديثنا اليوم عن رأس مكارم الأخلاق، وزينة الإيمان، وشعار الإسلام كما في الحديث: "إن لكل دين خُلقًا، وخُلُقُ الإسلام الحياء". صحيح ابن ماجه

واعلم رحمك الله أنه على حسب حياة القلب يكون خُلُقُ الحياء، فكلما كان القلب أحيا كان الحياء أتم..

حقيــقــة الحيــاء:

إن الحياء خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس المحمودة.
فالحياء دليل على الخير، وهو المخُبْر عن السلامة، والمجير من الذم.

مكانة الحيـــاء:


* الحياء صفة من صفات الله -عز وجل-:
فمن صفات الله تعالى أنه حَيِي سِتِّيرٌ، يحب الحياء والستر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))إن الله حَيي ستير، يحب الحياء والستر ((حديث حسن

*الحياء خلق الرسول صلى الله عليه وسلم:
كان النبي أشد الناس حياءً، فقد كان أشد حياءً من العذراء في خدرها.

*الحياء خلق الإسلام . قال صلى الله عليه وسلم )) إن لكل دين خلقاً وخلق الإسلام الحياء ((صحيح ابن ماجه

* إن الحياء من الإيمان بل إن الحياء والإيمان قرناء وأصدقاء لا يفترقان، قال صلى الله عليه وسلم ))الحياء والإيمان قُرَنَاء جميعًا، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر ((صحيح الترغيب

ليس من الحيــاء:


وخلق الحياء لا يمنع المسلم من أن يقول الحق، أو يطلب العلم، أو يأمر بمعروف، أو ينهي عن منكر.
فهذه المواضع لا يكون فيها حياء، وإنما على المسلم أن يفعل كل ذلك بأدب وحكمة،ولا يستحي من السؤال عما لا يعرف، وكان الصحابة يسألون عن أدق الأمور، فيجيبهم النبي عنها دون خجل أو حياء.

أنـــواع الحيــــاء:


1- الحياء من الله:

المسلم يتأدب مع الله -سبحانه- ويستحيي منه؛ ويكون ذلك كما أخبر عنها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما في الحديث:(استحيوا من الله حق الحياء)، فقال الصحابة: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: (ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وَعَى، والبطن وما حَوَى، ولْتذْكر الموت والْبِلَى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء) صحيح الترمذي

2- الحياء من الرسول صلى الله عليه وسلم:

والمسلم يستحي من النبي ، فيلتزم بسنته، ويحافظ على ما جاء به من تعاليم سمحة.

3- الحياء من الملائكة:

قال بعض الصحابة إن معكم مَن لا يفارقكم، فاستحيوا منهم، وأكرموهم.

4- الحياء من الناس:

فالمسلم يستحي من الناس، فلا يُقَصِّر في حق وجب لهم عليه،ولا ينكر معروفًا صنعوه معه

5- الاستحياء من النفس:

ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحُسن السريرة.

ثمــرات الحيـــاء:

1- أن الله يحب الحياء ، قال عليه الصلاة والسلام ))إنَّ الله حَيِي يحب الحياء والستر ((صحيح النسائي
2- الحياء لا يأتي إلا بخير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))الحياء لا يأتي إلا بخير ((رواه مسلم
3- الحياء يقود إلى الجنة كما في الحديث ))الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة ((سنن الترمذي
4- يترتب عليه تعظيم حق الله ثم حق المجتمع.


كيفية التخلق بالحياء:

1- كونه أمراً فطرياً فيجب تنميته من النشأة.
2- استحضار عظمة الله, وتذكر النار, وأن من موجبات دخولها الفحش وعدم الحياء.
3- عدم الاستخفاف بحقوق الناس, والرغبة في الكمال أمامهم.
4- مجالسة حسني الأخلاق, والاستفادة من سير المتخلقين بالحياء.

نفعنا الله وإياكم وهدانا جميعا لما يحبه ويرضاه

وإلى ملتقىً قريب بإذن الباري عز وجل
 



خلق الستر


والحمدلله رب العالمين...وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

كم هي البيوت التي تهدَّمت على أصحابها بسبب انفضاح سِترها وانكشاف عوراتها!،
وكم هي المشكلات التي حدثت بين الناس لأنهم ترخَّصوا في الكلمة وأشاعوها!،
وكم هي الجراح التي أدمت القلوب لأن البعض لم يحفظوا أسرارًا ائتمنوا عليها!،
وكم هي المآسي التي امتلأت بها حياة الناس نتيجة كشف السِّتر عنهم!.

الستر....خُلق عظيم حث عليه ديننا الحنيف وهو مدار حديثنا لهذا اليوم..

معنـى الســتـــر:

الستر هو إخفاء ما يظهر من زلات الناس وعيوبهم.

مكــانـة الســتــر:

* الستر من صفات الله سبحانه:

فالله سِتِّير يحب الستر، ويستر عباده في الدنيا والآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))يدنو أحدكم من ربه، حتى يضع كنفه عليه فيقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرره، ثم يقول: إني سترتُ عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم ((البخاري

* الستر صفة الأنبياء والصالحين:

إن الستر صفة في الإنسان يحبها الله عز وجل وهي صفة يتحلى بها الأنبياء والمرسلون ومن تابعهم بإحسان فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يُرى من جلده شئ استحياء منه ((البخاري

* جعل الله جزاء الستر في الدنيا ستراً أعظم منه في الآخرة,
فإن الله تعالى يستره في موقف هو أشد ما يكون احتياجا إلى الستر والعفو حين تجتمع الخلائق للعرض والحساب، ففي الحديث ))ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ((.البخاري

أنــواع الستـــر:

الستر له أنواع كثيرة، منها:

1- ستر العورات:

المسلم يستر عورته، ولا يكشفها لأحد لا يحل له أن يراها, قال النبي صلى الله عليه وسلم ))لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة ((رواه مسلم

2- الستر عند الاغتسال:

وقد قال صلى الله عليه وسلم ))إن الله -عز وجل- حيي ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ((حديث صحيح

3- ستر أسرار الزوجية:

قال صلى الله عليه وسلم ))إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفْضِي إلى امرأته، وتُفْضِي إليه ثم يَنْشُرُ سرها ((رواه مسلم

4- ستر الصدقة:

المسلم لا يبتغي بصدقته إلا وجه الله -سبحانه-، لذا فهو يسترها ويخفيها حتى لا يراها أحد سوى الله عز وجل.

شـروط الســتـــر:

إذا أراد المسلم أن يستر أخاه، فإن هناك شروطًا لابد أن يراعيها عند ستره؛ حتى يحقق الستر الغرض المقصود منه، ومنها:
1- ألا يكون الستر وسيلة لإذلال المستور واستغلاله وتعييره بذنوبه.
2- ألا يمنع الستر من أداء الشهادة إذا طلبت، {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}
3- الستر مرهون برد المظالم، فإذا لم ترد فالساتر شريك للمستور عليه في ضياع حق الغير.
4- إذا كان المستور ممن يُصِرُّ على الوقوع في المعصية، وممن يفسد في الأرض، فهنا يجب عدم ستره حتى لا يترتب على الستر ضرر يجعله يتمادى في المعصية.

ثمــرات الســـتــــر:

1- إن الستر يطفئ نار الفساد ويشيع المحبة في الناس.
2- ويورث الساتر سعادة وسترا في الدنيا والآخرة.
3- اتصاف صاحبه بالحصافة والحكمة والقدرة على الكتمان وهذا ما لا يتصف به إلا الكبار.

كيفية التخلق بالســـتـــر:

1- استشعار فضل الستر، وأن الله يستر من ستر عبداً مذنباً.
2- بتطبيق خلق الإيثار, بأن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك.
3- تذكر عاقبة من تتبع عورة أخيه, فمن تجرأ على فضح أخيه تكفل الله بفضحه وكشف ستره عنه.

سترنا الله وإياكم بستره, وأحاطنا بمزيد عنايته, ووفقنا لكل خير

ويتجدد اللقاء بكم قريباً بإذن الله
 



خلق الشـــورى


الحمد لله رب العالمين....والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
قديمًا قالوا: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، وعلى الجانب الآخر قالوا: من أُعجب برأيه ضل، وقالوا: من استبد برأيه كان من الصواب بعيدًا.
الشورى... خُلق عظيم من أخلاق الإسلام التي حثنا عليها وهي موضوع حديثنا لهذا اليوم....

معنى الشـــورى:

الشورى هي أن يأخذ الإنسان برأي أصحاب العقول الراجحة والأفكار الصائبة، ويستشيرهم حتى يتبين له الصواب فيتبعه، ويتضح له الخطأ فيجتنبه.
والشورى في الإسلام تكون في الأمور التي ليس فيها أمر من الله، أو أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ إنه لا شورى مع وجود نص شرعي.

مكانة الشورى:

* جعل الله -تعالى- الشورى صفة من صفات المسلمين، وجعلها في منزلة الصلاة والإنفاق، قال تعالى {والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون}

* الشورى خلق النبي صلى الله عليه وسلم.. ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس رأيًا فضلاً عن كونه مؤيدًا بالوحي الإلهي إلا أنه دائم المشاورة لأصحابه قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: ما رَأَيْتُ أحدًا قَطُّ كان أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

* والحكم في الإسلام يقوم على ثلاثة أركان أساسية، هي: العدل والمساواة والشورى، مما يبين أن الشورى لها مكانة عظيمة في ديننا الإسلامي.

ما هي صفات المستـــشــار؟


ينبغي للحازم أن يشاور في أمره ذا الرأي الناصح والعقل الراجح، وقد اشترطوا لأهلية المستشار شروطًا خمسة هي:

1- عقلٌ كاملٌ، مع تجربة سالفة, قال بعضهم: شاور من جرب الأمور ؛ فإنه يعطيك من رأيه ما دفع عليه غاليًا وأنت تأخذه مجانًا.

2- أن يكون ذا دين وتقى؛ فقد ورد في الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما: من أراد أمرًا فشاور فيه امرءًا مسلمًا وفقه الله لأرشد أموره.

3- أن يكون ناصحًا ودودًا؛ فإن النصح والمودة يُصدِّقان الفكرة ويخلصان الرأي،قال القرطبي:وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلا مجربا وادَّا في المستشير.

4- أن يكون سليم الفكر من هم قاطع وغم شاغل، فإن من عارضت فكره شوائب الهموم لا يسلم له رأي، ولا يستقيم له خاطر.

5- ألا يكون له في الأمر المستشار فيه غرضٌ يتابعه، ولا هوىً يساعده؛ فإن الرأي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسد.

ثمـــرات الشــــــورى:

1- الذي يستشير الناس لا يندم أبدًا، والله -سبحانه- يوفقه للخير، ويهديه إلى الصواب.
2- وبالشورى يستفيد الإنسان من تجارب غيره، ويشاركهم في عقولهم, وبذلك يتجنب الخطأ والضرر، ويصبح دائمًا على صواب.
3- أن الشورى فيها تأليف للقلوب.
4- إن في الشورى تنسيق الجهود وتجميعها، والإفادة من الطاقات وعدم تبديدها.
5- من ثمار الشورى منع الظلم والفردية.
6- أن فيها إشاعة حرية الرأي.

الاستــخــــــارة:

وإذا كان المسلم يأخذ آراء العقلاء من الناس ويستشيرهم في أموره، فإن
الله -سبحانه- أقرب من نلجأ إليه حين تختلط علينا الأمور؛ فنطلب منه الهداية والرشاد، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الاستخارة، فإذا أقدم المسلم على أمر فليصلِّ ركعتين، ثم يدعو الله بدعاء الاستخارة:

)اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنتَ تعلم أن هذا الأمر (ويذكر حاجته) خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لـي، ويـسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويذكر حاجته) شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقْدِرْ لي الخيرَ حيث كان ثم رضِّني به (البخاري

فعلى المسلم أن يحرص على تلك الصلاة ويستخير ربه في كل أموره.

وفق الله الجميع لما فيه الخير...وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

ويتجدد اللقاء بكم قريباً بإذن الباري جل جلاله..
 



خلق الصـــبر


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين...

إن هذه الدنيا دار بلاء، والآخرة دار جزاء، فلا يسلم المؤمن في هذه الدار الدنيا من المصائب،فمن فيها لم يصب بمصيبة؟!
وما أشد الحاجة إلى الصبر، لاسيما في هذه الأزمان التي اشتدت فيها الغربة، وكثرت فيها الفتن، وصار القابض على دينه كالقابض على الجمر.

وحديثنا في هذا اليوم, عن هذا الخُلق العظيم, خُلــق الصبر...

ما هو الصبـــر؟

الصبر هو أن يلتزم الإنسان بما يأمره الله به فيؤديه كاملا، وأن يجتنب ما ينهاه عنه، وأن يتقبل بنفس راضية ما يصيبه من مصائب وشدائد.
وقد عرفه بعضهم بأنه: حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن لطم، وشق الجيوب، ونحو ذلك.

فضيلة الصبر والصابرين:


* إن الله تعالى قد جعل للصابرين ما ليس لغيرهم؛ قال تعالى{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}

* والصابرون هم أهل الإمامة في الدين, قال تعالى{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}

* والصــبر خلـــق الأنبيـــــــاء:
ضرب أنبياء الله - صلوات الله عليهم- أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى من أجل الدعوة إلى الله.

* واسمع ماذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم قال هذا الخُلق الكريم:"من يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر". صحيح الجامع

أنــواع الصبــــر:


الصبر أنواع كثيرة، منها:

1- الصبر على الطاعة:

فالمسلم يصبر على الطاعات؛ لأنها تحتاج إلى جهد وعزيمة لتأديتها .

2 - الصبر عن المعصية:

المسلم يقاوم المغريات التي تزين له المعصية، وهذا يحتاج إلى صبر عظيم.

3- الصبر على المصائب:

المسلم يصبر على ما يصيبه في ماله أو نفسه أوأهله, وقال الإمام علي: إن صبرتَ جرى عليك القلم وأنتَ مأجور (لك أجر وثواب)، وإن جزعتَ جرى عليكَ القلم وأنت مأزور (عليك وزر وذنب)

4- الصبر على أذى الناس:

قال صلى الله عليه وسلم : (المسلم إذا كان مخالطًا الناس ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)

ثمـــرات الصــبر:

1- ظفرهم بمعية الله سبحانه لهم, قال تعالى{وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}
2- مضاعفة أجر الصابرين على غيرهم, قال تعالى{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
3- الفوز بالجنة و النجاة من النار, قال تعالى{إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ }
4- حصول المحبة من الله, قال تعالى{وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}

دوافع تعين على الصبر:

1- تدبر الآيات والأحاديث الواردة في فضيلة الصبر.
2- اليقين بأنه لا يقع شيء إلا بقدر الله تعالى.
3- العلم بأن اختيار الله له أحسن من اختياره لنفسه.
4- استحضار أن أشد الناس بلاءً الأنبياء والصالحون.
5- أن يعلم أن زمن البلاء ساعة وستنقضي.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى, ورزقنا ذكره وشكره وحسن عبادته

وإلى لقاء قريب بإذن الله تعالى
 



خلق الصـــدق


الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه,والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين...

مما لاشك فيه أن أعظم زينة يتزين بها المرء في حياته بعد الإيمان هي زينة الصدق
فالصدق أساس الإيمان كما إن الكذب أساس النفاق ،فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر...

الصدق...من أخلاق الإسلام العظيمة, نصحبكم في الحديث عنها هذا اليوم...

مــا هـو الصـدق؟
الصدق بمعناه الضيق مطابقة منطوق اللسان للحقيقة، وبمعناه الأعم مطابقة الظاهر للباطن، فالصادق مع الله ومع الناس ظاهره كباطنه.

مكــانــة الصـدق:

* الصدق مرتبط بالإيمان, وقد سأل الصحابة فقالوا )): يا رسول الله أيكون المؤمن جبانـًا ؟ قال: " نعم "، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال: نعم، قيل له: أيكون المؤمن كذَّابـًا ؟ قال: " لا ((حديث حسن

* الصدق خلق الأنبياء عليهم السلام, وكان الصدق صفة لازمة للرسول صلى الله عليه وسلم.

* الصدق نجاة وخير, وعاقبة الصدق خير وإن توقع المتكلم شرًا قال تعالى {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}

* الصدق طمأنينة وثبات كما جاء في الحديث ))فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة ((حسن صحيح

مجـالات الصـدق:


1- الصدق مع الله:

وذلك بإخلاص الأعمال كلها لله.

2- الصدق مع الناس:

فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين

3- الصدق مع النفس:

فالمسلم الصادق يعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها.

متى يسمح بالكذب؟؟


هناك حالات ثلاث يرخص للمرء فيها أن يكذب،ولا يعاقبه الله على هذا؛ بل إن له أجرًا على ذلك، وهذه الحالات هي:
1- الصلح بين المتخاصمين.
2- الكذب على الأعداء في حال الحرب.
3- في الحياة الزوجية فليس من أدب الإسلام أن يقول الرجل لزوجته إنها قبيحة ودميمة، بل على الزوج أن يطيب خاطر زوجته.

الصدق المذموم:

إن من الصدق ما يقوم مقام الكذب في القبح والمعرة ومنها:
أ- الغيبة: وهي ذكر أخاك بما يكره مما هو فيه من صفات في غيبته.
ب- النميمة: نقل الأخبار مع قصد الإضرار, وهو ذو الوجهين.

ثمـرات الصـدق:

1- إنَّ أقلَّ ما يحصِّلُهُ الصادق في الدنيا حلاوةً في منطقه وهيبةً في مطْلعه.
2- الفوز بثمرات التقوى العاجلة والآجلة.
3- اطمئنان المؤمن على إيمانه, فالصدق أساس الإيمان.
4- يحظى الصادق دائماً بثقة من حوله.

كيفية تحقيق الصـــدق:

1- تذكر ثواب الصادقين وعظم منزلتهم.
2- مجالسة أهلِ الصدق، فإن للمجالسة والمخالطة أثراً كبيراً في السلوك والأخلاق.
3- الدعاء، وهذا من أعظم الأسباب الموصلة إلى محاسن الأخلاق.

نفع الله بكم, وبلغكم منزلة الصديقين في أعلى الجنان

ويتجدد اللقاء قريباً بإذن الله عز وجل...
 



خلق العـــدل


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين...
حديثنا اليوم عن ميزان الله الذي وضعه للخلق، ونصبه للحق؛ فهو إحدى قواعد الدنيا التي لا انتظام لها إلا به، ولا صلاح فيها إلا معه.
العدل...من محاسن الأخلاق التي دعا إليها الإسلام...,

ما هو العــــدل؟

العدل هو الإنصاف، وإعطاء المرء ما له، وأخذ ما عليه.

مـــكانـــة العــــــدل:

* العدل اسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته سبحانه ففي الحديث القدسي قال تعالى )) يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي... ((رواه مسلم
* العدل له منزلة عظيمة عند الله، قال تعالى {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين}
* جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تأمر بالعدل، وتحث عليه، وتدعو إلى التمسك به، يقول تعالى {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى}

مجـالات العـــدل:
إننا مطالبون بالعدل في كل شيء، لكننا نشير هنا إلى بعض مجالات العدل، ومنها:

1- العدل بين المتخاصمين:

كان صلى الله عليه وسلم مثالا في تطبيق العدل، وقد جاء إليه رجلان من الأنصار يختصمان إليه، ويطلبان منه أن يحكم بينهما، فأخبرهما النبي صلى الله عليه وسلم بأن مَنْ يأخذ حق أخيه، فإنما يأخذ قطعة من النار، فبكي الرجلان وتنازل كل واحد منهما عن حقه لأخيه.

2- العدل في الميزان والمكيال:
قال تعالى {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}

3- العدل بين الزوجات:

والمسلم يعدل مع زوجته فيعطيها حقوقها، وإذا كان له أكثر من زوجة فإنه يعدل بينهن في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمبيت والنفقة, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين زوجاته -رضوان الله عليهن- بالعدل، ويقول ))اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ((حديث صحيح

4- العدل بين الأبناء:

فالمسلم يسوِّي بين أولاده حتى في القُبْلَة، فلا يُفَضِّل بعضهم بهدية أو عطاء؛ حتى لا يكره بعضهم بعضًا, قال صلى الله عليه وسلم )) فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ((حديث صحيح

5- العدل في الشهادة:

ويكون العدل فيها بأن يشهد بما رأى أو سمع فإن شهد بما يخالف ذلك فهو شاهد زور {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا..}

ثمــرات العــــدل:

1- العدل يوفر الأمان للضعيف والفقير، ويُشْعره بالعزة والفخر.
2- العدل يشيع الحب بين الناس، وبين الحاكم والمحكوم.
3- العدل يمنع الظالم عن ظلمه، والطماع عن جشعه، ويحمي الحقوق والأملاك والأعراض.

أسباب تعين على التخلق بالعــدل:

1- بالتربية وحسن التنشئة قولاً وعملاً.
2- قهر النفس على العدل, فكما يحب المرء أن يُعدل معه ويُحسن إليه, يتيقن كذلك بأن الناس تحب ذلك أيضاً.
3- تذكر عاقبة الظلم, والعذاب المعد لمرتكبه ..فعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ))إن الله ليملي للظالم, حتى إذا أخذه لم يفلته ((البخاري

نفعنا الله وإياكم بما نقول ونكتب, وهدانا وإياكم لمحاسن الأخلاق ومكارمها..
ويتجدد اللقاء بكم مع خُلق كريم من أخلاق الإسلام...
 



خلق العفة


الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه...والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين....

قديمًا قال بعض أعداء الأمة: كأس وغانية يفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع؛ فأغرقوها في حبِّ المادة والشهوات.
وقد حذر نبي الرحمة من خطر فتنة النساء ))ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ((البخاري
وقد كان علاج القرآن لهذه الفتنة أبدع العلاجات؛
وكان من الوسائل التي حفظ بها الشرع المسلمين أفرادًا ومجتمعات من خطورة الفواحش، حثهم على العفة وترغيبهم في التحلي بها...

فماذا نقصد بالعفة؟
العفة هي الكف عما لا يحل و عف عن المحارم والأطماع الدنية والكف عن السؤال.
فهي إذن خلق إيماني رفيع يعود على صاحبه بالخير في الدنيا والآخرة.

فضل ومنزلة العفة:

* أثنى الله تعالى على أهل العفة وأخبر أنهم أهل الفلاح...قال تعالى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ.إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}

* العفة خُلق الأنبياء عليهم السلام...وقد حدثنا القرآن الكريم كيف تجسدت معاني العفة في يوسف عليه السلام حينما راودته امرأت العزيز..

* ومن الروائع ما قاله ابن القيم رحمه الله عن العفة: "إن للعفة لذة أعظم من لذة قضاء الوطر، لكنها لذة يتقدمها ألم حبس النفس، ثم تعقبها اللذة، أما قضاء الوطر فبالضد من ذلك".

أنـواع العفــة:


1- عفة الجوارح:

فالمسلم يعف يده ورجله وعينه وأذنه وفرجه عن الحرام فلا تغلبه شهواته.

2- عفة الجسد:

المسلم يستر جسده، ويبتعد عن إظهار عوراته, وعلى المسلمة أن تلتزم بالحجاب، لأن شيمتها العفة والوقار.

3- العفة عن أموال الغير:

المسلم عفيف عن أموال غيره لا يأخذها بغير حق..,كما أن المسلم يتعفف عن مال اليتيم إذا كان يرعاه ويقوم على شئونه قال تعالى في شأنهم {ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ومن كان غنياً فليستعفف}

4- عفة المأكل والمشرب:

المسلم يعف نفسه ويمتنع عن وضع اللقمة الحرام في جوفه، لأن كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به كما جاء في الحديث.

5- عفة اللسان:

المسلم يعف لسانه عن السب والشتم، فلا يقول إلا طيبًا، ولا يتكلم إلا بخير, قال صلى الله عليه وسلم ))ليس المؤمن بالطَّعَّان ولا اللَّعَّان ولا الفاحش ولا البذيء ((صحيح الترمذي

6- التعفف عن سؤال الناس:

المسلم يعف نفسه عن سؤال الناس إذا احتاج، فلا يتسول ولا يطلب المال بدون عمل قال صلى الله عليه وسلم : ))اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عن ظهر غِنًى، ومن يستعففْ يُعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يُغْنِه الله ((البخاري

ثمـرات العفـــة:

1- وعد الله تبارك وتعالى أهل العفة والحافظين فروجهم بالجنة والخلود فيها قال تعالى { أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
2- استظلال العبد العفيف بظل عرش الرحمان يوم القيامة. قال النبي صلى الله عليه وسلم ))سبعة يظلهم الله في ظله ...". منهم: "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله ((البخاري
3- النجاة من الإصابة بالأمراض الخبيثة التي تلاحق أصحاب الشهوات.
4- العفة تحفظ المجتمع وتحميه.. نعم؛ فإن من عفَّ عن المحارم عفَّ أهله

أسباب تعين على العفة:
1- غض البصر..فإن إطلاق البصر إلى ما حرم الله من أعظم أسباب الوقوع في الفواحش.
2- حرص المرأة المسلمة على الحجاب والتستر, فبالإضافة إلى كونه صيانة لها فهو وسيلة من وسائل إشاعة العفة والفضيلة في المجتمع.
3- إن من أهم أسباب العفة الزواج، ولهذا حثَّ النبي شباب أمته على المبادرة إليه وعدم التأخير.
4- استشعار مراقبة الله تعالى للعبد و سعة علمه و اطلاعه عليه.

أسأل الله العلي العظيم أن يطهر قلوبنا وأسماعنا وأبصارنا, ونسأله الهدى والتقى والعفاف والغنى...

وإلى لقاء قريب بإذن المولى عز وجل...
 



خلق الكـــرم


الحمد لله الكريم الوهاب...والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين...
حديثنا اليوم عن خُلق عظيم من مكارم الأخلاق، وجميل الخصال التي تحلَّى بها الأنبياء، وحثَّ عليها المرسلون...
إنه خُلق الكرم...
فمَنْ عُرِفَ بالكرم عُرِف بشرف المنزلة، وعُلُوِّ المكانة، وانقاد له قومُه، فما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام، إلا كان من كمال سُؤدده ، وتحليه بالكرم.

ما هو الكـــرم؟

الكرم يطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والجود والعطاء والإنفاق.
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس؟ قال: (أتقاهم لله). قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال:)فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله( البخاري

منزلة الكرم والجود:

* الكرم صفة من صفات الله عز وجل, فالله هو الكريم وهو كثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه.

* الكرم خُلق الأنبياء عليهم السلام...فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس شرفاً ونسبًا، وأجود الناس وأكرمهم في العطاء والإنفاق.
كما تروي عنه السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنهم ذبحوا شاة، ثم وزعوها على الفقراء؛ فسألها النبي: (ما بقي منها؟) فقالت: ما بقي إلا كتفها؛ فقال: (بقي كلها غير كتفها) صحيح الترمذي

* قد رغَّبنا الله فيه في أكثر من موضع من القرآن الكريم، قال تعالى {وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون}

* وحثَّنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الكرم ورغب فيه؛ فقال ))من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه ((البخاري

أنـــواع الكـــــرم:

و بما أن الكرم يطلَق على ما يحمد من الأفعال؛ فإن له أنواعًا كثيرة منها:

1- الكرم مع الله:

المسلم يكون كريمًا مع الله بالإحسان في العبادة والطاعة، ومعرفة الله حق المعرفة.

2- الكرم مع النبي صلى الله عليه وسلم:

ويكون بالاقتداء بسنته، والسير على منهجه، واتباع هديه، وتوقيره.

3- الكرم مع النفس:

فلا يهين الإنسان نفسه، و يعرضها لقول السوء أو اللغو، وقد وصف الله عباد الرحمن بأنهم {وإذا مروا باللغو مروا كرامًا }

4- الكرم مع الأهل والأقارب:

المسلم يكرم زوجه وأولاده وأقاربه، وذلك بمعاملتهم معاملة حسنة، والإنفاق عليهم،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة (إعتاق عبد)، ودينار تصدقتَ به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك ((مسلم

5- إكرام الضيف:

قال النبي صلى الله عليه وسلم ))من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ((البخاري

ثمرات الكرم:


1- الكرم يقرب من الجنة ويبعد عن النار، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ))السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار. والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار (( الترمذي

2- الكرم بركة للمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ))ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفاً ((البخاري

3- الكرم عِزُّ الدنيا، وشرف الآخرة، وحسن الصيت، وخلودُ جميل الذكر.

4- الكرم يجعل الإنسان محبوبًا من أهله وجيرانه وأقاربه والناس أجمعين.

دوافع تعين على الكرم:

1- أن يعلم أن المال مال الله، وأنه نفسَه مِلْكٌ لله.
2- أن يثق في الله، فلا يخشى الفقر إذا أنفق.
3- أن يتأسى بالنبي وبصحابته في إنفاقهم.
4- أن يدرب نفسه على الجود والكرم في جميع أوقات العام، وخاصة في شهر رمضان، وفي الأعياد والمناسبات التي تحتاج منه إلى ذلك.
5- أن يتذكر بأن ثواب الله عظيم وقد جعل عاقبة المنفقين الفوز والفلاح.

بارك الله لي ولكم...وجعلنا من الكرماء قولاً وفعلاً...وأكرمنا بأن نبلغ عفوه ورضاه...
ويتجدد اللقاء قريباً بإذن الله,, مع خُلق كريم من أخلاقنا العظيمة...
 



خلق الــوفـــاء


الحمد لله رب العالمين...والعاقبة للمتقين...والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين...

إن الوفاء من الأخلاق الكريمة، والخلال الحميدة، وهو صفة من صفات النفوس الشريفة، يعظم في العيون، وتصدق فيه خطرات الظنون.
الوفاء من أعظم الصفات الإنسانية،فالناس مضطرون إلى التعاون، ولا يتم تعاونهم إلا بمراعاة العهد والوفاء به، ولولا ذلك لتنافرت القلوب...

ما هو الوفــاء؟

الوفاء أن يلتزم الإنسان بما عليه من عهود ووعود وواجبات.
وقد أمرالله -تعالى- بالوفاء بالعهد، فقال جل شأنه {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً}
وقال تعالى {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم }

مــكانـة الوفـاء:

1- إن الوفاء صفة من صفات الخالق فليس هناك أوفى ولا أصدق في إنجاز وعده من الله جل جلاله قال تعالى {ومن أوفى بعهده من الله}
2- إن الوفاء صفة من صفات الرسل عليهم السلام قال تعالى في مدح سيدنا إبراهيم {وإبراهيم الذي وفى}
3- الوفاء صفة من صفات المؤمنين الصادقين, قال تعالى {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}
4- وهو خلق أولوا الألباب, قال تعالى { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ}

أنـــواع الوفــاء:


الوفاء له أنواع كثيرة، منها:

1- الوفاء مع الله:

بين الإنسان وبين الله -سبحانه- عهد عظيم مقدس هو أن يعبده وحده لا يشرك به شيئًايقول الله عز وجل {ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم}

2- الوفاء بالعقود والعهود:

الإسلام يوصي باحترام العقود وتنفيذ الشروط التي تم الاتفاق عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ))المسلمون عند شروطهم (( حديث صحيح

3- الوفاء بالكيل والميزان:

فالمسلم يفي بالوزن، فلا ينقصه، لأن الله -تعالى- قال {أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم}

4- الوفاء بالنذر:

والمسلم يفي بنذره ويؤدي ما عاهد الله على أدائه, ومن صفات أهل الجنة أنهم يوفون بالنذر، يقول تعالى {يوفون بالنذر ويخافون يومًا كان شره مستطيرًا}
ويشترط أن يكون النذر في خير، أما إن كان غير ذلك فلا وفاء فيه.

ثمـرات الوفــاء:

1- اتساع أعمال الخير و البر.
2- انتشار المودات و استدامة الصداقات .
3- استئصال الفوضى و غرس بذور الثقة بين الناس.
4- سيادة الأمن و الاستقرار النفسي بين الناس.
5- بتحقيق الوفاء تتحقق التقوى, قال تعالى {بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين}

كيف تتخلق بخلق الوفــاء؟
1- التذكير بهذا الخلق بين حين وآخر لتأكيد أهميته.
2- أن يتذكر بأن الوفاء شرفٌ يحمله المسلم على عاتقه وهو قيمة إنسانية وأخلاقية عظمى.
3- يتأمل حال السلف رحمهم الله في وفائهم.
4- تذكر العاقبة السيئة للغدر, والمنزلة الدنيئة للغادر بين الناس.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى...وهدانا لمحاسن الأخلاق قولاً وعملاً
ونلقاكم قريباً بإذن الله مع خُلق آخر كريم من أخلاق الإسلام..
 



خلق حفظ اللسان


الحمد لله أهل الثناء والمجد...أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد...والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين...

"إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب" جملة عظيمة قالها لقمان عليه السلام لابنه وهو يعظه.
ولا شك أنها وصية عظيمة جليلة لو عمل بها الناس لاستراحوا وأراحوا.
ألا ترى أن اللسان على صغره عظيم الخطر، فلا ينجو من شرِّ اللسان إلا من قيده بلجام الشرع...

لذا كان حفظ اللسان من أخلاق الإسلام العظيمة التي حثنا عليها وهي مدار حديثنا لهذا اليوم....

معنــى حفظ اللســان:

المقصود به ألا يتحدث الإنسان إلا بخير، ويبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة والنميمة والفحش، وغير ذلك.
والإنسان مسئول عن كل لفظ يخرج من فمه؛ حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، يقول الله تعالى{ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}

مكانة حفظ اللسان:

ما يدلك عليه كثرة الأحاديث التي تبين خطر اللسان والكلمة...

* قال الله صلى الله عليه وسلم))لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه (( صحيح الترغيب

* وقال الله صلى الله عليه وسلم))إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّر اللسان (تذل له وتخضع) تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنَا (( صحيح الترمذي

* وقال صلى الله عليه وسلم))إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتُبُ الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه (( .السلسلة الصحيحة

ضوابـط الكـلام:

من أراد أن يسلم من سوءات اللسان فلا بد له من الأمور التالية:

1- لا يتكلم إلا لينفع بكلامه نفسه أو غيره، أو ليدفع ضُرَّا عنه أو عن غيره.
2- أن يتخير الوقت المناسب للكلام، وكما قيل: لكل مقام مقال.
3- أن يقتصر من الكلام على ما يحقق الغاية أو الهدف، فالكلام الجيد وسط بين تقصير مخلٍّ وتطويل مملٍّ.
4- أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به، فكلامه عنوان على عقله وأدبه.
5- عدم المغالاة في المدح، وعدم الإسراف في الذم؛ لأن المغالاة في المدح نوع من التملق والرياء، والإسراف في الذم نوع من التَّشَفِّي والانتقام.
6- ألا يتكلم بفحش أو بَذَاءةٍ أو قُبح، ولا ينطق إلا بخير.
7- أن يشغل الإنسان لسانه دائمًا بذكر الله ولا يخْرِجُ منه إلا الكلام الطيب.

أقـســـام الكـلام:

ويدلك على فضل الصمت أمرٌ، وهو أن الكلام أربعة أقسام:

1- قسم هو ضررٌ محض:

كالكذب وشهادة الزور والنميمة فلا بد من السكوت عنه.

2- وقسم هو نفع محض:

كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوعظ والتذكير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت (( حديث صحيح

3- قسم ليس فيه ضررٌ ولا منفعة:

فهو فُضُول، والاشتغال به تضييع زمان، وهو عين الخسران.

4- وقسم هو ضررٌ ومنفعة:

وهذا فيه خطر، إذ يمتزجُ بما فيه إثم، من دقيق الرياء والغيبة وتزكية النفس، وفضول الكلام، امتزاجًا يخفى إدراكه.

ثمرات حفظ اللســــان:

1- الفوز برضوان الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم)) إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ماكان يظن ان يبلغ ما بلغت ؛يكتب الله له رضوانه الى يوم يلقاه ((
2- انه قد ضمن الجنة بحفظ لسانه, لقوله صلى الله عليه وسلم ))من يضمن لى ما بين لحييه ومابين رجليه اضمن له الجنة (( رواه البخاري
3- انه من أفضل المسلمين فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن اي المسلمين أفضل ؟فقال)):من سلم المسلمون من لسانه و يده (( متفق عليه
4- انه ناج من عذاب الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم ))من صمت نجا (( صحيح الترمذي
5- راحة النفس من المتاعب والهموم والمشاكل.

أمور تعينك على حفظ لسانك عن الآفات:


1- التعوذ بالله من شرِّ اللسان, وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم)) للهم إنـي أعوذ بك من شر سمعي .. ومن شر بصري .. ومن شر لساني ومن شر قلبي ..ومن شر منيي (( صحيح النسائي

2- استحضار ثمرات حفظ اللسان في الدنيا والآخرة.

3- استحضار مساوئ عدم حفظ اللسان حيث أنها محبطة لحسناتك يوم القيامة ومثقلة لميزان سيئاتك فهذا ما يشجع على حفظ اللسان من الآفات ويقوي العزيمة على ذلك.

4- الإكثار من الصمت.

5- أن تقطع كل الأسباب الباعثة على آفات اللسان كالغضب والحسد والكبر والغرور والمباهاة...
 

وبهذا الخُلق العظيم, نكون اختتمنا هذه السلسة التي شرفت بصحبتكم لي فيها
سائلين المولى جل وعز أن تكون حجة لنا لا علينا... وأن يتقبلها منا بقبول حسن
وحري بنا أن نجعلها ميدان عمل وتطبيق في حياتنا...
فالدين المعاملة...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم الراجي لعفو ربه/ أبو عبدالله النونان

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية