اطبع هذه الصفحة


يا ولدي !

محمد بن علي الشيخي


بسم الله الرحمن الرحيم


كم لك من الأصحاب والجلساء ممن تأنس بهم، وتقضي بصحبتهم أوقاتاً نفيسة هي أغلى ما تملك من ساعات عمرك. وأنا لا أعترض في الصحبة، ولكني أشير عليك بالاختيار، فإن المستشار مؤتمن. فتذكر يحفظك الله أنني أنصحُ لك، وأبرُّ بك من أصاحبك كلهم، وأَحَّرصُ على الخير لك. فالولد كما يقال فلذة الكبد.
في الأدب المفرد عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال أبو بكر: والله ! ما على وجه الأرض رجل أحب إلىّ من عمر، فلما خرج رجع، قال: كيف قلتُ يا بُنيه؟ فقلت لـه، فقال: أعز عليّ والولد ألوط". والشاهد قول أبي بكر رضي الله عنه: "والولد ألوط" أي: أقرب وألصق بالقلب. وأحب من كل أحد.

يا ولدي!

تخيّر من أصحابك صفوتهم، وانثر وراء ظهرك حثالتهم، ولا تبالهم بالك. فإنك إن لم تقطع عنك حبالهم، أوثقوك فيها، وألقوك في غاية الجبّ، وتولوا عنك ولسان حال أحدهم يقول: أكله الذئب..!
فذئب الإنسان قرينه وشيطانه، فاجتنب رفقاء السوء، فإنهم إخوان الشياطين، وإياك أن يخدعوك، واحذرهم أن يفتنوك. واعتصم بدينك؛ تسلم. وصن شرفك؛ تغنم.
تذكر يا ولدي! أن{ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}, وأن" الرجل على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل".
والأخلاء فيهم الغثّ والسمين، ومنهم الخائن والأمين، فعليك بالتقاط الدّر، ورمي الأصداف.

اعلم يا ولدي!

إن اختيار الصديق الوفي أمر بالغ الأهمية لا يهمله الأريب، ولا يستغني عنه الأديب.
فإذا رغبت في مودة صاحب، أو مجالسة أحد؛ فاحرص على مَن تأمنه على دينك، وسرك, مَن يأمرك بالخير ويعينك عليه، ويذكرك إذا نسيت، وإذا استنصحته أواستشرته؛ محَّضَ لك نصحه ورأيه. يسرك إن جلست إليه، وإن ذُكِرت في مجلس حضره؛ زانك ثناؤه. مأمون في السراء، مأمول في الضراء.

إن أخال الصدق من كان معك --- ومن يضـر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك --- شتت فيك شمله ليجمعك

وأمَّا خدين السوء، وكيِر الحداد، الهمَّاز اللمَّاز، الطبال المائن، البطال الخائن، فإياك وإياه، وإياك أن تغفل عنه؛ فيرديك، واحذر أن تقترب منه؛ فيعديك.

واحذر مصاحبة اللئيم فإنها --- تعدي كما يعدي الصحيحَ الأجربُ

فجليس السوء إن ائتمنته؛ خانك، وإن استشرته خدعك، وإن طلبت نصحه؛ خذلك، يأمرك بالشر ويسبقك إليه.

أي بُني !

من كانت غايته في عزائم الأمور؛ فإنه لا يرضى بالظلمة من النور, ومن كانت همته علياء، سامى بفضله الجوزاء، وكان لنفسه أنصح من غيره، مغمورٌ شره في بحر خيره. الصلاح زينته، والتقوى حليته.
حفظك الله يا وولدي وسددك ورعاك .


 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية