اطبع هذه الصفحة


عشرون فائدة من جائحة ( كرونا)

فواز بن لوفان الظفيري


بسم الله الرحمن الرحيم
 


الحمد لله رب العالمين ولي المتقين ومنجي عباده المؤمنين لامعبود بحق سواه سبحانه وتعالى عما يشركون وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين نبينا وحبيبنا وقرة َ أعيننا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين .. أمابعد :

لايخفى على أحد مايجري في العالم اليوم من انتشار لمرض ( كرونا) وهو جائحة اجتاحت العالم أجمع. وبلادنا الحبيبة الغالية المملكة العربية السعودية جزء من هذا العالم مترامي الأطراف وأصابه ماأصابه من هذا المرض. فالحمد لله على قضاءه وقدره. ولازالت بلادنا الحبيبة تكافح المرض بماتستطيع بإيمانها بالله تعالى ثم بسواعد أبنائها البررة من كافة القطاعات الحكومية وخاصةً وزارة الصحة ومنسوبيها. فجزاهم الله خيراً. وبلادنا نبذل من أجلها الغالي والنفيس فهي بلاد التوحيد والسنة. فحفظ الله تعالى بلادنا من هذا المرض ورفعه عنا وحفظ ولاة أمرنا ووفقهم لكل خير وتقوى.

وإنني لما تأملت هذا المرض المعدي وماحصل من تأثيره على العالم أحببت مستعيناً بالله تعالى ومتوكلاً عليه أن أذكر نفسي الضعيفة وإخواني ببعض الفوائد المستفادة من هذا المرض.

فما كان من صواب وحق فمن الله وحده لاشريك له وماكان من خطأ فمن نفسي والشيطان.

والله المعين وعليه التكلان فهو حسبنا ونعم الوكيل.

الفوائد المستنبطة :

١-
منها أن البلاء ومنها الأمراض المعدية لايقع إلا بتقدير الله تعالى.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :( ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ويعجبني الفأل، قيل: يا رسول الله! وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة.
كانت العرب تعتقد العدوى، ويقولون: إنه إذا خالط المريض الأصحاء؛ أصيبوا بمثل مرضه، وقالوا للنبي ﷺ: يا رسول الله! الإبل تكون كذا وكذا، فيخالطها البعير الأجرب فتجرب، فقال عليه الصلاة والسلام: فمن أعدى الأول، لا عدوى ولا طيرة، والمعنى نفي العدوى التي يعتقدها الجهال من المشركين، وأن المرض كالجرب ونحوه يعدي بطبعه هذا باطل، أما كون الخلطة تؤثر، فهذا ما نفاها النبي ﷺ، الخلطة قد تؤثر، قد ينتقل المرض من المريض إلى الصحيح بسبب الخلطة بأمر الله بإذن الله جل وعلا لقوله ﷺ: لا يورد ممرض على مصح يعني: لا يورد صاحب إبل مراض على صاحب إبل صحاح؛ من باب تجنب أسباب الشر، وقال: فر من المجذوم فرارك من الأسد، هذا من باب اجتناب أسباب الشر.
فالعدوى التي يعتقدها الكفار باطلة، وهو كون المرض ينتقل بنفسه، ويعدي بطبعه من دون قدر الله ولا مشيئته، هذا باطل.
أما كون المرض قد ينتقل من المريض إلى الصحيح بإذن الله فهذا قد يقع، ولهذا قال ﷺ: فر من المجذوم فرارك من الأسد يعني: لا تجالسه؛ قد ينتقل مرضه إليك، وقال: لا يورد ممرض على مصح يعني: إذا ورد الجميع الماء فالممرض صاحب الإبل المراض لا يوردها مع صاحب الإبل الصحاح، هذا له وقت وهذا له وقت، بعدًا عن العدوى، بعدًا عن انتقال المرض من المريضة إلى الصحيح.
والخلاصة: أن الشريعة جاءت باجتناب أسباب الشر، مع الإيمان بأن الأمور بيد الله وأنه لا يقع شيء إلا بقضائه وقدره). نور على الدرب.

٢-
ومنها وجوب طاعة ولي الأمر بغير معصية الله تعالى. فحينما يأمر ولي الأمر فعلى المسلم السمع والطاعة طاعةً لله تعالى. ولكن بغير معصية الله تعالى. وولي الأمر وحرصاً على سلامة المجتمع المسلم دعا إلى البقاء في البيوت وعدم الخروج إلا لضرورة حتى لاينتقل المرض وينتشر بين الناس. وجاء ذلك على لسان معالي وزير الصحة وفقه الله تعالى وهو من عمال ولي الأمر ومسؤول أوكله ولي الأمر على شؤون صحة الناس في بلادنا.
قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )٨٩.

قال السعدي رحمه الله تعالى :( ثم أمر بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما. وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده .. ). انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وهذا فيه تمحيص لمن تمسك بالعقيدة الصحيحة على منهج سلف الأمة وذلك بطاعة ولي الأمر وامتثال أمر الله تعالى بذلك. وبين المدعين لذلك.

٣-
ومنها نبذ الإشاعة وعدم نشرها والتأكد من الأخبار حول هذا المرض ( كرونا). والإشاعة تسبب التشويش على الناس ونشر الخوف والذعر بينهم.
وعقوبة مروجي الاشاعات عظيمة، ففي الحديث الطويل المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم : "وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، فيُصنع به هكذا إلى يوم القيامة”.

قال تعالى :( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلً) النساء :٨٣.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى : وقوله : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ) إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها ، فيخبر بها ويفشيها وينشرها ، وقد لا يكون لها صحة. انتهى.

قال الشيخ الدكتور صالح بن سعد السحيمي حفظه الله تعالى في محاضرة نافعة بعنوان “ وصايا مهمة لعامة الأمة” :
( تذكر يا صاحب الإشاعة ! هذا الموقف ؛ تذكر أنه ستخاصمك أمة ، ليس فردًا ؛ فيما طرحت ، وفيما نشرت عبر الإنترنت أو عبر بعض الفضائيات .
ثم من المشكل أنهم إلى الآن يتسمون بأسماء مزورة ، وأسماء مزيفة ، وأسماء كبار ، وفلان الكذا ، فلان الكذا ، فلان الكذا ). انتهى كلامه حفظه الله تعالى.

وفي مقطع صوتي رداً على سؤال بخصوص الاشاعات قال الشيخ العلامة زيد بن محمد المدخلي رحمه الله تعالى :( سميت شائعات لأنها ليس لها أصل صحيح وليس لها مصدر موثوق فهي شائعات يتلقاها بعض الناس عن بعض بدون تمحيص وبدون عناية كالأخبارالتي ليس لها أصل وليس لها مصادر فيجب على المسلمين أن يتجنبوا الشائعات التي تجر إلى شر ، وإلى فتن وإلى تدابرو تهاجربين الناس وإلى إشاعة ما لا يجوزأن يشاع في المجتمعات ويترتب عليه الضرر والواجب أن الإنسان إذا أراد أن يتحدث في أمر الدين أو أمرالدنيا فليعلم أن حديثه الذي ينطق به يكتب في صحيفته والله سائله يوم القيامة عنه كما قال الله عز وجل (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )). المصدر : منتديات الآجري.

٤-
ومنها اللجوء إلى الله تعالى والفرار إليه وهي عبادة عظيمة قال تعالى :(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) الذاريات :٥٠.
قال البغوي رحمه الله تعالى :( ففروا إلى الله ) فاهربوا من عذاب الله إلى ثوابه ، بالإيمان والطاعة . قال ابن عباس : فروا منه إليه واعملوا بطاعته . وقال سهل بن عبد الله : فروا مما سوى الله إلى الله ( إني لكم منه نذير مبين).

وقال الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى -معلقاً على الآية نفسها: (فلما دعا العباد إلى النظر إلى آياته الموجبة لخشيته، والإنابة إليه، أمر بما هو المقصود من ذلك، وهو الفرار إليه. أي: الفرار مما يكرهه الله، ظاهراً وباطناًº إلى ما يحبه، ظاهراً وباطناً، فرار من الجهل إلى العلم، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الغفلة إلى الذكر. فمن استكمل هذه الأمورº فقد استكمل الدين كله، وزال عنه المرهوب، وحصل له غاية المراد والمطلوب).

ويقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -في (منزلة الفرار):
قال الله - تعالى -: (فَفِرٌّوا إلَى اللَّهِ) فحقيقة الفرار: الهرب من شيء إلى شيء. وهو نوعان:
فرار السعداء: الفرار إلى الله - عز وجل -. وفرار الأشقياء: الفرار منه لا إليه) مدارج السالكين.

والثلاثة الذين خلفوا جسدوا حقيقة الفرار واللجوء إلى الله - عز وجل -:
- قوله - تعالى -عن الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك: -
(حَتَّى إذَا ضَاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِمَا رَحُبَت وَضَاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنٌّوا أَن لاَّ مَلجَأََ مِنَ اللَّهِ إلاَّ إلَيهِ) [التوبة:١١٨].

يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى -: (وله في كل وقت هجرتان: هجرة إلى الله بالطلب والمحبة والعبودية والتوكل والإنابة والتسليم والتفويض والخوف والرجاء والإقبال عليه وصدق اللجأ والافتقار في كل نفس إليه. وهجرة إلى رسوله في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفصيل محاب الله ومرضاته). طريق الهجرتين.

٥-
ومنها بيان زيف وكذب الغرب الكافر وادعائهم بالعدل والحرية والكرامة للانسانية وخداع بعض المهووسين من المسلمين بهم. وهاهم يقفون عاجزين عن ايجاد حلول بما حل بهم. وقال أحد مسؤوليهم كلاماً مامعناه: بأن كبار السن لاعبرة لهم في الحياة والشباب هم أحق بالعيش منهم. فيعالجون الشباب والرجال ويتركون كبار السن يواجهون خطر الموت.
فياسبحان الله ماأعطم الاسلام وشرائعه. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا. حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

قال المناوي -رحمه الله- في فيض القدير معلقاً على هذا الحديث: ( فالتحذير من كل منهما وحده؛ فيتعين أن يعاملَ كلاً منهما بما يليق به؛ فيُعطَى الصغيرُ حقَّه من الرفقِ به والرحمةِ والشفقةِ عليه، ويُعطَى الكبيرُ حقَّه من الشرفِ والتوقير“، وقيل: يقابل كلاً منهما بما يليق به فيعطي الصغير حقه من الرفق واللطف والشفقة.. والكبير حقه من التعظيم والإكرام.. ). انتهى.

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ -أَيْ: تَبْجِيلِه وَتَعْظِيمِه- إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ -أَيْ: تَعْظِيمُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فِي الْإِسْلَام، بِتَوْقِيرِهِ فِي الْمَجَالِسِ، وَالرِّفْقِ بِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَنَحْو ذَلِكَ- وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ ) رواه أبو داود وحسنه الألباني.

فالحمد لله على نعمة الاسلام العظيمة التي لاتعادلها نعمة.

٦-
ومنها عبادة انتظار الفرج بعد الشدة
قال تعالى ؛( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) سورة النمل :٦٢.

وقال تعالى :( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) سورة الشرح٥-٦.
وقال تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)، (الأعراف 56)، قال بعضُ الصَّالحين: «استَعْمِلْ في كُلِّ بَلِيَّةٍ تَطْرُقُكَ حُسْنَ الظَّنِّ باللهِ عزَّ وجلَّ في كَشْفِها، فَإِنَّ ذلك أَقْرَبُ بِكَ إلى الفَرَج».

وأخرج الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي».

وفي الحديث الصحيح : « النَّصْرُ مع الصَّبْرِ ، و الفَرَجُ مع الكَرْبِ » السلسلة الصحيحة.

يقول الشاعر غي ذلك :

ادفع بصبرك حادث الأيامِ  --- وترج لطف الواحد العلامِ

لا تيأسن وإن تضايق كربها  --- ورماك ريب صروفها بسهامِ

وله تعالى بين ذلك فرجة  --- تخفى عن الأبصار والأوهامِ

كم نجا من بين أطراف القنا --- وفريسةً سلمت من الضرغامِ


وكتب عمر إلى أبي عبيدة يقول: "مهما ينزل بامرئ من شدة ييجعل الله له بعدها فرجاً، وإنه لن يغلب عسر يسرين". فتح الباري. كتاب تفسير القرآن.

ولنا أسوة بنبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم حيث كان يصبِّر أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم ويوصيهم بانتظار الفرج من الله تعالى وحده وأنه قريب : فعَنْ أَبِي عَبْدِاللهِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ متَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ في ظلِّ الْكَعْبَةِ، فَقُلْنَا: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَينِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رواه البخاري.

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى :( ثم أقسم عليه الصلاة والسلام أن الله سبحانه سيتم هذا الأمر؛ يعني سيتم ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من دعوة الإسلام، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون؛ أي: فاصبروا وانتظروا الفرج من الله، فإن الله سيتم هذا الأمر، وقد صار الأمر كما أقسم النبي عليه الصلاة والسلام.ففي هذا الحديث آية من آيات الله؛ حيث وقع الأمر مطابقًا لما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام ). شرح رياض الصالحين.

فالفرج قريب بإذن الله تعالى.

٧-
ومنها التحلي بالخصلة العظيمة الجليلة وهي (الصبر):
أمرنا الله تعالى بالاستعانة بالصبر وبالصلاة على الأمور العظيمة والخطوب الشديدة، فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ ) سورة البقرة:١٥٣، وأثنى الله على أهل الصبر، فقال: (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )سورة البقرة:١٧٧.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :( بين سبحانه أنه يبتلي عباده لحكم وأسرار، والله جل وعلا يختبر عباده فمن شكر صارت العاقبة حميدة ومن كفر صارت العاقبة وخيمة، ولهذا قال: (فتنة) يعني: اختباراً (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) الأنبياء:٣٥، يعني: اختباراً وامتحاناً.

فكن أنت عبداً صالحاً إذا ابتليت فاصبر وصابر واجتهد في طاعة الله وأد الحق الذي عليك حتى تكون بهذا الابتلاء ناجحاً موفق، والله المستعان.( نور على الدرب).

قال الشاعر :
فَدَعْ مَا مَضى واصْبِرْ على حِكِمْةِ الْقَضَا ** فَلَيْسَ يَنَالُ الْمَرْءُ مَا فَـاتَ بِالْجُهْـد

وقال الشيخ محمد بن عثمين رحمه الله في "القول المفيد" ( ٢/ ٢١٢) :
"الناس حال المصيبة على مراتب أربع :
الأولى : السخط ، وهو إما أن يكون بالقلب ، كأن يسخط على ربه ويغضب على قدر الله عليه ، وقد يؤدى إلى الكفر ، قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) [ الحج : 11] .
وقد يكون باللسان ، كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك .
وقد يكون بالجوارح ، كلطم الخدود ، وشق الجيوب ، ونتف الشعور ، و أشبه ذلك .
الثانية : الصبر ، وهو كما قال الشاعر :
الصبر مثل اسمه مر مذاقته ... ... لكن عواقبه أحلى من العسل
فيرى الإنسان أن هذا الشيء ثقيل عليه ويكرهه ، لكنه يتحمله ويتصبر ، وليس وقوعه وعدمه سواء عنده ، بل يكره هذا ولكن إيمانه يحميه من السخط .
الثالثة : الرضا ، وهو أعلى من ذلك ، وهو أن يكون الأمران عنده سواء ، بالنسبة لقضاء الله وقدرة ، وإن كان قد يحزن من المصيبة ، لأنه رجل يسبح في القضاء والقدر ، أينما ينزل به القضاء والقدر ، فهو نازل به على سهل أو جبل ، إن أصيب بنعمه أو أصيب بضدها ، فالكل عنده سواء ، لا لأن قلبه ميت ، بل لتمام رضاء ربه - سبحانه وتعالى - يتقلب في تصرفات الرب - عز وجل - ، ولكنها عنده سواء ، إذ إنه ينظر إليها باعتبارها قضاء لربه ، وهذا الفرق بين الرضا والصبر .
الرابعة : الشكر ، وهو أعلى المراتب ، وذلك أن يشكر الله على ما أصابه من مصيبة ، وذلك يكون في عباد الله الشاكرين ، حين يرى أن هناك مصائب أعظم منها ، وأن مصائب الدنيا أهون من مصائب الدين ، وأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وأن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته ، وربما لزيادة حسناته شكر الله على ذلك ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما يصيب المؤمن من هو ولا غم ولا شيء إلا كفر له بها ، حتى الشوكة يشاكها) [رواه البخاري ومسلم]،
كما أنه قد يزداد إيمان المرء بذلك" انتهى .

٨-
ومنها التفكر والتأمل بالأمم السابقة وماحل بها من العذاب حينما عصت أمر ربها وكذبوا رسل ربهم ( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ*أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج ٤٦،٤٥.

فالأمم السابقة حل بها العذاب والدمار بكفرهم وارتكابهم لما حرم الله تعالى عليهم.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى : ( يخبر تعالى عن الأمم المكذبة بالرسل في قديم الدهر ، وماذا حل بهم من العذاب الشديد ، مع شدة قواهم ، وما أثروه في الأرض ، وجمعوه من الأموال ، فما أغنى عنهم ذلك شيئا ، ولا رد عنهم ذرة من بأس الله). انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

فعلى المؤمن أخذ العبرة منهم فالله تعالى قادر على اهلاك من عصاه واجترأ على محارمه وهذا يزيد ايمانه ويقينه بالله تعالى.

وكم ملأت الدنيا في زماننا في بعض البلدان من الكفر والشرك ودعاء غير الله تعالى والاستغاثة بهم وانتشار المجنون والفواحش ومبارزة َ الله تعالى بالمنكرات فنعوذ بالله من سخط الله.

يقول الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى :( كذلك مما في الأرض آثار السابقين الذي مضوا من قبلنا وعمروها أكثر مما عمرناها وساروا فيها وبنو فيها مساكنهم وديارهم، ثم هلكوا وبقية آثارهم تدل عليهم ليعتبر من جاء بعدهم بهذه الآثار حتى يعبد ربه على بصيرة، وحتى لا يعمل مثل ما عمل الكفرة من الأمم السابقة الذين حل بهم الدمار وبقية ديارهم شاهدةً عليهم (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً) (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ*أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ).

خطبة جمعة للشيخ - موقع الشيخ.

٩-
ومنها التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وثباته في المصائب العظام والخطب الجلل، قال تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾ الأحزاب: ٢١.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: (هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ولهذا أمر تبارك وتعالى الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل....) انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وحينما نزل البلاء العظيم في غزوة الأحزاب ، قال تعالى: ( إ ِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ) الأحزاب ١١،١٠.

ثبت رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وأخذ بالأسباب وأعد الجيش واستشار صحابته رضي الله عنهم وأشار عليه سلمان الفارسي بحفر الخندق واضرام النار فيها فكانت سداً منيعاً على المشركين.

وهكذا على المسلمين التأسي بالنبي صلى الله عليهم وسلم عند حدوث الملمات الصعبة وبذل الأسباب المادية التي تعين المسلمين على التخفيف من وطئة المصائب العامة ومنها : توفير الأغذية ومايحتاجه الناس والأدوية التي تكافح هذا المرض والله هو الشافي وحده لاشريك له.

١٠- ومنها الدعاء دعاء الله وحده لاشريك له. فالدعاء عبادة عظيمة عمد حدوث البلاء وهو دواء نافع ناجع. : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة :١٨٦.

قال مطرف بن عبدالله: (تذاكرت جماع الخير؟فإذا الخير كثير: الصيام ، والصلاة ، وإذا هو في يد الله تعالى ، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد الله إلا أن تسأله فيعطيك؛ فإذا جماع الخير :الدعــــــــــــــاء)
[مدارج السالكين].

عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لا يُغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم يَنْزِل ، وإن البلاء ليَنْزِل فيتلقاه الدعاء ، فَيَعْتَلِجَان إلى يوم القيامة].
(رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وحسنه الألباني في صحيح الجامع).

قال أبو الدرداء رضي الله عنه : (من يُكثر قرع الباب يُوشك أن يُفتح له، ومن يُكثر الدعاء يُوشك أن يستجاب له). رواه البيهقي في " شُعب الإيمان ".

* يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم:
[ إذا أراد الله بعبد خيراً ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سبباً للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه]. كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة، والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم، فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله]. اهـ.

وقال ابن القيم في (الفوائد):
[إذا كان كل خير أصله التوفيق, وهو بيد الله لا بيد العبد, فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له, ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجا دونه]. اهـ.

* وقال في (عدة الصابرين):[ من أعطى منشور الدعاء أعطى الإجابة، فإنه لو لم يرد إجابته لما ألهمه الدعاء، كما قيل:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه ... من جود كفك ما عودتني الطلبا]. اهـ.

* وقال في (الجواب الكافي):
من ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة؛ فإن الله سبحانه يقول: (ادعوني أستجب لكم). وقال: (وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)]. اهـ.
قال صلى الله عليه وسلم :( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ! قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ).رواه أحمد وصححه الألباني.

قال ابن عبد البر في (التمهيد): فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة. اهـ.

* وقال ابن حجر في (الفتح): كل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة: فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه. اهـ.

فادعوا الله تعالى وأملوا فإنه يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، قال تعالى :( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) النمل ؛٦٢.

قال ابن كثيرٍ رحمه الله تعالى :( ينبه تعالى أنه هو المدعو عند الشدائد ، المرجو عند النوازل ، كما قال : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ) [ الإسراء : 67 ] ، وقال تعالى : ( ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ) [ النحل : 53 ] . وهكذا قال هاهنا : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ) أي : من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه ، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه ).

١١-
ومنها تذكر الموت والذي يهرب منه كثير من الناس، والله تعالى يقول : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ٨.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا هاذم اللذات ) يعني الموت. أخرجه الترمذي.
قال الإمام القرطبي رحمه الله : وقوله عليه الصلاة و السلام : (أكثروا ذكر هاذم اللذات) كلام مختصر وجيز, قد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة... وذكر الموت يورث استشعار الانزعاج عن هذه الدار الفانية والتوجه في كل لحظة إلى الدار الآخرة الباقية.ويردع عن المعاصي ويلين القلب القاسي.

قال الإمام ابن العربي رحمه الله : إذا تذكر العبد الموت وكان منه على رصد, إذ هو له بالمرصاد, انقطع أمله, وكثر عمله, وهانت عليه لذاته, ولم يكن للدنيا قدر عنده, إذ ليس بالحقيقة من قطانها, وإنما هو ينزل نفسه بمنزلة الميت في كل حين من أحيانها, فيعرض عن الدنيا, ويقبل على الآخرة, ويزهق الشيطان عنه, ويلزمه الملك.

عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: (خط النبي صلى الله عليه وسلم خطًّا مربَّعًا، وخطَّ خطًّا في الوسط خارجًا منه، وخطَّ خُطُطًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: ((هذا الإنسان، وهذا أجله محيطًا به، أو قد أحاط به، وهذا الذي هو خارجٌ أمله، وهذه الخُطُط الصغار الأعراضُ، فإن أخطأه هذا، نَهَشَه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا )رواه البخاري.

قال ابن القيم رحمه الله:

يا غافلاً عما خُلِقْتَ له انتبه  --- جَدَّ الرحيلُ فلست باليقظانِ

سار الرفاق وخلَّفوك مع الأُلَى  --- قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني

ورأيْتَ أكثر من ترى متخلِّفًا  --- فتبعْتَهُم ورَضِيتَ بالحرمانِ

لكن أتيت بخطتي عجز وجه  --- ل بعد ذا، وصحبْتَ كل أمانِ

مَنَّتْكَ نفسك باللحاق مع القعو  --- د عن المسير وراحة الأبدانِ

ولسوف تعلَمُ حين ينكشف الغطا  --- ماذا صنعْتَ وكنت ذا إمكانِ


قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ المنافقون:١١-٩ ، وقال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ المؤمنون:١٠٠:٩٩.

قال ابن كثير في قوله تعالى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ [التكاثر: 1، 2]. "أَشَغَلَكُمْ حبُّ الدُّنيا ونعيمها وزهرتها، عن طلب الآخرة وابتغائها، وتمادى بكم ذلك حتَّى جاءكم الموت، وزرتم المقابر وصرتم من أهلها؟!"، وفي الحديث عن بُرَيْدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كنتُ نَهَيْتُكم عن زيارة القبور فزوروها)رواه مسلم.

وقال الإمام ابن حبان البستي رحمه الله : ( الواجب على العاقل ذكر الموت على الأوقات كلها وترك الاغترار بالدنيا في الأسباب كلها, إذ الموت رحى دوارة بين الخلق, وكأس يُدار بها عليهم, لا بد لكل ذي روح أن يشربها, ويذوق طعمها, فالعاقل لا ينسي ذكر شيء هو مترقب له, ومنتظر وقوعه, من قدم إلى قدم, فكم من مُكرم في أهله, مُعظم في قومه, مُبجل في جيرته, لا يخاف الضيق في المعيشة ولا الضنك في المصيبة, إذ ورد عليه مذلل الملوك, وقاهر الجبابرة, وقاصم الطغاة, فألقاه صريعاً بين الأحبة, مفارقاً لأهل بيته وإخوانه, لا يملكون له نفعاً, ولا يستطيعون له دفعاً...فالعاقل لا يغتر بحالة نهايتها تؤدى إلى ما قلنا, ولا يركن إلى عيش مغبته ما ذكرنا, ولا ينسى حالة لا محالة هو مواقعها).

فاللهم أحسن خاتمتنا وتب علينا واغفر لنا وردنا إليك رداً جميلا.

١٢-
ومنها يتذكر الانسان ضعفه وأنه مخلوق ضعيف يصيبه الخوف والجزع قال تعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ ) المعارج.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى :( من هلعه من ضعفه إلا وقلة صبره، يكون جزوع ومنوع، جزوع عندما يصيبه نكبة، منوع عندما يحصل له المال بسبب شدة البخل، فهو صفته هلوع إلا من رحمه الله ورزقه البصيرة والاستقامة وثبات القلب على الحق هذا يسلمه الله من هذا) نور على الدرب.

وقال رحمه الله تعالى :( لكن جنس الإنسان هلوع إلا من رزقه الله الإيمان والثبات والحق والاستقامة فإنه لا يكون هلوعًا، إن مسه الشر صبر وجاهد نفسه في إبعاده، وإن مسه الخير شكر الله وأنفقه في وجوه البر، فهو شكور عند الرخاء صبور عند البلاء، هكذا المؤمن، لكن غالب الناس ليس كذلك هلوع، غالب الخلق هلوع، ليس عنده صبر وعند الشدة، وليس عنده شكر عند الرخاء، هذه حال غالب الناس ). نور على الدرب.

١٣-
ومنها تذكر قوة الله تعالى وجبروته وأنه هو القوي العزيز فيظهر قوته تعالى بأضعف مخلوقاته. جرثومة صغيرة لاترى بالعين المجردة. قتلت الآلاف وأرعبت الملايين وتوقفت مؤسسات العالم أجمع وجيشت لها الجيوش ووقف الغرب بتطوره وتقدمه عاجزاً عن ايقافها. حتى قال بعض رؤسائهم وهو رئيس وزراء ايطاليا( إنتَهَت حُلول الأرض وننتَظِر تَدّخُل السماء ). الله أكبر.

قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يس:٨٢.
وقال سبحانه: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} القمر:٥٠. وقال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} الزمر:٦٧.

١٤-
ومنها درس وتذكير للمتكبرين والظالمين في الأرض الذين ظلموا عباد الله فأخذوا أموالهم بغير حق واستكبروا وطغوا وتجبروا.
فإذا كانت جرثومة صغيرة لاترى بالعين قد تصيبك ياعبد الله. فتذكر حينها حجمك وتواضع لله تعالى ورد المظالم لأهلها. وتأمل فيمن هم أقوى منك وتجبروا ماذا كان مصيرهم.
قال تعالى :( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) فصلت : ١٥.

قال السعدي رحمه الله تعالى :( هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين، عاد، وثمود. { فَأَمَّا عَادٌ } فكانوا -مع كفرهم باللّه، وجحدهم بآيات اللّه، وكفرهم برسله- *مستكبرين في الأرض، قاهرين لمن حولهم من العباد، ظالمين لهم، قد أعجبتهم قوتهم. *{ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } قال تعالى ردًا عليهم، بما يعرفه كل أحد: { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } فلولا خلقه إياهم، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظرًا صحيحًا، لم يغتروا بقوتهم، فعاقبهم اللّه عقوبة، تناسب قوتهم، التي اغتروا بها. انتهى.

١٥-
ومنها حسن الظن بالله تعالى. وأن الله تعالى سيجعل بعد عسرٍ يسرا. وحسن الظن بالله تعالى؛ هو قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده من سعة كرمه ورحمته، ورجاء حصول ذلك ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) رواه البخاري ومسلم.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:
" قيل: معناه: بالغفران له إذا استغفرنى ، والقبول إذا أناب إليّ ، والإجابة إذا دعانى، والكفاية إذا استكفانى، لأن هذه الصفات لا تظهر من العبد إلا إذا أَحسن ظنه بالله وقوى يقينه " انتهى، (من اكمال المعلم).

[ أنا عند ظن عبدي بي ] قال العلماء :
ـ قال ابن حجر رحمه الله في الفتح " أي قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامل به " [ ٣٩٧/١٧ ]
ـ قال النووي في شرح صحيح مسلم " قال العلماء : معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه " [٢١٠/١٤ ].

قال النووي رحمه الله تعالى : " قال القاضي : قيل معناه بالغفران له إذا استغفر ، والقبول إذا تاب ، والإجابة إذا دعا ، والكفاية إذا طلب ، وقيل : المراد به الرجاء وتأميل العفو وهو أصح " [ شرح صحيح مسلم٢/١٤ ].

قال بن القيم رحمه الله : " الدرجة الخامسة [ أي من درجات التوكل ] حسن الظـن بالله عز وجل فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه " [ تهذيب مدارج السالكين ص٢٤٠ ] .

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
( فإن الراجي ليس معارضا، ولا معترضا، بل راغبا راهبا، مؤملا لفضل ربه، محسن الظن به، متعلق الأمل ببره وجوده، عابدا له بأسمائه: المحسن، البر، المعطي، الحليم، الغفور، الجواد، الوهاب، الرزاق، والله يحب من عبده أن يرجوه، ولذلك كان عند رجاء العبد له وظنه به ) انتهى، من "مدارج السالكين".

فاحسنوا الظن بربكم وأملوا خيراً فهو مولانا فنعم المولى ونعم النصير.

١٦-
ومنها الاعتزاز بدين الاسلام العظيم وقد لخص ربعي بن عامر هذه العزة في معركة القادسية حينما دخل على رستم بفرسه ليلقنه ويلقن التاريخ درساً بالاعتزاز بالاسلام فقال له رستم : ماجاء بكم ؟ فقال ربعي بن عامر بعزة المسلم: (الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عباده من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

وعن طارق بن شهاب قال: «لما قدم عمر بن الخطاب الشام عرضت له مخاضة، فنزل عمر عن بعيره، ونزع خفيه – أو قال موقيه- ثم أخذ بخطام راحلته وخاض المخاضة. فقال له أبو عبيدة بن الجراح: لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلا عظيما عند أهل الأرض، نزعت خفيك وقدت راحلتك وخضت المخاضة. قال: فصك عمر بيده في صدر أبي عبيدة وقال: أوه، لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة، أنتم كنتم أقل الناس فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزّة بغيره يذلكم الله عز وجلّ»

(رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الشعب).

وبلادنا الغالية المملكة العربية السعودية بلاد التوحيد والسنة أولت اهتمامها وعنايتها لشعبها وللمسلمين وحتى غير المسلمين وتحملت الأعباء المالية والغذائية وفي بلاد الغرب والحضارة المزعومة عند من اغتر بهم تخلوا عن شعوبهم ولم يستطيعوا توفير شيء من المستلزمات الضرورية لمعاشهم عندما حدث هذا الوباء.فتأملوا.

١٧- ومنها أن الدنيا ليس لها ثبوت على حال والمؤمن يتقلب فيها من سرور وحزن ونعمة وبلاء وغنىً وفقر وكلها بتقدير الله تعالى. قال تعالى :( لتركبن طبقاً عن طبق) الانشقاق.

قال القرطبي رحمه الله تعالى : ( قال الحسن : أمرا بعد أمر ، رخاء بعد شدة ، وشدة بعد رخاء ، وغنى بعد فقر ، وفقرا بعد غنى ، وصحة بعد سقم ، وسقما بعد صحة : سعيد بن جبير : منزلة بعد منزلة ، قوم كانوا في الدنيا متضعين فارتفعوا في الآخرة ، وقوم كانوا في الدنيا مرتفعين فاتضعوا في الآخرة : وقيل : منزلة عن منزلة).

فمن عرف ذلك فعليه التفكر في حاله ومآله والاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله تعالى.

١٨-
ومنها أن الله تعالى هو الخلاق العليم ويخلق مالاتعلمون ومنها الأمصال العلاجية لمعالجة الوباء ومنها كرونا. فلولا توفيق الله تعالى ومنته وأنه هو الخلاق العليم لحصل للبشرية الفناء لكن الله تعالى حكيم عليم رحيمٌ بعباده. قال تعالى : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) النحل :٨

قال السعدي : رحمه الله تعالى : ( { وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } : مما يكون بعد نزول القرآن من الأشياء، التي يركبها الخلق في البر والبحر والجو، ويستعملونها في منافعهم ومصالحهم ).

١٩-
ومنها أن انتشار الفاحشة سبب في تفشي الأمراض الفتاكة والطواعين، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا *فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا*، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) رواه ابن ماجه في سننه.

٢٠-
وأخيراً أن المؤمن الصابر في هذا المرض (كرونا) وغيره من الأمراض الخطيرة والوبائية نرجو له الشهادة من الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: (مَا تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم؟ قالُوا: يَا رسُولِ اللَّهِ مَنْ قُتِل في سَبيلِ اللَّه فَهُو شهيدٌ. قَالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقلِيلٌ،" قالُوا: فَمنْ يَا رسُول اللَّه؟ قَالَ: منْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في سَبيلِ اللَّه فهُو شهيدٌ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ) رواهُ مسلمٌ.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى : ( وهكذا من مات بوجع البطن يغسل ويصلى عليه شهيد، وهكذا من مات بسبب مرض الطاعون، وهو مرض شديد يأخذ في مراقي الإنسان يصيب الناس في مراقهم، والغالب أن من أصيب بذلك الغالب عليه الموت فهو شهيد، وهذا من كرم الله وفضله لأن هؤلاء يعطون أجر الشهداء وإن ماتوا على فرشهم، وفق الله الجميع). شرح رياض الصالحين.

اللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام يارحيم ياودود اللهم ارفع عنا الوباء واحفظنا بحفظك واحفظ بلادنا المملكة العربية السعودية من كل بلاء وفتنة وسائر بلاد المسلمين.

اللهم احفظ علينا أمننا وولاة أمرنا ووفقهم لرضاك وسددهم واجعلهم خيراً على البلاد والعباد يارب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية