| بسم الله الرحمن الرحيم
 
		أخي الحبيب ..هل بكيت خشية من الله سبحانه وتعالى ؟ .. هل رأيت كثير 
		ذنوبك فسكبت الدمع ندماً وتندماً وحياءً من الله ؟ .. هل نظرت إلى تقصيرك 
		في الصلوات الخمس فحزنت لذلك وسكبت دموع الأسف والحياء من الله ؟ .. هل 
		تأملت عناية الله ورحمته بك وحفظه لك وإمهاله لك في الوقت الذب أنت عنه 
		مُعرض فحزنت لحالك هذا وذرفت دموعاً من خشيته ؟ .. هل تأملت عذاب الله يوم 
		لا ينفع مال ولا بنون فحسبت لذلك حساباً وأعددت لذلك عُدة وسكبت دمعاً من 
		خشية الله وخوفاً من عذابه وعقابه ؟ .. هل نظرت إلى كتاب الله الكريم فوجدت 
		نفسك هاجراً له فحزنت وبكيت على تقصيرك خشية من ربك ؟ .. هل نظرت إلى حقوق 
		العباد عليك فوجدت تقصيراً ، فأخذك الهم والحزن فسكبت الدمع برهاناً لله 
		على أسفك وندمك على تقصيرك في حقوقهم ؟ .. هل فكرت في دعوة لله وشرف العمل 
		لها ، فوجدت نفسك مقصراً غيرُ إيجابياً فحزنت لذلك وذرفت الدمع حزناً وخشية 
		من الله ؟ .. هل سمعت آيات العذاب تُقرأ أمامك وعلى مسامعك فخررت مغشياً 
		عليك دامعاً من خشية الله تعالى ؟ .. هل سمعت آيات النعيم والجنان والقرب 
		من الرحمن فتأثرت وراحت نفسك تسرح في نعيم جنات الله وزاد شوقك وتأججت 
		رغبتك ، فذرفت دموعاً صادقات من خشية الله طمعاً في جنته ورضوانه ؟ .
 
 بكاء النبي وخشيته ومتابعة الصحابة له :
 روى أبوهريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
		لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ، ولا يجتمع 
		غبار في سبيل الله ودخان جهنم \" رواه أحمد والترمذي .
 عن أنس – رضي الله عنه قال : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه 
		شيء ، فخطب فقال : عُرضت عليّ الجنة والنار ، فلم أر كاليوم في الخير والشر 
		، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً \" قال : فما أتى على 
		أصحاب رسول الله يومٌ أشد منه ، قال : فغطوا رؤوسهم ولهم خنين \" متفق عليه 
		، أي بكوا بكاءً شديداً .
 وكم بكى النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً وسالت دموعه كثيراً ، وهو المغفور 
		له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
 قال عبد الله بن الشخّير – رضي الله عنه - : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم 
		وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء \" رواه أحمد والترمذي .
 ولما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم دمعت عيناه وبكى رحمة 
		له وقال : تدمع العين ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بك يا 
		إبراهيم لمحزونون \" متفق عليه .
 وبكى لما قرأ ابن مسعود عليه سورة النساء .
 وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته .
 وكان يبكي في صلاة الليل .
 
 • قال بعض السلف : ابكوا من خشية الله فإن لم تبكوا فتباكوا ( زاد المعاد ) 
		.
 • كان عثمان بن عفان – رضي الله عنه – إذا وقف على قبر يبكي حتى تخضل لحيته 
		من البكاء .
 • كان علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – يقبض على لحيته ويبكي بكاء الخاشع 
		الحزين .
 • كان عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – يطفئ المصباح بالليل ثم يبكي حتى 
		تلتصق عيناه .
 • بكى ثابت البناني حتى كاد بصره أن يذهب ، فقيل له : نعالجك على أن لا 
		تبكي ، فقال : لا خير في عين لا تبكي .
 بكى الباكون للرحمن ليلاً
 وباتوا دمعهم ما يسأمونا
 بقاع الأرض من شوقي إليهم
 تحنّ متى عليها يسجدونا
 • قيل لعطاء السلمي : ما تشتهي ؟ فقال : أشتهي أن أبكي حتى لا أقدر أن أبكي 
		.
 • كان عبد الواحد بن زيد يقول لعتبة : أرفق بنفسك فيبكي ويقول : إنما أبكي 
		على تقصيري .
 
 صفات البكاء الحق :
 1- هو بكاء الضعف والخوف ، ضعف وخوف من الله لا من غيره .
 2- هو بكاء القلب والعين معاً لا بكاء العين فقط .
 3- هو بكاء التصحيح للنفس والأخذ بها إلى الأهداف السامية والنبيلة .
 4- هو بكاء يزيد معه وبه إيمان المسلم ويكون من خشية الله .
 5- هو بكاء يُقرب العبد من السماء ويجعله يحلق فيها .
 6- هو بكاء الصدق مع الله والإخلاص لله لا اصطناع فيه ولا رياء .
 7- هو بكاء البيعة معه تتجدد مع الله ومع الرسول ومع القرآن .
 8- هو البكاء الذي يُعيِّش صاحبه في آفاق الجنان فيزداد الشوق إليها 
		والحنين ويصوّر النيران أمامه فتحدث الرعشة في الجسد والارتجاف .
 
 دعاء :
 اللهم ارزقنا دمعات صادقات من خشيتك تمحي بها ذنوبنا ، وترحم بها ضعفنا ، 
		وتجبر بها كسرنا ، وتحقق بها أسمى أمانينا .
 اللهم ارزقنا دمعات صادقات ننل بها حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى 
		حبك .
 اللهم ارزقنا دمعات صادقات تجلي بها قسوة قلوبنا ومرض نفوسنا وخراب ضمائرنا 
		.
 اللهم ارزقنا دمعات صادقات تكون لنا شاهدات يا ربنا يا عظيم المكرمات .
 
 
 |