حاصلها :
أنكم إذا قلتم إن الإيمان اسم لجميع الطاعات لزمكم أن تكفروا العاصي عند أول
معصية يفعلها - تعظيم قدر الصلاة 2/703
قال رحمه الله :
( وذلك أنا نقول : إن الإيمان أصل ، من نقص منه مثال ذرة زال عنه اسم الإيمان
، ومن لم ينقص منه لم يزل عنه اسم الإيمان ، ولكنه يزداد بعده إيمانا إلى
إيمانه .
فإن نقصت الزيادة التي بعد
الأصل : لم ينقص الأصل
الذي هو الإقرار بأن الله حق ، وما قاله صدق
، لان النقص من ذلك شك في الله ، أحق هو أم لا ؟ وفي قوله : أصدق هو أم كذب ؟
ونقص من فروعه ، وذلك كنخلة قائمة ذات أغصان وورق فكلما قطع منها غصن لم يزل
عنها اسم الشجرة ، وكانت دون ما كانت عليه من الكمال من غير أن ينقلب اسمها ،
إلا أنها شجرة ناقصة من أغصانها ، وغيرها من النخل من أشكالها أكمل منها
لتمامها بسعفها ) .
هذا النقل احتج به الأخ أحمد بن صالح الزهراني أيضا في حواره مع الأخ العبد
الكريم في منتدى الفوائد .
ولا حجة فيه ولا متعلق لمن يرى نجاة
تارك عمل الجوارح بالكلية ، وبيان ذلك من وجوه :
الأول :
أن تسمية الإقرار والتصديق أصلا ، والعمل فرعا ، لا إشكال فيه ، كما سبق
بيانه عند التعليق على كلام ابن مندة . وظاهر عبارة المروزي هنا أن عمل القلب
فرع أيضا لأنه حصر الأصل في التصديق والإقرار.
الثاني :
أن قوله : "
فإن نقصت الزيادة التي بعد الأصل : لم ينقص
الأصل ".
ظاهره أنه لو نقص أو زال ما بعد التصديق والإقرار كان مؤمنا مسلما .
وهذا مشكل من وجهين :
الأول :
أنه يلزم منه الحكم بإسلام من ترك عمل القلب .
الثاني :
أن المروزي يرى كفر تارك الصلاة ، فإما أن
تكون عبارته هنا غير محررة ، أو يقال : إنه يجعل الصلاة من لوازم التصديق .
أو يقال : إنه يتحدث عن " نقص
" الزيادة وليس عن انعدامها بالكلية .
وعلى كل فلا يصح أن ينسب إلى المروزي أنه يرى نجاة تارك عمل الجوارح بالكلية
من خلال هذه العبارة المحتملة المخالفة لمذهبه في حكم تارك الصلاة.
الوجه الثالث :
أنه لا ينقضي العجب من سلفي يتمسك بكلام
المروزي هنا، وذلك لأمرين :
الأول :
قول المروزي رحمه الله : " ومن لم ينقص منه [ أي الأصل ] لم يزل عنه اسم
الايمان" لا يوافق عليه ، فإن الفاسق لا ينال الاسم المطلق .
وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية على كلام للمروزي مشابه لهذا فقال ( 7/413 ) :
" وقوله : من ترك من ذلك شيئا- ما سوى الإقرار والتصديق - فلن يزول عنه اسم
الإسلام والإيمان إلا أنه أنقص من غيره في ذلك .
فيقال : إن أريد بذلك أنه بقي معه شيء من الإسلام والإيمان فهذا حق كما دلت
عليه النصوص خلافا للخوارج والمعتزلة . وإن أراد أنه يطلق عليه بلا تقييد :
مؤمن ومسلم في سياق الثناء والوعد بالجنة فهذا خلاف الكتاب والسنة ، ولو كان
كذلك لدخلوا في قوله : " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها
الأنهار " وأمثال ذلك مما وعدوا فيه بالجنة بلا عذاب . وأيضا فصاحب الشرع قد
نفى عنهم الاسم في غير موضع ، بل قال : " قتاله كفر " ... " .
الثاني :
قول المروزي رحمه الله : " فإن نقصت
الزيادة التي بعد الأصل : لم ينقص الأصل
الذي هو الإقرار بأن الله حق ، وما
قاله صدق ، لان النقص من ذلك شك في
الله ، أحق هو أم لا ؟ وفي قوله : أصدق هو أم كذب ؟ ".
ظاهر هذه العبارة أن الإيمان الذي في القلب ( التصديق ) لا يدخله النقص .
وهذا خطأ . وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه على كلام للمروزي قريب من هذا
. قال المروزي : 2/535 ( من غير نقصان من الإقرار بأن الله حق وما قال حق لا
باطل ، وصدق لا كذب ، ولكن ينقص من الإيمان الذي هو تعظيم لله وخضوع للهيبة
والجلال والطاعة للمصدق به وهو الله ، فمن ذلك يكون النقصان لا من إقرارهم
بأن الله حق وما قال صدق ).
فقال شيخ الإسلام بعد نقله كاملا : (
7/413 ) :
" وكذلك قوله :
لا يكون النقصان من إقرارهم بأن الله حق وما
قاله صدق
فيقال : بل النقصان يكون فى الإيمان الذي في القلوب من معرفتهم ومن علمهم فلا
تكون معرفتهم وتصديقهم بالله وأسمائه وصفاته وما قاله من أمر ونهي ووعد ووعيد
كمعرفة غيرهم وتصديقه ، لا من جهة الإجمال والتفصيل ، ولا من جهة القوة
والضعف ، ولا من جهة الذكر والغفلة وهذه الأمور كلها داخلة فى الإيمان بالله
وبما أرسل به رسوله
وكيفيكون الإيمان بالله وأسمائه وصفاته متماثلا في القلوب أم كيف يكون
الإيمان بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه غفور رحيم عزيز حكيم شديد
العقاب ليس هو من الإيمان به فلا يمكن مسلما أن يقول إن الإيمان بذلك ليس من
الإيمان به ولا يدعى تماثل الناس فيه".
رابعا : احتجاج المخالف بقول المروزي رحمه الله في تعظيم
قدر الصلاة