الإمكانات المتاحة لنشر الإسلام في
أوروبا
( نظرا لكون هذه العجالة تلخيصا فقد
اختصرت موضوعاتها، وبخاصة هذا الفصل الذي يحتاج إلى مراجعة مواضع متعددة من
الكتاب السادس من سلسلة: (المشارق والمغارب) ولم يتم طبعه إلى الآن، وكتابي (حوارات
مع مسلمين أوربيين، وحوارات مع أوربيين غير مسلمين) وهما مأخوذان من الكتاب
السابق، وقد طبعا.)
توجد إمكانات قانونية وواقعية في الغرب تسهل للمسلمين أن ينشروا دينهم،
بوسائل كثيرة، ويعلموا أولادهم مبادئ الإسلام ولغات شعوبهم، وعلى رأسها اللغة
العربية ويربوهم على هذا الدين، ويدعوا غير المسلمين إليه.
الوسائل المتاحة كثيرة.
وأذكر من تلك الوسائل ما يأتي:
الوسيلة الأولى:
حرية الكلمة والمعتقد، وما يسمى بالحريات الشخصية، فلكل إنسان أن ينشر بين
الناس ما يعتقده بالدعوة المباشرة: محاضرات أو ندوات، أو اتصالا شخصيا، أو
توزيع نشرات مطبوعة في أماكن التجمعات، كالمصانع والمطارات ومحطات المواصلات،
كالقطارات والحافلات والأسواق، والنوادي الرياضية والثقافية والاجتماعية،
ودور السينما، والكنائس، والاتصالات كصناديق البريد العامة أو المنازل،
والهاتف، ودور التعليم، كالمدارس والمعاهد والجامعات...... وغيرها.
الوسيلة الثانية:
طبع الكتب بجميع اللغات، ونشرها، وتوزيعها بيعا أو مجانا.
الوسيلة الثالثة:
تسجيل الموضوعات في شرائط (كاسيت) أو (فيديو) ونشرها بيعا أو مجانا.
الوسيلة الرابعة:
استئجار محطات إذاعية محلية أو شراؤها، بشروط ميسرة لا تمنع صاحبها من نشر ما
يريد من عقيدة أو فكر أو تعليم،كما يستطيع-من يريد-أن يذيع موضوعات معينة في
الإذاعات العامة، وإن كانت محدودة.
الوسيلة الخامسة:
إمكان الاستفادة المحدودة من التلفاز العام (الحكومي) كما يمكن تملك قنوات
تلفزيونية والبث عليها (حتى الفضائية).
الوسيلة السادسة:
إمكان إصدار جرائد ومجلات تتضمن شتى الموضوعات: (عقدية وأخلاقية وشرعية،
واجتماعية وسياسية).
الوسيلة السابعة:
إمكان إنشاء مدارس خاصة كاملة (تجمع بين منهج الدولة والمنهج الإسلامي، بلغة
البلد ولغة الْمُنْشِئين) معترف بها تشارك فيها الدولة بخمسة وثمانين في
المائة من التكاليف، وقد تتحمل كل تكاليفها، وبخاصة البلدان التي اعترفت
بالإسلام دينا رسميا، كالنمسا وبلجيكا.
وقد أنشئت الكلية الإسلامية في فرنسا، برغم مواقفها المتشددة من المسلمين
وتدخلها حتى في الحريات الشخصية، كحجاب المرأة المسلمة. وجامعة إسلامية في
هولندا ( ولكني لا أدري عن تفاصيل هذه الجامعة )
الوسيلة الثامنة:
إمكان إنشاء نوادي اجتماعية وثقافية ورياضية خاصة أو تجارية، واستغلالها في
الدعوة إلى الإسلام، وتربية شباب المسلمين من أبناء الحالية الإسلامية
وغيرها، لوقايتهم من النوادي الأوربية التي تفسد دينهم وسلوكهم، وتجعلهم
يذوبون في المجتمع الأوربي، كما هو حاصل الآن.
الوسيلة التاسعة:
إمكان إنشاء مساجد جديدة أو شراء مبان قائمة سكنية، أو كنائس وتحويلها إلى
مساجد، وهاهي قد أقيمت مساجد كثيرة في كل بلدان أوروبا، بل في كل
مدنها-غالبا-، وبعضها جوامع كبيرة: كما في مدر يد بأسبانيا، وفي روما بجوار
الفاتيكان، ويمكن أن تكون هذه المساجد منارات هدى تجمع بين إقامة الصلوات
ومدارس التعليم ونوادي الشباب البناءة، ومحطات إذاعة وقنوات تلفاز، وقاعات
مؤتمرات وندوات، لو حصل اهتمام بمعانيها كما يحصل الاهتمام بمبانيها!
الوسيلة العاشرة:
إمكان القيام بإلقاء دروس إسلامية لأبنائهم في المدارس الحكومية الرسمية، في
وقت الدوام الرسمي وخارجه، فأين من يمدهم بالمدرسين الصالحين الأكفاء؟
بل يمكنهم إقامة مدارس خاصة تجمع بين المنهجين: الإسلامي والحكومي، مع
الاعتراف بها رسميا، إذا استوفت الشروط المطلوبة، وقد أصبح الآن للمسلمين في
بلجيكا-التي اعترفت بالدين الإسلامي رسميا-مجلس خاص ينتخبونه ويشرف على كل
مصالحهم في حدود القانون، كما أن بعض الدول الأوربية الأخرى قد اعترفت
بالإسلام رسميا، مثل النمسا، وبعضها في الطريق إلى الاعتراف به، بسبب تزايد
المسلمين في تلك البلدان وما يحتمل من قوة تأثيرهم في المجتمعات الأوربية…
وقد اعترفت بريطانيا مؤخرا ببعض المدارس الإسلامية بع جهاد طويل بذله أهلها ،
ومنهم الأخ يوسف إسلام وفقه الله .
الوسيلة الحادية عشرة:
إمكان المسلمين استثمار أموالهم في شركات خاصة، ويكون لهم وزن اقتصادي
وسياسي، ويمكنهم أن يحبسوا عقارات ومباني وأسواقا ينفق من أرباحها على العمل
الإسلامي.
ومن أهم الوسائل لنشر الدعوة الإسلامية وتعليم الناس مبادئ الإسلام هذه
الوسيلة العظيمة ( الإنترنت ) التي تصل إلى كل بيت حجر ومدر في نفس اللحظة
التي يرسل الداعية أو المعلم رسالته .
وإن هذه الوسيلة وغيرهما لحجة أقامها الله على القادرين من المسلمين : علماء
ومفكرين وأغنياء وحكاما ، وسيسألنا الله عنها إذا لم نستغلها لنشر دين الله .
كل هذه الأمور وغيرها متاحة بدرجات متفاوتة في الدول الأوربية، بعضها موجود
فعلا، في حدود طاقة المسلمين.
وأستطيع أن أقول:
إن الفرص المتاحة للدعوة الإسلامية في البلدان الأوربية، أكثر من إتاحتها في
بلدان المسلمين في الوقت الحاضر.
(احترزت بقولي: في الوقت الحاضر،
لسببين:
السبب الأول:
أنني لمست في رحلتي تلك أن بعض الدول الأوربية أصبحت تضيق ذرعا بوجود
المسلمين، وبخاصة الذين يتمسكون بدينهم ولا يذوبون في المجتمعات الغربية، وفي
ذلك خطر عليها من ناحيتين:
الأولى:
تكاثر المسلمين الوافدين الذين قد يصبحون يوما من الأيام لهم وزنهم السياسي
والاجتماعي والثقافي، فيكون لهم تأثيرهم على الأحزاب الأوربية والاتجاهات
الفكرية.
الناحية الثانية:
الخوف الشديد من تأثر الأوربيين أنفسهم بالإسلام، حيث بدأ يتصاعد دخولهم في
الإسلام من فئات متنوعة: كبارا وصغارا، رجالا ونساء، وذوي تخصصات متعددة.
وكنت أحس أن هذه الدول قد تغير مواقفها من المسلمين عندما يتزايد شعورها بخطر
انتشار الإسلام الصادق.!
السبب الثاني:
أن ما تلقاه الدعوة الإسلامية والدعاة من مضايقة في الشعوب الإسلامية من
الحكام العلمانيين المحاربين لتطبيق الشريعة الإسلامية، قد يغيره الله من هذا
الحال إلى حال أحسن، وما ذلك على الله بعزيز.! )