اطبع هذه الصفحة


فوائد ولطائف من شرح كتاب العلم من صحيح البخاري لأبي إسحاق الحويني


بسم الله الرحمن الرحيم


انتقيتُ لكم , ولطالبات #دراسة_الصحيح على وجه خاص بعض الفوائد واللطائف من شرح الأبواب الثلاثة الأولى من كتاب العلم من صحيح البخاري
للعلّامة : أبو إسحاق الحويني - حفظه الله وعافاه-
غالب شرح ش/أبي إسحاق حول منهج البخاري وشيوخه
[ بعض الفوائد قد لاتُفهم مباشرة ,لذا أنصح بالرجوع إلى السياق الذي ذُكرت فيه لتُفهم كما ذكرها الشيخ ]

هنا رابط الشرح :
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&sid=452&read=0&lg=88
وهي تسعة دروس

(فوائد الدرس الأول )


1- ابن معين جعل نفسه حارساً على حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، أوقف حياته لهذه المهمة العظيمة،
وهي حماية حديث النبي صلى الله عليه وسلم. فلو أن شخصاً حضر مجلساً للأعمش فنام قليلاً والشيخ قد حدث بحديث أو اثنين أو ثلاثة،
ثم قام من نومه فسمعها من زملائه فجعل يحدث بها عن الأعمش ، فهذا تدليس الإسناد، إذاً يحيى بن معين يأتي إلى أحاديث ذلك الرجل الذي نام عن بعضها ويقول:
إنه لم يسمعها من الأعمش وإنما سمعها ممن سمع الأعمش ، وقام بروايتها عن الأعمش إذا: هو مدلس.

2- معنى قاعدة: إذا خرج الكلام مخرج الغالب فلا مفهوم له :
أن العرب كانوا يأكلون الربا أضعافاً مضاعفة بالفعل، كان هذا واقعهم وغالب فعلهم، فنزل الكلام تنبيهاً على غالب الفعل.
إذاً: مفهوم المخالفة غير مطلوب وليس محصوراً، فمفهوم المخالفة في هذه الحالة غير مقصود ألبتة، إنما خرج الكلام على غالب فعل الناس،
فإذا كان الكلام قد خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، مثل هذه الآية: لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً [آل عمران:130]
فلا يقولن قائل: إذاً الربا القليل يجوز والكثير المضاعف لا يجوز. نقول له: لا،
العرب كانوا يأكلون الربا مضاعفاً، فقال لهم: لا تأكلوا الربا مضاعفاً، نزل الكلام على فعلهم، إذاً: مفهوم المخالفة هنا غير مقصودز

3- كان الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين رفيقين في الطلب، أحبة في الله، وكان أحمد يعظم يحيى بن معين ، وكان يحيى بن معين يعظم أحمد

4- قديماً كان النساخون يدخلون الحروف في بعضها، ولم يكن عندهم وقت لكي يفصلوا بين الكلمات، فهم يكتبون الكلام متشابكاً مع الذي قبله ,
ولا يعرف هذا إلاّ الذي عانى المخطوطات وعالجها،

5- كنية شعبة ( أبو بسطام )

6- علم الحديث هو علم الذكران من العالمين، لا يوجد امرأة ناقدة، ولها معرفة بعلم الرجال والسند -يعني: تعرف الصحيح من الضعيف-
فأكثر ما تحرزه المرأة أنها تحمل رواية كتاب، بمعنى أنها تروي الكتاب بسندها،
لكن تتكلم في الأسانيد وتقول: هذا صحيح، وفلان ثقة، وفلان كذاب فهذا ليس من اختصاص المرأة :)

7- أيها الطالب: كلما حركت ذهنك وأنفقت وقتك في فضول الكلام، وفضول العلم، ذهب عليك لب العلم، فلا تشتغل إلا بالعلم.
لا تقل: الشيخ الفلاني يفهم، والشيخ العلاني لا يفهم،
والشيخ الفلاني صفته كذا، فإذا نصبت نفسك حكماً بين المشايخ فلن تحصل علماً أبداً ولن تفلح .

( فوائد الدرس الثاني )


8- رتب الإمام البخاري رحمه الله صحيحه ترتيباً يدل على عمق فقهه وعلمه، فافتتح كتابه الصحيح بكتاب بدء الوحي، وختم كتابه بكتاب التوحيد، فكأنه يريد أن يقول:
من أراد أن يخرج من الدنيا على التوحيد فعليه بالوحي. وما بين بدء الوحي وكتاب التوحيد الإسلام كله .

9- الصحابة لم يختلفوا في مسائل الإيمان، أو في مسائل التوحيد .

10- لما آن أوان الهجرة وجاء أبو بكر بالراحلتين فأعطى راحلة للنبي صلى الله عليه وسلم، قال له النبي عليه الصلاة، والسلام: (بالثمن)
فلماذا قال له عليه الصلاة والسلام بالثمن وهو قد أخذ منه كثيراً قبل ذلك ولم يعطه الثمن؟
لأن الهجرة لله فلا يريد أن يعكرها بشيء من الدنيا .

11- الأعمش - ولقب بذلك لعمش كان في عينه - من ثقات الأئمة الكبار، وكان قاسياً مع الطلبة، ومع قسوته كانوا يتهافتون عليه , من تلامذته:
سفيان الثوري ، وشعبة ، وسفيان بن عيينة ، وإسرائيل بن يونس ، وهمام بن يحيى ، وهشيم بن بشير كلهم علماء عظام، فكان الأعمش قاسياً معهم كان عسر الرواية،
وكان يهينهم، ومع ذلك كانوا يأتون إليه .

12- محققون معروفون أمثال: أحمد شاكر ، محمود شاكر ، محيي الدين عبد الحميد ، محمد فؤاد عبد الباقي ، محمد أبو الفضل إبراهيم ، علي البنجاوي ،
إبراهيم زايد رحمة الله عليهم، ويحفظ الله من عاش منهم .

13- أبي زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم رحمه الله، هذا إمام حبيب إلى القلب، لما تقرأ سيرته تحس أن فيه غبطة وحلماً، فهو شبيه بالإمام أحمد

( فوائد الدرس الثالث )

14- العلم بلا أدب وبال على صاحبه، لا تدخل العلم إلا من باب الأدب

15- الإمام البخاري رحمه الله كان لا يبيع ولا يشتري بنفسه، إنما يشتري له آخر، ويبيع له آخر.
لماذا؟ لأن البيع والشراء فيه نوع من المساومات والمجادلات، فمثل هذه المساومات والمجادلات قد تضع من حشمة هذا العالم

16- إياك وأنت تطلب العلم أن تفكر أن تكون إدارياً، الإداري مكروه، حتى وإن كان محقاً فيما يفعل، لكنه مكروه، لو تعامل الإداري الداعية بأسلوب الدعاة أفسد الإدارة.

17- الفضل بن دكين رحمه الله - أبو نعيم - من كبار مشايخ البخاري في الطبقة الأولى

18- البخاري شيوخه على ثلاث طبقات، أعلى طبقة في شيوخ البخاري منهم: أبو نعيم الفضل بن دكين ، و: مكي بن إبراهيم ، وحمزة بن عبد الله الأنصاري، وعبيد الله بن موسى ،
أبو عاصم النبيل ، ومحمد بن موسى السرياغي ...، وطائفة من هؤلاء العلماء الكبار، هم كبار مشايخ البخاري .

19- وكيع بن الجراح هو: الجراح بن مليح الرؤاسي

20- شتم رجلاً وكيعاً - فدخل وكيع داره وعفر وجهه بالتراب، وخرج إلى الرجل فقال له: ( زد وكيعاً بذنبه فلولاه ما سلطت عليه ) ، انظروا!
ينسب نفسه إلى النقص وإلى التقصير, لا يفعل هذا إلا رجل ورث الأدب !

21- الشيوخ كانوا يشددون على الطلبة، وكانوا يطردونهم أحياناً إن رأوا المصلحة في ذلك، كل هذا ليس إذلالاً لهم، ولكن لكسر الكبر الذي يأتي من الطالب.

22- لا تنازع أحداً في الصدارة أبداً، ستأتيك؛ لأن الله عز وجل هو الذي يهب المكانات، سبحان من لا يعلم أقدار خلقه إلا هو .

23- أنت عندما تطلب العلم يجب أن تصبر على جفوة شيخك

24-الأعراب لبعدهم ولجفائهم لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يؤاخذهم مثلما يؤاخذ أهل الحضر

25- ( متى الساعة ) لو فتشت خلف هذا السؤال لِتعرف من السائل لوجدت السائل أعرابياً،
كل الذين قالوا: متى الساعة؟ أعراب، ولم يسأله أحد من الصحابة القريبين من النبي عليه الصلاة والسلام.

26- خصلة في الألباني لا أعلم له نظيراً فيها، أنه يظل ربع ساعة يصحح السؤال للسائل، حتى يعلم قصده؛ لأن المفتي طبيب وليس موظفاً يجيب فقط .

27- النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل الأعراب معاملة، وكان يعامل أصحابه الملازمين له معاملة أخرى

(فوائد الدرس الرابع )


28- للإسناد في الأحاديث أهمية عظيمة، وفوائد جليلة، فبه تحفظ السنة، ويميز بين الصحيح وغيره، وبه نعرف أهل التدليس

29- أشرف أنواع العلو الذي كان يحرص عليه المحدثون هو: تقليل عدد الوسائط بينك وبين النبي صلى الله عليه وسلم

30- سئل يحيى بن معين أبو زكريا إمام الجرح والتعديل رحمه الله، وهو في مرض موته فقيل له: ما تشتهي؟ قال: بيت خال وإسناد عال.

31- إحراز العلو هو أحد الأسباب الحاملة للمدلس على أن يدلس؛ لاسيما في تدليس الإسناد

32- تدليس الإسناد: هو أن يروي الراوي عن شيخه الذي سمع منه ما لم يسمع منه.

33- لفظة (عن) لها وجهان: وجه اتصال، ووجه انقطاع ,
لفظة التحديث ( حدثني ) لا تحتمل أبداً إلا اللقاء المباشر، والسماع المباشر، أما لفظة (عن) فإنها تحتمل وجهين،
فقد تقول: عن فلان، مع عدم اللقاء، ومع ذلك لا يكذبك أحد.فلذلك المدلس يسقط الواسطة بينه وبين شيخه، ويرتقي بلفظة (عن).

34- معنى لفظة (ح) التي هي التحويل، أي سيحول الحديث إلى إسناد آخر عنده عن شيخه،
والقصد من هذا التحويل: الاختصار.الإمام مسلم يستخدم هذا التحويل أكثر من البخاري ،
فإن البخاري قليلاً ما يحول الإسناد.

35- كلمة (النسوان) لغة عربية فصحى

36- علم الحديث هو علم الذكران من العالمين، علم مصطلح الحديث لا يذلل لامرأة قط، مهما فعلت وبذلت .. لماذا؟
لأن فطرة المرأة وخلقتها تمنع من أن تكون ناقدة، وعلى مدار تاريخنا الطويل ما رأينا امرأة قط ناقدة، إنما رأينا نساء راويات،
تأخذ كتاباً لترويه، مثل: بيبي بنت عبد الصمد الهرثمية ، لها جزء عن ابن أبي شريح عن شيوخه، وكريمة بنت أحمد المروزية، لها رواية في صحيح البخاري ،
والحافظ ابن حجر اعتمدها، وهي من أوثق الروايات، كذلك أمة الله مريم الحنبلية لها مسند صغير، إذاً المرأة تروي بإسنادها، لكنها ( تنظر ولا تنقد )

37- هناك أسانيد يسمونها: سلسلة الذهب، من ضمن سلاسل الذهب :
[ أن يروي الإمام مالك، عن نافع ، عن ابن عمر ]

38- قال العلماء: إن صحة السند لا تستلزم منه صحة المتن؛ لاحتمال أن يكون هناك أحد ركب سنداً صحيحاً على متن موضوع.

39- وأحيل القراء إلى كتاب يؤرخ تاريخاً صادقاً لهذه الحقبة - أظنه يقصد التي ظهر فيها الأدباء والصحفيون الذين استهزئوا بالله ورسوله- :
كتاب: (أباطيل وأسمار) للشيخ أبي فهر محمود شاكر رحمه الله، هذا الرجل من أفضل المقاتلين عن الدين، الذين قاتلوا وغزوا وانتصروا،
وكتاب آخر اسمه: (الطريق إلى ثقافتنا) أيضاً للشيخ محمود شاكر ؛لتعلم هذا البلاء الذي عاشت فيه الأمة ما مبدؤه ,فقد أرخ تاريخاً صادقاً بقلمه الرشيق .

( فوائد الدرس الخامس )

40- الكرماني كان متوسط الفهم في علم الحديث، ولم يكن من أهل العلم الكبار

41- لصحيح البخاري أكثر من ثلاثمائة شرح وتعليق، وكذلك صحيح مسلم له قرابة مائة شرح وتعليق

42- بلغ من ضيق شرط البخاري أنه أهمل قبول رواية أهل البلد الواحد، ما لم يقف على إسناد فيه أن فلاناً قال: حدثني فلان

43- معنى قول الإمام: باب من رفع صوته بالعلم؛ لأن رفع الصوت مظنة وصوله إلى أكبر عدد، فالرفع هنا معناه: الانتشار، معناه: التعليم، وليس معناه: أن ترفع صوتك فقط، إنما قصد الإمام البخاري تبليغ العلم، والتبليغ يكون عن طريق رفع الصوت

44- قال يحيى بن أبي كثير رحمه الله: السنة قاضية على كتاب الله. وهذا أيضاً كلام الإمام الدارمي ، وابن عبد البر ، وجماعة من السلف.
قال الله تبارك وتعالى: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) [البقرة:223]، قال الشافعي رحمه الله:
هذه الآية حجة لمن ذهب إلى جواز إتيان المرأة في دبرها، ولكن صح عندنا حديثان في منع إتيان المرأة في دبرها فالسنة قضت على أحد المعنيين في كتاب الله،
[ وهذا معنى أن السنة قاضية على كتاب الله ]
أي: أن هناك لفظة في القرآن تحتمل معنيين، فتأتي السنة فتقضي بين المعنيين، وتقول: المعنى الأول هو المراد، والثاني غير المراد،
فتكون السنة قد قامت بدور القاضي بين المعاني، فلذلك صارت قاضية على كتاب الله لا أنها مقدمة على كتاب الله.

45- أحد المشايخ صنف كتاباً -وكان آخر كتاب صنفه غفر الله له- وهو: السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث،
جنى فيه على السنة جناية كبيرة وأخطأ، ولو قلت: كذب لما جاوزت الحقيقة؛ لأن الكتاب طبع قرابة خمسة عشر مرة في حياته -وأنا اطلعت على الطبعة الرابعة عشرة-
فما تراجع عن حرف واحد .

46- أبو النعمان عارم بن الفضل : وعارم هذا لقب لشيخ البخاري ، واسمه: محمد بن الفضل السدوسي وكنيته أبو النعمان ،
ولقبه وعارم، وعارم: من العرامة، أي: الشدة والصلابة والشراسة

47- ألقاب المحدثين أو ألقاب العلماء أو سائر الناس التي تحمل معنى مذموماً هل هي محرمة؟ وهل تعد من الغيبة أم لا؟
الجواب: أن هذا لا يعد من الغيبة، وقد استثنى العلماء أجناساً لم يعدوها غيبة محرمة، وإنما ساروا مع القصد .
المسألة إذاً مدارها على النية، فمن قصد بكلامه التنقيص والتحقير، فهذه هي الغيبة المحرمة، أما من قصد أن يدفع ظلماً عنه،
أو يعرف بغير قصد التنقيص فلا يكون ذلك داخلاً في الغيبة المحرمة.

48- غندر لقب لـمحمد بن جعفر الذي لقبه به ابن جريج ، وغندر بلغة أهل الحجاز المشاغب

49- كل الألقاب التي خرجت على سبيل التعريف لا يعد قائله مغتاباً، أما إذا كان على سبيل الانتقاص فهذا حرام

50- قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا أبو النعمان عارم بن الفضل ، قال: حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن عمرو قال:
(تخلف النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار.
مرتين أو ثلاثاً).الإمام البخاري روى هذا الحديث مرتين في كتاب العلم في هذا الباب،
وفي ( باب من كرر القول ثلاثاً ليفهم ) ، ورواه مرة في كتاب الوضوء ( باب غسل القدمين ولا يكتفى بالمسح )

51- كان الرسول عليه الصلاة والسلام -كما في هذا الحديث- يحدث أصحابه، فجاءه أعرابي وهو يتكلم فقال: (يا رسول الله! متى الساعة؟)
فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض الصحابة: سمع ما قال؛ فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع, فلماذا انقسم الصحابة إلى فريقين؟
كل راعى شيئاً لحظه في النبي صلى الله عليه وسلم، فالذين قالوا: سمع ما قال فكره ما قال، كانوا يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كره شيئاً أعرض عنه، وظهر على وجهه .
ورأوا أنه كثيراً ما كان يعرض عن بعض أصحابه إذا ارتكب شيئاً، فلا يحتاج إلى كلام.
والذين قالوا: بل لم يسمع؛ بنوا ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يواجه أحداً بما يكره أبداً.
بل كان رفيقاً، كثير احتمال الأذى، لاسيما مع الأعراب، فما كان يعرض عن الأعرابي، حتى ولو قال قولاً جاهلياً، إنما كان يعرض عن أصحابه الذين يعيشون معه في المدينة.
وهكذا ينبغي على الشيخ أن يفرق في معاملته بين أهل البلد وبين الغرباء ,
جاء في الصحيح أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
(نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن، وكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من البادية فيسأل ونحن نسمع)،
فلو أن شخصاً من أهل المدينة سأل النبي صلى الله عليه وسلم سؤالاً بعد النهي؛ لكان له أن يعزره، أما هذا الأعرابي فلم يشهد النهي،
فقد جاء من بعيد، وسأل النبي عليه الصلاة والسلام؛ فما كان يعنفه،
إنما كان يتلطف معه، وهذا هو مستند الذين قالوا: بل لم يسمع؛ لأنه كان يعامل الأعراب معاملة خاصة غير معاملة أهل الحضر.

( فوائد الدرس السادس )


52- محمد بن يحيى الذهلي رحمه الله - من صغار شيوخ البخاري واتفق البخاري معه في كثيرٍ من شيوخه- فكان محمد بن يحيى الذهلي إذا حدَّث عن عارم يقول:
حدثنا عارم ، وكان بعيداً عن العرامة؛حتى لا يتوهم المستمع أن لقب عارم فيه شيءٌ من سوء الخلق .

53- سئل يحيى بن سعيد القطان ، و مالك ، و عبد الرحمن بن مهدي ، و أحمد بن حنبل ، و يحيى بن معين ، و أبو زرعة الرازي : هل الكلام في الرواة يعد من الغيبة؟
فأجمعوا أن ( لا ) .

54- موسى شيخ البخاري هو: موسى بن إسماعيل التبوذكي أبو سلمة ، وهو من الثقات ومن كبار شيوخ البخاري ، وقال يحيى بن معين : ما هبتُ أحداً قط هيبتي للتبوذكي .

55- صحيح البخاري له من البركة ما ليس لكتاب في الدنيا بعد القرآن

56-عارم بن الفضل تكلم بعض العلماء فيه، وقالوا: إنه اختلط، وساء حفظه، وأرَّخوا سنة عشرين ومائتين كحدٍ فاصل بين ما حدَّث به قبل الاختلاط، وبين ما حدث به بعد الاختلاط.

57- إن أردت أن تدرس الفقه، وتستمتع بالفقه فاقرأ تراجم الإمام البخاري ، وكذلك سائر الأئمة الستة .

58-غالب المحدثين فقهاء، وغالب الفقهاء ليسوا محدثين .

59- عارم اختلط سنة (220هـ) فـأبو حاتم الرازي يقول: من سمع منه قبل سنة (220هـ) فسماعه جيد، وسمع منه أبو زرعة الرازي سنة (222هـ)،
إذاً: سمع منه في الاختلاط أم لا ؟ فإذا رأينا في الأسانيد حدثنا أبو زرعة الرازي ،
قال: حدثنا عارم نقف، ونبحث هل عارم هذا حفظ هذا الحديث، أم كان من جملة ما اختلط فيه؟

60- بيان كيفية ( المتابعة ) , معناها : الموافقة :
نقول: أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس ، هذا إسناد رباعي لماذا؟ لأنه مكون من أربع طبقات .
أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس ، هؤلاء أربعة، كل واحد من هؤلاء الرجال نسميه طبقة، فإذا أسقطنا هنا الإمام أحمد أصبحوا ثلاثة،
سفيان بن عيينة ، و الزهري ، و أنس . فلو روى هذا الحديث عن سفيان ، عن الزهري ، عن أنس رجلٌ آخر غير الإمام أحمد ، مثل: قتيبة بن سعيد ، أو مسدد بن مسرهد ،أو عارم مثلاً، أومحمد بن أبي عمر العدني ، أو أحمد بن منيع ، أو أبي ربيع الزهراني ، أو أحمد بن عبدة الضبي ، كل هؤلاء من أقران الإمام أحمد بن حنبل ،
فلو روى واحدٌ مثل: قتيبة بن سعيد أبي رجاء فقال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس ،
فنحن نقول: إن قتيبة ( تابع ) أحمد بن حنبل على رواية هذا الحديث، أي وافقه على ذكر الحديث بالسند والمتن .

مثال معاصر:
نفترض أننا الآن في زمان الرواية، فأنا رويت حديثاً عن الشيخ الألباني ، و الشيخ الألباني يرويه عن الشيخ ابن باز ، و الشيخ ابن باز يرويه عن الشيخ أحمد شاكر ،
ولنفترض أنه كلام للشيخ أحمد شاكر ، فأنا قلت: حدثنا أبو عبد الرحمن ناصر الدين الألباني ، قال: حدثنا الشيخ ابن باز قال: حدثنا أحمد شاكر ...،
ثم يروي هذا الكلام الشيخ سيد سابق فيقول: حدثنا أبو عبد الرحمن الألباني ،قال: حدثنا ابن باز ، قال: حدثنا أحمد شاكر ...، ( فيكون الشيخ سيد تابعني وأنا تابعته )

61- الرواي المُتَكَلَّم فيه لما يروي حديثاً، ونحن نريد أن نعرف هل غلط الراوي في هذا الحديث أم لا، ماذا نعمل؟ ننظر إلى أهل طبقته،
هل وافقه الثقات منهم على هذا الحديث، أم هو لوحده أتى به، ولا أحد معه؟
فإذا كان هذا الراوي المُتَكَلَّم فيه تابعه الثقات الكبار، دل ذلك على أنه حفظه، بدليل أن هذا الحديث وُجِد عند العلماء الكبار من أهل طبقته ,
أما إذا كان هذا الراوي المُتَكَلَّم في حفظه انفرد بهذا الحديث ولم يوافقه أحد، نسأله ونقوم بمحاكمته !

62- أبا حاتم الرازي من طبقة المتشددين من أئمة الجرح والتعديل، يعني إذا وثَّق رجلاً فهنيئاً له

63- الرد على من يقول: إن بعض رواة الصحيح متكلم فيهم مثل ( عارم ) :
أولاً: الإمام البخاري لما روى هذا الحديث - حديث ويل للأعقاب كتاب العلم- رواه من طريق شيخين آخرين هما في القمة،
إذاً: هاذان الاثنان تابعا عارم بن الفضل أم لا؟
نعم تابعاه . انتهى الإشكال!
إذا كنت غضبان من عارم فاجعله جانباً، بقي الحديث الصحيح من الطريق الصحيح؛ لكن هذا يدل على أن عارماً حفظه، ولم يخلط فيه،
بدلالة متابعة مسدد بن مسرهد ، ومتابعة موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي .

ثانياً: نفترض أن البخاري روى لـعارم ولم يوجد له متابعة في صحيح البخاري ، فما ردك؟
نقول: ننظر إلى هذا الحديث خارج صحيح البخاري ،فسوف نجد متابعة لهذا الراوي خارج الصحيح، من الثقات،فيكون لا عتب على البخاري ؛ لأن هذا الراوي توبع خارج الصحيح .

64- من الأشياء التي يدفع بها العلماء ضعف الراوي أو الكلام فيه: [ المتابعات الصحيحة ]

65- أبو زرعة الرازي ، و أبو حاتم الرازي ، والإمام مسلم، والإمام البخاري أقران يعني: أقران في كلٍ من الطلب والزمن .

66- أعلى سند في البخاري بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة) يسمونه العلماء: [ ثلاثيات البخاري ]

67- تسعون بالمائة من مشايخ البخاري أدركهم الإمام النسائي وروى عنهم

68- أنزل سند موجود في سنن النسائي : بين النسائي وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية

69- أسباط بن نصر ليس من شيوخ مسلم ، ولكنه من شيوخ شيوخه، يروي عنه بواسطة، ولم يرو مسلم لـأسباط إلا حديثاً واحداً فقط في الصحيح

709- أحمد بن عيسى المصري له في صحيح مسلم اثنان وثلاثون حديثاً تقريباً , لم يرو له مسلم منفرداً في صحيحه، إلا ثلاثة أحاديث،
توبع عليها جميعاً، والمتابعون كلهم من خارج مصر، إذاً: لم يتفرد أصلاً بها .وبقية الأحاديث كان مسلم يقرن ما بين رواية أحمد بن عيسى وغيرِه

71- لا تعترض على البخاري ولا على مسلم ؛ لأن هذين الإمامين اتفق أهل العلم على تقدمهما في صناعة الحديث، والمعروف أن كل صنعة لها أهلها

72- حرف (الحاء) في الإسناد، هذه (الحاء): هي حرف تحويل، يعني: الإمام يريد أن يقول لك: أنا سأحول الحديث إلى شيخٍ آخر لي

73-البخاري لم يتصد لبيان الأسانيد، إنما كان همه الأكبر [ المتن والفقه] , أما مسلم فقد تفنن في الصناعة الحديثية .

74- التاريخ الكبير للإمام البخاري كتاب معجزة، ويكفي أن إسحاق بن راهويه شيخ البخاري لما صنف البخاري هذا الكتاب، مِن كثرة إعجابه بالكتاب دخل على عبد الله بن طاهر الأمير
وقال: أيها الأمير! ألا أريك سحراً؟! ألا أريك عجباً؟! وأراه هذا الكتاب !

75- الإمام مسلم أظهر براعته وفَهمه العالي لمسألة الإسناد في الصحيح، ولم يتصدَّ لاستنباط الأحكام العملية من الأدلة التفصيلية،
ولذلك لم يبوب مسلم صحيحَه، كل التبويب الذي تراه في صحيح مسلم ليس من مسلم .و هذا التبويب هو تبويب النووي رحمه الله، لكن مسلماً رتب الكتب !
فترتيب الكتب من مسلم، أما الأبواب فإنه لم يبوب هذه الأحاديث مثل البخاري ، فالبخاري اعتنى بالتبويب

76- شعبة هذا لو عرفته تحبه جداً، هو وسفيان الثوري . المعذرة! فأنا لما أتكلم عن العلماء أتكلم كلام محب لهم؛ لأن حياتي معهم،
أنا أقضي مع هؤلاء أكثر مما أقضي مع أولادي وأهلي، فأنا أحياناً أقضي مع هؤلاء أربع عشرة ساعة في اليوم،
أقرأ في تراجمهم وسيرهم، وأبحث عن أخبارهم، وأتتبع رواياتهم، حتى صار عندي شغف بالغ، فبمجرد أن يمر علي اسم الواحد من هؤلاء أشعر بالأنس مباشرة !
فمثلاً: شعبة ، أو سفيان ، أو أبو عوانة ، أو سفيان بن عيينة ، أو حماد بن زيد ، أو حماد بن سلمة ، كل هؤلاء أشعر بأنس معهم، كأنهم أهلي .

77- صالح جزرة ، فصالح هذا لا يوجد مثله في الحفظ والإتقان؛ لكنه معروف بلقبه جزرة ؛ لماذا؟ لأنه مرةً كان أحد شيوخه يحدث بحديث الخرزة، ثم قال لهم: أين وقفنا؟
فـصالح صحَّفها فبدل أن يقول: خرزة قال: جزرة، فضج المجلس بالضحك، وصار من يومها جزرة .

78- غُنْدَر -محمد بن جعفر - لازم شعبة عشرين سنة، فهنيئاً لشخص يقعد مع شعبة عشرين سنة , وثابت بن أسلم البناني لازم أنس بن مالك أربعين سنة .
والإمام مسلم لزم البخاري خمس سنوات.

( فوائد الدرس السابع )


79- الحديث المعلق: هو ما حذف منه راوٍ أو أكثر، حتى لو شمل الإسناد كله، بشرط: أن يكون الحذف من مبدأ سنده ووصل إلى منتهاه،
فالعلماء يسمونه: الحديث المعلق، وهو: ما حذف راوٍ أو أكثر من مصدر إسناده بشرط التوالي في الحذف.
فالحديث المعلق: أن يحذف راوٍ من أوله، وقد يصل الحذف إلى الصحابي، وقد يصل إلى التابعي فقط، وقد لا يحذف إلا واحد من أول السند، هذا هو المعلق.

80- الإمام البخاري رحمه الله يعلق كثيراً في صحيحه ، بخلاف مسلم، فالأحاديث مقطوعة الإسناد في صحيح مسلم في أربعة عشر موضعاً تقريباً،
بينما في صحيح البخاري في عشرات المواضع، أو في مئات المواضع.
البخاري رحمه الله عندما يعلق الحديث، هو بذلك يريد أن يمهد للحديث المرفوع، الذي أورده موصولاً في هذا الباب.

81- إذا استنبط الإمام البخاري رحمه الله حكماً من الأحكام فإنه يبوب له، ثم يأتي بالأحاديث المعلقة، أو الآثار المعلقة بين يدي الحديث المسند في هذا الباب؛ يمهد لفكرته ورأيه .

82- البخاري عنده أسانيد المعلقات كلها , لكنه يحذف إسناده؛ حتى لا يعظم حجم الكتاب

83- صيغتا التعليق عند البخاري :
إما أن يعلق بصيغة الجزم، أو بصيغة التمريض.
صيغة الجزم:
أن يكون الفعل الذي استخدمه البخاري في نسبة القول إلى قائله مبنياً للمعلوم، كأن يقول: قَال، وذَكر، وحَكَى.
صيغة التمريض:
أن يكون الفعل مبنياً للمجهول: قِيلَ، حُكِي، ذُكِر. فـالبخاري رحمه الله في هذا الباب، أتى بالأحاديث والآثار المعلقة بصيغة الجزم.

84- قال العلماء: كل معلقات البخاري التي جزم فيها بنسبة القول إلى قائله ( صحيحة )

85- معلقات البخاري بعضها ضعيفة، لكنها قليلةٌ جداً، في موضع أو موضعين في كتابه كله، وشخص يقول: هل صحيح البخاري بهذا يكون فيه أحاديث ضعيفة؟
نقول: لا؛ لأن صحيح البخاري هو ( الأحاديث المسندة ) , أما الأحاديث المعلقة فليست على شرط البخاري .

86- إذا روى البخاري في صحيحه بياناً معلقاً وحدثت به فلابد أن تقيد العزو إلى البخاري بالتعليق، مثلاً: لو قال البخاري : قال الحسن البصري :
(صلوا وعليه بدعته) كما في باب إمامة المفتون والمبتدع. فهذا الحديث معلق في البخاري،
أنت تريد أن تنسب هذا الكلام إلى البخاري ، فلا تقل: رواه البخاري وتسكت؛ لأن هذه خطيئة عند العلماء، بل لا بد أن تقول: رواه البخاري معلقاً.
لابد أن تذكر كلمة: (معلقاً)، لماذا؟ لأن المعلقات ليست كلها على شرط البخاري

87- الحميدي صاحب المسند المشهور، له مسند مطبوع في مجلدين، وكان من ألزم الناس للإمام سفيان بن عيينة ، وأيضاً كان من ألزم الناس للشافعي ، وكان من أصحابه الكبار.

88- سفيان بن عيينة إمام ثقة ثبت، وهو الوحيد في الدنيا من بين المدلسين الذين تستوي عنعنته مع تصريحه بالسماع،
وإلا فالمدلس لابد أن يقول: حدثني، أو أنبأني، أو سمعت التي تفيد أنه سمع ذلك من شيخه مباشرةً.
ولو عنعن المدلس الإسناد ردوا عليه حديثه، ولم يقبلوه إلا أن يصرح بالتحديث، إلا سفيان بن عيينة

89- التحديث والإنباء والإخبار وإثبات السماع كلها بمعنى واحد، وهذا على أصل الوضع اللغوي.

90- منهم من قال: إذا قال: ( حدثنا) يكون هذا من لفظ الشيخ، وإذا قال: ( أخبرنا) فتكون قراءة على الشيخ، وهذا مذهب ابن جريج ، والأوزاعي ،
واختاره الشافعي ، وابن وهب ، رحمهم الله، وعليه أكثر أهل المشرق.

91- إذا قال الكوفي: عن عبد الله فهو ابن مسعود
وإذا قال المصري: عن عبد الله فهو ابن عمرو بن العاص
وإذا قال المدني: عن عبد الله فهو ابن عمر
لأن أحياناً يأتي الصحابي عبد الله ، فإذا أردت أن تعلم من هو عبد الله الصحابي هذا، فانظر إلى الراوي عنه،
فإن كان ( كوفياً ) فهو ابن مسعود ، وإن كان ( مصرياً ) فهو عبد الله بن عمرو بن العاص ، وإن كان ( مدنياً ) فهو عبد الله بن عمر بن الخطاب

92- شقيق بن سلمة وكنيته أبو وائل الكوفي ، أسدي، وهو مشهور بكنيته أكثر من اسمه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يره، فهو من المخضرمين،
والمخضرمين هم: الذين أدركوا الجاهلية والإسلام.

93- أبو حمزة السكري اسمه: محمد بن ميمون ، وإنما قيل له: (السكري ) ليس لأنه كان مريضاً (بالسكري) لا؛
سمي السكري لحلاوة كلامه، كان كلامه جميلاً , يقول: ما بلغني عن جاري أنه مرض قط إلا قوّمت نفقته في مرضه، وتصدقت بها أن الله عافاني مما ابتلاه به.
مثلاً: كان إذا مرض جاره نظر كم أنفق على نفسه في ذلك المرض من علاج وأدوية ...إلخ فيخرج ذلك المبلغ صدقة شكراً لله عز وجل أن عافاه مما ابتلى به جاره.

94- العلماء لهم كلام في التداوي : هل هو واجب أم مستحب أم مباح ؟
الصحيح أنه ليس بواجب،أي أن الإنسان إذا مرض فترك التداوي اتكالاً على الله تبارك وتعالى -والله هو الذي يرفع العلة-
فهذا جائز لا إشكال فيه؛ وذلك لأن أبا بكر رضي الله عنه ترك التداوي في مرضه ,
لكن إذا كانت هذه العلة تصده عن القيام بحق العبودية، فيجب عليه أن يتداوى .

95-حديث ابن مسعود : (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً )
رواه الإمام البخاري في كتاب بدء الخلق، في باب ذكر الملائكة
ثم رواه بعد ذلك في كتاب الأنبياء، باب خلق آدم وذريته
ثم افتتح الإمام البخاري بهذا الحديث كتاب القدر
ثم -أخيراً- رواه الإمام البخاري في كتاب التوحيد في باب: (( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ))

96-أبا معاوية, واسمه: محمد بن خازم الضرير , من أوثق الرواة عن الأعمش

97- في الحديث : ( الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال )
الجذر: هو أصل الشيء، والأمانة في هذا الحديث: هي الإيمان، الذي يستلزم العمل بمقتضاه !
فالإيمان نزل في جذر قلوب الرجال، أي: في أصل قلوبهم؛ ثم عملوا من القرآن، ثم علموا من السنة، فأيهما تقدم الآخر: الإيمان أم العلم؟ الإيمان

98-محمد بن كثير مشهورٌ بالرواية عن سفيان الثوري دون سفيان ابن عيينة

99- عندما نرى في الإسناد (سفيان) -ونريد أن نعرف من هو، هل هو سفيان الثوري ، أو ابن عيينة ؟
ننظر إلى الرواة عنه، فإن كان الرواة عنه كباراً أي: - من طبقة عالية- فهو سفيان الثوري مثل إذا كان الراوي عنه :
أبو نعيم الفضل بن دكين أو عبيد الله بن معاذ العنبري أو محمد بن يوسف الفريابي مثلاً، أو الضحاك بن مخلد الشيباني ، أو محمد بن كثير العبدي
إذا رأينا كل هؤلاء يروون ويقولون: سفيان فهو الثوري ، وهذا على الغالب الأعم.
لكن إذا قال القائل: حدثنا سفيان ، مثل: أحمد بن حنبل ، أو علي بن المديني ، أو مسدد بن مسرهد ، أو أبو الربيع الزهراني أو سليمان بن داود أو قتيبة بن سعيد ،
أو عمرو بن علي الفلاس مثلاً، أو أحمد بن منيع ، أو كل هؤلاء، فيكون الراوي هو سفيان بن عيينة ؛
لأن كل هؤلاء لم يدركوا الثوري لماذا؟ لأن ابن عيينة تلميذ الثوري ، أخذ عن الثوري . فنحن إذا أردنا أن نحدد الرواة نسند الراوة، ننظر إلى الرواة عنهم،
الذين هم غير منسوبين إلى أسانيد مثل (حماد)، هل هو حماد بن سلمة ، أو حماد بن زيد ؟ سفيان بن عيينة أو الثوري ننظر في الرواة عنهما !

100- خليفة بن خياط صاحب التاريخ والمسند ، ولقبه شباب ، أول ما تقرأ كلمة ( شباب ) إذاً هو خليفة بن خياط عند البخاري

101- الإمام البخاري مختلف مع مسلم في مسألة اشتراط اللقاء، وعنعنة المعاصر، هل تحمل على السماع أم لا؟
البخاري قال: لا تحمل على السماع حتى يثبت في سندٍ من الأسانيد أنه قال: حدثنا.
مثلاً: أنت تروي عن الشيخ الألباني رحمه الله، إذا ثبت لدينا أنك لقيت الألباني ولو مرة، وثبت لك إسناد أنك أنت قلت: حدثني محمد ناصر الدين الألباني .
كل كلام منك عن الألباني بعد هذا سنأخذه؛ لأنه ثبت لدينا أنك لقيته يقيناً ,والإمام مسلم يقول بالمعاصرة -إذا كانوا يعيشون في وقت واحد- وجائزٌ ممكن.
فقرن الإمام مسلم الجواز بالإمكان؛ لأنه ممكن المعاصرة ولا يمكن اللقاء. فالإمام مسلم قال: وجائزٌ ممكن،
فكأن مسلماً أراد معاصرةً بينة، وليست معاصرة مطلقة كما فهم عنه بعض العلماء، إن نقطة التعاصر كأنه أراد معاصرة بينة،
كرواية مصريٍ عن مصري، وحجازي عن حجازي، وشامي عن شامي، وكوفي عن كوفي، وبصري عن بصري.
وهكذا، فاحتمال اللقاء قوي جداً، إذ يتعذر أن يكون هناك طالبٌ للعلم، ويكون هناك شيخ مشهور، ومع ذلك لا يذهب هذا التلميذ ولا يلتقي مع هذا الشيخ أبداً،
هذه مسألة متعذرة للعالم .

( فوائد الدرس الثامن )


102-الشاهد من حديث عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن من الشجر شجرةً لا يسقط ورقها ...الحديث )
هو قول النبي - صلى الله عليه وسلم- ( فحدثوني ما هي؟ )
الإمام البخاري رحمه الله يحتج بهذا الحديث على إثبات أن صيغ السماع واحدة، وفي أول ( الباب ) قال: ( باب قول المحدث: حدثنا أو أخبرنا أو أنبأنا)
لا يتم الانتصار لرأي البخاري إلا بجمع طرق الحديث، فقد وقع في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أو أن الرواة نقلوا عنه أنه قال مرة: حدثوني، ومرة: أنبئوني، ومرة: أخبروني،
وأبو جعفر الطحاوي رحمه الله ألَّف في هذه المسألة جزءاً سماه: جزء التسوية بين حدثنا وأخبرنا،
وأورد فيه هذا الحديث محتجاً به لمذهب البخاري . فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: (حدثوني..أنبئوني..أخبروني)
وقد وقع لفظ حدثوني وأخبروني في الصحيح، وعند الإسماعيلي في: المستخرج على صحيح البخاري أتى بلفظ: أنبئوني،
وكلها من حديث عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

103- مسألة المتابعات والمخالفات هذه مسألة دقيقة، وهي روح علم الحديث، ولا يُعلم الطالب إذا كان فاهماً لها في علم الحديث أم لا , إلا إذا علم وجوه الترجيح.

104- المتابعة التامة: أن يتفق اثنان على الرواية عن شيخ واحد بالإسناد فصاعداً إلى الصحابي.
هذه يسميها العلماء: المتابعة التامة، أي: أن البخاري هنا يروي الحديث عن قتيبة بن سعيد، وهو إمام ثقة كبير،
قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر . ومسلم روى هذا الحديث عن نفس الشيخ الذي هو قتيبة ، فـمسلم تابع البخاري على نفس الرواية،
إذاً الاثنان يتفقان في الرواية عن نفس الشيخ بذات الإسناد فصاعداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

105- خالد بن مخلد: من كبار شيوخ البخاري على لين في حفظه، والبخاري إذا أخرج عن راو متكلم فيه،فإنه إنما انتقى من حديثه مالم ينكروه عليه

106-الإمام مسلم من تلاميذ البخاري ، تتلمذ عليه خمس سنوات

107- الذين يتكلمون على البخاري لو وُجدوا في زمانه لما صلحوا أن يصبوا على البخاري وضوءه، لماذا؟ لأنهم أقل من ذلك.

108- البخاري كان يحضر مجلسه مائة ألف وليس في وجهه شعر، لم يكن نمت له لحية بعد .

109- أبي محمد البربهاري كان إمام الحنابلة في بغداد في ذلك الوقت وكان له قصة عجيبة وهي:
أن الخليفة في بغداد مرة كان جالساً في قصره فسمع رجة كالزلزال،ففزع وسأل عن ذلك، قالوا: لا شيء، إلا أن أبا محمد البربهاري عطس وأصحابه يقولون له: يرحمك الله، فيرحمك الله هذه خرجت كالرعد ففزع منها الخليفة، مما جعل الخليفة يقول: لا يساكنني في البلد، وأخرجه إلى خارجها.

( فوائد الدرس التاسع -الأخير- )


110- الإمام الشافعي لم يكن من الذين يعتنون بهيئته ولبسه، بينما كان الإمام مالك صاحب هِندام، والشافعي لم يكن كذلك

111- قول عمر لابنه : (أما لو قلتها لكان أحب إلي من كذا وكذا) حين قال له -ابنه- : ( فوقع في نفسي أنها النخلة )
لأن ابنه عبد الله لو تكلم بهذا مع صغر سنه في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، ربما حصّل دعوةً صالحة، وربما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
زادك الله فهماً، وكانت هذه شهادة من النبي عليه الصلاة والسلام، وهي شهادة عظيمة.
[ وفي قول عمر إشارةٌ إلى أن الآباء يحبون لأبنائهم أكثر مما يحبونه لأنفسهم ]


انتهى

[ تم بحمد الله وتيسيره ]

تغريدات