اطبع هذه الصفحة


تغريدات الدكتور محمد السعيدي حول منهج التعامل مع الشبهات

الدكتور محمد السعيدي
@mohamadalsaidi1


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم
في هذه الليلة سأبدأ التغريد عن منهج التعامل مع الشبهات وإستكمله في الليلة القادمة إن شاء الله

١-
يدل مصطلح (الشبهات) على مالم يتضح حكمه لغير المجتهدين أحلال هو أم حرام ، أو مالم يترجح فيه عند المجتهد أحد الرأيين ، وحديثي هنا ليس عنه

٢-
أتحدث هنا عن مصطلح الشبهة التي هي نوع من الحُجَج يتوهم غير الفاحص المؤهل أنها دليل وليست دليلاً ،أو يتوهم أنها ناقض لدليل سابق وليست كذلك

٣-
لا يستطيع التمييز بين الشبهة والدليل إلا من اتصف بصفتين:
العلم بالمسألة التي يدور الاحتجاج حولها.
المعرفة بمناهج الاستدلال ومسالك الأدلة.

٤-
غير العالم بموارد الشُبَه ومناهج الاستدلال،له عند سماعها أحوال:
الإعراض عنها وتجاهلها.
نقلها إلى أهل العلم.
الاغترار بها والمحاماة عنها.

٥-
فصاحب الحال الأول ممتثل لقوله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره..) الآية

٦-
وممتثل لقوله تعالى(وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ..)الآية

٧-
ابن سعدي(الخوض في آيات الله: التكلم بما يخالف الحق من تحسين المقالات الباطلة والدعوة لها ومدح أهلها والإعراض عن الحق والقدح فيه وفي أهله)

٨-
وهذه كلمة للشيخ رشيد رضا رحمه الله في بيان سبب النهي عن الإقبال على أهل الشبهات

٩- الإعراض عن الشبهات إنما يفعله أهل اليقين والإيمان والتواضع، والخوف على النفس من الفتن ، لذا كان هذا منهج علية الأمة من الصحابة ومن بعدهم.

١٠-
عن مجاهد قال: قيل لابن عمر: إن نجدة الخارجي يقول كذا وكذا فجعل لا يسمع منه كراهية أن يقع في قلبه منه شيء، أصول اعتقاد أهل السنة ،١/ ١٢٨

١١-
قال رجل للحسن :
يا أبا سعيد إني أريد أن أخاصمك
قال الحسن: إليك عني إني قد عرفت ديني إنما يخاصمك الشاك في دينه
اعتقاد أهل السنة،١/ ١٢٨

١٢-
وهذه كلمة لأحمد بن حنبل إمام أهل السنة والقائم بفرض الكفاية في الذب عنها في زمنه ينهى عن سماع الشبهات

١٣- وقال مالك أهل بلدنا يكرهون الجدال والكلام والبحث والنظر إلا فيما تحته عمل وأما ما سبيله الإيمان به والتسليم فلا يرون فيه جدالا ولا مناظرة

١٤-
ولشيخ الإسلام ابن تيمية تشبيه لطيف ومعبر في هذا الأمر ذكره ابن القيم في مفتاح دار السعادة هذا نصه

١٥- ومن شاء استيفاء الحديث في الحكمة من الإعراض عن سماع الشبهات والمناظرة فيها فليراجع كتاب الشريعة للآجري١/ ٢٠١والإبانة لابن بطة٢/ ٥٤٠

١٦-
وقال الإمام الذهبي: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة، سير أعلام النبلاء ٧/ ٢٦٢

17-
أما الحال الثاني فهم من ينقلون الشبهة إلى أهل العلم ونيتهم معرفة الحق وشفاء الصدور، وهؤلاء أخطأوا في التعرض لها وامتثلوا بسؤال أهل العلم

18-
قال تعالى(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)فسؤال أهل العلم عمَّا أشكل امتثال لأمر الله وبه يحفظ العبد يقينه وتستقر نفسه ويأنس خاطره

19-
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه (وإن أحدكم لن يزال بخير ما اتقى الله، وإذا شك في نفسه شيء سأل رجلًا، فشفاه منه) البخاري، ٢٨٠٣

20- وحين يحمل أحدنا شبهة إلى صاحب علم فإنه لن يستفيد مما يقول إلا إن كان صادقا في طلب الحق( قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب)

21- ومن علامات الصدق في طلب الحق الفرح بظهوره على لسان من سُئل عنه ، والتواضع عند سماعه والانكفاف عن الجدل فيه

22- على طالب الحق إذا حمل شبهة أن يتخير من أهل العلم من هو صاحب اختصاص فيها،لأن غير المختص قد لا يشفيك فتظن أن ضعف الجواب لقوة الشبهة

23- وعلى من سُئل عن شُبهة لا يُتقن جوابها أن يحيل السائل إلى أعلم منه فيها أو يرجئه إلى وقت آخر يكون قد استوفى فيه تحضير الجواب .

٢٣- كثرة المنخدعين بالشبهات والباثين لها لا تعني صحتها فقد مثَْل الله الباطل بالزبد الرابي يعلو السيل والحق بما يغطيه السيل ويمكث في الأرض

٢٤- حُسن سبك الشبهة وقوة عبارتها وادِْعاء تأصيلها لا يعني صدقها عند العالم المختص فالصائغ الماهر وحده هو من لا تخدعه الحُلي إذا أُحكم تزييفها

٢٥- لا يمكن أن يتصدى للنقد الصحيح في علم من العلوم إلا من أحاط به ومتى رأيت من يرسل الشبهات في كل العلوم فاعلم أنما هي جهالات وغرور

٢٦- الناقد المُخلص المتواضع للعلم يُلقي ما طرأ عنده من شبهات في مجالس العلم وعند أهل الاختصاص أما المُغرِض فيحرص على إيصال صوته للعامة

٢٧- نعمة اليقين لا يعدلها شئ ومتى انتشرت الشكوك في أمة كثر فيها الجدل وأورثها الخصومة ونشر فيها البغضاء ولا يسعى في ذلك إلا عدو لها

٢٨- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا هذه الآية {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون}

٢٩- الحديث السابق في سنن الترمذي (٥/ ٢٣٢) وقال عنه هذا حديث حسن صحيح.

٣٠- يستمع البعض إلى صاحب الشبهات يلقيها في العقيدة والفقه والتفسير والأصول والتاريخ فينخدعون به وهْمَاً أنه أحاط بتلك العلوم والحقيقة غير ذلك

٣١- معظم بضاعة أهل الشبهات اليوم أخذوها عن أسلافهم الخوارج والروافض والمعتزلة وسائر أهل البدع واقتصرت مهمتهم على جمع ما تفرق من كلام أسلافهم

٣٢- معظم ما يُثار اليوم من شبهات تستهدف عقيدة السلف وفقه الأمة وتاريخها وعلم أصول الفقه وأصول التفسير ليس فيها شئ جديد

٣٣- الشبهة إذا تعلقت بالقلب وردت عليها إيرادات ولزم منها لوازم واحتاج صاحبها جوابا ثم ترِد إيرادات تحتاج جواباً ثم لا تتوقف السلسلة

٣٤- التسليم لكلام الله ورسوله راحة للفكر واطمئنان للقلب وهو ثمرة الإيمان الصادق بأن ما أمرا به الحق، والعقل أمامهما ممتثل كسائر الجوارح

٣٥- من حكَّم العقل في النص لم يسلم له عقل ولم يستقم له نص لأن العقول لا ضابط لها ولا حد لإملائها وما لا ضابط له ولا حد لا يمكن أن يُركن إليه.

٣٦- يقول قائل: ألا يمكن ابتكار ضابط لتحركات العقل وحدٍ ينتهي إليه؟
والجواب بلى لكن العقول التي لم ترض النص حاكما هل سترضى حكم هذا الابتكار؟

٣٧- يقول تعالى(بلى من أسلم وجهه لله)(فأقم وجهك للدين)وفي الوجه تجتمع حواس المعرفة فيكون اسلام الوجه لله تعبير عن منتهى الانقياد للنصوص

٣٨- الذي يحكم بصحة نص أو ضعفه رجال نذروا حياتهم لدراسة المتون والأسانيد حتى صفوها تصفية الإبريز لا من نذر عمره لجمع الشبهات وتشكيك الأمة

٣٩- قبل أن تستمع لمن يرد الأحاديث من تلقاء عقله عليك أن تقرأ في جهود أذكياء المحدثين وعظمائهم في جمع السنة وتخليصها من الشوائب .

٤٠- للتعرف على ماقام به أفذاذ السلف من جهد للمحافظةعلى السنة أنصح بقراءة : السنة قبل التدوين لمحمد عجاج الخطيب

٤١- وكذلك أنصح ب كتاب دراسات في الحديث النبوي مصطفى الأعظمي ، وكتاب صحائف الصحابة د أحمد الصويان.

٤٢- وضوابط الجرح والتعديل للدكتور عبدالعزيز محمد العبداللطيف رحمه الله
وكتاب الحطة في ذكر الصحاح الستة لصديق حسن خان

٤٣- وكتاب تدوين السنة النبوية للشيخ محمد مطر الزهراني رحمه الله وكتاب دراسات في تاريخ السنة المشرفة أكرم ضياء العمري .

٤٤- أما صحيح البخاري فللتعرف على مكانته لا مزيد على مقدمة الإمام ابن حجر لفتح الباري والمسماه هدي الساري وهي المجلد الأول من كتاب الفتح

٤٥- ولابن حجر كتاب مطبوع في ترجمة الإمام البخاري تحدث فيه عن مكانة الإمام ومكانة كتابه هداية الساري في ترجمة البخاري

٤٦- إذا لم يكن لديك الجَلَد لقراءة هذه الكتب وأمثالها فليس لك أن تستمع إلى شبهات المسممين حول السنة فضلاً عن أن تتعلق بها

٤٧- لا يتجرأ على تعريض يقينه لسماع الشبهات دون بذل الجهد لقراءة ما كتبه أهل العلم في موضوعها إلا من هان عليه دينه ويقينه

٤٨- إعلم قبل أن تسقط في حمأة الشبهات أن الشريعة محفوظة والمحال أن يخفى على الأمة أمر من دينها ثم لا يظهر إلا على يد شواذ من أبنائها

٤٩- واعلم أن الدين تلقاه عن الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة والتابعون فما دام العبد لفهمهم ولامتثالهم ألزم فهو أحرى بالصواب وأبعد عن الخطأ

٥٠- واعلم أن الله أنعم على أمتك بعظماء من إهل العلم والتقوى والذكاء والجلد محال أن يتوارد كلهم أو جلهم على إثبات أمر في الدين يكون الحق خلافه

٥١- واعلم أن أولى أدوات العلم التواضع له ولأهل السابقة فلا تحفر قبرك بادعاء الإتيان بما فات الأولين وكشف ما انستر عن الآخرين.

٥٢- أهل الإيمان والتقوى والاتباع أقرب الناس للهدى ( فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)

تمت والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
 

تغريدات