••|| #كناشة_تويتر ||••
(قبلَ أن يأفُلَ نَجمُه .. ويَخبُوَ ضَوْءُه)
النشر الأول – 1/ 8/ 1435 هـ
30 مايو 2014 م

إعداد/ محمد الفضلي

بسم الله الرحمن الرحيم

 || مـدخــل ..

 "وكتبَ مِن نَفايسِ الكُتبِ شيئاً كثيراً، وكنتُ أعجبُ مِن سُرْعةِ ما يَتحصَّلُ له مِن ذلكَ مع شَغْلَتِه بالتَّدريسِ، فسألتُه بعضَ الأيامِ عَن هذا، فقالَ: إنه لا يَتْرُك النَّسْخَ يوماً واحداً، وإذا عَرَضَ ما يمنعُ فَعَل مِن النَّسْخِ شيئاً يسيراً ولو سَطْراً أو سَطْرينِ، فلزِمْتُ قاعدتَه هذه فرأيتُ في ذلك منفعةً عظيمةً".
|| العلامةُ الشَّوكاني مُتحدِّثاً عن شيخِه علي بن إبراهيم الشَّهيد [البدر الطالع ص 459]

 "إذا سمعْتَ شيئاً فاكتُبْه ولو في الحائطِ"
|| الشَّعبي [رواه أحمد في العلل ومعرفة الرجال 1/ 216]

 || فكرةُ الكُنَّاشَة ..

قال محمد الزَّبيدي (ت1205ه) في تاج العروس: "الكُنَّاشاتُ بالضَّمِّ والشَّدِّ: الأصولُ التي تَتَشعَّبُ منها الفروعُ، نقله الصَّاغاني عن ابن عَبَّاد. قلتُ: ومنه الكُنَّاشةُ لأوراقٍ تُجعل كالدَّفتر يُقيَّدُ فيها الفوائدُ والشَّواردُ للضَّبْطِ، هكذا يستعمله المغاربةُ، واستعمله شيخُنا في حاشيتِه على هذا الكتابِ كثيراً".
وقال الأستاذُ المُحَقِّق عبدُ السَّلام هارون في مقدمة كتابه (كُنَّاشَةُ النَّوادر): "وكثيراً ما يقرأ الإنسانُ شيئاً فيُعْجِبُه، ويظنُّ أنه قد عَلق بذاكرته، فإذا هو في الغدِ قد ضاعَ منه العلمُ، وضاع معه مفتاحُه، فانتهى إلى حيرةٍ في استعادتِه واسترجاعِه!".
وقال مُحمد بن إبراهيم الشَّيْباني في ترجمته للعلامة أحمد تَيْمُور باشا (ص 26): "كان كُلَّما مَرَّتْ به مسألة نادرة، أو حادثة غريبة، أو توضيحٌ لمشكلةٍ اضطربتْ فيها أفكار العلماء، قَيَّد كُلَّ ذلك في كُرَّاساتٍ مع بيان أسماء هذه الكتب المشتملة على هذه النَّوادر، ورقم الصفحة التي احتوتها من هذه الكتب؛ ليسهل الرجوع إليها عند الحاجة، فاجتمع له الشيءُ الكثيرُ من كُلِّ غريبٍ ونفيسٍ".

 || الفرص لا تعود ..

حَدَّثتْ الكاتبةُ التَّرْبويَّةُ (عابدة المؤيد العظم)، حفيدةُ الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- أنَّها كانت في يومٍ من الأيام جالسةً قُربَه في غرفته وكانت نافذة الغرفة مفتوحة، فدخلت ذُبابةٌ مُؤذيةٌ، فوقفتْ على وسادةٍ عندهما، فقال لها جدُّها الشيخ علي: عليكِ بها، اقْتُليها قبل أن تطير. فتقاعَسَتْ حفيدتُه وطارت الذُّبابة، وحينما حَاولتْ الحفيدةُ ملاحقتها لم تستطع أن تقتلَها!
لم يمرَّ  الموقف على المُربِّي الكبير الشيخ الطنطاوي هكذا، بل قال لها بكُلِّ حُبٍّ وعطفٍ وحنانٍ: أيْ بُنيَّة! إنَّ الفرص لا تعود؛ فهي مثل الذُّبَابة إن لم تقتنصيها فسوف تطير دونما رجعة.
وصدق -رحمه الله- !
أسوقُ هذه القصَّة ناقلاً فيها هذه التجربة التربويَّة، تذكيراً وتحفيزاً لأهميَّة اقتناصِ الفُرصِ -كما هو الحال في المشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي-، ومن ثمَّ تدوينها، خشية أن تَفْلُت إسهاماتُنا فيها كسلاً أو عجزاً أو تهاوناً ؛ فإنَّ الفرص والأفكار قَلَّما تعودُ مَرَّة أخرى ولو كانت موقفاً عابراً كما حصل من الشيخ علي الطنطاوي وحفيدته الصغيرة.

 || لماذا هذه الورقات؟

يكاد يتفق المغردون أن #تويتر فتح لهم نافذةً على العالم، وأبرز شخصيات فَذَّة لم تُعرف إلا من طريقه، وأظهر مغمورين مبدعين، وكان حلقة تواصل وبذْرَة تعارف مع شخصيات تَتَّسِق مع بعضها وتشتركُ في همومها ومشاريعها، بل يؤكد بعضهم أن#تويتر كان وسيلةً لتنمية مهاراته وتطوير معارفه وتحصيل بعض المنهجيات وتصحيح بعض السلوكيات، فضلاً عن فَيْض العقول ونتاج الأفكار وإبداعها ..

#تويتر وسيلةٌ تقنيةٌ يَعْتَريها ما يعتري غيرها من العَطَب والحَجْب ونحوهما، ولذا؛ سأذكر بعض النماذج التي حصلت فيه لتصوُّرِ المشكلة -وليأذن لي أصحابها بذلك، فهذه محمدةٌ لهم، وبيانٌ لفضلهم-:
1- الشيخُ البَحَّاثة المفيد إبراهيم السكران كان له حسابٌ نافعٌ، يتابعه الآلاف؛ أُعطِب فذهب بما فيه! ووَدَّعه لآخر.
2- الشاعرُ العَذْبُ سلطان السبهان فقدَ الإيميل وكلمة السر، فلم يستطع إجراء عمليةٍ واحدةٍ لحسابه! وودَّعه لآخر.
3- أحد طلبة العلم المبرَّزين شُهِد له بالتفرُّدِ في فنِّه وعلوِّ كعبه، كان حسابه ثرياً للغاية ويحوي أكثر من 10.000 تغريدة، فأقفله مدة تجاوزتْ الشهر؛ فذهب الحسابُ بما فيه -كما هو نظام #تويتر حال إقفال الحساب-.
4- الشيخُ الأديبُ المفيدُ ماجد البلوشي، هجر #تويتر منذ السنتين، وبقي حسابه مفتوحاً حتى الآن، ويحوي 20.000 تغريدة، ونظام #تويتر لا يسمح لك -أيها المتابع- جَلْب تغريداتِ حسابٍ ليس لك إلا 3300 تغريدة فقط!

لما مضى من الأسباب، ولأن لكل شيء عُمُراً وقَدْراً، ولنا في ما مضى من المنتديات عبرة .. كتبتُ هذه الورقات ..

 || تجربةٌ مُشاهدَة ..

كتاب (ذخائر في سطور) .. جامع تغريدات الشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطَّريفي، جمع وإعداد: صيتة بنت خالد بن أحمد المغلوث.
ذكرت المؤلفةُ في المقدمة أنه جَمْعٌ لما قَيَّدَهُ الشيخُ ونُشِر عنه في مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر-الفيسبوك)، وذكرت أنه لم يَفُتْها شيء منها من مبتدأها حتى تاريخ إصدار الكتاب.

ما النتيجة؟

خرج لنا كتابٌ نفيسٌ يقع في 360 صفحة؛ قَسَّمَتْه المؤلفةُ على 43 باباً، وفهرسَتْهُ فهرسةً حسنةً، فأصبحت لدينا مادة علمية رَصِينة في أبواب متنوعة؛ كان منشأها تغريدات وتأملات وتعليقات، يستفيد منها كل قارئ، فضلاً عن طالب العلم والداعية والخطيب والمربي.

وإيرادي لتلك التجربة ليس دعوةً لإخراج التَّغريدات في كتابٍ؛ إنما أضربُ مثالاً للاستفادة المُثلى من #تويتر.

ولتحقيق الاستفادة من #تويتر، لدينا مسلكان:

 |1| المسلك الأول ..

وهو مَخصُوصٌ بذوي الفضل والإفادة في #تويتر، من المغردين المتميزين، ممن يَبذُلون من أوقاتهم وأفكارهم واطِّلاعهم وقراءاتهم شيئاً كثيراً، فيُقَدِّمُوه للناس في تغريداتٍ.
وسأُلْحِق بآخر هذه الورقات قائمة تحوي خُلاصة من أتابعهم واستفدتُّ منهم، وأرى أنه يَتحتَّمُ عليهم الحفاظ على نتاجهم العلمي والفكري والأدبي في #تويتر، وأناشدُهم شخصياً من خلال هذه الورقات بالمبادرة بسُلوك هذا المسلك، كلٌّ بحسب تَوجُّهِه واهتمامه، وهي نعمةٌ من الله عليهم، واجبٌ بِرُّها وشُكرها.

الطريقة:
أُحِيل على ملف (كيف تستخرج الأرشيف الكامل لتغريداتك في تويتر)
إعداد المبدع الفاضل/ أسامة بن مساعد المحيّا
@osamh
www.osamh.me
رابط الملف pdf:
http://osamh.me/blog/wp-content/uploads/2013/06/tweetsarchive2.pdf
_{ولمن يُشْكل عليه شيءٌ في تلك الطريقة، فالأستاذ/ أسامة المحيّا من الباذلين المتعاونين ..}

|2| المسلك الثاني ..
ويهدفُ إلى تحقيق الاستفادة الشخصية من #تويتر، وهو عامٌّ لكل مشتركٍ فيه.
ولأنني لستُ من ذوي المسلك الأول؛ فقد كانت طريقتي مُقسَّمة على أربع مراحل (الانتخاب، النسخ، التصنيف، النشر):

1- الانتخاب:
حين تعجبني تغريدة، فلدي طريقتان للاحتفاظ بها، -ويكون ذلك فور قراءتها-:
أ- تصويرها عبر الشاشة. ب- نسخها للملاحظات.
مع التأكيد على الحرص على توفر ثلاثة عناصر: اسم المغرد، نص التغريدة، حسابه.
 

لماذا لا أحفظ في المفضلة؟

المفضلة عُرْضةٌ للضَّياع؛ وذلك لأنه ينسخُ بَعضُها بعضاً، فإذا ازدحمتْ خرج من كان داخلها توسعةً للضيوفِ الجُدد، كما أنه لو أُعْطِبَ الحسابُ الذي فُضِّلَتْ منه التغريدة أو حُذِفَ أو تَوقَّفَ؛ فالتغريدةُ تَبَعٌ للحساب، يَجْري عليها ما جَرى عليه.

2- النسخ:
بعد ذلك أخصص يوماً كل أسبوع أو شهر -حسب الظروف- لنسخ ما انتخبتُه في المدة الماضية، وتكون الطريقة بأن أكتب مضمون التغريدات المصورة، أو أرسل ما في الملاحظات إلى الإيميل، ثم أقوم بنقل ما كتبته أو أرسلته في ملفات وورد مصنَّفة -سيأتي ذكرها بإذن الله- في المرحلة التالية.
وهناك طريقة أفضل وأيسر وأضمن، وهي طريقة المُزامنة بين الملاحظات والبريد الالكتروني، بحيث يكون ما تكتبه فوراً في الملاحظات يكون في البريد مباشرة، وليس هذا موضع شرحها.

3- التصنيف:
وضعتُ ملفات الوورد لديَّ على قسمين:
أ- مغردون:
وهي ملفات بأسماء مُغرِّدين بأعيانهم، ممن تُفْرد تغريداتهم وتُجمع في سلك واحد دون النظر لتصنيفها.
أمثلة: (عبد العزيز الطَّريفي، إبراهيم السكران، أحمد سالم، عبد الله الهدلق، بدر الثوعي، نواف الرشيد...).
نموذج (عبد الله الهدلق @AHadlaq):

ب- تغريدات:
وهي ملفات لعناوين محددة، كل ملف توضع فيه التغريدات المرتبطة بموضوعها.
ومما وضعته: (القرآن، السنة، العلم، العقيدة، القراءة، فكر، منهجيات، الوالدان، التربية، الصحة، الإدارة...).
واختيار العناوين وتصنيفها راجع إلى الشخص نفسه.
وتكون ملف الوورد بهذه الطريقة:
نموذج: (العلم)

4- النشر:
بهذه الطريقة ومع تطاول الأيام يكون قد اجتمع لديك مئات التغريدات في أبواب ومواضيع متنوعة، ولمُغَرِّدين ربما يَحزمُوا أمتعتهم ويغادروا #تويتر بغتةً، فتذهب معهم تغريداتُهم، ولديَّ تغريدات احتفظت بها في وقتها ولا وجود لحساباتها الآن!
ثم بعد ذلك قُم بالاختيار من التغريدات المنتخبة ما يُناسب وقتها كالأحداث والمواسم والمناسبات والمظاهر الثقافية ونحوها، وانشرها عبر كل وسيلة متاحة في الأجهزة الذكية، فذلك أثبت للمعلومة في الذِّهن، وأنفع للآخرين.

هذه المرحلة من عُمرك والتي قضيتَها في رُبوع هذه الشَّبكات هي لك أو عليك، فانظر أين تضع نفسك.

--------------

مع تطاول الأيام ستجتمع لك مادة وافرةٌ ومتنوعة، ربما لن تجدها في أي كتابٍ أو مقالةٍ حتى لصاحب التغريدة نفسه؛ و"اختيارُ المرء قطعةٌ مِن عقله".. رُبَّما يصحُّ أن يُطلَق على ما اجتمع لديك (#كناشة_تويتر)، فإما أن تنشرها في حساباتك أو مُدوَّنتك أو موقعك الشخصي أو تحتفظ بها لديك .. المهم أن لا تضيع عليك، فـالفرص لا تعود.

ثم ثق تماماً أن هذه التغريدات رُبَّما تكون نواة أفكار ومشاريع، سواء لكَ أو للآخرين، والمرءُ لا يدري أين يكونُ النَّفْعُ!
تذكَّر .. أن الفرص لا تعود ..

 || وقفات أخيرة ..
 

1- النصُّ على #تويتر هنا من باب التَّغليب، وإلا هذا جارٍ على كل ما في الشبكة العالمية (Internet)، وأخصُّ منه برامج التواصل الاجتماعي (تويتر-الآسك-تويت ميل-الفيسبوك-الانستغرام) ونحوها.. و«الحكمةُ ضالَّةُ المؤمن، فحيثُ وجدَها فهو أحقُّ بها».
2- احرص على (عملية تنظيف) لحسابك كل أسبوع أو شهر، تَحذفُ فيه الردود والتعليقات العابرة وما كتبتَه لمناسبةٍ ذَهبتْ؛ لا تُبْقِ فيه إلا ما يَتجدَّدُ الانتفاع به، فهذا أيسر للاطلاع والانتخاب والمراجعة.
3- «لا تَحقرنَّ مِن المعروف شيئاً»، ولستُ مع من يقول إن #تويتر وما يطرح فيه (أفكار عابرة) و(صلاحيتها مؤقتة).. أعرفُ من صاغَ أكثر من موضوعٍ وخُطبةٍ جُمعة من تغريدات بعض أهل العلم والفضل، ومن رجع إلى كتاب (ذخائر في سطور) -المذكور آنفاً- بانَ له مُرادي.
4- آمل -إن وجدتَ نفعاً في هذه الورقات- التكرُّم بنشرها وإيصالها لمن تحب، ولخَاصَّة مَن تُتابعهم في #تويتر، وتطمع بأن تكون لديك نسخة من تغريداتهم كلها .. الخيارُ لك :).
أختم بهذين الجدولين التاليين، وقد وضَّحْتُ محتوى الأول فوقه، أما الثاني فهو يُبيِّن لكَ الكَمَّ الهائلَ من التغريدات التي تحويها حسابات أولئك المغردون الأفذاذ، والتي يُخشى من فقدانها بغتةً وبلا رجعة .. ولغة الأرقام خيرُ ناطقٍ.
 

 || حسابات ..

أدعوا أصحابها لسلوك المسلك الأول، وأدعوا من يعرفهم إبلاغهم بذلك، وهم خُلاصة من انتفعتُ بهم شخصياً، وأُزكِّي متابعتهم -والله حَسيبُهم-.

 || لغة الأرقام ..

بيانٌ بعدد تغريدات الحسابات آنفة الذكر حتى تاريخ كتابة هذه الورقات (جَبرتُ منها الخانات الثلاث يميناً وجعلتها أصفاراً)