الحمد لله رب العالمين ، وصلى
الله وسلم على نبيِّنا محمَّد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين
وبعد
أخي العزيز
وصلتنى رسالتكم ، والحمد لله أنَّكم متمتِّعون بالصحة الجيدة ، وأنَّكم مستمرون
في الدراسة ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينكم ، وأنْ تعودوا إلى أهلكم ،
وبلادكم ، وأنتم في أحسن حال.
والذي دفعني إلى هذه الرسالة الشفوية إليكم : هو ما كتبتم لي من السؤال عن ما
وقع عندنا هنا في المملكة من فتنة أثارها المدعو محمد علوي مالكي ؛ وتقول لي :
إن "حوار مع المالكي" الذي ألَّفه الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع وصلكم ،
وقد استفدتم منه ، وتعجبتم ، أو بتعبيركم "ذهلتم" من هذه الأمور ، وهذه
الشركيات ، وهذه المنكرات ، وكيف أن هذا الرجل يرتكبها ، ولكن - كما تقولون –
وصلكم كتاب ؛ بل بالأحرى عدة كتب أهمها : كتاب "الرد على بن منيع" الذي ألَّفه
يوسف هاشم الرفاعي الكويتي ، وتقول أيضاً : أنَّه وصلكم أخيراً كتابان ألَّف
أحدَهما رجلٌ من البحرين سماه "إعلام النبيل" ، والثاني : ألَّفه اثنان من
المغاربة وسمَّياه "التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار" ، وتطلب مني
باعتباري – كما ذكرتَ – متخصِّصاً في العقيدة ، ومقيماً هنا في البلاد ؛ بأن
أكتب إليك مرئياتي عن هذا الموضوع ، وعن حقيقة الخلاف بيننا وبين الصوفية ، وهل
الصوفية تعتبر هي أهل السنة والجماعة كما يزعم هؤلاء ؟ وبقية الأسئلة التي - إن
شاء الله - سآتي عليها من خلال هذه الرسالة .
فأنا - يا أخي - أعتذر لك عن الكتابة ؛ لأنَّ مطلبك هذا الذي طلبتَه أن أكتبه ؛
يحتاج إلى رسالةٍ ، وكما تعلم أنني مشغول جداً برسالتي التي أحضِّرها الآن ،
فكيف أستطيع أن أكتب لك رسالة أخرى عن التصوف ، ونشأته ، وعن الخلاف بيننا وبين
أهله !! هذا كلامٌ طويلٌ جدّاً ، ونحن أحوج ما نكون إلى المنهج العلمي ،
التفصيلي ، الذي ينبني على الأدلَّة ، والذي يتثبت ، والذي ينقل مِن كتب هؤلاء
القوم ، ويتتبع أصول هذه الفرق جميعاً ليردَّ عليها ردّاً علميّاً ، صحيحاً ،
سليماً ، وهذا يتطلب جهداً كبيراً ، وأمَّا مجرد خطبة عابرة ، أو نقد عابر ؛
فهذا من الممكن أن يكون في وريقات ، لكن الذي أراه أنَّنا – نحن – أمام هجمة
صوفيَّة شديدة .
وكما ذكرتم لي سابقاً - عندكم في أمريكا - تلاحظون أنَّ التصوف بدأ ينتشر ،
وبدأ كمحاولة للصدِّ عن سبيل الله تعالى ! أي أنَّ الأمريكي الذي يريد الدخول
في الإسلام يقال له : ادخل في هذا الدين ! فيدخل في التصوف ، فيُحرم المسلمون
منه ، وربما ينفرون! - كما حدثْتني عن بعضهم - لأنَّه إذا رأى ما في التصوف مِن
الخرافات ؛ ينفر مِن الإسلام نهائيّاً وينفِّر غيره ، ويقول لهم : خرافات
النصرانيَّة أخفُّ مِن خرافات الإسلام، وهذا - والعياذ بالله – مِن صور الصدِّ
عن سبيل الله .
ولاشك - يا أخي - لديَّ أنَّ وراء ذلك مؤامرات يحيكها أعداء الإسلام من اليهود
، والنَّصارى ، مستغلِّين هؤلاء الصوفيَّة الذين كثيرٌ منهم زنادقة متسترون
يريدون هدم الإسلام مِن الداخل ، وعندما أقول ذلك لا تفهم منِّي أنَّني أقول
إنَّ كلَّ مَن يحضر المولد زنديق ! أو كل مَن يحب الطرق الصوفية زنديق ! .
ليس هذا هو المقصود ، المخدوعون كثيرٌ بالدعوات ، ولكن نحن نتحدث عن التصوف
كفكرة ، وكعقيدة لها جذورها القديمة ، ولها فلسفاتها المستقلة ، ونتحدث كيف
دخلتْ في الإسلام ، وكيف خُدع بها أكثر هذه الأمة ، فالذي نحكم عليه هي
الصوفيَّة ، وأنتم تعرفون "الثيوصوفية" .
"الثيوصوفية"، هذه التي في أمريكا ، والتي عرَّفها صاحب المورد العربي
الإنجليزي زهير بعلبكي بأنَّها فرقة حديثة ، نشأت في الولايات المتحدة
الأمريكية ، وليست في الحقيقة حديثة بالمعنى الذي ذكره "المورد" ، "الثيوصوفية"
قديمة ، وسأتحدث عنها - إن شاء الله- عندما أبدأ بموضوع "نشأة التصوف".
لكن بخصوص سؤالكم أنت وزملائكم في المركز ، وبعض إخوانكم في الله من المسلمين
في أمريكا عن حقيقة ما جرى مِن هذه المشكلة ، وعن موقف هؤلاء الذي دافعوا عن
المالكي بخرافاته ، وهو أنَّهم كثيرون -كما تقولون - .
أقول لكم - يا أخي - : ما جرى مع المالكي ليس في حاجةٍ إلى أن يدافع عنه أحد
على الإطلاق، لأنَّ المسألة : مسألة اعتراف وإقرار ، والاعتراف هو سيِّد الأدلة
، هذه حقيقة معروفة ، فمحمد علوي المالكي اعترف هو بنفسه في محضرٍ رسمي أمام
الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله ، والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ،
ورئيس الحرمين ، وكُتب هذا الاعتراف في محضرٍ رسميٍّ ، والمعاملات محفوظة ،
ولدى الإفتاء ، ولدى مجلس القضاء الأعلى، ولدى شئون الحرمين ، معاملات ، وصور ،
وملفات لهذه القضية ، فيها اعترافات الرجل ، الرجل معترف بأنه ألَّف "الذخائر"
، وكتاب "الذخائر" ليس هو الذي ألَّفه ؛ لانَّ كتاب "الذخائر" عندي ، ومذكور
فيه – وأنا الآن أفتحه أمامي– ما يدل على أنَّ هذا الكتاب مِن تأليف والده في
صفحة 33 منه ؛ لأنَّه يقول إنَّه سافر إلى المدينة ، واطلع على المخطوط عام
1354هـ ، فهذا على ما هو معروف من عُمُر محمد علوي مالكي أنَّه لم يكن قد ولد
في تلك الفترة ، أو على أكثر تقدير أنَّه مازال طفلاً ؛ فالذي كتبه إذاً هو
أبوه ، المهمُّ أنَّه اعترف بأنَّه ألَّف هذا الكتاب ، وأنَّه له ، وما فيه من
الأمور الشركية : يقول : إنَّني نقلتُها عن غيري ، وأخطأتُ ! وفاتني أن أنبِّه
على أنَّها شركٌ - يمكنك مراجعة صفحة (12) ، وصفحة (13) من كتاب الحوار للشيخ
ابن منيع - .
فما دام الرجل اعترف ، ومادام المتهم المجرم الجاني اعترف ، فما الدَّاعي إلى
أن يأتي أحدٌ ويدافع عنه، ممكن ادَّعى الإكراه !!؟ كان ينبغي ويجب عليه أن يبين
، وأن يقول : أنا أُكرهت على ذلك ، وأن ينشر ذلك في داخل المملكة ، أو في
خارجها ، أو يقوله للنَّاس إذا جلس معهم .
أمَّا نحن فكما تعلم كم يُقطع من الرقاب في الحدود ، عندما تقطع رقاب ، أو أيدي
، أو يُجلد ، بناء على الإقرار أمام قاضي عادي في محكمةٍ شرعيَّةٍ من المحاكم
في المملكة ؟ فينفَّذ الحدُّ على المجرم بإقراره أمام هذا القاضي ، ربما يكون
قاضي حديث العهد ، خرِّيج كليَّة ، فما بالك برئيس مجلس القضاء الأعلى !؟
وبرئيس الإدارات العلمية ، والبحوث ، والإفتاء !؟ وبرئيس الحرمين الشريفين !؟
ومَن حضر معهم مِن العلماء – وهم كبار العلماء في المملكة - !؟.
...........
إذا أردت الاحتفاظ بهذا الرد كاملا فاضغط
هنا بزر الفأرة الأيمن ثم اختر : حفظ باسم