اطبع هذه الصفحة


بين الجرذ و الحوت

شعر : حامد بن خلف العُمري
abusufean@hotmail.com


ذكرَ الماضون يوماً سار في البحر سفينـةْ
و غدت تمخُرُهُ جريـاً إلى الأرضِ الحزينةْ
حملت بُراً وتـمراً مُلئت منه الخزيـــنةْ
كي تُغيث الناسَ حيث الجوع في كلِ مدينةْ
و ترى الرُبَّانَ عند المــوجِ تعلوهُ السكينةْ
لا يهابُ البحرَ قد أفنـى به جُلَّ سنيــنهْ
ولهُ قد أنشد الركــابُ لحناً يعشــقونهْ
نــحنُ في أيدِ أمينة نـحنُ في أيدٍ أمينةْ
***
عن سفينِ الخيرِ و الإحسانِ كم يحلو الكلامْ
فعليها ساد بين الركـبِ حـبٌ ووئـامْ
جمعتـهم غايةٌ كبرى و أَهـدافٌ عِـظامْ
حبُّ بذلِ الخيرِ للملهوفِ من كلِ الأنـامْ
ليس يؤذي عيـشَهُم إلا ينابيعُ السِـمامْ
سكنوا في القاعِ قصـداً في دياجيرِ الظلامْ
يقرضون الحبل سراً و يعيثوا في الطعـامْ
لا يُراعون جِواراً أَو عهوداً أو ذِمـــامْ

***
ذاتَ يومٍ طافَ حوتُ البحرِ ذو النابِ الطريرْ
فرأى المرْكَبَ يـجـري وبهِ صـيدٌ وفـيرْ
فدنا كي يــسبرَ الأغـــوارَ فالأمرُ مُثيرْ
فرأى الجرذَ صباحاً يسْـرِقُ الجبنَ الكثــيرْ
قال مهلاً يا صديقَ العمرِ ذا الشأنِ الخطـيرْ
كم تُـقاسي من عذابٍ أَيها الحـرُّ الصـبورْ
ليس عدلاً أن تُرى اليـوم ذليلاً و حقــيرْ
إنـما الإنـصافُ أنْ تحـيا بـعزٍ كالأمـيرْ
***
أَنصتَ الجرذُ إلى الحوتِ ببِشْرٍ و انشراحْ
و سرى في القلبِ حبٌ وسرورٌ و ارتياحْ
قال مهلاً يا صديقَ العمرِ أَلهبتَ الجراحْ
هل عساك اليوم تهديني سبيلاً للفـلاحْ؟
فأَجاب الحوتُ قد بانتْ أَماراتُ النجاحْ
و أَرى في الأُفْقِ يا صاحِ تباشيرَ الصباحْ
فاسمعِ اليومَ حديثاً يشبه الماءَ الــقَراحْ
لا يُنالُ العزُّ إلاّ تحت راياتِ الكــفاحْ
***
أَطرقَ الجرذُ إلى الأرضِ ومنه الفكرُ حارْ
وسؤالٌ يشغلُ الذهنَ حقيقٌ أَن يُثــارْ
ما هو المطلوب منَّا الآن يا شيخَ البحـارْ
كي يذوق الجرذُ بعد الذلِّ طعمَ الانتصارْ
ضحك الحوتُ و قال الأمرُ سهلٌ، فالبدارْ
فإذا ما الليـلُ أرخى بدَياجِيه الســتارْ
و من الآفاقِ قد زالت علاماتُ الـنهارْ
فازعموا أن حريقاً شبَّ في ذاتِ الدِّسارْ
و اثقبوا الألواحَ كيما تطفئُ الأمـواجُ نارْ
عندها سوف يرى الأعداءُ آثارَ الدمـارْ
و إلى البحرِ سيمضونَ صغاراً و الكبـارْ
و بهِ سوف يكونُ الثأرُ للحوتِ شعــارْ
بعدها يا سيدَ الجرذانِ تَجنون الثــمارْ
و سنشدو حينها لحنَ نشيدِ الانــتصارْ
***
فرحَ الجرذُ و دمعٌ فاض من بين المُقـلْ
و خيالُ النصرِ قد أَذكى به روحَ البطلْ
أيها الحوتُ سلاماً عشت يا رمزَ الأملْ
ومضى للصحبِ يحدوهم إلى تركِ الكسلْ
و استخف القومَ فانحازوا جميعاً للعمـلْ
يثقبون اللوحَ من غيرِ توانٍ أو ملــلْ
ليس فيهِم واحدٌ يوماً لأمرٍ قد عقــلْ
جمعوا لؤماً و حقداً وغباءً و خطــلْ
فنسُوا أن يحسنوا التفكيرَ في الأمرِ الجللْ
***

 

واحة الأدب

  • هذه أمتي
  • قصائد وعظية
  • منوعـات
  • أدبيات
  • قصائد نسائية
  • مسرى النبي
  • حسين العفنان
  • عبدالرحمن الأهدل
  • صالح العمري
  • عبدالرحمن العشماوي
  • عبدالناصر رسلان
  • عبدالمعطي الدالاتي
  • موسى الزهراني
  • د.عبدالله الأهدل
  • د.أسامة الأحمد
  • الصفحة الرئيسية