الــــحــــمــــدُ لــــلــــهِ وبــــعــــدُ ؛
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ
دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ
اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ، قَالَ : فَمَنْ .
أخرجه البخاري (7320) ، مسلم (2669) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/314) : قَوْله ( قَالَ فَمَنْ ) هُوَ
اِسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَالتَّقْدِير : فَمَنْ هُمْ غَيْر أُولَئِكَ ...
قَالَ اِبْن بَطَّال : أَعْلَمَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ
أُمَّته سَتَتَّبِعُ الْمُحْدَثَات مِنْ الْأُمُور وَالْبِدَع وَالْأَهْوَاء
كَمَا وَقَعَ لِلْأُمَمِ قَبْلهمْ , وَقَدْ أَنْذَرَ فِي أَحَادِيث كَثِيرَة
بِأَنَّ الْآخِر شَرّ , وَالسَّاعَة لَا تَقُوم إِلَّا عَلَى شِرَار النَّاس
, وَأَنَّ الدِّين إِنَّمَا يَبْقَى قَائِمًا عِنْد خَاصَّة مِنْ النَّاس .
قُلْت : وَقَدْ وَقَعَ مُعْظَم مَا أَنْذَرَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَسَيَقَعُ بَقِيَّة ذَلِكَ .ا.هـ.
وتأمل -
أخي المسلم - تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم جحر الضب بالذات .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ التَّخْصِيص إِنَّمَا
وَقَعَ لِجُحْرِ الضَّبّ لِشِدَّةِ ضِيقه وَرَدَاءَته , وَمَعَ ذَلِكَ
فَإِنَّهُمْ لِاقْتِفَائِهِمْ آثَارهمْ وَاتِّبَاعهمْ طَرَائِقهمْ لَوْ
دَخَلُوا فِي مِثْل هَذَا الضَّيِّق الرَّدِيء لَتَبِعُوهُمْ .ا.هـ.
فما رأيك
- أخي المسلم - في تطبيق هذا الحديث لواقعِ المسلمين بصفة عامة وشبابه بصفة
خاصة ؟؟؟؟؟؟
انتهت قبل أيام صورةٌ من صور إشغال الأمة المسلمة عن قضاياها المهمة ، وانشغل
بها الكبيرُ قبل الصغيرِ ، وصارت أحاديثَ المجالس - زعموا - .
شُغلت الأمةُ عن قضية فلسطين ، وكشمير ، وأفغانستان ، والشيشان ، وغيرها من
قضايا الأمة !!!
شُغلت الأمةُ عن مخططات أعدائها !!!
هل تناستِ الأمةُ حديث القصعة ؟؟؟؟
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُوشِكُ الْأُمَمُ
أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى
قَصْعَتِهَا . فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ
: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ
السَّيْلِ ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ
مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ . فَقَالَ
قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا
وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ .
أخرجه أبو داود (4297) ، وأحمد (5/278) .
وجاء من طريق آخر :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِثَوْبَانَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا
ثَوْبَانُ إِذْ تَدَاعَتْ عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ كَتَدَاعِيكُمْ عَلَى
قَصْعَةِ الطَّعَامِ يُصِيبُونَ مِنْهُ ؟ قَالَ ثَوْبَانُ : بِأَبِي
وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا ؟ قَالَ : لَا أَنْتُمْ
يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنْ يُلْقَى فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهَنُ . قَالُوا
: وَمَا الْوَهَنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : حُبُّكُمْ الدُّنْيَا
وَكَرَاهِيَتُكُمْ الْقِتَالَ .
أخرجه الإمام أحمد (2/359) . وقد انفرد بإخراجه الإمام أحمد .
والحديث لنا معه وقفات في موضوع مستقل مع ذكر طرقه ، وكلام أهل العلم فيه .
معذرةً على هذه المقدمة ، ولكن رأيتُ أنها من الأهمية بمكان .
ولعلكم توصلتم إلى ما أريد أن أقول .
وقصتي مع هذا المقال
، أنني كنت مع أحد الشباب في العمل ، وكان عنده جريدة ، فقلبت صفحات تلك
الجريدة ، وإذا بي أرى صورةً لذلك الْـعِـلْـجِ " رُنالدو " ، وقد ظهر في
صورةٍ غريبةٍ عجيبةٍ ، ولكن لم أستغرب منه ، لأنه ليس بعد الكفر ذنب .
ظهر وقد حلق رأسه كله إلا بقعةً صغيرةً في مقدمة الرأس ، وهو ما يقال له في
لسان الشارع " الـقَـزَع " .
وفي هذه اللحظة تذكرتُ حديثَ أبي سعيد الخدري الآنف الذكر .
قلت في نفسي :
هل نرى مثل هذه الصورة في شباب المسلمين ؟؟؟ وخاصة ممن عندهم جنون الكرة .
لا أستبعد ذلك !!!
فقال لي زميلي :
سترى هذه القََصة لهذا الكافر غدا في ملاعبنا ، وشوارعنا ، ومجتمعاتنا .
اللهم سلم سلم .
فستذكرون ما أقول لكم .
قبل هذا الْـعِـلْـجِ عِـلْـجٌ قبله قد أقام الدنيا وأقعدها قبل أعوام ،
وجعله شباب الأمة قدوة يقتدى به ، عندما يُسألون من قدوتكم ؟
يأتي الجواب مع الأسف : " مـاردونا " .
وقد زار أرض الجزيرة ، وأغدقت عليه الهدايا ، والأموال ، والعطايا ، ثم يظهر
بعد ذلك وهو يلبس قيعة اليهود وقد وقف أمام حائط المبكى .
وزاد ضِـغْـثـاً على إِبَّـالَـةٍ أنه مدمن حشيش - نسأل الله السلامة
والعافية - .
وهذا الْـعِـلْـجُ " رُنالدو " ستُبدي لنا الأيام من فضائحه مثل سابقه .
أخي المسلم
؛ لقد عرف أعداء هذه الملة كيف يأكلون
من هذه القصعة ، بل تفننوا في طريقة أكلها مع الأسف ، وسلطوا سهامهم على شباب
الأمة لمعرفتهم أنهم هم عماد هذا الدين وركيزته .
ومن أكبر المشاغل التي أشغل بها الشباب هي الكرة ، فلا تكاد ترى شابا إلا وهو
يريد أن يكون مثل اللاعب الفلاني ، ولا نكاد ننتهي من كأس إلا ويأتينا قبل أو
بعده أو في أثناءه كأس آخر ، وهكذا دواليك .
اللهم وفق شباب المسلمين للرجوع إلى كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم .
وارزقهم الهداية والسداد .
مـلـحـوظـة :
1 - معنى الْـعِـلْـجِ كما ذكر أهل
اللغة :
قال ابن فارس : العين واللام والجيم
أصل صحيح يدل على تمرس ومزوالة ، في جفاء وغلظٍ . من ذلك العلج ، وهو حمار
الوحش ، وبه يشبه الرجل الأعجمي .ا.هـ.
وقال ابن منظور في لسان العرب : والْـعِـلْـجُ : الرجل من كفار العجم .ا.هـ.
وقال ابن الأثير في " النهاية " : يُريد بالعلج الرجل من كفار العجم وغيرهم ،
والأعلاج جْمعُهُ ، ويجمع على علوج .ا.هـ.
2 - ضِـغْـثـاً على إِبَّـالَـةٍ :
قال الميداني في مجمع الأمثال (1/419)
: الإبَّـالـة : الحزمة من الحطب . والضغث : قبضة من حشيش مختلطة الرطب
باليابس . ومعنى المثل بلية على أخرى .
رابط الموضوع