اطبع هذه الصفحة


الرقية الشرعية : رؤية تحليلية من وحي الشرع ثم التجربة

رميته عبد الحميد

 
مقدمة
منذ كنت صغيرا,ومع مطالعاتي الإسلامية الأولى والبسيطة جدا كنت أقرأ عن الرقية الشرعية,لكنني لا أكاد أعي مما أقرأ عنها شيئا.وعندما دخلتُ إلى الجامعة عام 1975 م أو بعدها بعام بدأت أطالعُ بشكل أكثر وضوحا وأكثر دقة وأكثر تفصيلا عن العلاج بالقرآن وبالأدعية المأثورة عن النبي-ص-,لكن كان الغالب على هذه المطالعات الطابع النظري فقط,لأنني ما كنت أمارس-في ذلك الوقت- الرقية الشرعية ولا رأيتُ شخصا يرقي بالطريقة الشرعية.أقول:بالطريقة الشرعية,أما محاولة العلاج بالدجل وبالشعوذة وبالكهانة وبالكذب والزور والبهتان وادعاء معرفة علم الغيب وما إلى ذلك,فأسمعُ به كما يسمعُ به سائرُ الناسِ وأُنكرِه منذُ كنت صغيرا سواء على هؤلاء السحرة وأشياعهم أو على من يذهبون إليهم من الناس حتى ولو من أجل الاستهزاء بهم لا من أجل تصديقهم أو من أجل العلاج.وحتى وأنا صغير-لا أكاد أعرف من الدين شيئا- كنت أنتقد المُشعوذين بقوة,فكان البعضُ من النساء من أهلي وأقاربي يُخوِّفنني من عاقبة انتقاد السحرة وأتباعَهم فكنتُ أقول لهم بعفوية وبقوة في نفس الوقت:"ليفعلوا ما يشاءون,إن الذي يقرأ القرآن لا يخاف من السحرة لأنهم أعداء الله وكذا أعداء القرآن".ومرَّ على ذلك زمان حتى صيف عام 1985م,حيث أتيحت لي الفرصة للاتصال-أنا وأحد الإخوة من مدينة ميلة-بمدينة "الوادي"حيث علَّمَنا بعضُ الإخوة هناك-جازاهم الله خيرا-بعضَ المبادئ الأساسية المتعلقة بالعلاج بالقرآن خلال يومين أو ثلاثة,وأرشدونا إلى احتمال الاستفادة أكثر في المستقبل من خلال مطالعات في بعض المراجع ذكروا لنا عناوينها.ومن ذلك التاريخ وحتى الآن (فيفري 2003 م) رقيتُ آلاف الأشخاص من كثير من ولايات الوطن,رجالا ونساء,كبارا وصغارا,فقراء وأغنياء,مسؤولين وبسطاء ...بدأتُ بمعدل رقية واحدة تقريبا كل أسبوع ثم ازداد الضغط(مع أننا استعنَّا فيما بعد بإخوة آخرين علَّمناهم وتعاونا معهم على علاج الناس بالقرآن)حتى أصبحتُ أرقي في كثير من الأحيان 7 أو 8 أشخاص في اليوم الواحد في الكثير من أيام السنة التي لا أُدرِّسُ فيها,أما في أيام العمل فالكثير من وقت الفراغ عندي أقضيه تقريبا مع الرقية الشرعية وما تعلق بها.
وخلال هذه الفترة (حوالي 15سنة) لاحظتُ جملة ملاحظات مهمة للغاية سواء من خلال ممارسة الرقية الشرعية في حد ذاتها واحتكاكي بالمعالجين بالقرآن هنا وهناك,أو من خلال مطالعاتي عن الرقية في الكتب والمجلات والجرائد,أو سماعي لأشرطة دينية أو طبية أو نفسية أو من خلال مناقشاتي مع بعضِ الأطباء الاختصاصيين في علاج الأمراض العضوية أو النفسية.أنبه إلى هذه الملاحظات الآن من خلال هذه المقدمة,لكنني سأرجِع إليها بالتفصيل بإذن الله من خلال مسائل هذه الرسالة التي سأذكر فيها بإذن الله نصائح وتوجيهات وأحكام شرعية أرى أنها من الأهمية بمكان تفيد إن شاء الله المتعلِّمَ والأمِّي , والراقي والمريض,والكبير والصغير على حد سواء:
أولا : الأجر الكبير الذي يمكن أن يناله الراقي بإذن الله إذا حرص على الصواب والإخلاص أولا,ثم على قدر الجهد والتعب على قدر الأجر إن شاء الله.والراقي في مرتبة المجاهد في سبيل الله كما قال بعض العلماء.هذا إن كان الراقي راقيا بالفعل لأن بعضَ الرقاة ليس لهم من الرقية الشرعية إلا الإسم للأسف الشديد.
ثانيا : كثرة الدجالين والسحرة والمشعوذين في مجتمعاتنا كُثرة ملفتة للانتباه.
ثالثا : ومع ذلك فإقبال الناس على العلاج بالقرآن وبالطريقة الشرعية وبدء ابتعادهم عن المعالجة بالطرق غير الشرعية أصبح ظاهرة صحية ملحوظة تظهر أكثر وأكثر مع مرور الأيام والحمد لله وإن كانت المبالغة مذمومة .
رابعا: بدأ يظهر كذلك اقتناع الكثير من الأطباء بالرقية الشرعية كوسيلة وحيدة لعلاج السحر أو العين أو الجن,واقتناعهم بأن هذه الأمراض ليست من اختصاصهم,واقتناعهم بأن الرقية الشرعية خط والدجل والسحر والشعوذة خط آخر موازي تماما للخط الأول.
خامسا : الرقية الشرعية وسيلة فعالة جدا من وسائل الدعوة إلى الله.
سادسا : ومع ذلك فالرقية الشرعية كغيرها من شعائر ديننا التزم بها ناس كما يحب الله ورسوله,وأدخل فيها ناس من البدع والمحرمات ما أدخلوا.ومن جهة أخرى طلب بها قوم وجه الله تعالى وطلب بها آخرون المالَ والهوى والنفس والشيطان والشهوة وعرضَ الحياة الدنيا.
سابعا : أهمية علاج أمراض السحر والعين والجن بقدر أهمية علاج الأمراض العضوية وكذا النفسية أو أكثر لأن السحر أو العين أو الجن قد يصيب البدن بسوء وقد يصيب النفس بسوء وقد يصيبهما معا,وقد تكون الإصابة بسيطة وقد تكون بالغة.ومما يزيد من أهمية هذا العلاج أن أعراض السحر والعين والجن ظنية وليست قطعية على خلاف الأمراض العضوية مثلا.
ثامنا : من مصادر السعادة الرئيسية خدمةُ الغير مع احتساب الأجر عند الله تعالى,ومنه فإن السعادة التي يحِسُّ بها المرء وهو يرقي المرضى لوجه الله (أي بدون مقابل) أكبر وأعظم بكثير من التي يمكن أن يُحِسَّ بها وهو يرقي بمقابل مادي قليل أو كثير.
نسأل الله الهداية والتوفيق لما فيه الخير,كما نسأله أن يعافينا وأن يشفينا من كل داء.
أسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة خلقا كثيرا وأن يتقبل مني عملي هذا وأن يجعله صوابا وخالصا لوجهه الكريم وأن يُثَـقِّل به ميزان حسناتي يوم القيامة.-آمين-وصل اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه وسلم.إن أصبت فمن الله والحمد لله,وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفر الله على ذلك.

تابع باقي الموضوع على ملف الوورد

 

الطبيب الداعية

  • مكتبة الطبيب
  • أفكار دعوية
  • الطبيب الداعية
  • الطبيبة الداعية
  • بين الواقع والمأمول
  • استفتاءات طبية
  • الطب الإسلامي
  • الفقه الطبي
  • مقالات منوعة
  • خواطر طبيب
  • صوتيات ومواقع
  • دليلك للأفكار الدعوية
  • الصفحة الرئيسية