اطبع هذه الصفحة


[ المنظومةُ المكِّيَّةُ في الآدابِ التُّوِيتَرِيَّة ]

علي بن حسن الحارثي


بسم الله الرحمن الرحيم


يَا أَخَا الغَيْثِ إِذَا الغَيْثُ انْسَكَبْ ***  يَا شَقِيقَ الرُّوحِ والحُبُّ تَعَبْ

إِنَّ لِلتَّغْرِيدِ آدَابَاً كَمَا *** أَنَّ لِلْقَـــــوْلِ حُـــــدُوْدَاً وَأَدَبْ

فَإِذَا غَرَّدْتَ يَوْمَاً فَلْتَكُنْ *** وَاضِحَ القَصْدِ عَلَى سَنِّ العَرَبْ

وَتَخَيَّرْ جَيِّدَ اللَّفْظِ لَهُ *** إِنَّ خَيْرَ اللَّفْظِ لَفْظٌ مُنْتَخَبْ

وَاحْتَسِبْ أَجْرَاً عَلَى مَا قُلْتَهُ *** فَازَ مَنْ أَخْلَصَ فِيهِ وَاحْتَسَبْ

وَإِذَا نُوْقِشْتَ فِي أَمْرٍ فَلَا *** تُظْهِرِ السُّخْطَ وَلَا تُبْدِ الغَضَبْ

وَاسْتَمِعْ لِلنَّاسِ فِي اسْتِدْرَاكِهِمْ *** رُبَّ تِلْمِيذٍ أَتى مِنْهُ العَجَبْ

وَاحْذَرِ التَّفْرِيقَ : هَذَا صَاحِبٌ *** وَلَهُ مَرْتَبَةٌ فَوْقَ الرُّتَبْ

فَإِذَا عَلَّقَ تَدْنُو نَحْوَهُ *** بَاسِمَ الثَّغْرِ وَإِنْ يَسْأَلْ يُجَبْ

وَبَعِيدٌ يَبْتَغِي قُرْبَاً فَلَا *** يَجْتَنِي مِنْ جُهْدِهِ إِلَّا التَّعَبْ

لَيْتَ شِعْرِيْ كَيْفَ يُرْجَى مَنْ إِذَا *** أَطْلَقَ التَّغْرِيدَ فِي أَمْرٍ هَرَبْ ؟!

هُوَ يُمْلِيْ حِكَمَاً مِنْ فَيْضِهِ *** وَأَنَا أَقْبَلُ رَغْمَاً مَا كَتَبْ

لا نِقَاشٌ لا حِوَارٌ إِنَّمَا *** يَتَلَقَّى الشَّعْبُ مِنْهُ مَا وَهَبْ

إِنْ تَكُنْ تَغْرِيدَةٌ مِنْ فِضَّةٍ *** فَمَعَ (الرِّيتْوِيتِ) تَغْدُو مِنْ ذَهَبْ

فَاحْتَسِبْ يَا صَاحِ أَجْرَاً رُبَّمَا *** بُلِّغَ الْخَيْرُ لِذِيْ حَقٍّ وَجَب

وَاقْتَصِدْ فِي ذَاكَ مَنْعَاً لِلْأَذَى *** كَثْرَةُ (التَّدْوِيرِ) مِنْ إِحْدَى الكُرَب

وَتَخَيَّرْ مِنْهُ شَيْئَاً رائِقَاً *** لا(تُرَتْوِتْ) كُلَّ مَا هَبَّ وَدَبْ

لا تُرَوِّجْ شَائِعَاتٍ مُعْجِلاً *** وَتَثَبَّتْ رُبَّ غِرِّيْدٍ كَذَبْ

وَانْسُبِ القَوْلَ إِلَى أَصْحَابِهِ *** لَيْسَ حَقُّ النَّاسِ سَيْبَاً مُنْتَهَبْ

كَمْ رَأَيْنَا مِنْ فَتَىً مُنْتَفِشَاً *** يَتَزَيَّا زِيَّ أَرْبَابِ الأَدَبْ

فَإِذَا غَرَّدَ أَطْرَقْنَا لَهُ *** وَإِذَا قَالَ جَثَوْنَا بِالرُّكَبْ

وَهْوَ هَجَّامٌ سَرُوقٌ بَائِقٌ *** يَسْرِقُ الكُحْلَ وَلا يُؤْذِيْ الْهَدَبْ

لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ عُصْفُورَاً فَكَمْ *** مِنْ غُرَابٍ رَاعَنِيْ لَمَّا نَعَبْ

فَاعْرِفِ الخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ وَلا *** تَكُ كَالأَعْشَى إِذَا الأَعْشَى احْتَطَبْ

وَإِذَا تَابَعْتَ شَخْصَاً فَلْتَكُنْ *** مُحْسِنَ الظَّنِّ وَلا تُلْقِ الرِّيَبَ

وَاْحْذَرِ النَّقْدَ فَلَا تَعْجَلْ بِهِ *** وَتَأَمَّلْ رُبَّمَا بَرْقٌ خَلَبْ

لا تَكُنْ مِمَّنْ إِذَا أَمْرٌ بَدَا *** كَتَمَ الحُسْنَ وَغَطَّى وَحَجَبْ

وَأَبَانَ العَيْبَ تَشْهِيْرَاً بِهِ *** كُلَّمَا أَبْصَرَ إِبْدَاعَاً ثَلَبْ

أَوْ كَمَنْ يَرْضَى إِذَا وَافَقْتَهُ *** وَإِذَا خَالَفْتَهُ يَوْمَاً (قَلَبْ)

لا تُتَاِبْع ذَا ضَلَالٍ بَيِّنٍ *** أَنْتَ لا تَجْنِي مِنَ الشَّوْكِ العِنَبْ

أَوْ أَخَا فِكْرٍ سَقِيْمٍ بَارِدٍ *** إنْ رَأَى غِرَّةَ أَتْبَاعٍ وَثَبْ

أَوْ فَتَاةٍ جَعَلَتْ صُوْرَتَها *** فِتْنَةً يَغْدُوْ بِهَا القَلْبُ شُعَبْ

وَاحْذَرِ الأَلْقَابَ كَمْ فِيْ جَوْفِهَا *** مِنْ سَرَابٍ ، إِنَّما العِلْمُ اللَّقَبْ

أَوْجِزِ القَوْلَ وَلا تُطْنِبْ بِهِ *** إِنَّما الإِطْنَابُ فِي نَسْجِ الخُطَبْ

لا تُغَرِّدْ كُلَّ وَقْتٍ وَاجْتَنِبْ *** سَاعَةً إِنْ جِئْتَ تَغْرِيداً تُعَبْ

وَإِذَا مَا كُنْتَ فِي سَيَّارَةٍ *** لا تُغَرِّدْ إِنَّ فِي ذَاْكَ العَطَبْ

أَوْ تَكُنْ فِي مَجْلِسٍ يُرْجَى بِهِ *** أَنْ تَنَالَ البِرَّ مِنْ أُمٍّ وَأَبْ

وَإِذَا أَلْقَيْتَ جَنْبَاً لِلْكَرَى *** فَاْحْذَرِ التَّغْرِيْدَ إِنْ نَوْمٌ غَلَبْ

قَدْ مَحَضْتُ النُّصْحَ أَبْغِي أَجْرَهُ ***  وَهْوَ لِيْ –وَاللهِ- أَوْلَى وَأَحَبْ

فَاقْبَلَنْ بَوْحَ مُحِبٍّ صَادِقٍ *** كالنَّمِيْرِ العَذْبِ أَوْ شَهْدِ (الحَدَبْ)


علي بن حسن الحارثي
مكة المكرمة
11/11/ 1433هـ

 


 

تـغـريـدات