اطبع هذه الصفحة


لاتحزن ... إنها سنة الله تعالى في خلقه

فواز بن لوفان الظفيري


بسم الله الرحمن الرحيم
 

 
الحمد لله رب العالمين ناصر عباده الموحدين القائمين والعاملين بسنة الرسول الأمين محمد بن عبد الله السائرين على نهج صحابته الغر الميامين ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين وأصلي وأسلم على أسوتنا وحبيبنا وقرة أعيننا نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :

فمع غربة الزمان لأهل الحق والهدى، وانتشار الملهيات عن طاعة الله تعالى، وانتشار أهل البدع والفساد الصادين عن دين الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إلا أنه هناك ضوء ساطع بين هذه الظلمات، يشع نوره في نفوس المؤمنين الصابرين، يذكرهم بوعد الله تعالى لهم ويحثهم على الصبر والجهاد في سبيل الله تعالى لإعلاء كلمة الله تعالى بالسنان والبنان وإن لجهاد النفس والصبر عليها أعظم الجهاد.
قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة : 214.

قال السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره :
( يخبر تبارك وتعالى أنه لا بد أن يمتحن عباده بالسراء والضراء والمشقة كما فعل بمن قبلهم, فهي سنته الجارية, التي لا تتغير ولا تتبدل, أن من قام بدينه وشرعه, لا بد أن يبتليه، فإن صبر على أمر الله, ولم يبال بالمكاره الواقفة في سبيله, فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها, ومن السيادة آلتها. ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله, بأن صدته المكاره عما هو بصدده، وثنته المحن عن مقصده, فهو الكاذب في دعوى الإيمان، فإنه ليس الإيمان بالتحلي والتمني, ومجرد الدعاوى, حتى تصدقه الأعمال أو تكذبه.
فقد جرى على الأمم الأقدمين ما ذكر الله عنهم ( مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ ) أي: الفقر ( وَالضَّرَّاءُ ) أي: الأمراض في أبدانهم ( وَزُلْزِلُوا ) بأنواع المخاوف من التهديد بالقتل, والنفي, وأخذ الأموال, وقتل الأحبة, وأنواع المضار حتى وصلت بهم الحال, وآل بهم الزلزال, إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به.
ولكن لشدة الأمر وضيقه قال ( الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ).
فلما كان الفرج عند الشدة, وكلما ضاق الأمر اتسع، قال تعالى: ( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) فهكذا كل من قام بالحق فإنه يمتحن.
فكلما اشتدت عليه وصعبت، إذا صابر وثابر على ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة, والمشقات راحات, وأعقبه ذلك, الانتصار على الأعداء وشفاء ما في قلبه من الداء، وهذه الآية نظير قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ .

وقوله [ تعالى: ] الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ فعند الامتحان, يكرم المرء أو يهان) . انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
والمتأمل لحال كثير من الناس يجد اختلافا وتنوعا في مصابهم وابتلاءاتهم، اختلافا في آلامهم وأحزانهم.

منهم من يحزن لمرض أصابه وأقض مضجعه، يأن من الألم قد يكون طريح الفراش لا أنيس ولا قريب يشاركه همومه وآلامه، قد يكون في سرير المستشفى بين الأجهزة والأبر المغذية يفكر في حاله ومآله !!!
وأقول له إن لك أسوة فيمن خلا من الزمان ممن هم صفوة الخلق أجمعين، الأنبياء والمرسلين.

ألا تتأمل أخي المبتلى بنبي الله تعالى أيوب عليه الصلاة والسلام، أصابه المرض وعافه الجليس والأنيس هجره الناس بقي في فراشه ليس له في الدنيا إلا زوجته تخفف عليه ما أصابه، من هو نبي من أنبياء الله تعالى.
صبر واحتسب ... صبر على المرض وآلامه وأوجاعه ... صبر على وحدته لا أنيس ولاجليس سوى زوجته المؤمنة الصابرة. زكاه الله تعالى في قرآن يتلى إلى يوم القيامة تسلية للمؤمنين الصابرين وذكرى للمحزونين
قال تعالى : ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ص : 44.
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء ، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ) – رواه الترمذي ... فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل ، رفعا في الدرجات ، وتعظيما للأجور ، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب ". انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " .

والله تعالى له الحكمة البالغة والأمر النافذ لاراد لقضاءه سبحانه وتعالى. والله تعالى شفى أيوب عليه الصلاة والسلام من المرض وفقد الولد والمال، فعوضه خيرا عظيما صحة ومالا وولدا وجاها وهو الكريم الرزاق الحكيم سبحانه وتعالى لامعبود بحق سواه.
قال تعالى : ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ) الأنبياء : 84.
قال السعدي رحمه الله تعالى :
{ وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ } أي: جعلناه عبرة للعابدين، الذين ينتفعون بالعبر، فإذا رأوا ما أصابه من البلاء، ثم ما أثابه الله بعد زواله، ونظروا السبب، وجدوه الصبر، ولهذا أثنى الله عليه به في قوله: { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } فجعلوه أسوة وقدوة عندما يصيبهم الضر.

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير القرآن العظيم :
وقوله : ( رحمة من عندنا ) أي : فعلنا به ذلك رحمة من الله به ، ( وذكرى للعابدين ) أي : وجعلناه في ذلك قدوة ، لئلا يظن أهل البلاء أنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا ، وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء ، وله الحكمة البالغة في ذلك . انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

لذلك لاتحزن أيها المريض، لاتحزن أيها المتألم من هجران الأقرباء والأصحاب فإن الله تعالى كتب لك الأجر والثواب وجنة عرضها الأرض والسموات فابتسم رغم المرض رغم الألم رغم الوحدة فإن الله تعالى معك ومن كان الله معه فماذا فقد.
واعلم يا أخي المبتلى أن الصبر عاقبته حميدة وفضائله عظيمة لايعطيه الله تعالى إلا لعبد كريم عنده فأنعم بها من خصلة وكفى بها فضيلة أن تكون كريما أيها الصابر عن الله تعالى.

قال الحسن البصري رحمه الله تعالى : ( الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده ) ذخيرة الشاكرين وعدة الصابرين.
ومن الناس من يحزن ويتألم لفقدان حبيب أحبه وملأ قلبه احتراما واعتزازا وتقديرا، ربما اباه وأمه أو أحد اخوته أو أصحابه، أوكان بينهما مودة ورحمة كزوج او زوجة، ربما فلذة كبده، كان يتأمل فيه الخير العميم والفضل الكريم والرحمة والشفقة في أرذل العمر، بعيدا عن منة الآخرين وذل السؤال الذي أقض مضجع الكرماء وأصحاب الحياء الجميل.
اقول لكم ... إن لكم أسوة حسنة في رسول الله تعالى كما قال تعالى : ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا الأحزاب) :(21)

النبي صلى الله عليه زسلم بكى على موت ابنه إبراهيم ، وقال : ( إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا ، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ ) رواه البخاري، ومسلم.
يامن فقدت حبيب أو قريب، لا أحد يلومك على حزنك ودموعك ... لكن لتجعل الحزن بدون تسخط بل رضا بقضاء الله وقدره، وادع للميت بالرحمة والمغفرة.

واعلم أن البكاء رحمة من الله تعالى يجعلها في عباده، فسبحان الخالق الباريء سبحان الله البر الرحيم الرؤوف هو أرحم بنا من أنفسنا ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون) يوسف : 21.
وفي تفسير السعدي رحمه الله تعالى : { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ } أي: أمره تعالى نافذ، لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } فلذلك يجري منهم ويصدر ما يصدر، في مغالبة أحكام الله القدرية، وهم أعجز وأضعف من ذلك. انتهى كلامه رحمه الله.
والنبي عليه الصلاة والسلام لما مات أحد أحفاده وهو في حجره صلى الله عليه وسلم ، بكى ودمعت عيناه ، فقال له سعد بن عبادة رضي الله عنه وقد ظن أن أي بكاء على الميت ممنوع : " مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : (هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) رواه البخاري ، ومسلم.

وتذكر أنك لاتملك لنفسك الضعيفة شيئا والدنيا تذكرة وعبرة فهل تأملت احداثها وتصاريفها واعتبرت بما يحدث لك ولغيرك فإنها واعظ ومزدجر لمن تأمل واعتبر.
ومن الناس من ألم به الحزن وأخذ به مبلغا، عاداه القريب الأهل والأصدقاء وأبناء العمومة، لأنه سائر على منهج النبوة، كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة، ينصح لهم فيستهزؤون به، يتلطف بهم فيغلظون عليه بالقول، يريدون تنفيره من صلاحه واستقامته، يريدون انحرافه عن السنة للوقوع في البدعة واهلها، وهو صابر محتسب يتألم ممن قد أحبهم وعاش بينهم سنين، جمعته بهم الذكريات الجميلة والقرابة الحميمة.

لك أسوة يا أخي لاتحزن ... فالانبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام تعرضوا لأقسى من ذلك فصبروا لله تعالى وفي الله.
وإن المتأمل والمتدبر لكتاب الله تعالى سيجد سعادة حقيقية وانشراح لصدره وانفراجا لهمومه وغمومه، لكن أين المتفكرون والعاملون بكتاب الله تعالى، ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاء) فصلت : 44
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى :
(هدىً لقلوبهم للحق ، وشفاء لقلوبهم من أمراض الشرك والمعاصي والبدع والانحرافات عن الحق ، وشفاء للأبدان من كثير من الأمراض) . من الوصية بكتاب الله تعالى القرآن الكريم من فتاوى ابن باز (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 34).

فلا تحزن إن رأيت تغيرا في أخلاق بعض من عرفت إلا الحزن على حالهم وتمني الخير لهم، فالعبرة بمن كان على الصراط المستقيم، لاتتألم حينما تصدع بالحق وتريد مرضاة الله تعالى ويأتيك أقرب الناس ويطعن في أخلاقك ويتهمك في دينك، ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) الأحزاب : 21.
( صح في مسند أحمد .. أنه عليه السلام .. كان يقبل على القبيلة منهم .. فيقول لهم : يا غطفان .. هل لكم في عز الدهر .. قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا .. هذه رسالة ربي .. فمن يؤويني لأبلغ رسالة ربي .. فما يكاد ينتهي من كلامه .. حتى يقبل عليهم أبو جهل مسرعاً .. فيصيح بهم : لا تصدقوه .. هذا ساحر .. هذا كاهن .. هذا مجنون .. أنا عمه وأدرى الناس به ..
فيتركهم النبي عليه السلام .. ويمضي حزيناً مهموماً .. حتى يختفي عن أبي جهل .. ثم يقف عند آخرين فيقول .. يا بني سلمة .. قولوا لا إله إلا الله تفلحوا .. فإذا بأبي جهل يقبل عليهم .. ويقول لهم هذا مجنون ..) انتهى.
والأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام كم عانوا من أقوامهم أشد المعاناة فدعوهم لدين الله تعالى دعوهم لتوحيد الله تعالى ونبذ الشرك. قال تعالى مخبرا عن نوح عليه الصلاة والسلام :
( رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا * فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ) نوح 5- 7 ، .. واستمر في دعوة قومه رغم كل هذا البلاء والصدود منهم.
وهذا نموذج للمؤمنين الصادقين المتوكلين على رب العالمين، وهو مؤمن آل فرعون، ناصر دعوة موسى عليه الصلاة والسلام ونصح لقومه باتباع رسول الله تعالى وحذرهم من عقوبة الله تعالى كما في سورة غافر :
۞ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ 44).
توكل على الله تعالى ومن يتوكل على الله تعالى فهو حسبه وناصره ومعينه ... قال تعالى :
( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ 46).
وهذا نبينا وقرة أعيننا محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم، كان يسليه ربه عندما كان يضايقه المشركون ...
قال تعالى : ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ) الحجر : 97.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
أي : وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك انقباض وضيق صدر ، فلا يهيدنك ذلك ، ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله ، وتوكل على الله فإنه كافيك وناصرك عليهم ، فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة. ولهذا قال : ( وكن من الساجدين ). تفسير القرآن العظيم.

وإلى كل من يتألم ويحزن ... من مرض أصابه وألم به وأسهره ... إلى كل من يرى من يحبه متألما حزينا طريح فراشه ... إلا كل من يجد في نفسه ضيقة وحزنا على فراق محبوب وقريب، إلا كل من يجد غربة في زمانه من جفاء قريب وعداوة صديق بعد أن كانوا أحباب وأخلاء.

ستنسكب دموعكم الغالية ... ستحزن نفوسكم الراقية ..

لكن أذكركم بمن ملؤوا الدنيا أخلاقا وحلما ورحمة وعفوا ... أذكركم بصفوة خلق الله تعالى ... أذكركم بالصالحين من عباده، فهم لما أسوة حسنة ومنهاجا تربويا ونبراسا مضيئا نسير عليه في دياجي الظلم وملمات الفتن.

وكتبت لكم ذلك تذكيرا لنفسي الضعيفة وعبرة وتسلية لكم أحبتي ... تسلية وذكرى لقلب يظن أنه في شقاء ... ولعين اغرورغت من طول العناء ... ولايعلم أنه في سعادة وهناء شعارها طاعة الرحمن والفوز برضاه، صبرا واحتسابا ... في زمن شح كثير من الناس فيه بالعطاء وانشغلوا بالدنيا عن الآخرة فأصبح المؤمن الصادق غريبا في بيته غريبا بين اهله، غريبا بين أصدقاءه، غريبا بين زملاءه في العمل، غريبا بين أبناء عمومته، بأبي وأمي يارسول الله حينما قلت هذه الوصية العظيمة تسلية لمن سار على الصراط المستقيم والحبل المتين

فطوبى للغرباء.

فإلى الله المشتكى وعليه التكلان أن يجعلنا من السعداء في الدنيا والآخرة وأن يكفر عنا سيئاتنا وأن يثقل موازيننا وان يتوفنا وهو راض عنا وأن يختم بالصالحات أعمالنا وأن يحيينا على التوحيد والسنة وأن يميتنا على التوحيد والسنة إنه سميع قريب مجيب هو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية