اطبع هذه الصفحة


ملخص ندوة
المرأة في المستشفيات.. مالها وما عليها

 
أقامت إدارة التوعية الدينية بالشئون الصحية لمدينة الرياض

بالتعاون مع مؤسسة الإعمار الخيرية
الندوة النسائية الثانية للعاملات في المجال الصحي

بعنوان
المرأة في المستشفيات.. مالها وما عليها
وذلك يوم الخميس الموافق 20 من شهر شعبان 1424هـ

بدأت الدكتورة أفراح الحميضي
مديرة عام الإدارة لتوجيه وإرشاد الطالبات، محاضرتها بالحديث عن مشروعية الحجاب في المستشفيات، قائلة:

'يحزنني أن أتحدث عن مشروعية الحجاب وأهميته في مجتمع إسلامي، ولو كان لدينا مبادرة مثل مبادرة نساء الصحابة رضوان الله عليهم، وحرصهن على إرضاء الله عندما نزلت سورة الحجاب، لما كنا بحاجة أن يكون موضوع الحجاب، موضوعًا مهمًا وكثير الطرح في هذه الأزمنة.

وتساءلت الدكتورة الحميضي: 'بادئ ذي بدء،
هل الحجاب عادة أم عبادة؟ أهو عادة لهذه البلاد فقط؟ أم عبادة لجميع المؤمنات؟ هل هو تقليد درجت عليه نساء هذا الوطن؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'المرأة عورة'.

وقال العلماء في هذا الحديث: 'إن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب، وأن على المرأة الالتزام بالحجاب الشرعي تصديقًا لكتاب الله عز وجل، وإيمانًا بالتنزيل'.

ويقول ابن عباس تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:59]، إن الله تبارك وتعالى أمر نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن'.

قصص وعبر:

وأشارت الحميضي إلى أن ما ينطبق على حجاب المرأة المسلمة خارج المستشفى، هو ذاته ما ينطبق عليها داخل المستشفى، وأن المرأة المسلمة خارج أسوار المستشفى، هي ذاتها داخل تلك الأسوار، بل إن الأمر يزداد أهمية بحكم الاختلاط.

وبينت الدكتورة أن الحجاب عبادة، تتعبد المرأة لله به، خوفًا ورجاءً من الله تعالى، وفي الحجاب تحقق الرضى والتسليم والامتثال، سواء وصلت المرأة إلى القناعة بأهميته أم لم تصل.

قال الله تعالى في كتابة الكريم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36].

وذلك أجر الصبر على هذه الطاعة في زمن قل الصابرون فيه، يقول الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10]، وتعقب الحميضي بالقول: لكن أي حجاب نتحدث عنه؟ لعلنا نرى أن جميع بلاد العالم الإسلامي تأمر بالحجاب، لكن الاختلاف بماهيته فقط.

يقول ابن حجر رحمه الله: 'لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثًا، أن يسترن وجوههن عن الرجال الأجانب'.
والله مما يثلج الصدر، ويفرح القلب، أن نرى المسلمات حديثات العهد بالإسلام، وهن يتمسكن بالحجاب، في حين نرى المسلمات اللواتي ولدن على دين الإسلام، وتربين عليه، أخذن يتخلين عن الحجاب.

يقول أحد الأطباء: 'سافرت مع أمريكي وزوجته الأمريكية المسلمة لنحضر مؤتمرًا في أمريكا، وتوقفنا عند ثلاث مطارات، ما رأيت منها لا ظفرًا ولا وجهًا'.

وتتعجب الدكتورة من هؤلاء الفتيات اللواتي تخلين عن حجابهن في حين يحمل التاريخ لنا القصص الكثيرة التي تحمل العفة واعتزاز المرأة بسترها، من تلك القصص ما حدث من أن أحد خلفاء بني العباس غضب على أهل [بلخ] فحكم عليهم بدفع الجزية، فخلعت امرأة غنية منهم، فستانها المرصع بالمجوهرات لدفع الجزية، وعندما رآها الخليفة أمر بإرجاعه إلى أهل بلخ، وعفا عنهم، وعندما ردوه إليها قالت: والله ما ألبس لباسًا وقفت عليه عين أجنبي، فبنت به مسجدًا، وما زاد من ثمنه، دفنته تحت المسجد.

وبينت الدكتورة الحميضي، أن التزام المرأة بالحجاب يحولها إلى داعية متحركة، دون أن تتفوه بأي كلمة.

تقول طبيبة ألمانية: 'كنت أكتب بحثًا عن الأورام الخطيرة عند النساء في بلدي، وأردت أن أتوسع في البحث لأرى مدى انتشار هذه الأورام في المجتمعات الأخرى، فسافرت إلى النمسا، فوجدت الأمراض ذاتها، وقد نصحني الأطباء بأن أذهب إلى مجتمع تختلف عاداته وديانته عن عادتنا، لأثري بحثي، فسافرت إلى بلد مسلم، وتفاجأت حين لم أجد أثرًا لهذا الذي أبحث عنه، وحين سألت عن السبب أجابوني أنني لن أجد مثل هذا المرض هنا، لأن هذا البلد بلد حجاب'.

كما أشارت الدكتورة إلى أن الغرب يعرف تمامًا مدى القوة التي نكون عليها حين نلتزم بشريعتنا، وتلتزم المرأة بحجابها، لذا يسعون دومًا إلى التدخل لنزع حجاب المرأة والخروج على عفتها، وما قاله رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، خير دليل على ذلك، حين قال: 'لن يستقيم حالنا في الشرق، ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويغطى به القرآن'.

إنما فيمن تلبسه:

وعن نقاط الضعف الموجودة في اللباس الذي ترتديه العاملات في القطاع الصحي، قالت الدكتورة منى محمد العواد، استشارية أمراض النساء والولادة في مجمع الرياض الطبي: 'تحصل في المستشفيات بعض التجاوزات من بعض العاملات في المجال الصحي، على الرغم من أن وزارة الصحة وضعت مواصفات محددة تلتزم فيها جميع العاملات، تكون موصوفة بالحشمة، فلا يصف ولا يشف، لكن العيب ليس في اللباس، إنما العيب فيمن تلبسه، وللأسف فإن الأمر يزداد سوءًا في المستشفيات غير التابعة لوزارة الصحة.

وتحدثت الدكتورة أفراح الحميضي عن الضوابط الشرعية في لباس الطبيبات قائلة: 'عمومًا، فإن الضوابط الشرعية في اللباس، هي ذاتها الضوابط الشرعية في الطبيبات وهي: أنه يستوعب جميع البدن، أن لا يكون فيه زينة، أن لا يشف ولا يصف، أن لا يكون اللباس مطيبًا ولا مبخرًا، ولا يشبه ثياب الرجال.

أن يكون خاليًا من التصاوير، وأن تكون مادته من حلال.

الاختلاط:
وعن حكم الاختلاط وأضراره تقول الدكتورة الحميضي: 'يحدث الاختلاط في العيادات الطبية وفي المستشفيات وفي أماكن الانتظار، والاختلاط آفة من الآفات، وفيروس الأمراض، ويتكلم الشيخ عبد العزيز بن باز [رحمه الله] عن هذه الفتنة التي غزت كثيرًا في المجتمعات، وأن البعض يستند على صحة الاختلاط بدراسة بعض ظواهر النصوص الشرعية، ولكن الذي يدرس حقيقة هذه النصوص يعلم أصولها، وروى قصة نساء الصحابة وهن يداوين الجرحى في إحدى غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم.

وبين العلماء إلى أن الظرف كان استثنائيًا، حيث كانوا في حالة حرب.

والدليل على هذا الشيء، ما ذكره العلامة محمد بن إبراهيم آل شيخ حيث يقول: 'اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات:

الأولى: اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال، وهذا لا إشكال فيه.

والثانية: اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد، وهذا لا إشكال في تحريمه.

والثالثة: اختلاط النساء بالأجانب في دور العلم والحوانيت والمكاتب والمستشفيات والحفلات ونحو ذلك، وهذا فيه أقوال'.

وتشير الدكتورة الحميضي إلى أنه إذا كانت صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد لمنع الاختلاط، فالأولى أن تبتعد المرأة عن الاختلاط في الأماكن الأخرى.

روى الإمام أحمد في 'المسند' عن أم حميد، امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما، أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: 'يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، فقال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك، خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك، خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي'.

وكذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها'.

ووصفه أول صفوفهن بالشر، والمؤخر منهن بالخير، ما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال، وعن مخالطتهم ورؤيتهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك.

ووصف آخر صفوف الرجال بالشر، إذا كان معهم نساء في المسجد، لفوات التقدم وقربه من النساء اللواتي قد يشغلن باله.

فإن كان الشارع توقع حصول ذلك، في مواطن العبادة، مع أنه لم يحصل اختلاط، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى، فيمنع الاختلاط من باب أولى.

مواقف محرجة للطبيبات:

وعن بعض المضايقات والمواقف المحرجة التي تتعرض لها الطبيبة جراء الاختلاط، تتحدث الدكتورة العواد:

من المواقف المحرجة التي نتعرض لها كعاملات في المجال الطبي، أننا نضطر أحيانًا لأن نشرح لزوج المريضة، حالة مرض زوجته، والذي يكون في أغلب الأحيان ـ الخاصة في اختصاصي ـ موضع العورة.

كذلك نضطر في برامج التدريب التي تقام في المستشفى، أن نعلم الأطباء الجدد، كيف يقومون بفحص المريضة، إضافة إلى التعامل مع الإدارة [الرجال] ومناقشتهم في الحالات التي ترد إلينا، وهذا قطعًا يفتح مجالاً لتداول الأحاديث فيما بيننا.

ويزيد الأمر سوءًا ما نراه من حال بعض الأطباء والطبيبات نتيجة الاختلاط من وضع يد الطبيب على كتف الطبيبة، أو تقبيل الطبيب للطبيبة عند التقائهما أو وداعهما، هذا عدا ما وصل إليه الأمر في بعض الحالات، أن تتحدث الطبيبة عن أسرار حياتها الشخصية لطبيب معها.

وهذه قصة:

دخل بزوجته وهو يجرها على كرسي متحرك، وآلام الولادة تعتصر جسدها، أراد يد طبيبة آمنة، تحمل له ابنه أو ابنته القادمة للحياة، لكنه لم يجدها.!! وقف الطبيب عند باب الغرفة ليمنع دخول الزوج، وقال: 'دعها .. سأقوم بتوليدها فلا تقلق'!!
رفض الزوج عرض الطبيب وأصر على استدعاء الطبيبة، مما أثار غضب الطبيب الذي رد غاضبًا: 'أنا المناوب الآن، إن أردت أقوم بتوليدها فاصمت، وإلا فخذها إلى مستشفى آخر'، أخذ الزوج زوجته وخرج بها من المستشفى، باحثًا عن مستشفى آخر يجد فيها طبيبة تولد له زوجته.
مثل تلك الحالات تتكرر في المستشفيات بشكل كبير وللأسف، وغيرها كثير من القصص التي تجعل بعض النساء تفضل الداء على الدواء في مثل تلك المستشفيات.

وطرحت عواد بعض المقترحات، من أجل تفادي الضرورة للاختلاط:
إنشاء كلية طب نسائية لأمراض النساء والولادة، تسد حاجة المجتمع بطبيبات متخصصات، وبهذا لن تحتاج المرأة لكشف عورتها أمام الرجال، كما أن ذلك سيؤدي إلى تخريج عدد كبير من الطبيبات لسد النقص الذي تتركه بعض الطبيبات نتيجة انشغالها بمسؤوليات بيتها وأولادها، ويخفف أوقاتها المناوبة عليها.

من يشتهي ميتة...؟!!

للأسف يحدث في كثير من المستشفيات كشف العورات، التي حرص الشارع الحكيم على حفظها، حول ذلك تتحدث الدكتورة منى العواد، عن الواقع الذي تعايشه، بصفتها طبيبة في مستشفى:

يحتاج الطبيب من أجل القيام بتشخيص الأمراض، لفحص المريض وكشف عورته، والأصل أن الشرع يحرم كشف الإنسان عن عورته، إلا عند الضرورة، لكن ما يحصل أن تنكشف عورة المرأة على الرجل، وهو ما لا ضرورة له في حالات الولادة. حيث تتوفر طبيبات النساء والولادة، ويحصل ذلك إما عند طلب المريضة أن يولدها طبيب لعدم ثقتها في الطبيبة، أو عندما يتمسك الطبيب بمناوبته، ويصر على إجراء كافة حالات الولادة وإن رفضت المريضة ذلك.

وعن الضوابط الشرعية في مسألة كشف العورات، تقول الحميضي: سمعت قصة حدثت في هذه الأزمنة، وهي من عجائب القصص: امرأة من أهل الجوف مريضة بالقلب، يقول ولدها 'ذهبنا بها إلى الأردن، وسكنا في الفندق ننتظر وقت إجراء العملية، ومنذ وصولنا إلى هناك وأمي تدعو وتصلي: إن كان على أثر هذه العملية ستموت وقد انكشف حالها للأطباء، تدعو الله أن لا يكشف حالها.

جلسنا نشرب الشاي وقت العصر، وهي في غرفتها على سجدتها تدعو، دخلنا عليها ولا زالت على سجدتها، حتى قبض الله روحها فقد استجاب الله دعاءها، وما كشف لها عورة أمام الرجال'.

وعلى الرغم من أن موضع العلاج ليس موضع شهوة، ومع ذلك فالأولى أن تكشف على المرأة، فالمرأة إذا ماتت وليس معها ذو محرم يغسلها، قال البعض: يقوم بتغسيلها الرجل الموجود، ولكن يرتدي بيده حائل، لئلا تمس بشرته بشرتها.

وقال الأكثرية: تيمم ولا تغسل، بل إن بعضهم قال ـ مثل الإمام الأوزاعي ـ تدفن كما هي.

وهذا وهي ميتة، ومن يشتهي ميتة؟!!

فكيف حال من تنبض الحياة فيها.

وتحث الحميضي المترددات على العيادات إن كان هناك شيء لله فيه مقالة، فبإمكانها أن تقول: 'لا' ويكون ذلك من حقها، لأن سكوتنا هو الذي جعل مستشفياتنا تقدم صورة غير واقعية لمجتمع مسلم.

وخرجت الندوة بتوصية تناشد فيها الحميضي الصالحات والصالحين، بأن يكون لدينا في هذا البلد، مشروع حضاري نأمن فيه على عوراتنا.

 

الطبيب الداعية

  • مكتبة الطبيب
  • أفكار دعوية
  • الطبيب الداعية
  • الطبيبة الداعية
  • بين الواقع والمأمول
  • استفتاءات طبية
  • الطب الإسلامي
  • الفقه الطبي
  • مقالات منوعة
  • خواطر طبيب
  • صوتيات ومواقع
  • دليلك للأفكار الدعوية
  • الصفحة الرئيسية