اطبع هذه الصفحة


وصايا للخطباء (11) : التميز بالعزائم والطاعات

د.أمير بن محمد المدري


بسم الله الرحمن الرحيم


إن التميز في مجال الإيمان عقيدةٌ صحيحةٌ، ومعرفةٌ جازمةٌ، وتأثيرٌ قويٌ يعد- بِلا نزاع – أهم المقومات وأولى الأولويات بالنسبة للداعية الخطيب، لكي يكون الداعية عظيم الإيمان بالله، شديد الخوف منه، صادق التوكل عليه، دائم المراقبة له، كثير الإنابة إليه، لسانه رطب بذكر الله، وعقله مفكر في ملكوت الله، وقلبه مستحضر للقاء الله، مجتهد في الطاعات، مسابق إلى الخيرات، صوَّام بالنهار قوّام بالليل، مع تحري الإخلاص التام، وحسن الظن بالله وهذا هو عنوان الفلاح، وسمت الصلاح، ومفتاح النجاح، إذ هو تحقيق لمعنى العبودية الخالصة لله وهي التي تجلب التوفيق من الله فإذا بالداعية مسدد، إن عمل أجاد، وإن حكم أصاب، وإن تكلم أفاد.

ولا يتصور للداعية الخطيب نجاح وتوفيق، أو تميز وقبول دون أن يكون حظه من الإيمان عظيماً إذ كيف تدعو الناس إلى أحد وصلتك به واهية ومعرفتك به قليلة، وهذه الغاية العظمى تتصل أكثر شيء بأعمال القلوب التي تخفى على الناس ولا يعلمها إلا علام الغيوب، إلا أن آثار ذلك تظهر بوضوح في الأقوال والأفعال؛ فإن «عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه.[ «زاد المعاد» (2/87)].

كل ذلك ينعكس على الداعية فتظهر على شخصيته آثار الإيمان الصحيح المتحرك.

وصايا للخطيب (12) :  الشجاعة
 

أمير المدري
  • كتب وبحوث
  • مقالات ورسائل
  • خطب من القرآن
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية