اطبع هذه الصفحة


رسالة من القلب إلى أولادي

عبد القادر اللبّان

 
رسالة أرسلتها مع زوجتي حين زيارتها لبناتي في بيروت، حمّلتها شوقي لهنّ ووصيّتي بالاعتناء بأمّهنّ ورعايتها.

رسالة من القلب إلى أولادي

أرسل لكم شَوقي مَخطوطاً عَلى الورقِ --- أشكو بهِ ما أعاني مِن شِدة القَلق
فيا مُنْيَةَ النفسِ إذا الأنفاسُ ما عَبقت --- بأريجِ زَهـرٍ أو مِن نَفحة الحَبَـق

ويا مقلة العَيـن التي أُبْصِر بهـا --- ويا رمشَ عيـنٍ أحاطَ بالحَـدق
ويا غِنى النفس أغنانا ربّ العالمين بها --- ويا أمهم رُبّـان نجّانا من الغَـرق

أنتم إليَّ كَمصباحٍ أنـارَ في غَسَـقٍ --- أو كَسَوَادِ عَيْـنٍ أَو حُمْرَةَ البَـرَق
أرنو إليكم ودمعي بَات يغرقنـي  --- لفراقكم والصَوت منّي جَشَّ في الحَلق

فَكَم وَكَم منَ الأقطار تَفصِل بيننا --- وأعـوامٌ مَضت والعُمر في سَبَـق

رَبِّ، فهل تجمع الشتيتين بَعد غُربتهم --- في مغرب الأرض منها أَوْ كنا في شَرْق
ماذا أقول والأحباب عنّي قد بعدت  --- قَسْرًا، أو بشتى الأسباب والطـرق

نهاري ، كباقي الناس كُنْتُ أُشغله  --- لكنَّ ليلي كان "هو" الذي يُشغلني بالقلـق
أقضيه سُهـداً، نجومَ الليل أَرْصُدُهَا --- والزاهراتِ، وأرقب البدر حين يتسق

وكم من ليلٍ قضى والشوق يعصرني --- فأبتهل لإلهـي في ظلمة الغَسـق
ربَّـاه أُناشدك صَبْرًا لما أكابـده --- فالصبر أضناني والقلب في حَـرَق

صَبْري اشتكى للصْبْرِ ما أُحمّلـه --- من لوعـةِ الشوق,لَمْ يَعُـد يَطِـق
ادعوُا معـي إلى الرحمان ليجمعنا --- من بعد طـولِ تشتتٍ وتفـرق

أبعث لكم بهديةٍ,بالهدى الله صاغها  --- كريمةٌ , تنتمي لِشهابٍ عاليَ الأفُـق
أمٌّ رؤومٌ, رحوومٌ, عمَّت فضائلها --- بالنصح تنطق, وبالإحسان في شَفـَق

بحر الحَنان إذا الأطفال ما ظمِئت  --- تروي المحبة من فَيضٍ وفي غـدق
فهـي رفيقةٌ لي في كل الخطـى --- ومنارة دربي لكل تَجَمّلٍ وَتَأَلُـق

هي,معصمي وأصابعي في راحتي --- وجميلهـا مني كالطـوق في العُنـُق
فهي سفيرتي للشوق بيني وبينكم  --- وهي لكم محبتي وتطلعي وتـحدق

(أوصيكم,كما أوصانا ربّ العالمين بها --- بالرفقِ في الحالِ وحُسْنِ القَوْلِ والخُلُقِ)

عبد القادر اللبَّان(لندن) 22-02-1990



 

عبدالقادر اللبّان
  • إسلاميّات
  • حكمة
  • وجدانيّات
  • وطنيّات
  • مقالات
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية