اطبع هذه الصفحة


متى تكف !؟

ابن آدم


بسم الله الرحمن الرحيم
 


- اعلموا أن هذا المكتوب وما وجدتم فيه من إظهارٍ للعمل، معاذ الله ما هو بتمجيدٍ للنفس ولكن ترغيبًا للخير، ودُوِّن بعد استخارة، وأعلم أن منكم من هو على أضعاف ما كتبت.

حمدًا لله وصلاة وسلامًا على رسول الله، وبعد:

صليتُ الظهر، سلمت، شرعتُ في الأذكار، التسبيحُ فالتحميد، انتابني فكرٌ شغلني عن التكبير، أربع دقائق أفكّر، ثم عدت لوعيي وأكملت، فكرٌ أهمنّي وأغمّني، أهمني لشأنه وأغمّني لكونِه أذهلني عن التدبّر والتفكّر في معاني الأذكار بعد الصلاة، والبعض إذا سمع "تدبّر" انطلق ذهنه إلى القرآن فقط، بل هو لكل الأذكار.
ثم التعقّل والتدبر والتفكر هو معك في كل لحظة ، يجول العقل فيما أبدع الله، القلب مستحضرًا عظمة الله، فيما اللسان منطوٍ بذكر الله، كل ذلك تدبّر.

أعود لما انتابني من أمرٍ بعد الصلاة.
إن أول عرضُه عليّ كان على سؤال، وكأنّ نفسي أمامي تحاورُني، وأحسبُ سؤالها نتاج تجربة أربع سنوات مذ بدء استقامتي والتحاقي بالحلقات،
- هكذا سألتني: ليش تحب وقتك كثير ؟
-استبان لي معنًى فقلت لها:
( المستقيم متأخرًا أحرص على حفظ وقته )..
-رمتني بسؤالين: لماذا ؟ وكيف شغل هذا فكرك ؟
-قلت: أي نفس ! أمَا إني لن أجيبك، فأنتِ جارةَ فؤادي تعلمينَ جوابي.
-قالت: ومن تُجب ؟
-قلت: إياك أعني يا من التزمتَ مبكرًا ! فارعِني سمعك.

أنا ابن آدم، لا أملك لك نفعًا ولا ضرًا، ولست عليك بمصيطر، وما أنا عليك بجبّار سوى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) .
لا أكتب هذا المقال من امتلاءٍ لغويٍّ أو فنٍّ بلاغيّ، إنما أكتبه والله من ماضٍ تجريبيّ ونصحٍ عاطفي . جرّبتُ تفاهات الماضي، وذقت حلاوة الحاضر، عشت بين الشوارع والملاعب، وبين الحِلق والمساجد، كانت نسبة السنون الماضية إلى الحاضرة التي أتحدث عنها، ستة عشر سنة إلى أربع، والذي نفسي بيده ما ذقتُ لذّةً ولا نشوةً ولا بهجةً ولا فرحةً كما في هذه القلائل الأربع، والآن قد علمتُ حقيقة ما قصدهُ الإمام الشافعي رحمه الله لمّا ذكر أن العلم أشهى لديهِ من نكاح جارية، وصدقَ والله إذ شهوة النكاح ِدقائقٌ وتنقطع، وطربُ العلم في القلب أيامًا وأشهر .

وهذا جواب لماذا يا نفس.
أمّا جواب كيف ، فأكمل القول :

ولكن !

بعد كلّ ذلك ؛ ( صُدِمْتُ ) !!

إخوتاه ؛ أرجو صفحكم إن قسوت بكلمة، فالدافع محبتكم، وكيف لحبٍّ بلا ألم ؟ فأقول :
ها أنا اليوم قد أتممتُ حفظ كتاب الله تعالى، وقد ألمَمْتُ بنزرٍ من التوحيد والعقيدة والأصول والفقه والمصطلح والتفسير والآداب والسيرة، مع مراجعةٍ للقرآن، أخذت شيئًا من أساليب الدعوة إلى الله، كل ذلك بمن الله وفضله وحده بعد أن كنتُ عامّيًّا فارغ الذهن، كان ذلك في أربعِ سنوات !
فماذا عنك أنت في ثمانِ سنواتٍ أو تزيد !؟
علمتَ مالذي أصدمني ؟
-آلمني والله ما همستُ لنفسي ماضيًا لما كنت بالثرى وأراك بالثريا "كيف أصلُ وأجاريك" واليوم أكادُ ألحقُ بكَ في مدّةٍ ينبغي لمثلك أن يكون فيها مُأصّلًا متمكنّا متوسّعًا في العلوم الشرعية، لستُ كذلك، أمّا أنت المستغرقُ زمنًا لا يستُهان به بين حِلق الذكر، أَكُنتَ كذلك ؟

تسمع دائمًا عن كيفية التعامل مع مقاطع وأخبار في برامج لا تُأثّر فيها ولا تؤثر فيك ثم تنجرّ خلفها ضاحكًا مستمتعا، متى تكفّ !

قدْ هيَّئُوكَ لأمرٍ لو فطِنْتَ لهُ
فاربأ بنفسكَ أنْ ترعَى معَ الهملِ

لا أريد منك تهنئةً لحفظِ قرآنٍ ولا حديث، ولكن ...أنتظر وأتشوّق وأتلهّف منك اليوم قبل غد أن تَعقد اجتماعًا مَفْصَلِيًّا (مع النفس)، تُغيّر بعدها *مجرى حياتك* ..
ولْتصْبِر على قراراتهِ قليلًا، (والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)..
مع المحسنين، بزيادةٍ في الإيمان، وَفرةٌ في الوقت، متعةٌ في النفس، بركةٌ في العلم، إلّا إن كنت راجعًا يا رفيقي لدَيْدنِك وعادتِك، فكما سلفت؛ لستُ عليكَ بمُصَيطِر.


صباح الأربعاء
٢٩/١٢/١٤٣٨ هــ


 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية