بسم الله الرحمن الرحيم

 شعـراؤنا الأحبة.. والبكاء على الأطلال أو التخدير بالنصر
د مهدي قاضي


أولاً تحية إجــلال وتقدير أقولها لكل الشعراء الأفاضل في عصرنا(المشهور منهم وغير المشهور) الذين أبكوا عيوننا وصوروا لنا مأساة ومآسي أمتنا أبلغ تصوير , وجسدوا لنا بروائعهم آلامنا أروع تجسيد. فأدامهم الله لنا ونفع أمتنا الجريحة المكلومة بهم. ولكـــن ......

1) ليسمح لي هؤلاء الأحبة الأجلاء بأن أقول بأني لاحظت ملاحظه ويبدو أنها أصبحت ظاهرة وهي أن الكثير من الشعر المتحدث عن مآسينا الأخيرة أصبح أشبه ما يكون بما يعبر عنه بــ "البكاء على الأطلال".
وســواء كان البكاء على أطلال المذابح أو على أطلال الواقـــــــع المحبط الذي تعيشه أمتنا في شتى صــوره.
نعم شعرائنا الأجلاء الأحبة لقد ألهبتم مشاعر الأمة وأثرتم فيها تأثيراً عظيما إيجابياً لا ننكره ولكن نريد منكم وأنتم تؤثرون فينا عن آلامنا نــــــــريد منكم أن تكلمونا عن الحل ودورنا وواجباتنا.....
خاصـة الحل الحقيقي والواجب الأساس الذي أصبح ملحاً جدا أن تتحرك له الأمة وبسرعة ألا وهو واجب العودة الى الله والإلتزام بدينه كاملاً وعيش الإسلام حقيقة لا خيالاً والذي به ومنه ستنطلق الأمة للجهاد الهادر الذي سننتصر به وقتئذ بإذن الله عندما نكون حقاً قد نصرناه سبحانه باتباع أوامره وتحكيم شرعه فنكون حققنا شرط النصر فيتحقق لنا النصر (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) الآية.
نعم نريدكم أن تكلمونا عن هذا الجانب بشكـــل أكبر وأوضح.....نريد عندما تلهبوا مشاعرنا بوصفكم مآسينا أن تلهبـــوها أيضا للعودة والإصلاح وتغيير المسار وخاصــة إشعار الفرد المسلم- الذي أصبح محط الأمل- بدوره هـــو نفسه في العودة والتغيير (وحبذا ألا تنسوا) دوره في الدعوة الى ذلك وإصلاح أمته (عــــودة و دعــوة).
نريدكم أن تذكرونا بشكل أكبر وبشكل مفصل وأدق عــن مأساتنا الكبــــــــــــــرى التي وبلا شك نتج عنه إستمرار عجز الأمة عن إيقاف مآسيها الأخرى. نعم مأساتنا الكبرى هو بعد الأمة عن حقيقة دينها والإلتزام بأوامره وتطبيقه التطبيق الحقيقي الكامل.

2) أحبتنا لا ترموا بكل قضية مأساتنا إلى جزء واحد منها وهو غياب الجهاد , وعلى الرغم من أهميته الكبرى وحاجتنا الماسة إليه إلا أنه جزء فقط من مأساتنا.
وأيضاً هذا الجزء المفقود كيف يتحقق ....أيحقق وأمتنا خدرت نفسها وخدرت بالمعاصي التي لا شك أنها تبعدنا عن الجهاد وعن التحرك له , بــــــــــل وتعوقنا عن تحقيق النصر فيه لو إتجهنا له ونحن بنفس حالنا من الغفلة ومجاهرة الجبار بالمعاصي وبما يغضبه.
بل والله إنه قد يحدث من قضية إرجاع سبب مأساتنا إلى فقط عدم وجود الجهاد تخدير للبعض عن واجباته التي يجب أن يقوم بها لكي تعز الأمة وتعود الى طريق الجهاد الذي تنصر فيه, فهو مستمر والمجتمعات تستمر (على الرغم من تحرقهم على الواقع) في الغفلة التي تسوق الأمة بعيدا عن طريق الجهاد وطريق النصر فيه, ويعتذر عن التغيير للصلاح عندما يخبر به وأنه الطريق لإستعادة المجد والعزة لأنه إختزل كل مشكلة الأمة في موضوع غياب الجهاد ونسي أن أعظم ما يعوقه ويعوق الأمة عن الجهاد الصادق الذي تنصـــــــــــر فيه هو توبتها وبعدها عن الغفلة ونصرها لله كي ينصرها سبحانه.
نعم لقد أصبح غياب الجهاد للبعض شماعة يعلق عليها تقصيره في واقع أمته مع أن تقصيره الفردي وغيره في صدق التمسك بالدين هو أحد أهم أسباب تأخر حصول الجهاد الصادق وتحققه في مجتمعات المسلمين.
** أيضا أحياناً تختزل مشكلة الأمة وأمراضها في قضية عدم وجود مثل صلاح الدين ولا ننكر في ان الأمة في أشد الحاجة لمثله.... ولكن كيف يأتي لنا مثل صلاح .... إن صلاح الأمة وصدقها مع الله هو الأساس الذي يخرج لنا مثل صلاح الدين, وصلاح الدين الأيوبي نفسه كان أحد ثمار المنهج الإصلاحي الذي سبقه وعاصره ,وزاده هو وآل زنكي من قبله قوة وتأصلا في مجتمعاتهم آنذاك.
ونفس المشكلة تتكرر فتستمر الأمة في غفلتها وأمراضها وتلقي بمسؤولياتها المقصرة فيها على شماعة عدم وجود مثل صلاح الدين وما درى الفرد المسلم والمجتمعات الإسلامية أنها بتقصيرها هي السبب في عدم وجود أمثال صلاح الدين.
** وليس المقصود هو عدم الحديث عن الجهاد وصلاح الدين بل نحتاج جداً لذكرهما , بل ذكرهما والتذكير بهما يحفز الهمم وقد يوقظ بعض الغافلين ويدفعهم للتغيير ولكن.....
لنذكر بالجهاد مع التذكير بالطريقة العملية لتحقيقه وتحقيق النصر فيه,
ولنذكر بأبطالنا مثل صلاح ولكن ليكــن كوسيلة لتحفيز الأمة للعودة إلى الدين والنخوة له والجهاد الصادق في سبيله,وليكن حافزا لنا لنكون على مثل ما كان عليه صلاح الدين من صــــلاح وتقوى سبقت بطولته وإنجازاته.
وذلك حتى يكون ذكره حافزا لنا في معرفة واجباتنا ومسؤوليتنا في الإصلاح لا أن يكون ذكره وذكر عدم وجود أمثاله - كما ذكر سابقاً- شماعــــة!!!! يستغلها الشيطان لكي تلقي الأمة عليها أخطائها بينمـــا هي سادرة في غفلتها ولهوها وذنوبها والتي هي أساس مأساتها وكل التخبط والتقرق والضياع والهوان الذي تعيشه.

3) أحبتنا وأجلاءنا لا شك أن التذكير بالنصر له إيجابياته ويمنح الأمل وسط هذا الواقع المحبط الذي نعيشه ولـكن......
عندما نذكر ونحمس بالنصر بدون التوضيح الكافي بطريقه... نكون كمن يطمئن من كان نائماً غافلاً مريضاً والعدو يقطع جزء من جسده ويتجه للإجهاز عليه ونحن نطمئنه بأنه سيتغلب عن هذا العدو بينما هو نائم غافل مما سيمكن العدو منه بشكل أكبر لأنه اطمئن لإمكانية إنتصاره على هذا العدو على الرغم من غفلته ونومه , أو كمن يطمئن الطالب الكسول بأنه سينجح في الإمتحان بينما هو مستمر في كسله. لذا إسمحوا لي أن أقول أنني شعرت في العديد من القصائد( بل وحتى في بعض المقــالات) عن مآسينا الأخيرة بأن مثل هذا يحدث.
لا أقول لا نتفائل بالنصر, ولكن أن نطمئن أمتنا به بينما هي مستمرة في غفلتها الشديدة وبدون دلالتها بوضــوح على طريق النصر وطريق تحقيقه نكون قد فعلنا مثل ما ذكر سابقاً.
أحبتنا إن أمتنا تحتاج إلى التفاؤل ولكنها....
تحتاج أكثر ما تحتاج إلى من يهزها بقوة لتستيقظ من نومها العميق وبعدها الشديد,
تحتاج أكثر من التفاؤل إلى من يحذرها من حدوث مآسيٍ أخرى ويحذرها من حدوث عقاب من الجبار سبحانه لها فهي....
لم تفق وترجع إلى الله وهي في أشد مآسيها وذلها وهوانها,
لم تعد وتتوب وهي ترى المسلمين يذبحون ذبح النعاج بما فيهم أطفالهم الأبرياء,
لم تعد وهي ترى الآلاف !!!! من أخواتهن يغتصبن!!!! .
لم تعد وتتوب وهي ترى الأعداء يتربصون بها من كل جانب!!
لم تعد وتتوب وهي ترى العالم يعيش في قمم من الضياع والتعاسة والكفر والضلال وهي المسؤولة عن تبليغه طريق النجاة ....أولاً بتمثلها هي نفسها للإسلام حقيقة وصدقاً(فهو الأهم لنشر الدين) وثانياً بتبليغه الإسلام بكل عزم وهمة.
إن مثل هذه الأمة التي لم تفق وتعود وهي ترى كل هذه البلايا....
تحتاج أكثر ما تحتاج إلى من يخوفها من وقوع العقاب عليها وحصول مثل ما حصل لإخوانهم عليهم.
وإن أردنا أن نخفف بعض إحباطاتها فلنذكرها بقوة ووضوح ودقة بالطريق والوسيلة والطريقة التي بحصولها والبدء بتحقيقها نتفاءل التفاؤل الحقيقي الذي يكون تفـــاؤلا مفيداًً لا أمانــي قد تضر أكثر مما تفيد.

4) ولنا طلب آخر أحبابنا عندما تُذكِّرون بأن الحل لمآسينا يكون بالعودة إلى إسلامنا ؛ وهو أن توضحوا بقدر إستطاعتكم دور الفــرد في هذا التغيير وهذه العودة ومسؤوليته هو في تحقيقها. والأثر العملي لمثل هذا الخطاب الموجه للفرد أكبر وأفضل بإذن الله.
حتى لا يحدث من أن ينشد البعض ويتغنى بأن عزنا في الدين وفي الإسلام وهو نفسه بعيد عن تحقيق حقيقة الدين والصدق فيه.
ونتمنى بقدر الإمكان أن يلمس شعركم التذكير ببعض المنكرات التي انتشرت وفشت في الأمة . وهذا أيضا يضاعف الأثر الإيجابي لشعركم المبارك ويضاعف الفوائد العملية المجنية منه.
فما أقيم أن تحوي القصيدة ِذكر أن الأمة بعدت عن تحكيم شرع الله, ووقعت في أخطاء عقدية, وبعدت عن إحترام أوامره في إعلامها , وتساهلت بالنظر الى الحرام في الشاشات وغيرها, ووقعت في أخطاء سلوكية, ولم تصدق في همتها لرفعة شأن أمتها في شتى المجالات, ورضيت بالحديث وتركت العمل للإصلاح والدعوة والتغيير وووووووو.
إننا نطمــــع في عطـاآت عملية أكبر من شعركم الرصين المؤثر المبــــارك.
وكما أتحفتمونا وأتحفتم الأمة بشعركم الذي جسد آلام الأمة بأقوى تجسيد وأشعرنا وأبكانا, فنريد وننتظر بتـــــوق كبير شعركم القوي الذي أيضاً يجســــــد لنا الحـــل الحقيقي وطريقه ووسائله فأنتم بما وهبكم الله من أقوى من يؤثر في الجموع ويدل على الطريق بإذن الله..... و (إن من البيـــــان لسحــــراً).

** أخيــــراً أدعوكم أحبتنا وأجلاءنا أن تكرمونا بقراءة المقالين القادمين والتي سأكتب روابطها, وأقتطع أجزاءً منها أكتبها بعد الروابط.

أ‌- مقال (أمة الإسلام : فلنعد قبل أن تأتينا الطامات وتحل علينا العقوبات!! ..وليكن شعارنا عودة ودعوة ) :
فلنعد قبل أن تأتينا الطامات وتحل علينا العقوبات!!

- ومن هنا أبعث نـــــــــــــــــــــــــداء حارا أرسله إلى كل مسلم في أرجاء الأرض خاصة الدعاة والمفكرين والكتاب والشعـــــــــــــراء بأن يركزوا على تبيين طريق النصر لأمتنا بخطابات قوية مؤثرة, دقيقة مفصلة, تصف الداء والدواء, علَّ أمتنا تصحو من غفلتها وتنتبه للداء الأساسي الذي أصابها ونتجت عنه كل الأعراض والأمراض والبلايا الأخرى , وعلَّها تلتفت لمسؤولياتها وتبدأ العمل.
وتبيين كيد الأعداء مهم , والحديث عن آلامنا مهم, ولكن الأهـــــــــــــم هو إيضاح طريق النجاة والخلاص والنصر ,.... والسعي لتحقيقه.

ب‌- مقال (كلمـــــــة للدعاة والمصلحين ( الخطاب الدعوي و مذابح المسلمين) :
كلمـة للدعاة والمصلحين ( الخطاب الدعوي ومذابح المسلمين )

- أيضاً وعلى الرغم من سرور قلوبنا بما نقرؤه ونسمعه من العديد من الصادقين من تألم على الواقع والجراح إلا أننا من كثرة الجراح, وفي غياب التذكير بالحل الحقيقي بوضوح, أصبحنا نمل أحيانا من كثرة البكاء والتباكي على واقع الأمة المتكرر,
فهل الهدف هو البكاء للبكاء؟
أو هل الهدف هو البكاء والتألم فقط لجمع المال لهم ؟والذي لاشك في أهميته إلا أنه حل جـزئي ووقتـــي خاصة إذا لم يربط بالحل الحقيقي .
فالمفتـــــرض أن يكون الهدف الأكبــــــر من البكاء والتألم هو جعل ذلك شعلــــة للأمة للانطلاقـــة نحو التغييـــــر في واقعها والعودة إلى الله والدعوة إليه التي بها تنتصر الأمة وتحل كل مشاكلها .

- - يتكلم الكثير من الخطباء والشعراء والكتاب وغيرهم عند تألمهم على المحن عن الجهاد وعزة الأمة ووحدتها ونخوتها, ولاشك أن هذه أسس هامة جداً ونحن بأمس الحاجة إليها وبها بإذن الله يتحقق النصر ولكــــــن......
كيف السبيل إليها؟
وهل وضِّح للناس كيف نصل لطريق الجهاد؟ وكيف النصر فيه.
وكيف تحدث العزة والوحدة؟
هل نريد من المسلمين أن يثبوا فجأة للجهاد رغم كل العوائق وأهمها الذنوب والمعاصي؟ , ونتمنى أن يحدث ذلك ولكن المخدر بشكل عام عادة لا يقوم فضلا من أن يثب وثوباً حقيقياً.
ثم لو حصل الجهاد من أمتنا بدون تركها المعاصي ومجاهرة الجبار بها فلن يحصل النصر الحقيقي التام.

- حبذا أيضا لو كان في خطابنا الدعوي- نثرا كان أو شعرا أو خطابة- تبيين وتذكير ببعض المنكرات التي انتشرت في الامه. وهذا افضل من العموميات في الكلام عن العودة والذنوب لكي يتضــــح للفرد المسلم نقاط خللـــه وتقصيــــره ,ومن ثم يكون خطابنا أقـــوى في النتيجة العملية الناتجة منه بإذن الله.

الصفحة الرئيسة