اطبع هذه الصفحة


٢١٧ فائدة من كتاب تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم 

رِهَام 
@re_reham


بسم الله الرحمن الرحيم

 
 
-  [ فضل العلم ] 
 
١- العلماء وطلبة العلم هم أولى الناس وأحقهم بالأدب وحسن الخلق؛ لأنهم أعلم الناس بالحق، ولمكانهم بين الخلق حيث ينظر الناس إليهم نظرة خاصة
 
٢-طلبة العلم إن أحسنوا كان ذلك سببًا لمحبة الناس لهم وقبول الحق منهم  وإن أساءوا كان ذلك سببًا لبعد الناس عنهم وكراهية ما هم عليه من الهدى.
 
٣- العالم أمين على ما أودع من العلوم وما منح من الحواس والفهوم
 
٤- المقصود الأعظم من العلم هو العمل به، والتقرب إلى الله تعالى بمقتضى هذا العلم.
٥- قال ابن سيرين: كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم

 
٦- قال سفيان بن عيينة:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الميزان الأكبر وعليه تعرض الأشياء على خلقه وسيرته وهديه فما وافقها فهو الحق وما خالفها فهو الباطل.
 
٧-قال حبيب بن الشهيد لابنه: يا بني اصحب الفقهاء والعلماء وتعلم منهم وخذ من أدبهم؛ فإن ذلك أحب إليّ من كثير من الحديث.
 
٨-قال بعضهم لابنه:  يا بني لأن تتعلم بابًا من الأدب أحب إليّ من أن تتعلم سبعين بابًا من أبواب العلم.
 
٩- وقال مخلد بن الحسين لابن المبارك:  نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث.
 
١٠- قيل للشافعي رضي الله عنه: كيف شهوتك للأدب؟  فقال:أسمع بالحرف منه مما لم أسمعه فتود أعضائي أن لها أسماعًا فتنعم به. قيل: وكيف طلبك له؟  قال:طلب المرأة المضلة ولدها وليس لها غيره.
 
  ١١- {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } و قوله: { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }  فاقتضت الآيتان أن العلماء هم الذين يخشون الله تعالى  وأن الذين يخشون الله تعالى هم خير البرية  فينتج أن العلماء هم خير البرية.
 
١٢- " وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم "  وقد اختلف في معنى وضع أجنحتها فقيل: التواضع له  وقيل: النزول عنده والحضور معه وقيل: التوقير والتعظيم له وقيل: معناه تحمله عليها فتعينه على بلوغ مقصده
 
١٣-" وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في جوف الماء.." إلهام الحيوانات بالاستغفار لهم فقيل:  لأنها خلقت لمصالح العباد ومنافعهم والعلماء هم الذين يبينون ما يحل منه وما يحرم  ويوصون بالإحسان إليها ونفي الضرر عنها.
14- قال علي رضي الله عنه:
كفى بالعلم شرفًا أن يدعيه من لا يحسنه،  ويفرح به إذا نسب إليه،  وكفى بالجهل ذمًا أن يتبرأ منه من هو فيه
 
١٥-  وقال بعض السلف:  خير المواهب العقل وشر المصائب الجهل.
 
١٦- وقال أبو مسلم الخولاني: العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء  إذا بدت للناس اهتدوا بها وإذا خفيت عليهم تحيروا.
 
١٧- وقال أبو الأسود الدؤلي:  ليس شيء أعز من العلم،  الملوك حكام على الناس،  والعلماء حكام على الملوك.
 
١٨- وقال وهب:  يتشعب من العلم الشرف  وإن كان صاحبه دنيًا والعز وإن كان مهينًا،  والقرب وإن كان قصيًا والغنى وإن كان فقيرًا  والمهابة وإن كان وضيعًا.
 
١٩- عن معاذ رضي الله عنه: تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة  وطلبه عبادة  ومذاكرته تسبيح  والبحث عنه جهاد  وبذله قربة  وتعليمه من لا يعلمه صدقة.
 
٢٠- قال سفيان بن عيينة:  أرفع الناس عند الله منزلة من كان بين الله وبين عباده وهم الأنبياء والعلماء ـ
٢١- قال سهل: 
من أراد النظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء فاعرفوا لهم ذلك.

٢٢- قال الشافعي رضي الله عنه: 
إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فليس لله ولي.

٢٣- 
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهـــم --- على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقيمة المرء ما قد كان يحسنــه --- والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم ولا تطلب به بــــــــــدلا ---فالناس موتى ، وأهل العلم أحياء

٢٤- عن سفيان الثوري والشافعي رضي الله عنهما: 

ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم.

٢٥- عن الزهري رحمه الله: 
ما عُبد الله بمثل الفقه.


٢٦-

 يا أيها الرجل الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ --- هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ 

تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى --- كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ 

٢٧- الاشتغال بالعلم لله أفضل من نوافل العبادات البدنية من صلاة وصيام وتسبيح ودعاء ونحو ذلك - لماذا -  !؟

١-   لأن نفع العلم يعم صاحبه والناس والنوافل البدنية مقصورة على صاحبها

٢- ولأن العلم مصحح لغيره من العبادات فهي تفتقر إليه وتتوقف عليه ولا يتوقف هو عليها

٣-  ولأن العلماء ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والتسليم وليس ذلك للمتعبدين

٤-ولأن طاعة العالم واجبة على غيره فيه

٥- ولأن العلم يبقى أثره بعد موت صاحبه، وغيره من النوافل تنقطع بموت صاحبها

٦- ولأن في بقاء العلم إحياء الشريعة وحفظ معالم الملة.


  ٢٨- وعن حماد بن سلمة: 
من طلب الحديث لغير الله تعالى مكر به.

[ أدوية لأمراض القلوب ]

٣٠ - المرض :

 من ابتلي بـ الحسد والعجب والرئاء واحتقار الناس

الدواء :

قراءة كتب الرقائق

فمن أراد تطهير نفسه منها فعليه بتلك الكتب

ومن أنفعها كتاب الرعاية للمحاسبي رحمه الله.

 

٣١- المرض :

  الحسد

الدواء :

 الفكر بأنه اعتراض على الله سبحانه وتعالى

في حكمته المقتضية تخصيص المحسود بالنعمة

 

٣٢- المرض : العجب 

الدواء :يذكر أن علمه وفهمه وجودة ذهنه وفصاحته وغير ذلك من النعم فضل من الله عليه وأمانة عنده

 ليرعاها حق رعايتها، وأن مُعْطِيه إياها قادر على سلبها منه في طرفة عين

 { أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ 


٣٤- المرض : الرياء

الدواء :  الفكر بأن الخلق كلهم لا يقدرون على نفعه بما يقضه الله له ولا على ضيره بما لم يقدره الله تعالى عليه فَلِمَ يُحْبِطُ عمله ويضير دينه ويُشْغِلُ نفسه بمراعاة من لا يملك له في الحقيقة نفعًا ولا ضرًا مع أن الله تعالى يطلعهم على نيته وقبح سريرته

 
٣٥- المرض : الاحتقار

الدواء: تدبر قوله تعالى:

 { لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ } و

إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } و

 { فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى 

الوربما كان المحتقر أطهر عند الله قلبًا وأزكى عملاً وأخلص نية كما قيل: إن الله تعالى أخفى ثلاثة في ثلاثة؛ وليه في عباده، ورضاه في طاعاته، وغضبه في معاصيه.

- [ أدب العـالم مع نفسه   ]

٢٩- دوام مراقبة الله تعالى في السر والعلن

٣٠- أن يصون العلم كما صانه علماء السلف ويقوم له بما جعله الله تعالى له من العزة والشرف فلا يذله بذهابه ومشيه إلى غير أهله من أبناء الدنيا من غير ضرورة؛ فإن اقتضته مصلحة دينية راجحة على مفسدة بذله وحسنت فيه نية صالحة فلا بأس به إن شاء الله تعالى 

٣١- أن يتخلق بالزهد في الدنيا والتقلل منها بقدر الإمكان الذي لا يضر بنفسه أو بعياله

٣٢-  أن يستقذر التعلق بالدنيا لأنه أعلم الناس بخستها وفتنتها وسرعة زوالها وكثرة تعبها ونَصَبِهَا فهو أحق بعدم الالتفات إليها والاشتغال بهمومها.

٣٣- أن ينزه علمه عن جعله سلمًا يتوصل به إلى الأغراض الدنيوية من جاه أو مال أو سمعة أو شهرة أو خدمة أو تقدم على أقرانه.

٣٤- أن يتجنب مواضع التهم وإن بعدت ولا يفعل شيئًا يتضمن نقص مروءة أو ما يُسْتَنْكَرُ ظاهرًا وإن كان جائزًا باطنًا فإنه يُعَرِّضُ نفسه للتهمة وعرضه للوقيعة ويوقع الناس في الظنون المكروهة

٣٥- أن يحافظ على القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام كإقامة الصلاة في المساجد للجماعات وإفشاء السلام للخواص والعوام 

٣٦- القيام بإظهار السنن وإخمال البدع والقيام لله في أمور الدين وما فيه مصالح المسلمين 

٣٧- وإذا لم ينتفع العالم بعلمه فغيره أبعد عن الانتفاع به،

كما قال الشافعي رضي الله عنه:

ليس العلم ما حُفِظَ، العلم ما نَفَعَ، ولهذا عظمت زلة العالم لما يترتب عليها من المفاسد لاقتداء الناس به.

٣٨- أن يحافظ على المندوبات الشرعية القولية والفعلية فيلازم تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى بالقلب واللسان

٣٩- معاملة الناس بمكارم الأخلاق من طلاقة الوجه، وإطعام الطعام، وكظم الغيظ، وكف الأذى عن الناس... 

٤٠- وإذا رأى من لا يقيم صلاته أو طهارته أو شيئًا من الواجبات عليه إرشاده بتلطف ورفق كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الأعرابي الذي بال في المسجد، ومع معاوية بن الحكم لما تكلم في الصلاة.

٤١- أن يطهر باطنه وظاهره من الأخلاق الرديئة ويعمره بالأخلاق المرضية 

فمن الأخلاق الرديئة الغل والحسد والبغي والغضب لغير الله تعالى ... 

ومن الأخلاق المرضية دوام التوبة، والإخلاص، واليقين، والتقوى، والصبر... 

٤٢- دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد والمواظبة على وظائف الأوراد من العبادة والاشتغال والإشغال قراءة وإقراء ومطالعة وفكرًا وتعليقًا وحفظًا وتصنيفًا وبحثًا.

٤٣- لا يضيع شيئًا من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل

 إلا بقدر الضرورة من أكل أو شرب أو نوم أو استراحة لملل أو أداء حق زوجة أو زائر،

 أو تحصيل قوت وغيره مما يحتاج إليه ... 

٤٤-أن لا يستنكف أن يستفيد ما لا يعلمه ممن هو دونه منصبًا أو نسبًا أو سنًا،

بل يكون حريصًا على الفائدة حيث كانت والحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها.

- قال سعيد بن جبير:

لا يزال الرجل عالمًا ما تعلم فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون

٤٥- الاشتغال بالتصنيف والجمع والتأليف، لكن مع تمام الفضيلة، وكمال الأهلية

قال الخطيب البغدادي:

يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكسب جميل الذكر وجزيل الأجر ويخلده إلى آخر الدهر

٤٦- وينبغي له إذا تلا القرآن أن يتفكر في معانيه وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده والوقوف عند حدوده وليحذر من نسيانه بعد حفظه فقد ورد في الأخبار النبوية ما يزجر عن ذلك.

- والأولى أن يكون له منه في كل يوم وِرْدٌ راتب لا يخل به فإن غلب عليه فيوم ويوم فإن عجز ففي ليلتي الثلاثاء والجمعة لاعتياد بطالة الاشغال فيهما، وقراءة القرآن في كل سبعة أيام ورد حسن وورد في الحديث وعمل به أحمد بن حنبل، ويقال: من قرأ القرآن في كل سبعة أيام لم ينسه قط.
 

- [أقوال  في أدب العالم   ] 

٤٧- قال الشافعي:ليس العلم ما حُفِظَ, العلم ما نَفَعَ.

ومن ذلك دوام السكينة - العالم- والوقار والخشوع والتواضع لله والخضوع.

٤٨-مما كتب مالك إلى الرشيد:

 إذا علمت علمًا فَلْيُرَ عليك علمه وسكينته وسمته ووقاره وحلمه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: العلماء ورثة الأنبياء.

٤٩- قال عمر رضي الله عنه: 

تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والوقار.

٥٠- عن السلف: 

حق على العالم أن يتواضع لله في سِرِّه وعلانيته 

ويحترس من نفسه ويقف على ما أشهر عليه.

٥١- وقال يحيى بن معاذ:

لو كانت الدنيا تِبْرًا يفنى

والآخرة خَزَفًا يبقى 

لكان ينبغي للعاقل إيثار الخزف الباقي

 على التبر الفاني 

فكيف والدنيا خزفٌ فانٍ 

والآخر تِبْرٌ باقٍ.

 ٥٢ - كان مالك رضي الله تعالى عنه إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - يتغير لونه وينحني

 ٥٣ - وكان جعفر بن محمدإذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده اصفر لونه

٥٤- وكان ابن القاسم إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -

يجف لسانه في فيه هيبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -

٥٥ - وقال الشافعي رضي الله عنه:

 حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم

 في الاستكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه

 وإخلاص النية لله تعالى في إدراك علمه نصًا واستنباطًا والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه

٥٦- وقال الربيع: 

لم أر الشافعي رضي الله عنه آكلاً بنهار ولا نائمًا بليل لاشتغاله بالتصنيف.

٥٧- لا يحمل نفسه من ذلك فوق طاقتها كيلا تسأم وتمل،

فربما نفرت نفرة لا يمكنه تداركها،

 بل يكون أمره في ذلك قصدًا وكل إنسان أبصر بنفسه.

٥٨ - وكان جماعة من السلف يستفيدون من طلبتهم ما ليس عندهم

قال الحميدي وهو تلميذ الشافعي:

صحبت الشافعي من مكة إلى مصر فكنت أستفيد منه المسائل وكان يستفيد مني الحديث.

٥٩ - كان مالك رضي الله عنه

إذا جاءه الناس لطلب الحديث

 اغتسل وتطيب ولبس ثيابًا جددًا

ووضع رداءه على رأسه

ثم يجلس على منصة 

ولا يزال يبخر بالعود حتى يفرغ، 

وقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

[ ادب العالم في درسة ] 

٦٠ - إذا عزم على مجلس التدريس تطهر من الحدث والخبث

وتنظف وتطيب ولبس من أحسن ثيابه اللائقة به بين أهل زمانه

 قاصدًا بذلك تعظيم العلم وتبجيل الشريعة.

٦١- ثم يصلي ركعتي الاستخارة إن لم يكن وقت كراهة

وينوي نشر العلم وتعليمه وبث الفوائد الشرعية وتبليغ أحكام الله تعالى التي اؤتمن عليها والازدياد من العلم وإظهار الصواب والرجوع إلى الحق والاجتماع على ذكر الله تعالى ...

٦٢ - إذا خرج من بيته دعا بالدعاء الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل...

٦٣- يديم ذكر الله تعالى إلى أن يصل إلى مجلس التدريس ...

٦٤- ويجلس مستقبل القبلة إن أمكن بوقار وسكينة وتواضع وخشوع متربعًا أو غير ذلك مما لم يكره من الجلسات، ولا يجلس مقعيًا ولا مستوفزًا ولا رافعًا إحدى رجليه على الأخرى، ولا مادًا رجليه أو إحداهما من غير عذر، ولا متكئًا على يده إلى جنبه وراء ظهره.

٦٥- وليصن بدنه عن الزحف والتنقل عن مكانه ويديه عن العبث والتشبيك بها، وعينيه عن تفريق النظر من غير حاجة، ويتقي المزاح وكثرة الضحك فإنه يقلل الهيبة ويسقط الحشمة كما قيل: من مزح استخف به ومن أكثر من شيء عرف به.

٦٦- ولا يدرس في وقت جوعه أو عطشه أو همه أو غضبه أو نعاسه أو قلقه، ولا في حال برده المؤلم وحره المزعج؛ فربما أجاب أو أفتى بغير الصواب..

٦٧ - أن يجلس بارزًا لجميع الحاضرين ويوقر أفاضلهم بالعلم والسن والصلاح والشرف ويرفعهم على حسب تقديمهم في الإمامة ويتلطف بالباقين ويكرمهم بحسن السلام وطلاقة الوجه .

٦٨- ويلتفت إلى الحاضرين التفاتًا قصدًا بحسب الحاجة ويخص من يكلمه أو يسأله أو يبحث معه على الوجه عند ذلك بمزيد التفات إليه وإقبال عليه وإن كان صغيرًا فإَّن تَرْكَ ذلك من أفعال المتجبرين المتكبرين.

٦٩- أن يقدم على الشروع في البحث والتدريس قراءة شيء من كتاب الله تعالى تبركًا وتيمنًا 

٧٠- إذا تعددت الدروس قدم الأشرف فالأشرف والأهم فالأهم؛ فيقدم تفسير القرآن ثم الحديث ثم أصول الدين ثم أصول الفقه ثم المذهب ثم الخلاف أو النحو أو الجدل.

٧١- وكان بعض العلماء الزهاد يختم الدروس بدرس رقائق يفيد به الحاضرين تطهير الباطن ونحو ذلك من عظة ورقة وزهد وصبر.

٧٢- ولا يذكر شبهة في الدين في درس ويؤخر الجواب عنها إلى درس آخر بل يذكرهما جميعًا أو يدعهما جميعًا

٧٣- وينبغي أن لا يطيل الدرس تطويلاً يمل، ولا يقصره تقصيرًا يخل، ويراعي في ذلك مصلحة الحاضرين 

٧٤- أن لا يرفع صوته زائدًا على قدر الحاجة ولا يخفضه خفضًا لا يحصل معه كمال الفائدة. 

٧٥- قال أبو عثمان محمد بن الشافعي:ما سمعت أبي يناظر إلى قط فرفع صوته 

٧٦- أن يصون مجلسه عن اللغط؛ فإن الغلط تحت اللغط، وعن رفع الأصوات واختلاف جهات البحث.

٧٧- أن يزجر من تعدى في بحثه أو ظهر منه لدد في بحثه أو سوء أدب أو ترك الإنصاف بعد ظهور الحق

٧٨- وينبغي أن يكون له نقيب فطن كيس، درب يرتب الحاضرين ومن يدخل عليهم على قدر منازلهم ويوقظ النائم ويشير إلى من ترك ما ينبغي فعله أو فعل ما ينبغي تركه، ويأمر بسماع الدروس والإنصات لها. 

 ٧٩- وإذا سئل عن ما لم يعلمه قال لا أعلمه، أو لا أدري؛ فمن العلم أن يقول لا أعلم

وعن بعضهم: لا أدري نصف العلم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقالته

٨٠- وقد أدب الله تعالى العلماء بقصة موسى مع الخضر عليهما السلام، حين لم يرد موسى عليه الصلاة والسلام العلم إلى الله تعالى لما سئل هل أحد في الأرض أعلم منك.

٨١- أن يتودد لغريب حضر عنده وينبسط له ليشرح صدره

٨٢-  جرت العادة قول والله اعلم عند نهاية الدرس والأولى يقول كلام يشعر بختم الدرس كقوله:

وهذا آخره، أو ما بعده يأتي إن شاء الله تعالى، ونحو ذلك ليكون قوله: والله أعلم خالصًا لذكر الله تعالى

٨٣- والأولى للمدرس أن يمكث قليلاً بعد قيام الجماعة فإن فيه فوائد وآدابًا وله ولهم، منها عدم مزاحمتهم، ومنها إن كان في نفس أحد بقايا سؤال سأله، ويختم بكفررة المجلس 

٨٤- أن لا ينتصب للتدريس إذا لم يكن أهلاً له ولا يذكر الدرس مِنْ عِلْمٍ لا يعرفه

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور.

وعن الشبلي:من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه.
 

 [ في أدب العالم مع طلبته  ] 

٨٥- أن يقصد بتعليمهم وتهذيبهم وجه الله تعالى ونشر العلم وإحياء الشرع ودوام ظهور الحق وخمول الباطل ودوام خير الأمة 

٨٦- أن لا يمتنع من تعليم الطالب لعدم خلوص نيته 

٨٧- أن يرغبه في العلم وطلبه في أكثر الأوقات بذكر ما أعد الله تعالى للعلماء من منازل الكرامات وأنهم ورثة الأنبياء وعلى منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء

٨٨ - أن يحب لطالبه ما يحب لنفسه كما جاء في الحديث، ويكره له ما يكره لنفسه، قال ابن عباس: أكرم الناس عَلَيَّ جليسي الذي يتخطى رقاب الناس إليّ لو استطعت أن لا يقع الذباب عليه لفعلت, وفي رواية: إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.

٨٩- وينبغي أن يعتني بمصالح الطالب ويعامله بما يعامل به أعز أولاده من الحنو والشفقة عليه والإحسان إليه، والصبر على جَفَاءٍ ربما وقع منه نقص لا يكاد يخلو الإنسان 

٩٠  - أن يحرص على تعليمه وتفهيمه ببذل جهده وتقريب المعنى له من غير إكثار لا يحتمله ذهنه أو بسط لا يضبطه حفظه ويوضح لمتوقف الذهن العبارة ويحتسب إعادة الشرح له وتكراره.

٩١- إذا فرغ الشيخ من شرح درس فلا بأس بطرح مسائل تتعلق به على الطلبة يمتحن بها فهمهم وضبطهم لما شرح لهم 

٩٢- لا ينبغي للشيخ أن يقول للطالب هل فهمت إلا إذا أمن من قوله نعم قبل أن يفهم، فإن لم يأمن من كذبه لحياء أو غيره فلا يسأله عن فهمه لأنه ربما وقع في الكذب بقوله نعم 

٩٣-  أن يطالب الطلبة في بعض الأوقات بإعادة المحفوظات ويمتحن ضبطهم لما قدم لهم من القواعد المهمة والمسائل الغريبة ويختبرهم بمسائل تبنى على أصل قرره أو دليل ذكره.

٩٤- ان يراقب أحوال الطلبة في آدابهم وهديهم وأخلاقهم باطنًا وظاهرًا، 

٩٥- أن يسعى في مصالح الطلبة وجمع قلوبهم ومساعدتهم بما تيسر عليه من جاه ومال عند قدرته على ذلك  

٩٦ - جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاثة؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.

 - هذه المعاني الثلاثة موجودة في معلم العلم؛

- أما الصدقة فاقراؤه إياه العلم وإفادته إياه

- العلم المنتفع به فظاهر لأنه كان سببًا لإيصال ذلك العلم إلى كل من انتفع به.

- أما الدعاء الصالح له فالمعتاد المستقرأ على السنة أهل العلم والحديث قاطبة من الدعاء لمشايخهم وأئمتهم وبعض أهل العلم يدعون لكل من يذكر عنه شيء من العلم وربما يقرأ بعضهم الحديث بسنده فيدعو لجميع رجال السند فسبحان من اختص من شاء من عباده بما شاء من جزيل عطائه.

٩٧- أن يتواضع مع الطالب وكل مسترشد سائل إذا قام بما يجب عليه من حقوق الله تعالى وحقوقه، ويخفض له جناحه ويلين له جانبه،


 [ آداب طالب العلم في نفسه ]

٩٨- أن يطهر قلبه من كل غش ودنس وغلّ وحسد وسوء عقيدة وخلق

٩٩-  العلم صلاة السر وعبادة القلب وقربة الباطن، وكما لا تصلح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر من الحدث والخبث فكذلك لا يصح العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته عن خبث الصفات وحدث مساوئ الأخلاق ورديئها.

١٠٠ - وقال سهل: "حرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل".

١٠١ - حسن النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله تعالى والعمل به وإحياء الشريعة،

١٠٢- قال أبو يوسف ـ رحمه الله ـ:يا قوم أريدوا بعلمكم الله تعالى فإني لم أجلس مجلسًا قط أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلوهم، ولم أجلس مجلساً قط أنوي فيه أن أعلوهم إلا لم أقم حتى أفتضح.

١٠٣ - أن يبادر شبابه وأوقات عمره إلى التحصيل ولا يغتر بخدع التسويف والتأميل؛ فإن كل ساعة تمضي من عمره لا بدَلَ لها ولا عوض عنها، ويقطع ما يقدر عليه من العلائق الشاغلة والعوائق المانعة عن تمام الطلب وبذل الاجتهاد وقوة الجد في التحصيل

١٠٤- أن يقنع من القوت بما تيسر وإن كان يسيرًا، ومن اللباس بما يستر مثله وإن كان خلقًا

١٠٥- بالصبر على ضيق العيش ينال سعة العلم ويجمع شمل القلب عن مفترقات الآمال فتتفجر فيه ينابيع الحكم.

١٠٦- قال الشافعي رحمه الله:لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح.

١٠٧- وقال مالك: لا يبلغ أحد من هذا العلم ما يريد حتى يضربه الفقر ويؤثره على كل شيء.

١٠٨-'وقال أبو حنيفة: يُستعان على الفقه بجمع الهم، ويستعان على حذف العلائق بأخذ اليسير عند الحاجة ولا يزد.

١٠٩- قال الخطيب:ويستحب للطالب أن يكون عزبًا ما أمكنه لئلا يقطعه الاشتغال بحقوق الزوجية وطلب المعيشة عن إكمال الطلب

١١٠-أن يقسم - الطالب - أوقات ليله ونهار ويغتنم ما بقي من عمره فإن بقية العمر لا قيمة له.

١١١- ( وقت الحفظ

- قال الخطيب:أجود أوقات الحفظ الأسحار ثم وسط النهار ثم الغداة.

 قال:وحفظ الليل أنفع من حفظ النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع.

١١٢-( مكان الحفظ ) 

-قال الخطيب :وأجود أماكن الحفظ الغرف وكل موضع بعيد عن الملهيات.

قال:وليس بمحمود الحفظ بحضرة النبات والخضرة والأنهار وقوارع الطريق وضجيج الأصوات لأنها تمنع من خلو القلب غالبًا.

١١٣- من أعظم الأسباب المعينة على الاشتغال والفهم وعدم الملال أكل القدر اليسير من الحلال.

١١٤-قال الشافعي رضي الله عنه: ما شبعت منذ ست عشرة سنة، وسبب ذلك أن كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب، وكثرته جالبة للنوم والبلادة وقصور الذهن وفتور الحواس وكسل الجسم

١١٥- ومن رام الفلاح في العلم وتحصيله البغية منه مع كثرة الأكل والشرب والنوم فقد رام مستحيلاً في العادة.

١١٦ -  قال الله تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا } ، قال بعض العلماء: جمع الله بهذه الكلمات الطب كله.

١١٧- أن يأخذ الطالب نفسه بالورع في جميع شأنه ويتحرى الحلال في طعامه وشرابه ولباسه ومسكنه وفي جميع ما يحتاج إليه هو وعياله ليستنير قلبه ويصلح لقبول العلم ونوره والانتفاع به

١١٨- أن يقلل استعمال المطاعم التي هي من أسباب البلادة وضعف الحواس كالتفاح الحامض والباقلا وشرب الخل، وكذلك ما يكثر استعماله البلغم المبلد للذهن المثقل للبدن ككثرة الألبان والسمك وأشباه ذلك.

١١٩- وينبغي أن يستعمل ما جعله الله تعالى سببا لجودة الذهن كمضغ اللبان والمصطكى على حسب العادة، وأكل الزبيب 

١٢٠- أن يقلل نومه ما لم يلحقه ضرر في بدنه وذهنه، ولا يزيد في نومه في اليوم والليلة على ثمان ساعات وهو ثلث الزمان

١٢١- ولا بأس أن يريح نفسه وقلبه وذهنه وبصره إذا كلّ شيء من ذلك أو ضعف بتنزه وتفرج في المستنزهات بحيث يعود إلى حاله ولا يضيع عليه زمانه.

١٢٢- ولا بأس بمعاناة المشي ورياضة البدن به فقد قيل إنه ينعش الحرارة ويذيب فضول الأخلاط وينشط البدن.

١٢٣- ولا بأس بالوطى الحلال إذا احتاج إليه، فقد قال الأطباء بأنه يجفف الفضول وينشط ويصفي الذهن إذا كان عند الحاجة باعتدال، ويحذر كثرته حذر العدو 

١٢٤- أن يترك العشرة فإن تركها من أهم ما ينبغي لطالب العلم ولاسيما لغير الجنس وخصوصًا لمن كثر لعبه وقلت فكرته؛ فإن الطباع سراقة، وآفة العشرة ضياع العمر بغير فائدة 

في آدابه مع شيخه وقدوته
وما يجب عليه من عظيم حرمته

١٢٥-  ينبغي للطالب أن يقدم النظر ويستخير الله فيمن يأخذ العلم عنه ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه 

١٢٦- فعن بعض السلف:هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.

  ١٢٧- وليحذر من التقييد بالمشهورين وترك الأخذ عن الخاملين فقد عدّ الغزالي وغيره ذلك من الكبر على العلم وجعله عين الحماقة؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها ويغتنمها حيث ظفر بها
  ١٢٨- وليجتهد على أن يكون الشيخ ممن له على العلوم الشرعية تمام الإطلاع، لا ممن أخذ عن بطون الأوراق ولم يعرف بصحبة المشايخ الحذاق.
  ١٢٩- قال الشافعي رضي الله عنه:من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام.

  ١٣٠- كان بعضهم يقول:من أعظم البلية تشيخ الصحيفة. أي الذين تعلموا من الصحف.
 
١٣١- أن ينقاد لشيخه في أموره ولا يخرج عن رأيه وتدبيره، بل يكون معه كالمريض مع الطبيب الماهر، فيشاروه فيما يقصده ويتحرى رضاه فيما يعتمده، ويبالغ في حرمته يتقرب إلى الله تعالى بخدمته، ويعلم أن ذله لشيخه عز، وخضوعه له فخر، وتواضعه له رفعة . ١٣٢- ويقال إن الشافعي رضي الله عنه عوتب على تواضعه للعلماء، فقال:

أهين لهم نفسي فهم يكرمونها --- ولن تكرم النفس التي لا تهينها

  ١٣٣- أخذ ابن عباس رضي الله عنهما مع جلالته ومرتبته بركاب زيد بن ثابت الأنصاري وقال:هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا.
  ١٣٤- قال الغزالي: لا ينال العلم إلا بالتواضع وإلقاء السمع
  ١٣٥- كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشيء وقال: اللهم استر عيب شيخي عني ولا تذهب بركة علمه مني.
  ١٣٦-قال الشافعي رضي الله عنه:كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحًا رفيقًا هيبة له لئلا يسمع وقعها.
 
١٣٧- قال الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ هيبة له.
 
 ١٣٨- ينبغي أن لا يخاطب شيخه بتاء الخطاب وكافه، ولا يناديه مِنْ بُعْدٍ بل يقول: يا سيدي ويا أستاذي.
  ١٣٨ - قال الخطيب: يقول:
 أيها العالم، وأيها الحافظ ونحو ذلك، وما تقولون في كذا وما رأيكم في كذا وشبه ذلك، ولا يسميه في غيبته أيضًا باسمه إلا مقرونًا بما يشعر بتعظيمه كقوله قال الشيخ أو الأستاذ كذا، وقال شيخنا أو قال حجة الإسلام أو نحو ذلك.
  ١٣٩- أن يعرف له حقه ولا ينسى له فضله ومن ذلك أن يعظم حرمته ويرد غيبته ويغضب لها
  ١٤٠- ينبغي أن يدعو له مدة حياته ويرعى ذريته وأقاربه وأوداءه بعد وفاته، ويتعمد زيارة قبره والاستغفار له والصدقة عنه ويسلك في السمت والهدى مسلكه
  ١٤١-أن يصبر على جفوة تصدر من شيخه أو سوء خلق ولا يصده ذلك عن ملازمته وحسن عقيدته،  ويبدأ هو عند جفوة الشيخ بالاعتذار والتوبة مما وقع والاستغفار، وينسب الموجب إليه ويجعل العَتْبَ عليه فإن ذلك أبقى لمودة شيخه واحفظ لقلبه وأنفع للطالب في دنياه وآخرته.
  ١٤٢- وعن بعض السلف: 
من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الدنيا والآخرة.
  ١٤٣-عن ابن عباس:ذللت طالبًا فعززت مطلوبًا

 
١٤٤- أن يشكر الشيخ على توقيفه على ما فيه فضيلة، وعلى توبيخه على ما فيه نقيصة، أو على كسل يعتريه، أو قصور يعاينه أو غير ذلك مما في إيقافه عليه وتوبيخه إرشاده وصلاحه، ويعد ذلك من الشيخ من نعم الله تعالى عليه باعتناء الشيخ به ونظره إليه.
  ١٤٥- أن لا يدخل على الشيخ في غير المجلس العام إلا باستئذان سواء كان الشيخ وحده أو كان معه غيره 
 
١٤٦- ينبغي أن يدخل على الشيخ كامل الهيئة متطهر البدن والثياب نظيفهما بعدما يحتاج إليه من أخذ ظفر وشعر وقطع رائحة كريهة لاسيما إن كان يقصد مجلس العلم فإنه مجلس ذكر واجتماع في عبادة.
 
  -  ومحبة الله تعالى هي الخصلة الجامعة لمحاسن الصفات كلها وإنما تتحقق بمتابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } 

١٤٧- ينبغي أن يدخل على الشيخ أو يجلس عنده وقلبه فارغ من الشواغل له وذهنه صاف ؛ لينشرح صدره لما يقال ويعي ما يسمعه.

١٤٨- روي عن ابن عباس كان يجلس في طلب العلم على باب زيد بن ثابت حتى يستيقظ فيقال له: ألا نوقظه لك؟ فيقول: لا، وربما طال مقامه وقرعته الشمس، وكذلك كان السلف يفعلون.

١٤٩-أن يجلس بين يدي الشيخ جلسة الأدب كما يجلس الصبي بين يدي المقري أو متربعًا بتواضع وخضوع وسكون وخشوع ويصغي إلى الشيخ .

١٥٠- لا يسند بحضرة الشيخ إلى حائط أو مخدة أو درابزين، أو يجعل يده عليها، ولا يعطي الشيخ جنبه أو ظهره، ولا يعتمد على يده إلى ورائه أو جنبه، ولا يكثر كلامه من غير حاجة

١٥١-وعن علي رضي الله عنه قال:من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامة وتخصه بالتحية وأن تجلس أمامه ولا تشيرن عنده بيديك ولا تغمز بعينيك غيره، ولا تقولن: قال فلان خلاف قوله، ولا تغتابن عنده أحدًا، ولا تطلبن عثرته وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره لله تعالى، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته ولا تسارّ في مجلسه ولا تأخذ بثوبه ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تشبع من طول صحبته فإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء
١٥٢- أن يحسن خطابه مع الشيخ بقدر الإمكان 

١٥٣-عن بعض السلف: من قال لشيخه لم، لم يفلح أبدًا، وإذا ذكر الشيخ شيئًا فلا يقل: هكذا قلت أو خطر لي أو سمعت أو هكذا 

١٥٤- إذا أصر الشيخ على قول أو دليل ولم يظهر له أو على خلاف صواب سهوًا فلا يغير وجهه أو عينيه أو يشير إلى غيره كالمنكر لما قاله بل يأخذه ببشر ظاهر،

١٥٥-إذا سمع الشيخ يذكر حكمًا في مسألة أو فائدة مستغربة أو يحكي حكاية أو ينشد شعرًا وهو يحفظ ذلك أصغى إليه إصغاء مستفيد له في الحال متعطش إليه فرح به كأنه لم يسمعه قط

١٥٦-قال عطاء:إني لأسمع الحديث من الرجل وأنا أعلم به منه فأريه من نفسي أني لا أحسن منه شيئًا.

١٧٥-وعن عطاء قال:إن الشاب ليتحدث بحديث فأسمع له كأني لم أسمعه ولقد سمعته قبل أن يولد.

١٦٠-  لا ينبغي للطالب أن يكرر سؤال ما يعلمه ولا استفهام ما يفهمه؛ فإنه يضيع الزمان وربما أضجر الشيخ، قال الزهري: إعادة الحديث أشد من نقل الصخر،

١٦١-ينبغي أن لا يقطع على الشيخ كلامه؛ أي كلام كان، ولا يسابقه فيه ولا يساوقه بل يصبر حتى يفرغ الشيخ كلامه ثم يتكلم، ولا يتحدث مع غيره والشيخ يتحدث معه أو مع جماعة المجلس.


١٦٢- قيل: أربعة لا يأنف الشريف منهن وإن كان أميرًا؛ قيامُه من مجلسه لأبيه، وخدمته للعالم يتعلم منه، والسؤال عن ما لا يعلم، وخدمته للضيف.

ادابه في درسه وحلقته 

وما يعتمده فيها مع الشيخ والرفقة

١٦٣- أن يبتدئ أولاً بكتاب الله العزيز فيتقنه حفظًا ويجتهد على إتقان تفسيره وسائر علومه

ثم يحفظ من كل فن مختصرًا والأصولين ولا يشتغل بذلك كله عن دراسة القرآن وتعهده وملازمة ورده 

١٦٤- يشتغل بشرح تلك المحفوظات على المشايخ وليحذر من الاعتماد في ذلك على الكتب 

١٦٥- أن يحذر في ابتداء أمره من الاشتغال في الاختلاف بين العلماء أو بين الناس مطلقًا في العقليات والسمعيات؛ فإنه يحير الذهن ويدهش العقل، بل يتقن أولاً كتابًا واحدًا في فن واحد

١٦٦- يحذر في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات فإنه يضيع زمانه ويفرق ذهنه بل يعطى الكتاب الذي يقرؤه أو الفن الذي يأخذه كليته حتى يتقنه، وكذلك يحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب فإنه علامة الضجر وعدم الإفلاح.

١٦٧- أن يصحح ما يقرؤه قبل حفظه تصحيحًا متقنًا إما على الشيخ أو على غيره مما يعينه، ثم يحفظه بعد ذلك حفظًا محكمًا ثم يكرر عليه بعد حفظه تكرارًا جيدًا، ثم يتعاهده في أوقات يقررها لتكرار مواضيه، ولا يحفظ شيئًا قبل تصحيحه لأنه يقع في التحريف والتصحيف

١٦٨- أن يبكر بسماع الحديث ولا يهمل الاشتغال به وبعلومه والنظر في إسناده ورجاله ومعانيه وأحكامه وفوائده ولغته وتواريخه.

١٦٩-يعتني بمعرفة صحيح الحديث وحسنه وضعيفه ومسنده ومرسله وسائر أنواعه فإنه أحد جناحي العالم بالشريعة المبين لكثير من الجناح الآخر وهو القرآن.
١٧٠-لا يقنع بمجرد السماع كغالب محدثي هذا الزمان بل يعتني بالدراية أشد من اعتنائه بالرواية

١٧١-قال الشافعي رضي الله عنه:من نظر في الحديث قويت حجته لأن الدراية هي المقصود بنقل الحديث وتبليغه.

١٧٢- إذا شرح محفوظاته المختصرات وضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات انتقل إلى بحث المبسوطات مع المطالعة الدائمة وتعليق ما يمر به أو يسمعه من الفوائد النفيسة والمسائل الدقيقة

١٧٣-  ولتكن همته في طلب العلم عالية فلا يكتفي بقليل العلم مع إمكان كثيره ولا يقنع من إرث الأنبياء صلوات الله عليهم بيسيره ولا يؤخر تحصيل فائدة تمكن منها أو يشغله الأمل والتسويف عنها 
١٧٤ ليحذر من نظر نفسه بعين الجمال والاستغناء عن المشايخ فإن ذلك عين الجهل 

١٧٥- قال سعيد بن جبير: لا يزال الرجل عالمًا ما تعلم، فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى أسوأ جهل ما يكون.

١٧٦- أن يلزم حلقة شيخه في التدريس والإقراء بل وجميع مجالسه إذا أمكن فإنه لا يزيده إلا خيرًا وتحصيلاً وأدبًا وتفضيلاً

١٧٧- قال الخطيب:وأفضل المذاكرة مذاكرة الليل، وكان جماعة من السلف يبدؤون في المذاكرة من العشاء فربما لم يقوموا حتى يسمعوا أذان الصبح.

١٧٨- أن يتأدب مع حاضري مجلس الشيخ فإنه أدب معه واحترام لمجلسه وهم رفقاؤه فيوقر أصحابه ويحترم كبراءه وأقرانه،

١٧٩- أن لا يستحيي من سؤال ما أشكل عليه وتفهم ما لم يتعقد بتلطف وحسن خطاب وأدب وسؤال

 ١٨٠- قال عمر رضي الله عنه: من رق وجهه رق علمه

١٨١-  قال مجاهد:لايتعلم العلم مستحيي ولا مستكبر.

١٨٢- لا يستحيي من قوله لم أفهم إذا سأله الشيخ لأن ذلك يفوت عليه مصلحته العاجلة والآجلة، أما العاجلة فحفظ المسألة ومعرفتها واعتقاد الشيخ فيه الصدق والرغبة، والآجلة سلامته من الكذب والنفاق.

١٨٣- يحضر كتابه الذي يقرأ منه معه ويحمله بنفسه ولا يضعه حال القراءة على الأرض مفتوحًا بل يحمله بيديه ويقرأ منه، 

١٨٤-أن يرغب بقية الطلبة في التحصيل ويدلهم على مظانه ويصرف عنهم الهموم المشغلة عنه ويهون عليهم مؤنته ويذاكرهم بما حصله من الفوائد والقواعد 

في الآداب مع الكتب

وما يتعلق بها

١٨٥- أن يعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها ولا يجعل تحصيلها وكثرتها حظه من العلم وجمعها نصيبه من الفهم 

١٨٦- يستحب إعارة الكتب لما فيه من الإعانة على العلم 

وينبغي للمستعير أن يشكر للمعير ذلك ويجزيه خيرًا.

١٨٧- وأنشد بعضهم:

أيها المستعير مني كتابًا

ارض لي فيه ما لنفسك ترضى

١٨٨- يراعي الأدب في وضع الكتب باعتبار علومها وشرفها ومصنفها وجلالتهم فيضع الأشرف أعلى الكل ثم يراعي التدريج 

 ١٨٩- إن استوى كتابان في فن أعلي أكثرها قرآنًا أو حديثًا، فإن استويا فبجلالة المصنف، فإن استويا فأقدمهما كتابة وأكثرهما وقوعًا في أيدي العلماء والصالحين، فإن استويا فأصحهما.

١٩٠- إذا استعار كتابًا فينبغي له أن يتفقده عند إرادة أخذه ورده

١٩١- إذا اشترى كتابًا تعهد أوله وآخره ووسطه وترتيب أبوابه وكراريسه  واوراقه

١٩٢- قال بعضهم:لا يضيء الكتاب حتى يظلم يريد إصلاحه - يقصد الحواشي - 

١٩٣- إذا نسخ شيئًا من كتب العلوم الشرعية فينبغي أن يكون على طهارة مستقبل القبلة طاهر البدن والثياب بحبر طاهر ويبتدئ كل كتاب بكتابة: بسم الله الرحمن الرحيم 

١٩٤- وكلما كتب اسم الله تعالى اتبعه بالتعظيم مثل تعالى أو سبحانه أو عز وجل أو تقدس ونحو ذلك.

١٩٥-'وكلما كتب اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب بعده الصلاة عليه والسلام عليه، ويصلي هو عليه بلسانه أيضًا.

١٩٦- لا تختصر الصلاة في الكتاب ولو وقعت في السطر مرارًا كما يفعل بعض المحررين المتخلفين فيكتب: صلع، أو صلم، أو صلعم، وكل ذلك غير ليق بحقه - صلى الله عليه وسلم -

١٩٧- ينبغي أن يجتنب الكتابة الدقيقة في النسخ فإن الخط علامة فأبينه أحسنه

١٩٨- الكتابة بالحبر أولى من المداد لأنه أثبت.

١٩٩- إذا صحح الكتاب بالمقابلة على أصله الصحيح أو على شيخ فينبغي له أن يشكل المشكل ويعجم المستعجم ويضبط الملتبس ويتفقد مواضع التصحيح 

٢٠٠- إذا أراد تخريج شيء في الحاشية ويسمى اللحق بفتح الحاء، علم له في موضعه بخط منعطف قليلاً إلى جهة التخريج وجهة اليمين أولى إن أمكن 

٢٠١- لا يسوده بنقل المسائل والفروع الغريبة ولا يكثر الحواشي كثرة تظلم الكتاب أو يضيع مواضعها على طالبها.

٢٠٢- لا ينبغي الكتابة بين الأسطر وقد فعله بعضهم بين الأسطر المفرقة بالحمرة وغيرها وترك ذلك أولى مطلقًا.

٢٠٣- لا بأس بكتابة الأبواب والتراجم والفصول بالحمرة فإنه أظهر في البيان وفي فواصل الكلام

في آداب سكنى المدارس 

٢٠٤- أن ينتخب لنفسه من المدارس بقدر الإمكان ما كان واقفه أقرب إلى الورع وأبعد عن البدع

٢٠٥- أن يكون المدرس بها ذا رياسة وفضل وديانة وعقل ومهابة

٢٠٦- ينبغي للمدرس الساكن بالمدرسة أن لا يكثر البروز والخروج من غير حاجة؛ فإن كثرة ذلك يسقط حرمته من العيون، ويواظب على الصلاة في الجماعة فيها ليقتدي به أهلها ويتعودوا ذلك.

٢٠٧- أن لا يشتغل فيها بالمعاشرة والصحبة ويرضى من سكنها بالسكة والخطبة بل يقبل 

واللبيب المحصل يجعل المدرسة منزلاً يقضي وطره منه ثم يرتحل عنه فإنْ صَاحَبَ من يعينه على تحصيل مقاصده  فلا بأس بذلك بل هو حسن إذا كان ناصحًا له في الله غير لاعب ولا لاه.

٢٠٨- أن يلزم أهل المدرسة التي يسكنها بإفشاء السلام وإظهار المودة والاحترام

٢٠٩- أن يختار لجواره إن أمكن أصلحهم حالاً وأكثرهم اشتغالاً وأجودهم طبعًا وأصونهم عرضًا

٢١٠- والمساكن العالية أولى بالمشتغل وأجمع لخاطره إذا كان الجيران صالحين 

٢١١- أن لا يسكن المدرسة وسيم الوجه أو صبي ليس له فيها ولي فطن، وأن لا يسكنها نساء في أمكنة تمر الرجال على أبوابها، أو لها كوى تشرف على ساحة المدرسة.

٢١٢ أن لا يتخذ باب المدرسة مجلسًا بل لا يجلس إذا أمكن إلا لحاجة أو في ندرة لقبض أو ضيق صدر

٢١٣- ولا يكثر التمشي في ساحة المدرسة بطالاً من غير حاجة إلى راحة أو رياضة أو انتظار أحد، ويقلل الدخول والخروج ما أمكنه، ويسلم على من بالباب إذا مر به.

٢١٤-أن لا ينظر في بيت أحد في مروره من شقوق الباب ونحوه، ولا يلتفت إليه إذا كان مفتوحًا، وإن سلم سلم وهو مار من غير التفات، ولا يكثر الإشارة إلى الطاقات لاسيما إن كان فيهن نساء.

٢١٥- ولا يرفع صوته جدًا في تكرار أو نداء 

٢١٦- ويتجنب ما يعاب كالأكل ماشيًا وكلام الهزل غالبًا، والبسط بالنعل، وفرط التمطي، والتمايل على الجنب والقفا، والضحك الفاحش بالقهقهة، ولا يصعد إلى سطحها المشرف من غير حاجة أو ضرورة.

٢١٧- أن يتقدم على المدرس في حضور موضع الدرس، ولا يتأخر إلى بعد جلوسه وجلوس الجماعة
 

تم فوائد كتاب تذكرة السامع والمتكلم لابن جماعه بحمد الله تعالى ومنه.

اسأل الله ان ينفع بها 

والحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.


 

جمع : 

رِهَام 
@re_reham



 

تغريدات