صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







1399هـ ( حوار قصير )

حسين بن رشود العفنان
@huseenafnan

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

::::
(جدار العيادة تزينه شهادة في إطار ذهبي ، وعدد من الصور للدماغ وأجزائه الداخلية ، وكَوْمة أدوية فوق مكتب خشبي عريض ، ويجلس خلفه طبيب أبيض الوجه ، أبيض اللحية ، من خلف نظارته تظهر خبرته وطول تجربته ، ويجلس أمامه أحد المرضى الدائمين ، والأضواء خافتة ومريحة... )
:::
ـ الطبيب ( رافعا ورقة بيضاء ) : يظهر لي في السجل أنك من مواليد 1399 هـ ، صحيح ؟
ـ المريض ( صارخا في وجه الطبيب ) : هذا كذب.. كذب.. كذب ، ظلمني أبي ! ظلمني أبي !
ـ الطبيب ( يمتصُّ الموقف ) : أمر مؤلم ، لكن متى ولدت ؟
ـ المريض ( بجدٍّ وفخر ) : عام 1400هـ ( يخفض رأسه ) لقد كانت عيونهم تَقْتَحِمني !
ـ الطبيب : يَقُضُّون راحتك بتعليقاتهم ؟!
ـ المريض ( بعظمة ) : ضربتُ وجوههم ببطاقتي الجديدة وقطعتُ دابرهم ودابر ضحكهم !
ـ الطبيب : الحمد لله إذن ، لسنا بحاجة إلى هذه الورقة القديمة !
( يمزقها )
ـ المريض ( بفقر وصوت مُرتعش ) : أتعبتُ جَدّتي ، لقد سَكَبَتْ ماء وجهها تتشفّع لي ، وأوقفتها عند عتبات كثيرة ، ورجال كثيرين ، حتى يصدقوا قَسَمَها ويصححوا ميلادي !
ـ الطبيب : لا بأس ، أنت أصلحت خطأ ورفعت ظلما ، لنفكر في العلاج الآن !
ـ المريض : لكني حين عدتُ من الأحوال وقعتُ في دوامة حزن !
ـ الطبيب : ( يكتب الوصفة..)
ـ المريض : وشعرتُ أن لذة الانتصار تبخّرت في سرعة برق !
ـ الطبيب ( مبتسما ) : هذا أمر طبيعي ، المهم أن تُكَفِّنَ حزنك ، وألا تندفع وتضرَّ غيرك !
ـ المريض : (مرتبكا... )
ـ الطبيب ( ينظر في عينيه ) : عقلك يعطيك إشارات سريعة ، يجب ألا تثق به ، خاصة في هذه الأيام وأنت تحت أَثَرِ العلاج!
ـ المريض ( باستسلام ) : لكني وضعت إحباطاتي كلَّها في وجه زوجتي !
ـ الطبيب ( في ضيق يحاول كِتْمانه ) : زوجتك امرأة واعية وستغفر زلتك.
ـ المريض : عَيرتُها بعمرها وطعنتُ نسبها وشتمتُ والداها !
ـ الطبيب : هي أكبر منك ؟
المريض : ها ؟ لا !
الطبيب : مارسِ التركيز في كلِّ أحيانك ، قبل كلّ خطوة اسأل تريّث ، الجأ إلى الله !
ـ المريض : (يشرب ماء دون رغبة)
ـ الطبيب: هَيّن هَيّن في كل البيوت يحدث ما حدث !
ـ المريض : لكني ضربتُ أخاها الأكبر حين جاء ليأخذها !
ـ الطبيب : هل تجاوز الأدب ؟!
ـ المريض : لا أدري انفجر غضبي حين تذكرت شهادته العالية وأن أمره في ثبات منذ عرفته!
ـ الطبيب (بتركيز) : في ثبات ؟
ـ المريض : نعم فهو لم يتقلب مثلي ويتشتت ويتشظّى !
ـ الطبيب : وقد أثار غضبك ؟
ـ المريض ( بانفجار ) : ليتني قتلته !! لقد تذكرت مزحته الثقيلة التي أهانني بها أمام جَمْع كبير ، حين قال : أنت قصير مثل خالك!
ـ الطبيب : لكنه خال أولادك وصديق عمرك !
ـ المريض : لم يعد لي أولاد ولا زوجة ولا أصدقاء !
ـ الطبيب : هذه علاقات عظيمة ، يجب ألا نفرّط بها في غَضْبة واحدة !
ـ المريض : إنهم لا يستحقون رجلا لطيفا مثلي !
ـ الطبيب : ( يكتب الوصفة..)
ـ ستارة تغلق المشهد ـ

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حسين العفنان
  • عَرف قصصي
  • عَرف نثري
  • عَرف نقدي
  • عَرف مختار
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية