اطبع هذه الصفحة


المعاني والدلالات لاسمه تعالى الله

د محمد أشرف حجازى


بسم الله الرحمن الرحيم


إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102)

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء:1)

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 70، 71)

أَمَّا بَعْدُ
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِى النَّارِ

1-
الله اسم ذاته أو علم على ذاته تبارك وتعالى الموصوفة بصفات الكمال .

2-
وهو الاسم الجامع الذي تضاف إليه كل الأسماء الحسنى.
فأهل السنة يقولون: الرحمن من أسماء الله، والرحيم من أسماء الله.
قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]

3-
ولا يستطيع أحدٌ أن يحصى خصائص وعظمة هذا الاسم.
فكيف نحصى خصائص اسم لمسماه كل كمال على الإطلاق وكل مدحٍ وحمدٍ وجلالٍ وجمالٍ وخيرٍ وإحسانٍ؟

4-
فما ذُكر هذا الاسم في قليلٍ إلا كثَّره، ولا عند خوفٍ إلا أزاله، ولا عند كربٍ إلا كشفه، ولا عند غمٍّ إلا فرَّجه، ولا عند ضيقٍ إلا وسَّعه.
وهو الاسم الذي تُستنزل به البركات، وتُجاب به الدعوات، وتُقال به العثرات، وتُستدفع به السيئات، وتُستجلب به الحسنات.

5-
وبهذا الاسم أُنزلت الكتب، وأُرسلت الرسل، وشُرِّع الجهاد، وفيه الموالاة وعليه المعاداة، وبه وقعت الواقعة، وبه وُضعت الموازين، ونُصب الصراط، وعنه السؤال في القبر، ويوم البعث والنشور.
ـ وبه انقسمت الخلائق إلى سعداء وأشقياء، سعد من عرفه وقام بحقه، وشقي من جهله وترك حقه.

6-
قال ابن القيم: هو الاسم الدال على كونه مألوهًا معبودًا، تَألُهه الخلائق محبةً وتعظيمًا وخضوعًا وفزعًا إليه في الحوائج والنوائب. [مدارج السالكين 1/32]
ـ وقال ابن القيم : وحقيقة الألوهية : كونه مألوهًا محبوبًا بغاية الحب المقرون بغاية الذل والخضوع والإجلال والتعظيم . [مدارج السالكين 1/92]

وقال ابن القيم: الله اسم علمٍ على الإله المعبود بحق، الذي تألهه القلوب، أي تحبه وتذل له، وأصل التأله هو التعبد، والتعبد آخر مراتب الحب، يقال : عبَّده الحب ، وتيَّمه إذا ملكه وذلـله لمحبوبه ، والمحبة حقيقة العبودية. [مدارج السالكين 3/26]

وقال ابن القيم: فكل صفة عليا واسم حسن وثناء جميل، وكل حمد ومدح وتسبيح وتقديس، وإجلال وإكرام فهو لله ﻷ على أكمل الوجوه وأتمها وأدومها.
ـ وجميع ما يُوصف به ويُذكر به ويُخبر عنه فهو محامدٌ له، وثناءٌ وتسبيحٌ وتقديسٌ.[طريق الهجرتين 218]
ـ لا يحصي أحد من خلقه ثناءً عليه، كما قال أعرف الخلق به، وأحسنهم ثناءً عليه رسول الله >: « لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.» [صحيح مسلم 485]

قال ابن القيم : من الناس من يعرف الله بالجود ، والإفضال ، والإحسان ، ومنهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز، ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام، ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة، ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء ، ومنهم من يعرفه بالرحمة والبر واللطف ، ومنهم من يعرفه بالقهر والملك ، ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته، وإغاثة لهفته، وقضاء حاجته .

وأَعَلَم هؤلاء معرفة من عرفه من كلامه، فإنه يعرفه بربًا قد اجتمعت له صفات الكمال، ونعوت الجلال، ومنزه عن المثال، وبريء من النقائص والعيوب، له كل اسم حسن، وكل وصف كمال، فعال لما يريد ، فوق كل شيء ، ومع كل شيء ، وقادر على كل شيء ، أرحم الراحمين ، وأقدر القادرين، وأحكم الحاكمين . [الفوائد 117]

قال ابن القيم : فهو سبحانه الحميد المجيد، وحمده ومجده يقتضيان آثارهما، ومن آثارهما: مغفرة الزلات، وإقالة العثرات، والعفو عن السيئات، والمسامحة على الجنايات، مع كمال القدرة على استيفاء الحق، والعلم منه سبحانه بالجناية، ومقدار عقوبتها، فحلمه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، ومغفرته عن كمال عزته وحكمته.

فأكمل الناس عبودية: المتعبد بجميع الأسماء والصفات. [مدارك السالكين 1/450]

والحمد لله رب العالمين

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية