اطبع هذه الصفحة


صخر السعودي

ليلى الشهراني


بسم الله الرحمن الرحيم

يذكرني طلوع الشمس صخرا
واذكره كل غروب شمس
فلولا كثرة الباكين حولي
على اخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكين مثل اخي ولكن
اسلي النفس عنه بالتأسي
فقد ودعت يوم فراق صخر
ابي حسان لذاتي وانسي


بالرغم من مساحة الحزن التي حملتها أبيات الخنساء رضي الله عنها إلا أنها من أجمل ما قرأته من رثاء , خصوصاً وأنه ليس رثاء المرأة لولدها ولا لوالدها بل لأخيها .
عنونت المقالة بـ "صخر" السعودي ليس لتقليب الأحزان , بل للبحث عن الأخوان أمثال صخر للخنساء , فالخنساء لم ترثي أحداً مثلما رثت أخيها صخر , وهنا جوهر القضية البعض يعلل ذلك بأنها شعرت بالذنب لأنها من دفعت بأخيها للموت , والبعض يقول بسبب تعامل أخوها معها . فلم يكن فقط الأخ بل كان الصديق والأب والمعين لها .
أميل بشدة للرأي الثاني , واتفهم حاجة الأخت لأخيها , خصوصاً في زمننا العاصف زمن الرتم السريع , الذي تتقلب فيه الأمور وتتطور بين طرفة عين وانتباهتها .

كم من خنساء سعودية تفتقد لصخر السعودي , ليس بالضرورة أن يموت صخر لتقضي الخنساء حياتها كمداً وحزناً بل نريد أن نرى هذه النماذج تتكاثر في مجتمعنا السعودي .
فالبنت تجد الحنان والرحمة والدلال عند والدها , وتجد الحب عند زوجها , لكن أين مكان أخيها في حياتها ؟ إما أن يكون نعم الأخ ونعم السند والصديق والمعين , وإما أن يكون أخوها في الاسم فقط .

كثير من الفتيات يقعن فريسة "الأخ البديل" الذي يظهر فجأة في غياب الأخ الحقيقي , فيمسح حزنهن ويسمع لكلماتهن قد يكون "أخ منتدى" أو "أخ ماسينجر" أو "أخ صادفته في الطريق" , وجدها مهمومة فساعدها وخفف عنها واقترب منها لتتبدل الأخوة إلى صداقة ثم حب ثم يختفي الأخ بعد أن يجرح قلبها وتعود كما كانت للهموم والأحزان في انتظار أخ آخر .

فتاة كانت تواجه من أخيها شتى أنواع العذاب النفسي والبدني , لكنها كانت معجبة بأخيها محبة له , يمنعها من ارتياد الأسواق أو التنزه أو حتى الذهاب لبعض الأقارب بحجة خوفه عليها , شاء الله سبحانه أن تدخل غرفته ذات مساء فتجد درج أسراره العجيب مفتوح , تنقب بداخله فتجد صور لصديقاته ورسائل من عشيقاته وقناني عطر نسائية فارغة وبعض السلاسل والاكسسورات التذكارية , تسأل نفسها لماذا يقترب أخي من تلك الفتيات ويسمع همومهم ويمسح دموعهم ويقسوا علي ويحرمني مما يفعله هو مع الأخريات.
وأخرى تتمنى أن يكون لها شقيق مثل بقية صديقاتها , يوصلها للمدرسة , يذهب معها لكل مكان تقصده , يحميها ويدعمها نفسيا , فتسمع من صديقاتها التخويف من الأخ وشكر النعمة التي هي فيها .

الأخ قد يكون مصدر فرح وتقويم ودعم نفسي واستقرار عاطفي لأخته , وقد يكون مصدر تعاسة وانتكاسة لها , فيا أخي السعودي أي المصدرين تريد أن تكون ؟ كصخر الذي ابهر الجموع بشجاعته وعفته وصبره وحميته وحبه لأسرته وأخته التي لم تستطع تحمل غيابه يوماً واحداً , أم تكون كالأخ الذي إن حضر جسده غابت مودته وإن رحل جسده غاب ذكره .

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية