اطبع هذه الصفحة


يتيم رغم أنفه

د / أريج بنت سعد العوفي - طب أسرة

 
عبدالرحيم

حبيبي الصغير …

أراه كل يوم ساكناً في عربته الصغيرة … ووجه يحمل الكثير من المشاعر …
عيناه تتأملان بصمت …وسكون …يوحي لك بفهمه للكثير مما قد لاتتخيله …
عيناه تنطقان بالبراءة …البراءة العذبة والطفولة المعذبة …
عيناه تبحثان هنا وهناك …
عن جواب لسؤال يتردد في ذهنه مراراً …
كما يتردد في أذهاننا جميعاً …

لماذا أنا هنا …؟ … وأيــــــن أهـــــــلي …؟

كلما تمر من جواره يرفع لكَ يده المعوجة بهدوء ….
ما أضعفه … لكنه ما زال صامداً …
ترى أمارات المرض المزمن …ناطقة بصدق …خالية من كل معالم الأمل … إلا برحمة الله …
عيناه مصفرة …
بطنه منتفخة …
يعاني من كسورٍ متعددة …

وما زال …صامداً …. ببراءة …

رافعاً لك يده كل صباح …. ليذكرك بوجوده … وانتظاره …
وما هو الجواب …؟

اعذرني يا صغيري … فالإجابة التي تبحث عنها لتريح بها قلبك الصغير …لن تجدها …
آه يا صغيري …
سنتان ونصف هي كل عمرك …
قضيتها بعيداً عن حضن أمك … ورعاية والدك … قضيتها بعيداً عن الاحساس الطبيعي لكل طفل …بالأمن والأمان …

عشت الحرمان والمعاناة …بكل ما تعنيه الكلمة …

ثم لم تنس …أيها الصغير أن تعلمنا كلنا …معنى الصبر …

عافاك الله وشافاك …
عافاك الله وشافاك …
عافاك الله وشافاك …

بصوتك الضعيف نسمع بكاءك المكتوم إن احتار الجميع معك ولم يفهموا ما تريده منهم ...
وبعيناك دموع تغرقك ....فتزيدنا حيرة ... كيف نقدر على مساعدتك ...

لو علمتَ سر غياب أهلك …لكانت الصدمة ..التي قد تنهار أمامها …ولكن من رحمة الله تعالى بك … أنك صغير ….لا تقدر على أن تعلن عن تساؤلاتك …بصوت عالٍ …كي لا تدفعنا لأن نجيبك …

وحتى لو سألتنا أيها الغالي الصغير ….
بمَ تريدنا أن نجيبك …؟ وعماذا نخبرك …؟

أتريد أن تسمع المأساة …؟

أن والدك ..قد ظلم نفسه …
وهاهو يعيش وراء الأسوار … مسجوناً بين جدران الخطيئة ….ينتظر حكم الله تعالى ...

أتريدني أن أخبرك أن أمك ولظروف خارجة عن إرادتها لا تستطيع زيارتك ؟؟؟

وهي الوحيدة التي وجد الأطباء في أنسجتها توافقاً مع أنسجتك ...

مما يعني أني علاج مرضك بيد الله وحده ثم بوجود أمك إلى جوارك ...

لا تتعجب يا صغيري ...

هذا طرف يتيم في القصة ...تماماً كما أراك يتيماً رغم أنفك ...تنتظر عطف ممرضة ( قد تكون مسيحية أو بوذية ... أو لادين لها!!! ) أو لمسة طبيب ...ومن المفارقات التي أبكتنا ... وبعمق ، عندما علمنا برغبة ممرضة مسيحية في تبنيك ولكن لم تخرج رغبتها عن حدود الغرفة التي كانت فيها فهي تعلم حقيقة إسلامنا وتعاليمه ...

طفلي عبدالرحيم ،،،

كلنا نحبك يا صغيري ...
تعيش انت بين جدران المشفى رغما عنك ...ورغما عنا ...ولكن قدّر الله وماشاء فعل ...وفي مرضك ابتلاء لك ولأهلك ...عظم الله لكم جميعاً الأجر والمثوبة ...

يا صاحب الكرب إن الكرب منفرج **** أبشر بخيرٍ فإن الفارج الله
الـيأس يقطـــع أحيانــاً بصــاحبــه **** لا تيأسن فإن الكافي الله
الله يحدث بعــد الكــرب ميســرة **** لا تجزعن فإن الكاشف الله
إذا بليــت فثــق بــالله وارضَ بــه **** إن الذي يكشف البلوى هو الله
والله مالــك غيــر الله مــن أحـــدٍ **** فحسبك الله , في كلٍ لك الله

دمت يا صغيري ...شامخاً ... صامداً ...بحفظ الله ورحمته

دمت عنواناً .... لصبر الطفولة وصمودها ...


 

الطبيب الداعية

  • مكتبة الطبيب
  • أفكار دعوية
  • الطبيب الداعية
  • الطبيبة الداعية
  • بين الواقع والمأمول
  • استفتاءات طبية
  • الطب الإسلامي
  • الفقه الطبي
  • مقالات منوعة
  • خواطر طبيب
  • صوتيات ومواقع
  • دليلك للأفكار الدعوية
  • الصفحة الرئيسية