الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
أحبتي في الله كنت قد كتبت عدد من المقالات في وقت مضى أوردت فيها بعض
الأحكام المتعلقة بالحج والعمرة ، واليوم ومع اقتراب موعد شعيرة عظيمة ، ألا
وهي حج بيت الله الحرام .. يسعدني أن أقدم للقراء الكرام الباب الخامس من
الجزء الثاني من كتاب : معرفة أوقات العبادات للشيخ خالد المشيقح ، لتعم
الفائدة في معرفة ما يهمهم من أوقات متعلقة بهذه العبادة العظيمة .. وكان
منهجي في هذا المختصر هو :-
-
تابعت المؤلف في الخطة التي سار عليها في بحثه كما هي دون تغيير ، لكن مع حذف
الأقوال و الآراء المختلفة في المذاهب ، و اكتفيت بذكر الراجح منها مع الدليل
، و أيضاً تعليق المؤلف و إجابته عليها إن كان ثمّة تعليق أو إجابة .
-
اخترت من الهوامش و التعليقات التي في الأصل ما يخدم هذا المختصر و جعلته ضمن
الكلام و التعليق ، و قد اخترت هذه الفكرة من أجل تقريب الكتاب إلى القارئ
حتى يستمتع به دون صارف يصرفه أو قاطع يقطعه .
-
عند الحديث عن المسائل المترجحة لدى المؤلف ، أذكر في الهامش مكان وجودها في
الأصل ، جزءاً و صفحة بصيغة - انظر : الأصل - و عن الجزء و الصفحة فهي مثل :
(1/224) أو (2/121) و هكذا . فالمثال الأول يعني : رقم الجزء و هو الأول ، مع
رقم الصفحة . و المثال الثاني يعني : رقم الجزء و هو الثاني ، مع رقم الصفحة
.
-
لم أذكر في الحاشية تخريج الأحاديث المستدل بها في المسألة المترجحة ، ذلك
لأني اكتفيت بالأحاديث الصحيحة المستدل بها في المسألة ، لكن اكتفيت بالإحالة
إلى مواضعها في الكتاب الأصل ، و هذا كما ذكرت تفادياً من إثقال الحاشية ،
كأن أقول مثلاً أنظر : الأصل (1/224) أو (2/121) .
-
و أما عن الأحاديث الضعيفة المستدل بها في المسألة المترجحة ، فقد قمت
بحذفها، لأنه لا داعي لذكرها ، تمشياً مع الاختصار .
-
و أيضاً قمت بحذف الاستدلالات التي تم مناقشتها ، و لم يتم الرد على هذا
النقاش ، لأنه لا داعي لذكرها ضمن الأدلة المترجحة ، وقد تم مناقشتها و رد
الاستدلال بها ، و ذلك للاختصار .
-
قمت بتصحيح الأخطاء المطبعية التي وقعت أثناء طباعة الكتاب ، و هي كثيرة بشكل
واضح و ملفت ، و لا تخفى على القارئ العادي .
-
أشرت إلى مواضع الآيات الواردة في هذا المختصر ، و ذلك ببيان اسم السورة و
رقم الآية .
والآن إلى الموضوع ..
أوقات الحج والعمرة .
الحج لغة : بفتح الحاء ، و كسرها
لغتان ، و هو القصد ، و قيل هو الزيارة ، و قيل : إطالة الاختلاف إلى الشيء ،
و قيل : هو العود إلى الشيء مرة بعد مرة .
و اصطلاحاً : التعبد لله بقصد مكة لإقامة المناسك في وقت مخصوص .
العمرة لغة : الزيارة واصطلاحاً : التعبد لله بزيارة البيت على وجه مخصوص .
الأصل ( 2 /237 ) .
الفصل الأول : أوقات الحج . و فيه
مباحث :-
المبحث الأول : وقت وجوب الأداء .
لا خلاف بين العلماء رحمهم الله أن
المستحب للمسلم أن يبادر بالحج فور وجوبه ، إذ هو أسرع في إبراء الذمة ، و
أحوط للعبادة ، و لكن اختلفوا في وجوب الفورية .
والراجح والله أعلم أنه عند خشية العطب ، و لأنه أحوط و أبرأ للذمة ، و لأنه
سبق أن الراجح اقتضاء الأمر ترد وجوب الفورية . و الدليل على ذلك :-
1-
قوله تعالى{و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}[آل عمران/98] .
وجه الدلالة : أن الله سبحانه و تعالى أوجب حج البيت على من استطاع السبيل
إليه ، و أداء الواجب يجب على الفور كما سبق بيانه .
2-
حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : من أراد الحج فليتعجل .
و نوقش : بأنه دليل على عدم وجوب الفورية ، لأنه صلى الله عليه وسلم فوض فعله
إلى إرادته ، ولو كان على الفور لم يفوض تعجيله إلى اختياره .
و أجيب : بأن التعليق هنا على الإرادة ليس للتخيير بين الفعل والترك ؛
لانعقاد الإجماع على خلافه ، بل كقولك : من أراد الصلاة فليتوضأ ، و تعليق
التعجيل بالإرادة هنا لا يمنع الوجوب ؛ لأن إرادة الواجب واجبة ، بل ليبين
أنه في الحين الذي يعزم عليه ينبغي أن لا يتأخر فعله عن حين إرادته ، فإن هذه
الإرادة هي التي يخرج بها من السهو ، والغفلة .
3-
قوله صلى الله عليه وسلم : من كسر أو عرج فقد حل ، و عليه الحج من قابل . وجه
الدلالة : دل هذا الحديث على وجوب الأداء في أول سنيّ الإمكان لقوله : من
قابل ، و لو كانت الفورية غير واجبة لقال : و عليه الحج ، و لم يقل من قابل .
4-
ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من لم يحبسه مرض أو حاجة ظاهرة ،
أو سلطان جائر ولم يحج ، فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً .
و نوقش هذا الاستدلال بهذا الحديث من
وجهين :-
الوجه الأول : أنه ضعيف لا يصلح
للاحتجاج .
و أجيب : بأن له طرقاً يقوي بعضها بعضاً ، تصل بمجموعها إلى درجة الحسن لغيره
.
الوجه الثاني : أنه محمول على تركه مستحلاً ، بدليل قوله : فليمت إن شاء
يهودياً أو نصرانياً .
و أجيب : بأن من تركه مستحلاً كافر بالإجماع ، فلا يؤمر بالتعجيل إلى الحج ،
بل هو محمول على المبالغة على وجوب الإسراع بالأداء .
5-
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيها الناس
إن الله فرض عليكم الحج فحجوا . و الأمر يقتضي وجوب الفورية .
6-
حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ،
قال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا ، قال : حج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على وجوب الحج في أول سنيّ الإمكان ؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم أمره أن يحج عن نفسه أولاً ، و لو كان على التراخي لما
أمره بذلك .
7-
ما ورد أن عمر رضي الله عنه قال : من كان ذا ميسرة و لم يحج فليمت إن شاء
يهودياً ، و إن شاء نصرانياً .
8-
أن تأخيره إلى العام الثاني تفويت له ؛ لأن الحج ليس كغيره من العبادات يفعل
كل وقت ، و إنما يختص بيوم من السنة ، فإذا أخره عن ذلك اليوم جاز أن يدركه
العام الثاني ، و جاز أن لا يدركه .
9-
أن الحج تمام الإسلام ، إذ هو خامس أركان الإسلام ، وشرائع الإسلام تنزل
شيئاً فشيئاً ، فصار الحج كمال الدين وتمام النعمة ، فإذا لم يحج لم يكمل
دينه ، ولا يجوز للمسلم أن يترك دينه ناقصاً. الأصل ( 2/ 239 - 255 ) .
المبحث الثاني : أشهر الحج .
الراجح والله أعلم أن اشهر الحج شوال
، و ذو القعدة ، و ذو الحجة ، لأنه ظاهر القرآن الكريم .
و الدليل على ذلك :-
1-
قوله تعالى{الحج أشهر معلومات}[البقرة/197] . وجه الدلالة : دلت هذه الآية
على أن أشهر الحج شوال و ذو القعدة و ذو الحجة ؛ لأن الأشهر جمع ، وأقل الجمع
ثلاثة .
و نوقش هذا الاستدلال من وجهين :-
الوجه الأول : أن العرب تعبر عن
الاثنين و بعض الثالث بلفظ الجمع ، كقوله تعالى{يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء ،
- قيل الحيض ، و قيل الطهر ، و الأصل في القرء الوقت المعلوم -}[البقرة/228]
، و المراد بالقروء هنا الأطهار ، و لو طلقها في بقية طهر حسبت تلك البقية
قرئاً ، فأطلق الأقراء على قرئين و بعض القرء .
و أجيب بجوابين :-
الجواب الأول : أنه مسلم أن العرب
تعبر عن الاثنين وبعض الثالث بلفظ الجمع ، لكن لا يصح أن يراد هنا بالأشهر
اثنين و بعض الثالث ؛ لأنه خلاف ظاهر الآية بلا دليل .
الوجه الثاني : أن العرب تطلق الاثنين ، و بعض الثالث على الجمع في التواريخ
، تقول : كتب لثلاث ، و هو في بعض الليلة الثالثة . و نوقش هذا الوجه :
بالجواب الأول من المناقشة الواردة على الوجه الأول .
2-
ما ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :{الحج أشهر معلومات} ، شوال ، و
ذو القعدة ، و ذو الحجة .
3-
ما ورد أن ابن عمر قال :{الحج أشهر معلومات} شوال و ذو القعدة و ذو الحجة .
4-
ما ورد أن ابن عباس قال :{الحج أشهر معلومات} شوال و ذو القعدة و ذو الحجة .
5-
أن بعض مناسك الحج كالرمي والمبيت بمنى يمتد وقتها إلى ما بعد العاشر من ذي
الحجة ، فدل على أن أشهر الحج لا تنتهي بغروب شمس العاشر من ذي الحجة ، بل
تمتد إلى آخر ذي الحجة ؛ لأن طواف الإفاضة يفعل في جميع ذي الحجة . الأصل (
2/ 256 – 266 ) .
المبحث الثالث : وقت الإحرام . و فيه
مطلبان :-
المطلب الأول : وقت الجواز . و فيه
مسائل :-
المسألة الأولى : أول الوقت .
الراجح و الله أعلم أنه من أول شوال .
و الدليل على ذلك :-
1-
ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : من السنة أن لا يحرم بالحج إلاّ
في أشهر الحج . وجه الدلالة: دل هذا الحديث على أنه لا ينعقد الحج إلاّ في
أشهره ، لأن الصحابي إذا أطلق السنة انصرف ذلك إلى سنة النبي صلى الله عليه
وسلم ، و مخالفة سنته صلى الله عليه وسلم لا يجوز .
2-
أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم في أشهر الحج ، و قال : لتأخذوا عني
مناسككم . و فعله صلى الله عليه وسلم إذا خرج بياناً لأمر كان بمنزلته ، و
الأمر للوجوب .
3-
حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من عمل عملاً ليس عليه أمرنا
فهو رد . و الإحرام بالحج قبل أشهر ليس عليه عمل رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فهو رد .
4-
ما ورد أن جابر بن عبد الله سئل عن الرجل أيهل بالحج قبل أشهر الحج ؟ قال :
لا .
المسألة الثانية : آخر وقت الإحرام .
الراجح و الله أعلم أنه طلوع الفجر من
يوم النحر ، إذ بطلوع فجر يوم عرفة ، خرج وقت الإحرام بالحج .
المسألة الثالثة : حكم الإحرام بالحج
قبل أشهره .
الراجح و الله أعلم أنه ينعقد عمرة
مجزئة . و الدليل على ذلك :-
1-
أنه إذا لم ينعقد حجاً ولا سبيل إلى بطلان الإحرام انعقد عمرة ، كمن أحرم
بالفرض قبل وقته ، فإنه ينعقد نفلاً .
2-
أن العمرة هي الحج الأصغر ، فإذا لم ينعقد الحج الأكبر لكونه قبل وقته ،
انعقد الحج الأصغر لكونه وقتاً له ، و قد قال صلى الله عليه وسلم : دخلت
العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، و شبك بين أصابعه .
المطلب الثاني : وقت الاستحباب . و
فيه مسالتان :-
المسألة الأولى : وقت الاستحباب
للمقيمين بمكة من المتمتعين . و فيها أمران :-
الأمر الأول : وقت الاستحباب لواجد
الهدي .
الراجح والله أعلم أنه يوم التروية
قبل الزوال .
أولاً : الدليل على أن المستحب الإحرام يوم التروية :-
1-
ما رواه جابر قال : أهللنا بالحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما
قدمنا مكة أمرنا أن نحل و نجعلها عمرة ، فكبر ذلك علينا و ضاقت صدورنا … و
فيه : حتى إذا كان يوم التروية و جعلنا مكة في ظهرنا أهللنا بالحج .
2-
حديث جابر قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أحللنا أن نحرم إذا
توجهنا إلى منى ، فأهللنا من الأبطح .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على أن وقت الاستحباب للإحرام هو يوم التروية ؛
لأمره صلى الله عليه وسلم لهم بالإحرام عند الخروج إلى منى يوم التروية .
3-
ما رواه عبيد بن جريح قال : قلت لابن عمر : رايتك إذا كنت بمكة أهلّ الناس
إذا رأوا الهلال ، ولم تهل أنت حتى يوم التروية ؟ فقال : لم أر النبي صلى
الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على أن وقت الاستحباب للإحرام هو يوم التروية ،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم عند الشروع في أفعال الحج و الذهاب إليه
يوم التروية ، فأخر ابن عمر الإحرام إلى حالة الشروع في الحج ، و توجهه إليه
.
ثانياً : الدليل على الإحرام قبل الزوال يوم التروية :-
أن المشروع هو تأدية صلاة الظهر يوم التروية بمنى ، و إذا كان كذلك ، فسيكون
خروج الحجاج إلى منى قبل الزوال ، و من المعلوم أن خروجهم بعد الإحرام .
الأمر الثاني : وقت الاستحباب لعادم
الهدي .
الراجح و الله أعلم أن عادم الهدي
كواجد الهدي ، وأن وقت الإحرام المشروع هو يوم التروية ؛ لعمومات الأدلة
السابقة .
المسألة الثانية : وقت الإحرام لأهل
مكة .
الراجح و الله أعلم أنه يوم التروية ؛
لعمومات الأدلة في مشروعية الإحرام يوم التروية للمكي و غيره .
و الدليل على ذلك : ما تقدم ذكره من الأدلة على أن وقت الإحرام المستحب هو
يوم التروية ، و هذا عام للمكي و غيره . الأصل ( 2/ 267 – 288 ) .
المبحث الرابع : وقت التلبية . و فيه
مطالب :-
المطلب الأول : وقت الجواز .
لا خلاف بين الفقهاء في أن وقت جواز
التلبية من حين الإحرام . و دليله : أنه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم
التلبية عقب الإحرام ، و وقت الركوب على الراحلة و حين أشرف على البيداء -
المفازة التي لا شيء بها ، و هي هنا اسم موضع مخصوص بين مكة والمدينة - .
المطلب الثاني : وقت الأفضلية . و فيه
مسألتين :-
المسألة الأولى : أول الوقت .
الراجح والله أعلم أنه من بعد الإحرام
مطلقاً . و الدليل على ذلك :-
1-
ما رواه سعيد بن جبير قال : قلت لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما : يا أبا
العباس عجباً لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلال رسول الله
صلى الله عليه وسلم حين أوجب ، فقال : إني لأعلم الناس بذلك إنها إنما كانت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة ، فمن هنالك اختلفوا ، خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم حاجاً ، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتين أوجب
في مجلسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه ، فسمع منع أقوام ذلك فحفظوا عنه ،
ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل و أدرك ذلك أقوام ، و ذلك أن الناس إنما
كانوا يأتون أرسالاً ، فسمعوا حين استقلت به ناقته يهل ، فقالوا : إنما أهل
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استقلت به ناقته ، ثم مضى رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فلما علا على شرف البيداء أهلّ ، و أدرك ذلك من أقوام
فقالوا : إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين علا على شرف البيداء ،
و أيم الله لقد أوجب في مصلاه ، و حين استقلت به ناقته ، و أهل حين علا على
شرف البيداء ، فمن أخذ بقول عبد الله بن عباس أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه
.
2-
ما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم : أهل في دبر الصلاة .
3-
ما رواه عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو بوادي العقيق يقول
: أتاني الليلة آت من ربي عز وجل ، فقال : صل في هذا الوادي المبارك ، وقل :
عمرة في حجة ، و في لفظ عمرة و حجة .
4-
ما رواه ابن عباس أنه قال : أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد ذي
الحليفة و أنا معه ، و ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند باب المسجد ،
وابن عمر معها ، ثم خرج فركب فأهل ، فظن ابن عمر أنه أهل في ذلك الوقت .
5-
ما رواه أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالبيداء ، ثم ركب و
صعد جبل البيداء ، و أهل بالحج و العمرة حين صلى الظهر .
6-
أن كل صلاة مشروعة لسبب بعدها ، فإنه يستحب أن يوصل بها ، كصلاة الاستخارة و
الحاجة
و الاستسقاء .
المسألة الثانية : آخر الوقت . و فيها
أمران :-
الأمر الأول : أن يبدأ بالرمي بعد
دفعه من مزدلفة .
الراجح والله أعلم أنه عند رمي أول
حصاة من جمرة العقبة . و الدليل على ذلك :-
1-
ما رواه ابن عباس أن أسامة بن زيد كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة
إلى مزدلفة ، ثم أردف الفضل من مزدلفة إلى منى قال : فكلاهما قالا : لم يزل
النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على أن آخر وقت التلبية هو الشروع برمي جمرة
العقبة مع أول حصاة لقوله : حتى رمى جمرة العقبة ، أي شرع في رميها ؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر مع كل حصاة فظرف الرمي لا يستغرق غير
التكبير مع الحصاة لتتابع رمي الحصيات .
2-
ما رواه الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى بلغ
الجمرة .
و هذا نص في محل النزاع .
3-
ما ورد أن علياً رضي الله عنه لبى حتى رمى جمرة العقبة .
4-
ما ورد أن ابن عباس رضي الله عنهما قال : التلبية شعار الحج ، فإن كنت حاجاً
فلب حتى بدء حلك ، و بدء حلك أن ترمي جمرة العقبة .
5-
ما ورد أن ميمونة رضي الله عنها لبت حتى رمت جمرة العقبة .
6-
ما ورد أن الحسين رضي الله عنه لبى حتى رمى جمرة العقبة .
7-
أن التلبية للإحرام ن فإذا شرع في الرمي فقد شرع في التحلل فلا معنى للتلبية
.
الأمر الثاني : أن يبدأ بالطواف أو
الحلق بعد دفعه من مزدلفة .
الراجح والله أعلم أن التلبية تستمر
إلى أن يرمي جمرة العقبة ، إذ هو ظاهر الأحاديث .
المطلب الثالث : الأوقات التي تتأكد
فيها الأفضلية .
ذكر الفقهاء لتأكد التلبية مواضع هي
:-
1-
عند تغاير الأحوال ، كركوب و نزول و صعود و هبوط .
2-
عند إقبال ليل أو نهار .
3-
بعد الفراغ من الصلاة .
4-
عند اختلاف الرفاق و ملاقاة الركبان .
5-
في وقت السحر .
6-
إذا سمع ملبياً .
7-
إذا فعل محظوراً . الأدلة :-
1-
ما ورد أن ابن عمر كان يلبي راكباً ونازلاً و مضطجعاً .
2-
ما ورد أن أصحاب عبد الله كان يلبون إذا هبطوا وادياً ، أو أشرفوا على أكمة ،
أو لقوا ركباً ، و بالأسحار و دبر الصلوات .
3-
أنه يلبي إذا فعل محظوراً لاستشعار إقامته على الحج ، و رجوعه إليه . الأصل (
2/ 289 - 307 ) .
المبحث الخامس : وقت دخول مكة . و فيه
مطلبان :-
المطلب الأول : وقت الجواز .
يجوز دخول مكة في كل وقت ليلاً أو
نهاراً .
و دليله : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها بالليل ، و دخلها بالنهار .
المطلب الثاني : وقت الاستحباب .
الراجح والله أعلم أن الإنسان يفعل
الأيسر والأسهل عليه من الدخول نهاراً أو ليلاً ، فإن تساويا ، فالأولى
الدخول نهاراً .
و الدليل على ذلك :-
1-
ما رواه نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما قال : بات النبي صلى الله عليه وسلم
بذي طوى حتى أصبح ، ثم دخل مكة ، و كان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله .
و نوقش : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها نهاراً لأنه كان إماماً ، فأحب
أن يراه الناس .
و أجيب : بأن كونه صلى الله عليه وسلم دخلها نهاراً ليراه الناس مجرد دعوى لا
دليل عليها .
2-
ما ورد أن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستحبون أن يدخلوا مكة نهاراً و يخرجوا
منها ليلاً .
3-
أنه أعون للدخول ، و أرفق به ، وأقرب إلى مراعاته للوظائف المشروعة على أكمل
وجهها ، واسلم من التأذي و الإيذاء . الأصل ( 2/ 308 - 312 ) .
المبحث السادس : وقت الخروج إلى منى .
و فيه مطلبان :-
المطلب الأول : وقت الجواز .
الراجح والله أعلم أن الخروج إلى منى
قبل يوم التروية بقصد النسك والعبادة لا يجوز ، و إن كان بقصد حجز المكان ن
فلا بأس به لأن الناس يتسابقون إلى حجز الأمكنة .
المطلب الثاني : وقت الاستحباب .
الراجح والله أعلم أنه يخرج يوم
التروية قبل الزوال ، لظاهر السنة في ذلك .
و الدليل على ذلك :-
1-
حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم و فيه : فلما كان يوم التروية
توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ، و ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها
الظهر ، والعصر والمغرب والعشاء والفجر .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على أن خروجه صلى الله عليه وسلم كان قبل الزوال
، لكونه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمنى ، إذ الظاهر أنه خرج قبل الوقت ،
ليتأهب للصلاة بعد دخوله .
2-
ما رواه عبد العزيز بن رفيه قال : سألت أنس بن مالك رضي الله عنه قلت :
أخبرني بشيء عقلته عن النبي صلى الله عليه وسلم أين صلى الظهر والعصر يوم
التروية ؟ قال بمنى .
3-
ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم التروية ضحوة النهار . و هذا نص
في محل النزاع .
4-
ما ورد أن ابن عمر كان يحب إذا استطاع أن يصلي الظهر بمنى يوم التروية وذلك
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمنى . الأصل ( 2/ 313 - 318 ) .
المبحث السابع : وقت الخروج إلى عرفة
. و فيه مطلبان :-
المطلب الأول : وقت الجواز .
الراجح والله أعلم أن الخروج إلى عرفة
قبل وقت الوقوف إن قصد به النسك والعبادة فهو بدعة مخالفة للسنة ، و إن قصد
به حجز المكان فلا بأس به ، لأن الناس يتقدمون لحجز الأمكنة .
المطلب الثاني : وقت الاستحباب .
الراجح والله أعلم أنه إذا طلعت الشمس
، لصراحة السنة في ذلك .
و الدليل على ذلك :-
1-
ما رواه جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : فلما كان يوم
التروية توجهوا إلى منى ، و ركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر والعصر
والمغرب والعشاء و الفجر ، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس ، فأجاز حتى أتى
عرفة .
2-
ما رواه نافع أن ابن عمر : كان يصلي الظهر والعصر ولمغرب والعشاء والصبح بمنى
، ثم يغدو من منى إذا طلعت الشمس إلى عرفة . الأصل ( 2/ 319 - 322 ) .
المبحث الثامن : وقت الوقوف بعرفة . و
فيه مطالب :-
المطلب الأول : بدء وقت الوقوف .
الراجح والله أعلم أنه من بعد زوال
الشمس .
و الدليل على ذلك :-
1-
ما رواه سالم قال : كتب عبد الملك إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحج ،
فجاء ابن عمر و أنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس ، فصاح عند سرادق الحجاج ،
فخرج عليه و عليه معصفرة ، فقال : مالك يا أبا عبد الرحمن ؟ فقال : إن كنت
تريد السنة ، قال : هذه الساعة ؟ قال نعم ، قال : فأنظرني حتى أفيض على رأسي
، ثم أخرج ، فنزل حتى خرج الحجاج فسار بيني و بين أبي ، فقلت : إن كنت تريد
السنة فاقصر الخطبة و عجل الوقوف فجعل ينظر إلى عبد الله ، فلما رأى ذلك عبد
الله قال صدق .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على أن وقت الوقوف يبدأ من الزوال ؛ لأن ابن عمر
جاء إلى الحجاج حين زالت الشمس .
2-
حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم و فيه : فأجاز حتى أتى عرفة
فوجد قبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها حتى زالت أمر بالقصواء فرحلت له ، فأتى
بطن الوادي فخطب الناس ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ، و لم
يصل بينهما شيئاً ، ثم ركب حتى أتى الموقف .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على أن وقت الوقوف يبدأ من الزوال ؛ لأنه صلى
وارتحل من نمرة بعد زوال الشمس ، ثم أتى الموقف بعد أن صلى .
3-
ما رواه ابن عمر قال : غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى حين صلى
الصبح صبيحة يوم عرفة أتى عرفة فنزل بنمرة ، و هي منزل الإمام الذي ينزل به
بعرفة ، حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجراً
، فجمع بين الظهر والعصر ، ثم خطب الناس ، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة .
المطلب الثاني : آخر وقت الوقوف . و
فيه مسألتان :-
المسألة الأولى : بيانه .
الراجح و الله أعلم أنه طلوع الفجر
الثاني من يوم النحر .
و الدليل على ذلك :-
ما تقدم ذكره من الأدلة على إجزاء الوقوف ليلاً إلى طلوع الفجر .
المسألة الثانية : ما يترتب على تأخير
الوقوف عن وقته . و فيها أمور :-
الأمر الأول : تحلله بعمرة .
الراجح والله أعلم أنه يتحلل بمعمرة ،
لأمر عمر رضي الله عنه بالتحلل بعمرة ، و عمر له سنة متبعة .
و الدليل على ذلك :-
1-
ما رواه الأسود بن يزيد أن رجلاً فاته الحج ، فأمره عمر بن الخطاب أن يحل
بعمرة ، و عليه الحج من قابل . و في رواية قال الأسود : مكثت عشرين سنة ، ثم
سألت زيد بن ثابت عن ذلك ، فقال : مثل قول عمر .
2-
و لأنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات ، فمنع الفوات من باب أولى .
3-
أن العمرة هي الحج الأصغر ، فإذا تعذر الحج الأكبر لفوات وقته ، بقي الأصغر
لبقاء وقته .
الأمر الثاني : وجوب القضاء . و فيه
فرعان :-
الفرع الأول :
أن يكون الحج فرضاً .
لا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أنه إذا كان الحج واجباً ، و لم يتمكن من
الوقوف بعرفة حتى طلع فجر يوم النحر أنه يجب عليه القضاء .
و دليله : أن ذمته لم تبرأ من هذا الواجب لعدم تمكنه منه .
الفرع الثاني :
أن يكون الحج تطوعاً .
الراجح والله أعلم أنه لا يجب عليه القضاء ، لأنه ظاهر القرآن ، و لأن الأصل
براءة الذمة .
و الدليل على ذلك :-
1-
قوله تعالى{فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي}[البقرة/196] . وجه الدلالة : دلت
هذه الآية على عدم وجوب القضاء على المحصر ؛ لأن الله لم يوجب إلاّ الهدي ،
فكذا من فاته الحج ؛ لأن كلاً منهما معذور في عدم إتمام حجه .
2-
حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الحج مرة ، فمن زاد فمتطوع
.
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على عدم وجوب القضاء على من فاته الحج ، لأن
النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الحج مرة في العمر ، ولو وجب القضاء لكان أكثر
من مرة .
و نوقش : بأن المراد هنا الواجب بأصل الشرع مرة ، و هذه الحجة وجبت عليه
بالشروع فيها كالنذر .
و أجيب : بأنه مسلم أن الحج وجب عليه بالشروع فيه ، و لكن مع تمكنه من الأداء
، و مع عدم تمكنه لعذره ينتقل إلى بدله و هو الحج الأصغر فيتحلل به ، و يسقط
عنه ما لزمه الشرع فيه ، بخلاف النذر فإنه واجب في ذمته قبل الشروع .
3-
ما ورد أن ابن عباس قال : إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ ، فأما من حبسه
عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع .
4-
أن الإيجاب حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي ، و لم يرد .
5-
أنها عبادة تطوع ، فلم يجب قضاؤها إذا فاتت كسائر التطوعات .
الأمر الثالث :
وجوب الهدي .
الراجح والله أعلم أنه لا يجب عليه الهدي ، إلاّ إن ساقه .
أولاً : الدليل على عدم وجوب الهدي :-
1-
ما رواه الأسود بن يزيد أن رجلاً فاته الحج ، فأمره عمر بن الخطاب أن يحل
بعمرة ، و عليه الحج من قابل . و في رواية قال الأسود : مكثت عشرين سنة ، ثم
سألت زيد بن ثابت عن ذلك فقال : مثل قول عمر .
وجه الدلالة : دل هذان الأثران على عدم وجوب الهدي ، لعدم إيجاب عمر ، و زيد
ذلك لمن فاته الحج .
2-
ما ورد أن ابن عباس قال : إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ ، فأما من حبسه
عذر أو غير ذلك ، فإنه يحل ولا يرجع .
3-
أن الإيجاب حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي ، و لم يرد .
ثانياً : الدليل على وجوب الهدي إذا
ساقه : لأنه تعين عليه بالسوق ، فوجب
عليه نحره .
المطلب الثالث : الوقوف ببعض الوقت .
و فيه مسألتان :-
المسألة الأولى :
الوقت نهاراً فقط . و فيها أمران :-
الأمر الأول : إجزاؤه .
الراجح و الله أعلم أنه يجزئ .
و الدليل على ذلك :-
ما تقدم ذكره من الأدلة على أن وقت الوقوف يبدأ من النهار .
الأمر الثاني : ما يترتب عليه .
الراجح و الله أعلم أنه لا شيء عليه
إن كان لعذر ، لئلا يتساهل في ترك الواجب .
و دليله : بأن الواجبات تسقط بالعجز عنها ، فلا يلزم من ترك الوقوف ليلاً
لعذر شيء .
المسألة الثانية :
الوقوف ليلاً فقط . و فيها أمران :-
الأمر الأول : إجزاؤه .
الراجح والله أعلم أنه يجزئ .
و الدليل على ذلك :-
1-
حديث عروة بن مضرس و فيه : وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه
، و قضى تفثه .
وجه الدلالة : دل قوله : ليلاً ، على إجزاء الوقوف بالليل .
2-
حديث عبد الرحمن بن يعمر و فيه : الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر
فقد أدرك .
الأمر الثاني : ما يترتب عليه .
الراجح والله أعلم أنه لا يجب عليه
شيء ، لظاهر السنة .
المطلب الرابع : الوقوف خارج الوقت .
و فيه مسألتان :-
المسألة الأولى :
الوقوف خارج الوقت خطأ . و فيها أمران :-
الأمر الأول :
أن يكون بعد الوقوف . وفيه فرعان :-
الفرع الأول :
أن يعلموا بالخطأ بعد الوقوف . و فيه جانبان :-
الجانب الأول :
أن يكون الخطأ من الجميع .
الراجح و الله أعلم أن حجهم صحيح ، لدلالة السنة على أن المعتبر وقت تعريف
الناس ، دون حقيقة الأمر ، و للمشقة في إلزام الكل في القضاء ، و المشقة تجلب
التيسير .
و الدليل على ذلك :-
1-
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صومكم يوم
تصومون ، و فطركم يوم تفطرون ، و أضحاكم يوم تضحون .
2-
حديث عائشة مرفوعاً : عرف يوم عرف الإمام .
3-
أنه لا يؤمن وقوع مثله في القضاء .
الجانب الثاني :
أن يكون الخطأ من البعض . و فيه نقطتان :-
النقطة الأولى :
أن يكون الخطأ من الأكثر .
الراجح و الله أعلم أنه يجزئهم ، إذ الأكثر يأخذ حكم الكل .
و الدليل على ذلك :-
1-
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صومكم يوم
تصومون ، و فطركم يوم تفطرون ، و أضحاكم يوم تضحون .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث أنه إذا أخطأ الأكثر يوم عرفة أنه يجزئهم لقوله
: و أضحاكم يوم تضحون ، إذ معناه أن وقت أضحاكم يوم يضحي جماعة الناس ، و
عظمهم .
2-
أنه لا يؤمن وقوع مثله في الخطأ .
3-
أن المشقة الموجودة في خطأ الكل موجودة في خطأ الأكثر .
النقطة الثانية :
أن يكون الخطأ من الأقل .
الراجح والله أعلم أنه لا يجزئهم ، إذ الأصل عدم صحة الحج لوقوعه في غير وقته
.
و الدليل على ذلك :-
1-
حديث أبي هريرة : الصوم يوم تصومون ، و الفطر يوم تفطرون ، و الأضحى يوم
تضحون .
وجه الدلالة : دل قوله : والأضحى يوم تضحون ، أن يوم الأضحى هو اليوم الذي
يضحي فيه جماعة الناس ، و غالبيتهم ، وإن كان خطأ فيفهم منه أن تضحية مخالفهم
غير مجزئة .
2-
أنه يؤمن عدم وقوع مثله في القضاء .
الفرع الثاني :
أن يعلموا بالخطأ قبل الوقوف .
و ذلك أن يتبين قبل زوال الشمس من اليوم العاشر ، فيقفوا عالمين بالخطأ .
و الراجح والله أعلم أنه يحسب لهم الوقوف و يجزئهم ، و لأن من وقاعد الشريعة
أن المشقة تجلب التيسير .
و الدليل على ذلك : -
ما تقدم ذكره من الأدلة على إجزاء وقوف الحجاج إذا وقفوا في العاشر خطأ .
الأمر الثاني :
أن يكون الخطأ قبل وقت الوقوف . و فيه فرعان :-
الفرع الأول :
أن يعلموا بالخطأ بعد خروج الوقت .
و ذلك بأن يقفوا في اليوم الثامن ، ولا يعلموا بالخطأ إلاّ في اليوم العاشر .
و الراجح والله أعلم أنه يجزئهم ، لتمشيه مع يسر الشريعة و سماحتها ، إذ إن
من القواعد المقررة أن المشقة تجلب التيسير .
و الدليل على ذلك : -
ما تقدم ذكره من الأدلة على إجزاء وقوف الحجاج إذا وقفوا في اليوم العاشر خطأ
.
الفرع الثاني :
أن يعلموا بالخطأ قبل خروج الوقت .
و ذلك أن يتبين أن يوم التروية يوم عرفة ، و أن عشية عرفة هي ليلة النحر . و
فيه جانبان :-
الجانب الأول :
أن يتمكنوا من الوقوف جميعاً .
إذا تمكن الإمام من الوقوف بجميع الناس ليلاً أو نهاراً لزمهم الوقوف ، وإلاّ
فتهم الحج .
و دليله : أنهم تمكنوا من الوقوف في وقته ، فلزمهم ذلك .
الجانب الثاني :
أن يتمكن بعضهم من الوقوف دون بعض .
الراجح والله أعلم أنه ، إن تمكن الإمام من الوقوف بهم جميعاً ليلاً أو
نهاراً لزمهم ذلك ، وإلاّ وقف بهم من الغد .
و الدليل على ذلك :-
1-
قوله تعالى{ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}[المائدة/6] .
و الحرج يحصل بعدم وقوف البعض ، لعدم تمكنه مع عدم التفريط .
2-
قوله تعالى{لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}[البقرة/286] .
3-
أنه أقرب إلى يسر الشريعة و سماحتها ، إذ لما في إيجاب الوقوف عند تمكن البعض
إضرار ببقية الحجاج الذين لم يتمكنوا مع عدم نسبتهم إلى التفريط .
المسألة الثانية :
الوقوف خارج الوقت ، لعدم قبول شهادته بدخول
الشهر .
الراجح والله أعلم أنه يلزمه الوقوف مع الناس ، إذ العبرة بما عرف فيه الناس
، لدلالة السنة على ذلك .
و الدليل على ذلك :-
ما تقدم ذكره من الأدلة على الأضحى يوم يضحي الناس .
المطلب الخامس : وقت الدفع إلى مزدلفة
. و فيه مسألتان :-
المسألة الأولى : وقت الجواز .
الراجح والله أعلم أنه من بعد تحقق
غروب الشمس .
أولاً :
الدليل على أن الدفع من غروب الشمس :-
1-
حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم و فيه : فلم يزل واقفاً حتى
غربت الشمس ، و ذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص و دفع .
2-
حديث علي رضي الله عنه و فيه : ثم أفاض حين غربت الشمس .
ثانياً :
الدليل على عدم وجوب الدفع مع الإمام :-
أن الإيجاب حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي ، ولم يرد .
المسألة الثانية : وقت الاستحباب .
الوقت المستحب هو الدفع بعد دفع
الإمام ، بعد غروب الشمس .
والدليل على ذلك :-
ما تقدم ذكره من الأدلة في المسألة الأولى . الأصل ( 2/ 323 - 369 ) .
المبحث التاسع : وقت المبيت بالمزدلفة
. و فيه مطلبان :-
المطلب الأول : وقت المبيت . و فيه
مسألتان :-
المسألة الأولى :
وقت المبيت الواجب . و فيها أمران :-
الأمر الأول :
وقت مبيت الأقوياء .
الراجح والله أعلم أنه من وصوله إلى قبيل طلوع الشمس من يوم النحر . لكن لما
ورد الترخيص للضعفة و لمن يقوم بشؤونهم و هم الأقوياء ، و للمشقة الموجودة في
عصرنا ؛ لكثرة الحجاج جاز إن شاء الله للأقوياء الدفع آخر الليل بعد غروب
القمر لحديث أسماء .
أولاً :
الدليل على وجوب المبيت إلى طلوع الفجر :-
1-
حديث جابر رضي الله عنه و فيه : حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء
، بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئاً ثم اضطجع حتى طلع الفجر .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على وجوب المبيت إلى طلوع الفجر لفعله صلى الله
عليه وسلم ، و قد قال : لتأخذوا عني مناسككم .
2-
ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص للضعفة بالدفع من مزدلفة ليلاً .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث بمفهومه على أنه لا رخصة لغيرهم فمن لا عذر له
يبقى الحكم في حق غير الضعفة وجوب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في
المبيت إلى طلوع الفجر .
ثانياً :
الدليل على وجوب الوقوف إلى قبيل طلوع الشمس :-
1-
قوله تعالى{فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام}[البقرة/198]
.
وجه الدلالة : أن الله أمر بذكره عند المشعر الحرام و قد بينه صلى الله عليه
وسلم بفعله و قوله ، ففعله صلى الله عليه وسلم خرج امتثالاً لأمره تعالى ، و
الفعل إذا خرج امتثالاً لأمر كان بمنزلته ، و الأمر للوجوب .
2-
حديث جابر وفيه : حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة
، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة فدعا و كبر و هلل ، فلم يزل
واقفاً حتى أسفر جداً ، فدفع قبل أن تطلع الشمس .
3-
حديث عروة بن مضرس و فيه : من وقف معنا هذا الوقوف ، و صلى معنا هذه الصلاة ،
وكان قد وقف بعرفة ساعة بليل أو نهار فقد تم حجه .
وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم علق تمام الحج بالوقوف بعد الفجر
، والواجب هو الذي يتعلق التمام بوجوده .
4-
حديث علي رضي الله عنه وفيه : ثم أتى جمعاً فصلى بها الصلاتين فلما أصبح أتى
قزح - جبل معروف بالمزدلفة - و وقف عليه ، و قال : هذا قزح و هو الموقف و جمع
كلها موقف ثم أفاض .
الأمر الثاني :
وقت المبيت للضعفة . و فيه فرعان :-
الفرع الأول : حكمه .
الراجح و الله أعلم أنه واجب .
و الدليل على ذلك :-
ما تقدم من الأدلة الدالة على وجوب المبيت بالمزدلفة ، و هذا عام للضعفة و
غيرهم .
الفرع الثاني : وقته .
الراجح والله أعلم أنه من وصوله إلى
آخر الليل . و قيده ابن القيم بغروب القمر .
و الدليل على ذلك :-
1-
حديث أسماء بنت أبي بكر أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي فصلت
ساعة ، ثم قالت : يا بني هل غاب القمر ؟ قلت : لا ، فصلت ساعة ، ثم قالت : هل
غاب القمر ؟ قلت : نعم ، قالت : فارتحلوا فارتحلنا ، و مضينا حتى رمت الجمرة
ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها ، فقلت لها : يا هنتاه ما أرانا إلاّ قد غلسنا
، قالت : يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن .
2-
ما ورد أن عبد الله بن عمر كان يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام
بالمزدلفة بليل ، فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام و قبل
أن يدفع ، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر و منهم من يقدم بعد ذلك ، فإذا
قدموا رموا الجمرة ، و كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : أرخص في أولئك رسول
الله صلى الله عليه وسلم .
المطلب الثاني : وقت الدفع إلى منى .
و فيه مسألتان :-
المسألة الأولى :
وقت الدفع الواجب . و فيه أمران :-
الأمر الأول :
وقت دفع الأقوياء . و فيه فرعان :-
الفرع الأول : بيانه .
الراجح والله أعلم أنه عند الإسفار
جداً قبل طلوع الشمس .
و الدليل على ذلك : ما تقدم ذكره من الأدلة على امتداد وقت المبيت بالمزدلفة
إلى قبيل طلوع الشمس من يوم النحر بالنسبة للأقوياء .
الفرع الثاني : ما يترتب على الدفع
قبل وقته .
الراجح والله أعلم أنه يلزمه دم ،
لئلا يتساهل في الدفع قبل وقته .
و دليله : بأنه دفع قبل وقت الدفع الواجب ، فلزمه دم بدليل قول ابن عباس : من
ترك من نسكه شيئاً أو نسيه ، فليهرق دماً .
الأمر الثاني :
وقت دفع الضعفة . و فيه فرعان :-
الفرع الأول : بيانه .
الراجح والله أعلم أنه آخر الليل . و
قيده ابن القيم بغروب القمر .
و الدليل على ذلك : ما تقدم ذكره من الأدلة على امتداد وقت المبيت بالمزدلفة
إلى غروب القمر ، بالنسبة للضعفة .
الفرع الثاني : ما يترتب على الدفع
قبل وقته .
الراجح والله أعلم أنه يلزمه دم .
و الدليل على ذلك : ما تقدم ذكره من الدليل على وجوب الدم على من دفع قبل وقت
الدفع بالنسبة للأقوياء .
المسألة الثانية :
وقت الدفع المستحب .
وقت الدفع المستحب بعد الإسفار قبل طلوع الشمس بمقدار ركعتين .
الأدلة :
1-
حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم و فيه : فلم يزل واقفاً حتى
أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس .
2-
ما رواه عمرو بن ميمون قال : شهدت عمر رضي الله عنه صلى بجمع الصبح ، ثم وقف
فقال : إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ، و يقولون : أشرق ثبير ،
و أن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس .
3-
ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : رأيت أبا بكر و عمر وعثمان رضي الله
عنهم لا يفيضون في حجهم من المزدلفة حتى تنظر الإبل موضع أخفافها . الأصل (
2/ 370 - 392 ) .
المبحث العاشر : وقت الرمي . و فيه
مطالب :-
المطلب الأول : وقت رمي جمرة العقبة .
و فيه مسائل :-
المسألة الأولى : أول الوقت .
الراجح والله أعلم أنه ، من بعد غروب
القمر بالنسبة للضعفة ، و من بعد طلوع الشمس بالنسبة للأقوياء .
أولاً :
الدليل على أن وقت الرمي بالنسبة للضعفة ، و من يقوم بشؤونهم أنه من بعد غروب
القمر :
1-
حديث أسماء بنت أبي بكر و فيه : قالت : يا بني هل غاب القمر ؟ قلت : نعم ،
قالت : فارتحلوا ، فارتحلنا و مضينا حتى رمت الجمرة ، ثم رجعت فصلت الصبح في
منزلها ، فقلت لها : يا هنتاه ما أرانا إلاّ قد غلسنا ، قالت : يا بني إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن . و في رواية : قلت : إنا رمينا
الجمرة بليل ، قالت : إنا كنا نصنع هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على أن أول وقت الرمي بالنسبة للضعفة و من يقوم
بشؤونهم من بعد غروب القمر ، لأن أسماء و مولاها رميا بعد غروب القمر ، و
أضافت ذلك إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
2-
أنه رخص للضعفة بالدفع بعد غروب القمر ؛ لئلا يصيبهم حطمة الناس وقت إفاضتهم
، و حال رميهم الجمرة ، فجاز لهم الرمي حال وصولهم لئلا تفوت بعض مصلحة
الرخصة .
3-
أن الدفع بعد مغيب القمر بمسوغ شرعي فجاز له الرمي بعد وصوله بناء على ذلك ،
إذ الرمي تحية منى ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ به بعد وصولها .
ثانياً :
الدليل على أن وقت الرمي بالنسبة للأقوياء من بعد طلوع الشمس :
1-
حديث جابر و فيه : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر
و يقول : لتأخذوا مناسككم ،فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي .
2-
حديث جابر و فيه : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضحى ، و
أما بعد ذلك فبعد زوال الشمس .
المسألة الثانية : آخر الوقت . و فيه
أمران :-
الأمر الأول :
آخر الوقت لغير ذوي الأعذار .
الراجح و الله أعلم أنه من طلوع الفجر الثاني من أول أيام التشريق ، لما في
ذلك من اليسر ، و رفع الحرج ، إذ من قواعد الشريعة أن المشقة تجلب التيسير .
و الدليل على ذلك :
1-
ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يسأل يوم النحر بمنى ، فيقول : لا حرج فسأله رجل فقال : حلقت قبل أن أذبح ،
قال : اذبح ولا حرج ، فقال : رميت بعدما أمسيت ، فقال : لا حرج .
وجه الدلالة : دل هذا الحديث على جواز الرمي ليلاً ، لقوله صلى الله عليه
وسلم لمن رمى بعد المساء : لا حرج ، و المساء يطلق على ما بعد الغروب .
و نوقش : بأن المراد بقول السائل : بعد ما أمسيت ، أي بعد زوال الشمس في آخر
النهار و قبل الغروب ، و يدل لهذا دليلين :-
الدليل الأول :
أنه جاء في حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل يوم النحر ،
و اليوم يطلق على ما قبل الغروب .
الدليل الثاني :
أن المساء يطلق لغة على ما بعد وقت الظهر إلى
الليل .
و أجيب : أن قوله صلى الله عليه وسلم : لا حرج ، بعد قول السائل : رميت بعدما
أمسيت ، يشمل نفي الحرج عمن رمى بعدما أمسى مطلقاً ، سواء كان قبل الغروب أو
بعده ، و خصوص سببه بالنهار لا عبرة به ؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص
السبب ، و المساء لغة يطلق على ما بعد الغروب .
2-
أدلة الترخيص للرعاة بالرمي ليلاً .
وجه الدلالة : دلت هذه الأدلة على جواز الرمي للرعاة ليلاً لعذرهم ، فيقاس
عليهم غيرهم .
و نوقش : بأن التعبير بالرخصة للرعاة يقتضي أن ما قبلها عزيمة في حق غيرهم ،
و أنه لا يرخص لهم .
و أجيب : بأن الترخيص قد يكون في ترك الأفضل ، فلا يدل على منع الرمي ليلاً
لغير الرعاة ، بدليل أنه ليس جميع الرعاة معذورين ، لأنه يمكن أن يستنيب
بعضهم بعضاً ، فيأتي نهاراً فيرمي ، فإذا ثبت جواز الرمي لبعض الرعاة مع عدم
العذر دل على جواز الرمي ليلاً مطلقاً .
3-
أنه لم يرد ما يدل على تحديد آخر وقت الرمي .
4-
أن الليالي المقبلة تابعة للأيام المتقدمة في الحج ، كوقت الوقوف بعرفة .
الأمر الثاني :
آخر وقت الرمي لذوي الأعذار كالسقاة ، والرعاة و نحوهم .
آخر وقت الرمي لذوي الأعذار هو طلوع فجر اليوم الحادي عشر .
و الدليل على ذلك : ما تقدم ذكره من أدلة الترخيص للرعاة بالرمي ليلاً .
المسألة الثالثة : وقت الاستحباب .
الراجح والله أعلم أنه بعد طلوع الشمس
.
و الدليل على ذلك :
1-
ما رواه جابر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضحى .
و الضحى يطلق على ما بعد طلوع الشمس إلى الزوال .
2-
حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أغيلمة عبد المطلب على حمرات لنا مع جمع ، فجعل يلطخ أفخاذنا و يقول : أي بني
لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس .
المطلب الثاني : وقت الرمي أيام
التشريق . و فيه مسائل :-
المسألة الأولى : أول الوقت .
الراجح والله أعلم أنه من بعد زوال
الشمس مطلقاً في جميع الأيام ، لدلالة السنة عليه ، و لأنه لو جاز قبل الزوال
لفعله صلى الله عليه وسلم لكونه أيسر فهو قبل اشتداد الحر ، و ما خير صلى
الله عليه وسلم بين أمرين ، إلاّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً .
و الدليل على ذلك :
1 -
ما رواه جابر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضحى ،
و أما بعد ذلك فبعد الزوال .
2-
حديث عائشة رضي الله عنها و فيه : ثم رجع إلى منى ، فمكث بها ليالي أيام
التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس .
3-
ما رواه ابن عباس قال : رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمار حين زالت
الشمس .
4-
ما ورد أن ابن عمر قال : كنا نتحين ، فإذا زالت الشمس رمينا .
5-
ما ورد أن عمر قال : لا تُرم الجمرة حتى يميل النهار .
6-
ما ورد أن ابن عمر قال : لا تروا الجمار حتى تزول الشمس .
المسألة الثانية : آخر الوقت . و فيها
أمران :-
الأمر الأول :
آخر الوقت لغير ذوي الأعذار .
الخلاف هنا كالخلاف في آخر وقت رمي جمرة العقبة لغير ذوي الأعذار .
الأمر الثاني :
آخر وقت الرمي لذوي الأعذار .
آخر وقت الرمي لذوي الأعذار كالسقاة والرعاة و نحوهم هو طلوع فجر اليوم الذي
يليه .
و الدليل على ذلك : ما تقدم ذكره من أدلة الترخيص للرعاة بالرمي ليلاً .
المسألة الثالثة : وقت الاستحباب .
الوقت المستحب لرمي الجمار أيام
التشريق ، بعد زوال الشمس قبل صلاة الظهر .
الأدلة :
1-
حديث ابن عمر قال : كنا نتحين ، فإذا زالت الشمس رمينا .
2-
حديث ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار إذا زالت
الشمس ، قدر ما إذا فرغ من رميه صلى الظهر .
المطلب الثالث : تأخير رمي يوم إلى ما
بعده . و فيه مسألتان :-
المسألة الأولى :
تأخير رمي جمرة العقبة إلى أيام التشريق .
المسألة الثانية :
تأخير رمي اليوم الأول من أيام التشريق إلى الثالث ، أو تأخير الأول ،
والثاني إلى الثالث .
الراجح والله أعلم في هاتين المسألتين أنه يجوز تأخير الرمي إلى ما بعده ، أو
تأخير الرمي كله إلى آخر يوم عند الحاجة والمصلحة للرخصة للرعاة في جميع
الرمي لحاجتهم . الأصل ( 2/ 393 - 423 ) .
تابـــع