اطبع هذه الصفحة


المقيَّدات من (فهرس الفهارس والأثبات)

مشاري الشثري
@m_alshathri


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعدُ:
فهذه مقيَّداتٌ كنت جمعتها حين قراءتي للسِّفر العُجاب (فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلاتللسيد عبدالحي بن عبدالكبير الكتاني (ت ١٣٨٢)، وهو مجموعٌ يقع في مجلدين .. ضمَّنه السيد ما اتصل به من الفهارس والأثبات, وجمع فيه شتاتَ ما تفرق في المجاميع والبلاد والشيوخ، مرتبَنْها على الحروف، مبتدئا تحت كلِّ حرفٍ بذكر الأعلام، ثم المجاميع والأثبات وما لف لفَّها .. وقد أبان السيد عن رواية عريضة، وجَلَدٍ باهر، واطِّلاعٍ منقطع النظير، ومَشطٍ للكتب والمخطوطات تتقاصر دونه همم أبناء الزمان، وحلَّى تراجمه بفاذِّ الفوائد ونادِّها، مما ستطالع في هذه الورقة شيئا منه.
وغالبًا ما أصدِّر الفوائد بذكر اسمِ علمٍ، وسنة وفاته
 - إن أثبتها السيِّد -، لأن الفائدة تتعلق به لا أنها من قوله، فتنبَّه.

وكنت أذعتُ قريبًا من 100 فائدة عبر أثير تويتر، ثم جُمعت، وبعث بها إليَّ، فحبَّرتُها، وصوَّبتُ ما كان منِّي من أوهام، وأعدتُّ ما قطعتُه بسبب ضيق النافذة التويترية، وزدتُّها فوائدَ كنتُ جاوزتُها رفقًا بجمهور المتوترين، فصارت على ما هي عليه الآن، قرةَ عينٍ لأرباب المعارف وأحلاس العلوم.
وسأبدأ الفوائد بما ختم به السيِّد فهرسه من نعتِه إياه، ثم أسوق الفوائد حسب تسلسلها، ممهورةً برقم الصفحة الواردة فيها، ولن أقيّد رقم المجلد، لتتابع أرقام صفحات المجلدين.
والنسخة المعتمدة
 - التي لا أعرف غيرَها - هي التي نشرها الدكتور إحسان عباس بدار الغرب، الواقعة في 3 مجلدات - الثالث منها خالصٌ للفهارس -، وأخبرني الشابُّ الكهل، شابُّ العمر وكهل المطالعة والرحلة، نواف الرشيد أمتع الله به، أن والده الشيخ البحَّاثة محمدًا الرشيد نفع الله به يعمل على تحقيقِ الكتاب تحقيقًا آخر، محلًّى بتعليقاتٍ للسيد عبدالحي الكتاني لم تنَلْها نسخة إحسان عباس .

وبالله التوفيق:
1. قال الكتاني في خاتمة كتابه متحدثا عنه:
(اعلم أن كتابًا كهذا لا يقوم بمثله إلا من أُيِّد بالتوفيق والإسعاد، وركب في التقاط درره الأغوارَ والأنجاد، وتغرب فيه وارتكب الطرق البعاد، وتفرغ لجمع أصوله في عصر الشباب وحراراته، وساعده العمر بامتداده وكفايته، وتربَّع في دوائر الحرص وإمارته ...) [1166-1167].

وقال:
(كانت مدة الاشتغال بكتابي "فهرس الفهارسهذا الذي جعلتُه ذيلًا على "طبقات الحفاظللحافظَين السيوطي وابن ناصر، من زمانهما إلى زماننا هذا نحو شهر، وقد انتهى والحمد لله وكفى ظهر يوم الثلاثاء متم شوال الأبرك عام 1342 بفاس حرسها الله، ثم أعدت الالتفات إليه فاشتغلت به وانقطعت له نحو السنة، أزيد وأنقص، أقدم وأؤخر، وأستدرك وأصحِّح، وأُلحِق، فتمَّ تحريرًا وتهذيبًا وتصحيحًا على حسب الطاقة في 8 شوال 1344) [1169-1170].

2. أورد الكتاني رسالة الشيخ محمد حبيب الله إليه، ومما جاء فيه أن محمَّدًا أرسل إليه منظومته "دليل السالك إلى موطأ مالك"، وقال:
(بيَّنتُ فيها صحته - يعني "الموطَّأ" - ومساواته لـ "صحيح البخاري"، ورجوع الحافظ ابن حجر في "نكته على ابن الصلاحعما اعتمده من ترجيح "البخاري" عليه في مقدمة "فتح الباري") [53-55].

3. قال الحافظ أبو عمر ابن عبدالبر:
(معرفة أعمار العلماء والوقوف على وفياتهم من علم خاصَّة أهل العلم، وإنه لا ينبغي لمن وسم نفسه بالعلم جهلُ ذلك، وإنه مما يلزمه من العلم العناية به والقيام بحفظه) [٨٣].

4. أول من علمته جمع أوائل الكتب الحديثية وأفردها بالتأليف الحافظ ابن الديبع الشيباني الزبيدي [٩٤].

5. تحدث الكتاني عن طريقة ترتيب "أوائل السنوسي" ثم قال:
(وهذا ترتيبٌ عجيبٌ، وأسلوبٌ غريبٌ بين كتب الأوائل والأثبات) [١٠٣-١٠٤].

6. (علي بن ظاهر الوتري المدني الحنفي - ت ١٣٢٢):
أجازه شيوخه بالتدريس وهو ابن ١٧ سنة [١٠٧].

7. (أحمد بن عبدالله الغربي الرباطي - ت ١١٧٨):
قال عنه الحضيكي في طبقاته:
(كان يحب "الموطأ" كثيرًا، لا يفارقه غالبا حضرًا وسفرًا) [١١٩].

8. (بو نافع الفاسي - ت ١٢٦٠):
قال في "سلوة الأنفاس":
(يُذكَر أنه كان يقول: عندي أربعةٌ وعشرون علمًا لم يسألني عنها أحد) [١٢٤].

9. ذكر الكتاني من مؤلفات (أحمد بن سليمان الأروادي الطرابلسي - ت ١٢٧٥) ألفيةً في علوم الأدب [١٢٥].

10. (إبراهيم بن أبي بكر العلوي - ت ٧٥٢):
قال الشرجي في طبقات الخواص:
(انتهت إليه معرفة الحديث باليمن، مع حبِّه الضبطَ لمواضع الإشكال، وما وُجِد بخطه مضبوطًا اعتمد عليه) [١٢٧].

11. (إبراهيم اللقاني المالكي المصري - ت ١٠٤١):
لام اللقاني بالفتح والتشديد، هذا هو المعروف [١٣١].

12. (ابن الأبار القضاعي الأندلسي البلنسي):
مات بتونس قتيلًا مأسوفًا عليه وأُحرِق. قال ابن خَلدون:
(وسيقت مجلدات كتبه وأوراق سماعه ودواوينه فأُحرِقت معه).
قلتُ: هذه والله شنعةٌ ما فوقها شنعة، ورزيَّةٌ ما فوقها رزيَّةٌ، إلا قتله ثم حرقه، وهو عندي عديل ابن الخطيب وابن خلدون في الإنشاء وملكة الشعر، ويفوقهما بصناعة الحديث ومعرفته معرفةً تامَّة، ليس للتونسيين من يشاركه أو يضارعه فيها [142].

13. (أبو رأس المعسكري الجزائري - ت ١٢٣٩):
قال عنه تلميذه الأستاذ السنوسي بعد أن حلَّاه بالإمام الحافظ:
(كان حافظًا متقنًا لجميع العلوم، عارفًا بالمذاهب الأربعة، لا يسأل عن نازلة إلا يجيب عنها بداهةً كأنها حاضرةٌ بين شفتيه، محقِّقًا لمذهب مالك غايةً، لا سيما "مختصر خليل"، فله فيه الملكة التامة بحيث يلقيه على طلبته في ٤٠ يوما) [١٥٠].

14. قال الذهبي:
(أحفظ من رأيت أربعة: ابن دقيق العيد، والدمياطي، وابن تيمية، والمزي .. فابن دقيق العيد أفقههم في الحديث، والدمياطي أعرفهم بالأنساب، وابن تيمية أحفظهم للمتون، والمزِّي أعرفهم بالرجال) [١٥٤].

15. (أبو حيَّان الأندلسي - ت ٧٤٥):
أخذ عنه أبو جعفر بن الزبير شيخه، وحفيدُه أبو حيَّان محمد بن حيَّان بن أبي حيَّان، وبين وفاتهما نحو مائة سنة [١٥٥-١٥٦].

16. (أبو عمران الفاسي - ت ٤٣٠):
سمع "الصحيح" بمكة على أبي ذر الهروي، وكان لا يتكلم بشيء إلا كتب عنه [١٥٩].

17. (أبو النصر الخطيب الدمشقي الشافعي - ت ١٣٢٥):
ذكر لي عن نفسه أنه حفظ في صغره نحو خمسة عشر ألف بيت من أغلب الفنون، ونحو عشرة آلاف حديث بأسانيدها ... وهو الشخص الوحيد الذي رأيته يحدث حفظا بكثير من الأحاديث متنًا وسندًا منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على كثرة من رأيت من أهل المشرق والمغرب [١٦٢].

18. (جعفر بن إدريس الكتاني - ت ١٣٢٣):
ختم "الصحيحَ" بالزاوية الكتانية بفاس أزيد من عشرين مرة [١٨٧-١٨٨].

19. ذكر الكتاني في [١٩١] كتاب "الإفادات والإنشادات وبعض ما تحملته من لطائف المحاضرات"، قال:
(هو جزءٌ لجامع هذه الشذرة، محمد بن عبدالحي الكتاني، عارضت به إفادات وإنشادات الشاطبي، وهو في نحو سبع كراريس، رويت فيه عن كثير من مشايخنا بالمشرق والمغرب، فوائدهم، وأشعارهم، وفهومهم، رحم الله الجميع).

20. (عبدالله بن سالم البصري الشافعي - ت ١١٣٤):
في "النفس اليماني" للوجيه الأهدل عن الجمال البصري هذا أنه قرأ "صحيح البخاري" في جوف الكعبة المشرفة مرارًا، وأن شرحه على "الصحيح" عزَّ أن يلقى له مثيل، سماه "ضياء الساري" قال: (وهذا الاسم كاد أن يكون من قبيل المعمى، فإنه موافقٌ لعام الشروع في تأليفه)
قال: (ومن مناقبه تصحيحه للـ "الكتب الستة"، حتى صارت نسخته يرجع إليها من جميع الأقطار)
قال: (ومن أعظمه "صحيح البخاري" الذي وجد فيه ما في اليونينة وزيادة، أخذ في تصحيحه وكتابته نحوًا من عشرين سنة) [١٩٧].

21. ذكر الكتاني ثَبَتَ ولي الله الدهلوي "الانتباه في سلائل أولياء الله وأسانيد وارثي رسول الله" وقال:
(ومما يتعلق بهذا الثبت أنَّا رويناه عن صاحبنا الشيخ أحمد بن عثمان العطَّار، وأخبرنا أنه يروي نصفه الأخير فقط عن محمد بن عبدالعزيز الجعفري الهندي عن الشيخ محمد يعقوب الدهلوي المكِّي عن جده لأمه الشيخ عبدالعزيز بن ولي الله عن أبيه، وإنما كان يروي منه الجعفري المذكور نصفَه الأخير فقط لأن الأول فيه أسانيد الطرق الصوفية، وكان لا يقول بالطرق) [٢٠٥].

22. (محمد بن العلاء البابلي المصري الشافعي - ت 1077):
يُذكر أنه دعا لما بانت له ليلة القدر أن يكون في الحديث مثل الحافظ ابن حجر، فكان كذلك بالنسبة لأهل زمانه [210].

23. (محمد البخاري الحنفي - ت ١٢٠٠):
ألف في ترجمة ابن تيمية كتابه "القول الجلي" المطبوع بهامش "جلاء العينين" وفي غيره من المجامع, وإن لم ينسبه له من ترجمه، ولا عرف ترجمته من طبعه أو طالعه، وهذا عجيب [٢١٥].

24. ذكر (أبو حامد البديري الحسيني الدمياطي الشافعي – ت 1140) في شرحه على "البيقونية" أنه سأل شيخه النور علي الشبراملسي عن حكم قراءة الحديث مجوَّدًا كتجويد القرآن من إمكان النون الساكنة والتنوين والمد والقصر وغير ذلك، هل هي مندوبة ؟
فأجابه بالوجوب، ونقله له عن كتاب "الأقوال الشارحة في تفسير الفاتحة" قال:
(وعلَّل الشيخ ذلك بأن التجويد من محاسن الكلام، ومن لغة العرب، ومن فصاحة المتكلم، وهذه المعاني مجموعة فيه صلى الله عليه وسلم، فمن تكلَّم بحديثه عليه السلام فعليه مراعاة ما نطق به عليه السلام) [217-218].

25. ذكر الكتاني أن لـ (بدر الدين الغزي - ت ٩٨٤) ثلاثةَ شروح على ألفية ابن مالك، اثنان منها نظمًا [٢١٨].

26. قال الذهبي:
(هو - يعني البرزالي الذي حبَّب إليَّ طلب الحديث، قال لي: 
خطك يشبه خط المحدثين، فأثَّر قوله فيَّ، وسعيت وتخرَّجت به في أشياء
) [٢٢٠].

27. (البرهان الحلبي الشافعي المعروف بـ سبط ابن العجمي):
قرأ "صحيح البخاري" أكثر من ٦٠ مرة، و"صحيح مسلم" نحو العشرين ... مات مطعونا سنة 841 وهو يتلو القرآن [٢٢٢].

28. في "تاريخ ابن الحاج" أنَّ شَرْحَ (محمد البناني الفاسي - ت ١١٦٣) على "الاكتفاء" للكلاعي في السير ليس له نظير، في عدة أسفار ... وذكر أن شيخه سيدي محمد بن عبدالقادر الفاسي هو الذي أذنه في الشرح المذكور وقال له: 
(قُم بهذا الوَظِيف، فإنه دَينٌ على المسلمين) [٢٢٥].

29. وردت في الفهرس الروايةُ عن الجن في مواطن كثيرة، منها:
[٢٣٤، ٣٣٨، ٤٦١، ٤٩٧، ٦٧٤، ٧٠٤، ٧٤٣، 853، 871، 878، 879، 943، 977، 982، 1052، 1154].

30. في [٢٤٢] ذكرٌ لغالب مدار رواية التونسيين، وفي [٢٦١] مدار أسانيد المغاربة، وفي [٨٢٤] السلسلة التي هي معتمد أهل فاس ومن أخذ عنهم علومَ الحديث والسنة.

31. في "نفحة المسك الداري" لأبي الفيض ابن الحاج أن أبا مروان السجلماسي كان ينكر ولوع أهل المغرب برواية ابن سعادة في "صحيح البخاري"، ويعجب من تلقيهم لها بالقبول، مع أن رواية ابن سعادة من قبيل الوجادة، وكان أبو مروان تحمَّل عن أبي إسحاق الكوراني بطيبة المنورة، فلم يهتبل برواية المغاربة، وادعى أن المغرب شاغرٌ من صحيح الروايات، وقد أنكر عليه ذلك شيوخ العصر، وحقَّ لهم إنكاره [٢٥٥-256].

32. (التاودي ابن سودة - ت ١٢٠٩):
قال عنه أبو عبدالله الرهوني أول "أوضح المسالك":
(حاز رياسة فاس والمغرب كله، فلا أعلم الآن أحد ممن ينتمي إلى العلم بالمغرب إلا وله عليه منَّة التعليم، إما بواسطة أو بغير واسطة أو بهما).

وقد لخَّص الكتاني ما في "الروضة المقصودة" للحوات من ترجمته، ومما جاء فيها:
(ثابر على إقراء "البخاري" حتى جاوزت ختماته حدَّ الأربعين، فلم يكن يدعه، لاسيما في شهر الصيام، من البدء إلى التمام، يفتتحه أول يوم منه ويختم آخره، وكان يأتي في هذا الزمان القليل بتحقيقات ... وأقرأ "الألفية" نحوًا من ثلاثين مرة، وربما أقرأها في الشهر الواحد بدءًا وختما ... وأقرأ "مختصر خليل" نحو الثلاثين مرة ... وكان يختم المختصر غالبا في سنتين، وتارةً في أكثر، وأخرى في أقل) [٢٥٧-٢٥٨].

33. (التهامي ابن رحمون الفاسي - ت ١٢٦٣): 
لم أر لأحد في القرن الماضي من أهل فاس ما رأيت لهذا الرجل من الاعتناء بالرواية وجمع الفهارس والأثبات وتصحيحها ووصل المسلسلات، بحيث يستحيل أن يوجد راوٍ في وقته بالمغرب إلا وله عنه رواية، ومع طول الزمن كلَّ يوم نظفر له بغريبة أو غرائب في هذا الباب، ولكن ضيَّعه قومه، فلم أرَ من استجاز منه في فاس ولا في غيرها بعد طول البحث والتنقيب، بل ولا ترجمه من أصحاب الفهارس والتقاييد، حتى صاحب "سلوة الأنفاس" لم يترجمه [٢٧١].

34. (ابن تيمية - ت ٧٢٨): 
هو أول من كتب على الاستجازة الكبيرة المعروفة بـ "الألفية" التي هي بخط المحدث أبي عبدالله محمد بن يحيى بن سعيد المقدسي التي سأل فيها الإجازة من مشايخ العصر لأكثر من ألف إنسان مؤرخة بسنة 721 [٢٧٥].

35. (الجيلالي السباعي المغربي ثم المدني - ت ١٢١٣): 
قال الأوبري:
(يحكى عنه أنه قال: ما ألقته - ولو مرةً - أذني أو عيني في مخيلتي ارتسم نحو الستة أشهر في حفيظتي. وقد حدثني القيم على سيدنا عبدالله بن عباس في الطائف قال: ... كان يقرأ التفسير بين العشاءين بالمسجد النبوي، فقضينا العجب من حفظه، وكان "تفسير القرطبي"قرأه في صغره حفظا) ... 

وفي "ذيل محمد بن عمر اليبركي السوسي على فهرسة الحضيكي" ترجمةٌ عظيمةٌ للمذكور، قال عنه:
(... قيل: إنه استظهر "القاموس" حفظًا وإتقانًا) [٢٩٧].

36. (سليمان الجمل الشافعي): 
ترجمه ابن عبدالسلام الناصري في رحلته الكبرى، فقال:
(هذا الرجل آية الله الكبرى في خلقه مع كونه أميًّا لا يحسب ولا يكتب، بل ولا يطالع، ودأبه أن يأتي بمن يطالع له حصته في سائر ما يريد تدريسه من الفنون، فيسرد عليه ويحفظ هو جميع ذلك، ولم يتزوج قط، وله بالمشهد الحسني درسٌ كبيرٌ يحضره الجم الغفير في التفسير، حضرناه، وله حاشية نفيسة على "تفسير الجلالين"، وهي سائرةٌ مع النصاب، فعادته أن يأتي أخ له كل يوم مع طالب من تلامذته إلى بيته، فيسردون على الشيخ التفاسير، فيأمرهم بالكَتْب) [٣٠٠].

37. (ابن الجزري الدمشقي - ت ٨٣٣):
قال الشمس البديري في فهرسته:
(إن سبب اشتغاله بالحديث بعد أن كان مكبًّا على علم القراءات أن بعض أشياخه قال له ذات يوم:
إن علم القراءات كثيرُ التعب قليلُ الجدوى، وأنت ذهنك رائقٌ وفهمك فائقٌ، ومن كان هكذا فعليه بعلم الحديث، فاجتهَدَ فيه حتى حفظ مائة ألف حديث بأسانيدها، وألَّف في مصطلح الحديث أرجوزة، خمسمائة بيت، أغزر علمًا من 
"ألفية الحافظ العراقي"، وشرحها السخاوي وغيره، وقد شرعتُ أيضًا أنا في شرحها) [٣٠٤].

38. ذكر الكتاني في [٣٠٦] أن على "تفسير ابن جزي" حاشيةً للشيخ التاودي ابن سودة .. قال:
(وهو عندي).

39. (ابن الجوزي - ت 597):
قال الشهاب أحمد بن قاسم البوني في ثبته:
(بلغت تواليفه ألف تأليف، منها التفسير الكبير في ألف جزء، وحسبت أيام عمره وأوراق تأليفه، فخرج لكل يوم ثلاث كراريس أو أكثر، هكذا هكذا وإلا فلا لا) .. 

قال الذهبي في "التاريخ الكبير":
(لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصفة، بل بكثرة اطلاعه وجمعه) [٣٠٩].

40. سلسلةُ الحفاظ من ابن حجر إلى رجال الدور الأول، وكونُ كلٍّ منهم لم ير أحفظ منه:
قال السخاوي في "الجواهر والدرر" في ترجمة شيخه شيخ الإسلام ابن حجر:
(والله ما رأيتُ أحفظ من صاحب الترجمة - يعني الحافظ -، 
وهو ما رأى أحفظ من شيخه أبي الفضل العراقي، 
وهو ما رأى أحفظ من شيخه أبي الفضل العلائي، 
وهو ما رأى أحفظ من شيخه المزِّي، 
وهو ما رأى أحفظ من الدمياطي، 
وهو ما رأى أحفظ من المنذري، 
وهو ما رأى أحفظ من أبي الفضل المقدسي، 
وهو ما رأى أحفظ من الحافظ عبدالغني بن عبدالواحد المقدسي، 
وهو ما رأى أحفظ من أبي موسى المديني، إلا أن يكون أبا القاسم ابن عساكر، لكن لم يسمع منه إنما رآه، 
وهما ما رأيا أحفظ من إسماعيل التميمي، 
وهو ما رأى أحفظ من الدمياطي، 
وهو ما رأى أحفظ من الخطيب البغدادي، 
وهو ما رأى أحفظ من أبي نعيم الأصبهاني، 
وهو ما رأى أحفظ من أبي إسحاق إبراهيم بن حمزة، 
وهو ما رأى أحفظ من أبي جعفر أحمد بن يحيى بن زهير التستري، 
وهو ما رأى أحفظ من أبي زرعة الرازي، 
وهو ما رأى أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة، 
وهو ما رأى أحفظ من وكيع، 
وهو ما رأى أحفظ من سفيان، 
وهو ما رأى أحفظ من مالك، 
وهو ما رأى أحفظ من الزهري، 
وهو ما رأى أحفظ من ابن المسيب، 
وهو ما رأى أحفظ من أبي هريرة
)

قال الشمس الخليلي في ثبته:
(فإذا اتصل سندك بابن حجر اتصل سندك بهؤلاء الحفاظ الذين لم يرَ الآخذ عنهم أحفظَ منهم، فهو من عوالي الأسانيد لجلالتهم وحفظهم) [323-324].

41. من الغرائب التي تتعلق بترجمة الحافظ ابن حجر ما في ثبت الشهاب البوني أن الحافظ انتقل في آخر عمره لمذهب مالك، قال:
(كما رأيت ذلك بخطِّه في مكة المكرمة)
قلتُ: ولعل رجوعه في مسألتين أو مسألتين، والله أعلم [٣٢٥].

42. نقل محمد بن العلاء البابلي عن محمد الوسيمي أنه كان يقول في شأن الحافظ ابن حجر:
(الحديث فنُّه، والشعر طبعُه، والفقه يتكلَّف فيه) [٣٢٨].

43. (حسب الله الضرير الشافعي):
كان رحمه الله كَلِفًا بشهود رمضان في المدينة مع عماه وكبر سنه، محافظًا على ذلك إلى أن تم له صيام سبعين رمضان بها، وختم "البخاري" في جوف الكعبة، وهذا نادرٌ لم يُسمَع إلا عن أفراد من الأولين [٣٥٦].

44. ذكر أبو سالم العياشي عن (خير الدين الرملي - ت ١٠٨١) أنه أخبره أنه غرس بيده ما يزيد على مائة ألف شجرة، كلها أطعمت وأكل من ثمرها [٣٨٧].

45. (أحمد بن زيني دحلان - ت ١٣٠٤):
هو الذي سعى لدى سلطان المغرب أبي علي الحسن في طبع شرح الإحياء، وكان مفقودا بالمشرق أجمعه. وله ثَبَت، وكان مدمنًا على الدرس، خصوصًا الحديث، حتى قالوا:
صار "البخاري" عنده ضروريًّا كالفاتحة [٣٩١].

46. (أبو زيد الدباغ القيرواني - ت ٦٩٩):
له كتاب "معالم الإيمان"، وقد طبع، يدل على اطلاعٍ واسع وتثبُّتٍ عميق, وناهيك بكتاب يسعى مثلُ الإمام ابن دقيق العيد في استنساخه من الاسكندرية إلى تونس. ذكر ذلك العبدري الحيحي في رحلته عنه [٣٩٣].

47. (أبو العباس الدمنهوري - ت ١١٩٢):
قال عنه الزبيدي في شرح "ألفية السند": 
(كان يكتب تحت اسمه بعد الشافعي: (الحنفي المالكي الحنبلياستجاز بذلك من شيوخه) [٤٠٥].
وفي [1061] سماه الكتاني: (الشهاب أحمد الدمنهوري المذاهبي).

48. (عبدالمؤمن الدمياطي - ت ٧٠٦):
معجمه في أسماء شيوخه ومن لقيه وأخذ عنه في أي فن كان في أربعة أسفار، موجودٌ الآن بخط مؤلفه في مكتبة تونس، وفي "كشف الظنون" أنه مشتمل على ألف شيخ، وفي "درة الحجال" عددهم يزيد على ألف وثلاثمائة شيخ ... قال العبدري - وقد لقِيَه في رحلته وذكر معجمه هذا -:
(سمعته يقول إنهم ينيفون على ألف ومائة وسبعين، فقال له بعض الحاضرين:
وهل كانوا كلهم أئمة ؟
فقال: لو لم أكتب إلا عن العلماء الأئمة ما كتبت عن خمسة
) [٤٠٧].

49. حُكِي عن الحافظ ابن حجر أنه قال:
(شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ) [٤١٧].

50. قال الحافظ السيوطي في "طبقات الحفاظ":
(الذي أقول إن مدار المحدثين الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة:
المزي، والذهبي، والعراقي، وابن حجر
) [٤١٩].

51. (الرحمتي الدمشقي - ت ١٢٠٥): 
اختصر "شفاء" القاضي عياض اختصارًا جليلًا، وشرحه بشرحٍ لم تكتحل عين الزمان بمثله تحريرًا وتحبيرًا [٤٢٤].

52. (ابن الرومية - ت ٦٣٧): 
قال ابن الخطيب في "الإحاطة": 
(كان نسيجَ وحده وفريدَ دهره, إمامًا في الحديث، حافظًا، ناقدًا، ذاكرًا تواريخَ المحدثين وأنسابَهم وموالدَهم ووفياتِهم وتعديلَهم وتجريحَهم، عجيبةُ نوعِ الإنسان في عصره وما قبله وما بعده في معرفة النباتات وتمييز العشب وتحليتها، قام على الصناعتين لوجود القدر المشترك بينهما، وهما الحديث والنبات، إذ موادُّهما الرحلة، والتقييد، وتصحيح الأصول، وتحقيق المشكلات اللفظية، وحفظ الأديان والأبدان) [٤٤٢].

53. (ابن رشيد الفهري - ت ٧٢١): 
قال الحافظ الذهبي: 
(كان على مذهب أصحاب الحديث في الصفات، يمرها ولا يتأولها، وكان يسكت لدعاء الاستفتاح ويسرُّ بالبسملة، فأنكروا عليه، وكتبوا عليه محضرا بأنه ليس مالكيا، فاتَّفق أن القاضي الذي شرع في المحضر مات فجأة وبطل المحضر) [٤٤٤].

54. (ابن طاهر الحسني السجلماسي - ت ١٠٤٤): 
قال تلميذه المرغتي: 
(ما رأيت أسرع منه دمعةً عند سماع القرآن فلا يكاد يجوِّد الطالب لوحَه إلا بكى لله مرة أو أكثر، وكذلك عند ذكر الله، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر المدينة، وعند ذكر الأولياء والصالحين) [٤٦٩].

55. (المنلا إبرهيم الكوراني): 
قال الشيخ أبو سالم العياشي: 
(بلغ من حفظه أنه لو نظر في مسألة في كتاب، وغاب عنه سبع سنين، ثم سئل عنها لقال: 
هي في كتاب كذا، صفحة كذا، سطر كذا
) [494].

56. (أحمد المنجور - ت ٩٩٥): 
في طبقات الحضيگي: 
(كان شديدًا في اتباع السنة في أحواله كلها، حتى كان تلميذه مولاي عبدالله بن علي بن طاهر إذا سئل عن شيء يقول: 
اصبروا حتى أنظر هل فعله الشيخ المنجور أم لا، فإنه لا يفعل إلا السنة، وقد سئل هل لبس النبي صلى الله عليه وسلم السراويل ؟
فسأل زوجته، فأخبرته بأن الشيخ يلبسه دائما، فرجع وأخبر السائل بأنه صلى الله عليه وسلم لبسه، واحتجَّ بأنه لو لم يلبسه ما لبسه الشيخ
) [٥٦٦].

57. (بن عبدالله المشرفي): 
قال عنه العالم الرحالة المعمر أبو حامد العربي بن عبدالقادر المشرفي دفين فاس في كتابه "ياقوتة النسب الوهاجة في نسب أهل مجاجة": 
(كان حافظًا، حجةً في السيرة النبوية، لا يفوته فيها سؤال وإن أعضل، يحفظ "البخاري" متنًا وإسنادًا، وكذا "صحيح مسلم") [٥٧٧].

58. نروي ما للشيخ نذير حسين عن عبدالله بن إدريس السنوسي، وأحمد بن عثمان العطار عنه شفاها، للأول بمكة المكرمة، وللثاني بالهند سنة 1302، بعد سماعه عليه "الشمائل والأوائل السنبلية"، وهو من شيوخه الذين لم يترجمهم في معجمه تقيةً لاشتهاره بالمذهب الوهابي [٥٩٣].

59. من أغرب ما يذكر هنا أن هذا المعجم - يعني "المعجم المختص" للحافظ الزبيدي - هو من أكبر موادِّ الجبرتي في تاريخه، فلو شئتَ أن تقول إن جميع تراجم العلماء من أهل القرن الثاني عشر التي فيه مأخوذةٌ باللفظ من هذا المعجم لم يبعد، حتى إنه ينقل قول السيد- يعني الزبيدي -:
"حدثني فلان" بلفظه ولا يتنبه، ويسوق الترجمة بنصِّها، ويكون السيد لم يذكر وفاته لكونه عاش بعده، فإذا جاء للوفاة غلط فيها وأخطأ، وهذا نظير ما وقع للعيني مع ابن دقماق في تاريخه، قال الحافظ ابن حجر في "إنباء الغمر": 
(إن العيني يكتب من تاريخ ابن دقماق الورقة بعينها متوالية، ويقلده فيما يَهِم فيه، حتى في اللحن الظاهر، مثل أخلعَ على فلان، وأعجبُ منه أن ابن دقماق يذكر في بعض الحوادث ما يدل على أنه شاهدها، فيكتب البدر كلامه بعينه، وتكون تلك الحادثة وقعت بمصر وهو بعد في عينتاب)، وإنما زاد الجبرتي بتراجم بعض الأمراء والقواد ورؤساء الأجناد وبعض اليهود، وبالجملة فنَفَسُه في تراجم المشاهير ممن ترجم لهم الحافظ الزبيدي نَفَسُ المحدثين والمؤرخين، ولما انقطع ما كتبه السيد صار يكتب على غير تلك الطريقة ... ومع أَكْلِ الجبرتي لمعجم السيد أكلًا لـمًّا لم يكن يبقي ولا يذر قدحًا فيه ولمزا، والحسد قتَّال، وعند الله تجتمع الخصوم [623].

60. (أبو محمد عبدالله الديباجي): 
كان السِّلَفي يرميه بالكذب، فكان هو يقول: 
(كلُّ من بيني وبينه شيءٌ فهو في حل إلا السِّلَفي فبيني وبينه وقفة عند الله) [٦٥٨].

61. ... وأعلى من ذلك ما حصل لنا في ثلاثيات البخاري، فإن بيننا وبين النبي فيها أربعَ عشرة واسطة فقط، وهذا لا أعلى منه في الدنيا [٦٨٨].

62. (الصباغ الاسكندري المالكي - ت ١١٦٢): 
نقل عنه الحضيكي قوله: 
(عليكم بعلوم الشرع، الفقهِ والحديثِ والتفسيرِ، وكنت جاورت بالحرمين الشريفين نحو خمس سنين، فما رأيت أحدًا يسأل عن مسائل البيان والمنطق، وإنما سؤالهم عن الفقه والسنة، فالعاقل يعطي كُلِّيَّته وهمَّته لذلك، ولا يغتر بالشقشقات) [٧٠٢].

63. في "الديباج": 
(قال أبو علي الصدفي لبعض الفقهاء: 
خذ 
"الصحيحَ" فاذكر أيَّ متن أردت أذكر لك سنده، وأيَّ سند أردت أذكر لك متنه) [٧٠٥].

64. (عابد السندي - ت ١٢٥٧): 
كان مدة مقامه بالمدينة مثابرًا على إقراء كتب السنة، حتى إنه كان يختم "الكتب الستة" في ستة أشهر، بل حدثني المسند الخطيب السيد أبو جيدة بن عبدالكبير الفاسي أنه حدثه شيخه المعمر العلامة الشيخ حسن الحلواني المدني أنه سمع على شيخ عابد "الكتب الستة" في شهر، وأخذها عنه درايةً في ستة أشهر [٧٢٢].

65. (عارف الله أحمد باي التركي - ت ١٢٧٢ أو ١٢٧٥): 
شيخ الإسلام بالمملكة العثمانية، وواقف المكتبة العظمى بالمدينة المنورة .. هذا الرجل هو أعلم علماء الآستانة في القرن المنصرم [٧٢٣].

66. (عبدالحق بن سيف الدين الدهلوي): 
قال الأمير صديق حسن في "الحطة": 
(هو أول من جاء بالحديث لإقليم الهند وأفاضه على سكانه في أحسن تدريج) [٧٢٥].

67. قال (عبدالحي اللكنوي - ت ١٣٠٤) في كتابه "النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير": 
(من مِنَحه تعالى أني رُزِقت التوجه إلى فنِّ الحديث وفقهِه، ولا أعتمد على مسألة ما لم يوجد أصلها من حديث أو آية، وما كان خلافَ الحديث الصحيح الصريح أتركه، وأظن المجتهد فيه معذورًا بل مأجورًا، ولكني لست ممن يشوش على العوام الذين هم كالأنعام، بل أكلم الناس على مقدار عقولهم) [٧٢٩].

68. (عبدالكبير الكتاني "والد المؤلف" - ت ١٣٣٣): 
يعرف الناس له منةَ إحياء السنة وكتبها بفاس، والقيامَ عليها قيامَ النقاد المهرة، يستحضر أحاديث "الكتب الستة" كأصابع يده [٧٤٥].

69. بعد سياقه إحدى السلاسل قال الكتاني: 
لا أتقن ولا أوثق في سلاسل المتأخرين من هذه السلسلة، لأنها مع علوها مسلسلة بأئمة الأعصار والأمصار وأقطاب السنة ورجال العلم والعمل، ولذلك إذا رويتُ عن الوالد عن الشيخ عبدالغني بها كأني أقول بالنسبة لزماننا والقرون الأخيرة: 
حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر، فأجد لهذا السياق من الحلاوة والقبول والعظمة ما تنهَدُّ له جبروتيَّةُ الشباب، وتقف عنده صولة علوم الشقشقة [760-٧٦١].

70. (عطية الأجهوري الشافعي - ت ١١٩٤): 
ترجمه هبة الله البعلي في ثبته قائلًا: 
(سمعت منه ما لا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب شارحٍ أو محشِّي) [٧٧٨].

71. قال الكتاني عن "الذخيرة في السيرة النبوية" لمحمد المعطي ابن الصالح الشرقي: 
(هي من أعظم الكتب التي فاق بها المغاربة على غيرهم، لأنها في نيف وسبعين مجلدا من القالب الكبير) [٧٨٠].

72. (علي بن أحمد الرجراجي - ت ١٣٠٨): 
من نوادره أنه اشترى عبدًا، وبعد ذهابه معه سأله عن اسمه فقال: محمد، 
فقال له: اذهب حيث شئت، فإن مثلي لا يملك محمَّدًا [٧٨٧].

73. قال الكتاني عن "رحلة العبدري": 
(هي عندي في مجلد من أنفس ما كتبه المغاربة قلمًا وشجاعةً ونقدًا واتساعَ رواية، وبالجملة فهي رحلة جامعة) [٨٠٩].

74. (زين الدين عبدالرحيم العراقي - ت ٨٠٦): 
نقل عنه الجمال الإسنوي في "المهمات" وغيرها، ووصفه بحافظ العصر مع كونه من تلامذته، قال السخاوي: 
(وهذا وأمثاله مما يعد من مفاخر كلٍّ من الناقل والمنقول عنه) [٨١٥].

75. (زين الدين عبدالرحيم العراقي - ت ٨٠٦): 
ترجمه الحافظ ابن حجر في "إنباء الغمر"، فقال: 
(لم نرَ في هذا الفن أمتنَ منه، وعليه تخرج غالب أهل عصره، ومن أخصهم به صهره شيخُنا نور الدين الهيثمي، وهو الذي درَّبه وعلَّمه كيفية التخريج والتصنيف, وهو الذي يعمل له خطب كتبه وينسبها له، وصار الهيثمي لشدة ممارسته أكثرَ استحضارا للمتون من شيخه، حتى يظن من لا خبرة له أنه أحفظ منه، وليس كذلك، لأن الحفظ المعرفة) [٨١٦].

76. قال الشهاب أحمد بن الشلبي في "إتحاف الرواة بمسلسل القضاة": 
(ومن العجائب أن المشايخ الثلاثة: البلقيني وابن الملقن والعراقي، كانوا أعجوبةَ هذا العصر على رأس القرن الثامن، فالبلقيني في التوسع في معرفة مذهب الشافعي، وابن الملقن في كثرة التصانيف، والعراقي في معرفة الحديث وفنونه، وكلٌّ من الثلاثة وُلِد قبل الآخر بسنة، ومات قبله بسنة) [٨١٨].

77. (أبو العلاء العراقي الحسيني الفاسي - ت ١١٨٣): 
قال عنه الزبيدي في معجمه: 
(لما قرأ "الجامع الكبيرللسيوطي استدرك عليه نحو عشرة آلاف حديث كان يقيدها في طرة نسخته) [٨٢١] ومن مميزات الحافظ العراقي عن محدثي المتأخرين تجاهره بإحياء السنن الميتة في العبادات وغيرها، حاطًّا من شأن ما جرى به العمل كيفما كان إذا كان يخالفها [٨٢٣].

78. في "الرحلة الناصرية" لابن عبدالسلام: 
(يا عجبًا من غيرة الشافعية على من رأوه حافظا في مذهب غيرهم، فهذا السبكي ترجم لابن عبدالحكم وابن دقيق العيد وغيرهم من المالكية في "طبقات الشافعية"، بل وترجموا للمجتهدين الذين لم يتمذهبوا إلا بالحديث) [٨٤٢].

79. (ابن عبدالسلام الفاسي - ت ١٢١٤): 
هو خاتمة المنفردين بتحقيق توجيه أحكام القراءات بالمغرب ... وكتابه "المحادي في علم القراءات" أوسعُ ما كتبه من تأخر في هذا العلم، وهو عندي بخط مؤلفه [٨٤٨].

80. (ابن عزوز - ت ١٣٣٤): 
أعجبُ ما كان فيه الهيام بالأثر والدعاء إلى السنة مع كونه كان شيخَ طريقة، ومن المطلعين على الأفكار العصرية، وهذا نادرةُ النوادر في زماننا هذا الذي كثر فيه الإفراط والتفريط، وقلَّ من يسلك فيه طريقَ الوسط والأخذ من كلِّ شيء بأحسنه [٨٥٦] ثم ذكر الكتاني في [857] ما حلَّاه به الشهاب دحلان في إجازته، ثم قال: 
(وهذه الحلاة نادرةٌ من مثل الشيخ دحلان، يعلم ذلك من تتبع حلاه في إجازاته لأهل المشرق والمغرب، وهي كثيرة).

81. (ابن غازي - ت ٩١٩): 
استنبط من حديث "أبا عمير ما فعل النغير" مائتي فائدة [٨٩١].

82. لما تكلم ابن عبدالسلام الناصري في "المزايا" على عادة جدِّه أبي عبدالله ابن ناصر من سرد "البخاري" في رمضان من كل سنة قال: 
(على عادة ابن غازي بفاس، إذ هو الذي ابتدأ سَردَه به، ولازمه في رمضان، فتابعه الشيخ وغيره على ذلك).
قلتُ: لا زال الناس في فاس ومكناس وغيرهما من بلاد المغرب يعتنون بقراءة "صحيح البخاري" في شهر رمضان إلى الآن على سنة ابن غازي رحمه الله [٨٩١].

83. لـ (المجد الفيروزبادي - ت ٨١٨) شرحٌ على "البخاري" سماه "فتح الباري بالسيح الفسيح الجاري في شرح البخاري" كمل منه ربع العبادات في٢٠ مجلدا [٩٠٩].

84. من غريب ما تسمع وتقرأ أن الحافظ ابن حجر نقل مرة في "الفتح" عن "القاموس" للفيروزبادي، فانتقده العيني بأن ما ذكره يحتاج إلى نسبته إلى أحد من أئمة اللغة المعتمد عليهم .. فطبِّقه على حال من يحتج اليوم بكلام "المنجد" و "أقرب الموارد" كأنه وحيٌ يوحى، مع أن قربَ الفيروزبادي من العيني كقرب هؤلاء منَّا أو أكثر، فإنا لله من ضعف العلم أو قلة المتمكنين فيه [٩٠٩-٩١٠].

85. (ابن فهد): 
أبناء فهد في الرواة كثير، وهم بيت كبير بمكة، انقرضوا اليوم، منهم:
... وأنت إذا تأملت قلَّ أن تجد في بيت في الإسلام أربعة من الحفاظ في سلسلة واحدة من بيت واحد يتوارثون الحفظ والإسناد غير هذا البيت العظيم [910-٩١٢].

86. (الشبيهي الزرهوني):
صاحبُ "الفجر الساطع على الصحيح الجامع" أنفس وأعلى ما كتبه المتأخرون من المالكية على "الصحيح" مطلقًا، وهو في أربع مجلدات، أنا متفردٌ الآن في الدنيا بروايته عن مؤلفه ... وقد استدرك في شرحه المذكور على "الصحيح" وانتقد أمورًا على الحافظ ابن حجر، وُفِّق لها وغفل عنها من قبله من الحفاظ مما يعلم منه أن الفتح بيد الله، وبالجملة فالرجل من مفاخر المتأخرين، وممن يُبتهَج به في صفِّ شيوخنا رحمهم الله [٩٢٩].

87. بعد ذكره روايةَ محمد بن عبدالوهاب بن علي الطبري عن عبدالله بن سالم البصري، و رواية أخته خديجة بنت عبدالوهاب عن الحصاري = قال الكتاني: 
(وقد اشتد بحثي في مكة أيام رحلتي إليها عن بقية فقهاء وفقيهات هذا البيت العظيم فوجدتهم دخلوا تحت خبر كان، وكلُّ من عليها فان) [٩٤٤].

88. (القصار الغرناطي - ت ١٠١٢): 
كان للقصَّار معرفة بالتاريخ والأنساب، شديد الاعتناء بأنساب الأشراف، وكان يفتخر بمصاهرتهم، وسمعت بعض المشايخ يقول: 
(إنه ماعلا زوجته الشريفة قط أدبا مع جدها عليه السلام) [٩٦٥].

89. "إرشاد الساري للقسطلاني": 
كان بعض شيوخنا يفضله على جميع الشروح من حيث الجمعُ وسهولةُ الأخذ والتكرار والإفادة، وبالجملة فهو للمدرِّس أحسنُ وأقربُ من "فتح الباري" فمن دونه [٩٦٨].

90. في [٩٦٩] طرفٌ مما جرى بين السيوطي والقسطلاني من اتهام الأول الثانيَ بأنه كان يأخذ من كتبه ويستمد منها ولا ينسب لها .. ومما جاء في هذا السياق أن القسطلاني استأذن على السيوطي فلم يأذن له لأن رسول الله كان عنده .. علق الكتاني:
(كان في حال انجماع باطني وتشخيص خاص، فكره أن يقطع عليه حالته وتوجهه) !.

91. "قطف الثمر": 
الثبت الصغير لصالح الفلاني - نسبة لفُلان قبيلة بالسودان [٩٠١] - وقد طُبِع، وهو مهمٌّ جدًّا، جامعٌ لأسانيدِ وكتبِ أهل المشرق والمغرب [٩٧٥].

92. (سليمان بن إبراهيم العلوي - ت ٨٢٥): 
ذكره البدر حسين الأهدل في تاريخه، وأثنى عليه كثيرًا، وذكر أنه أتى على "صحيح البخاري" نحوًا من مائتين وثمانين مرة قراءةً وسماعًا وإقراءً [٩٨٠].

93. من اللطائف كما في "الأشراف" أن السلطان أبا الربيع كان بمجلس البخاري، فعطس والقارئ يتلو "يرحمك الله" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
(إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال، وليقل له أخوه وصاحبه: يرحمك الله) الحديث، وفي ذلك يقول الوالد أبو الفيض حمدون ابن الحاج:

عطستَ وراوي الحديث يقولُ *** "يرحمك الله" قول الرسولِ
فكان الرسول المشمِّتَ إذا *** عطستَ وذلك أعظمُ سولِ [983].
 

94. "فتح المغيث للسخاوي": 
لا أظن أن الناس ألفوا أجمعَ منه في الاصطلاح ولا أوسع، وهو مطبوع، وعندي النصف الثاني عليه خطه [٩٩٠].

95. قال القاضي الشوكاني في تاريخه "البدر الطالع" في ترجمة السيوطي: 
(السخاوي وإن كان إماما كبيرا غير مدفوع، لكنه كثير التحامل على أكابر أقرانه كما يعرف ذلك من طالع كتابه "الضوء اللامعفإنه لا يقيم لهم وزنا) [٩٩٣].

96. عن السيوطي قال تلميذه الشعراني في "طبقاته الصغرى": 
(قد بيَّض ابن حجر لعدة أحاديث لم يعرف من خرَّجها ولا مرتبتها، فخرَّجها الشيخ وبيَّن مرتبتها من حسن وضعف وغير ذلك، وأرسل شيخ الإسلام تقي الدين الأوجاقي أحاديث بيَّض لها الحافظ، ولم يعرف مرتبتها وقلب رواتها، فردَّها الشيخ المترجم إلى أصولها وبيَّن مرتبتها، فذهب شيخ الإسلام إليه وقبَّل يده وقال: 
والله ما كنت أظن أنك تعرف شيئا من هذا، فاجعلني في حلٍّ، طالما تغديت وتعشيت بلحمك ودمك
) [1011].

97. (ابن سليمان الأندلسي - ت ١١٤١): 
قال في "نشر المثاني": 
(كان مولعًا بنسخ الكتب، ومن براعته في ذلك أنه نسخ نسخة من ابن حجر على البخاري في سفر واحد، وهو عند حفدته إلى الآن).
قلتُ: ولا زال عندهم إلى الآن [١٠٢٤].

98. في [١٠٤٤-١٠٤٩] سردٌ لعجائب من سير الكبار في قراءة الكتب الحديثية وإقرائها، ختمها الكتاني بقوله عن نفسه: 
(وجامع هذه الشذرة محمد عبدالحي الكتاني قرأ "صحيح البخاري" تدريسًا بعنزة القرويين وغير [كذا] قراءةَ تحقيقٍ وتدقيقٍ في نحو ٥٠ مجلسًا، لم يدع شاذَّةً ولا فاذَّةً تتعلق بأبوابه ومحلِّ الشاهد منها إلا أتى عليها مع غير ذلك من اللطائف المستجادة، ولعله أغربُ وأعجبُ من كلِّ ما سبق، والله خالق القوى والقُدَر).

99. لـ (ابن السيد الحسني العلوي) ثَبَتٌ . قال الكتاني: 
(بآخره تقريضٌ عليه للعلامة ابن شقرون الفاسي، وكتب في إمضائه هكذا: عبدُ الأشراف وغبارُ نعالهم) [١٠٤٩].

100. (ابن جلون الگومي الفاسي - ت ١٢٩٨): 
قلَّ كتاب حديثي يوجد بفاس إلا وعليه نقرةٌ أو نقراتٌ من خطِّه وتحريرِه [١٠٥٣].

101. قال الكتاني عن "الروضة الندية في شرح الدرر البهية" لصدّيق حسن خان: 
(لا نظيرَ له في فقه الحديث) [١٠٥٦]. 
وقال عن "نيل الأوطار" للشوكاني: 
(من خير وأجمع ما ألفه المتأخرون في السنة وفقهها) [١٠٨٣].

102. (محمد الشامي الصالحي - ت ٩٤٢): 
صاحب السيرة المعروفة بـ "السيرة الشامية" التي هي أجمع وأفيد ما ألفه المتأخرون في السيرة النبوية والأحوال المصطفية في نحو سبع مجلدات ضخمة، هي عندي، سماها "سبل الرشاد في سيرة خير العباد وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد" جمعها من ألف كتاب، وتحرَّى فيها الصواب، وختم كل باب بإيضاح ما أشكل فيه وبعض ما اشتمل عليه من النفائس المستجادات، مع بيان غريب الألفاظ وضبط المشكلات [١٠٦٣].

103. (محمد بن الطيب الشرگي - ت ١١٧٠): 
من طالع حاشيته على "القاموس" بالدقة يجد أمرًا مهولًا من سعة حفظه واستحضاره وكثرة تآليفه وواسع رحلته، وأعجب ما تجد فيها ما في أولها من أنه ألفها حالة مفارقته لأصوله وكتبه، قال: 
(إلا ماعلق بالبال، أو علق في طرسٍ بال) وقال بعد شرح الخطبة: 
(قد أشرت في الخطبة إلى أن هذا الكتاب طُلِب منا ونحن في أثناء أسفار، ليس معنا من موادِّه ورقةٌ فضلًا عن أسفار) وهي عندي في أربعة مجلدات [١٠٦٩].

104. قال المناوي عن الشعراني: 
(كان ينهى عن الحطِّ على الفلاسفة، وينفر ممن يذمهم بحضرته) [١٠٨٠].

105. قال البرهان البقاعي في معجمه: 
(سمعت ابن حجر ينقل قاعدة ابن خلدون، وهي أنَّا إذا شككنا في نسبٍ حسبنا كم بين مَن في أوله ومَن في آخره من السنين، وجعلنا لكل مائة سنة ثلاثة أنفس، فإنها مطردة، ويُحكى عن ابن حجر أنه قال: ولقد اعتبرنا بها أنساب كثيرين ممن يُتكَلَّمُ في أنسابهم فانخرمت) وإن كان بعضُ من لقيناه من أعلام المغرب الأوسط يقول إنها أغلبية لا مطردة [1106].

106. (الورزازي الكبير - ت ١١٧٩): 
قال تلميذه ابن عجيبة عنه: 
(كان شديدَ الشكيمة على أهل البدع، لا يبالي بولاة زمانه، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لا يخاف منهم، وإذا قيل له في ذلك يقول: لم يبلغ قدري أن أموت على كلمة الحق) [١١١١].

107. (أبو الحسن علي الونائي الشافعي المصري): 
ولد سنة 1170، ومات سنة 1212 .. هذا الرجل كان من نوابغ المصريين، ولو طال عمره لأنسى ذكرَ كثيرٍ من مشايخه [١١١٤].

108. (الونشريسي التلمساني - ت 914): 
قال عنه ابن غازي: 
(لو أن رجلًا حلف بالطلاق أنه أحاط بمذهب مالك، أصولِه وفروعِه، لم تطلق عليه زوجته لكثرة حفظِه وتبحُّرِه) [1122] وقال الكتاني عن كتابه "المعيار المعرب في فتاوى أهل أفريقية والمغرب": 
(من أعظم الكتب التي كادت تحيط بمذهب مالك) [1123].

109. (يحيى الشاوي الجزائري المالكي - 1096): 
قال تلميذه الشهاب أحمد بن قاسم البوني في ثبته: 
(كان يحفظ "شرح التتائي الكبير"، و "شرح الإمام بهرام الوسط"، وغيرهما، بل يحفظ ستين كتابًا من الكتب الكبار، كـ "مختصر ابن عرفة الفقهي"، وهو ستة أسفار كبار، جمع فيه أكثر المذهب، حتى إنه يذكر في بعض المسائل خمسين قولًا منسوبة لقائلها، وأمثال ذلك) .. 
وقد ترجمه النور علي النوري الصفاقصي في فهرسته، وقال: 
(قرأنا عليه "شرح المرادي على الألفية"، وكنا نصحِّح نسخنا على حفظه) [1132-1133].

110. (يحيى الأهدل الزبيدي - ت 1147): 
كان يحفظ "صحيح البخاري" و "مسلم"، وكان في معرفة الحديث وروايته والأسانيد والصحيح والحسن والضعيف وشديد الضعف إمامًا صلَّى خلفه أهلُ زمانه [1135].

111. (يوسف سبط ابن الجوزي - ت 654): 
صاحب كتاب "مرآة الزمان" ذلك التاريخ العظيم الذي ملأ فراغًا عظيمًا في تاريخ الإسلام، واعتنى الحفاظ به، فذيَّله جماعةٌ منهم، كالبرزالي، وابن الجزري، وسعد الدين محمد بن العربي الحاتمي، وغيرهم .. قال الصفدي: 
(أنا ممن حسده على تسميته، فإنها لائقة بالتاريخ، كأن الناظرَ فيها يعاين من ذكر فيها) قال: 
(إلا أن المرآة فيها صدأ المجازفة منه في أماكن).
قال في الذيل: 
(وهذا من الحسد، فإنه في غاية التحرير، ومن أرَّخ بعده فقد تطفَّل عليه، لا سيما الذهبي والصفدي، فإن نقولهما منه في تاريخهما) [1138-1139].

112. قال الكتاني آخرَ ترجمته لـ (يوسف بدر الدين الحسني المدني الحنفي - ت 1278): 
(وهذه الترجمة من التراجم التي لا تجدها مجموعةً هكذا في كتاب، ولا في ذهن أحدٍ من مؤرخي العصر، ولا أوراق أو حافظة ولد المترجَم بدر الدين المغربي الدمشقي المدَّعى فيه اليوم أنه حافظ العصر ومحدثه، فخذها شاكرًا، فإني جمعت كل سطرٍ منها وكلمةٍ من بلد وفم في ظرف نحو العشرين سنة) [1146].

113. (أبو علي اليوسي - ت 1102): 
عالمُ المغرب ونادرتُه وصاعقتُه في سعة الملكة وفصاحة القلم واللسان ... وكتابه المحاضرات عجيبٌ في بابه، غريبٌ في ترتيبه وأسلوبه، وكأنه في ترجمةِ نفسِه ألَّفه .. وأودُّ لو وُفِّقَ للتصنيف في التفسير، أو لو وضع شرحا على "الموطأ" أو أحد "الصحيحين"، ولكن بكل أسفٍ إنه وغيره غالبًا يؤلفون بحسب البضاعة النافقة في زمانهم، لا على حسب مقدرتهم ومعلوماتهم، وقد قال شيخ الجامع الأزهر علامة مصر أبو علي حسن العطار في إجازته لأبي حامد الدمنتي: 
(لما كان لكل زمانٍ رجال، ولكل حادثةٍ مقال، اقتضت الحكمة الإلهية أن يقوم في كل عصر من يدون لأهل ذلك العصر على شاكلة عقولهم، ويقرب إليهم كلام من تقدم على قدر قرائحهم وفهومهم، طلبًا للتسهيل، ورومًا للتحصيل) وأرى أن الناس لو بقوا في مجراهم لانقطع العلم من العالم الإسلامي، فإن التدوين والنشر يجب أن يكونا على حسب حاجة الأمة وملكة الناشر والمدون، ومع ذلك يراعى حالة العصر وقوابل أهله في الجملة، وإلَّا فالنافع هو الذي يجب أن يُؤثرَ بالاهتبال، والحكم لله العلي المتعال [1158-1161].

هذا منتهى القصد، والله المؤمَّل أن ينفع به ..


 

تغريدات