هَلْ يَقْتدِي شَبَابُ المُسْلِمِـينَ بِـ " العِلْجِ ..." ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

هَلْ يَقْتدِي شَبَابُ المُسْلِمِـينَ بِـ " العِلْجِ ..." ؟


الــــحــــمــــدُ لــــلــــهِ وبــــعــــدُ ؛

‏عَنْ ‏أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏قَالَ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏‏ " لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏آلْيَهُودَ ‏وَالنَّصَارَى ‏، ‏قَالَ : فَمَنْ .
أخرجه البخاري (7320) ، مسلم (2669) .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/314) : ‏قَوْله ( قَالَ فَمَنْ ) ‏‏هُوَ اِسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَالتَّقْدِير : فَمَنْ هُمْ غَيْر أُولَئِكَ ... قَالَ اِبْن بَطَّال : أَعْلَمَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُمَّته سَتَتَّبِعُ الْمُحْدَثَات مِنْ الْأُمُور وَالْبِدَع وَالْأَهْوَاء كَمَا وَقَعَ لِلْأُمَمِ قَبْلهمْ , وَقَدْ أَنْذَرَ فِي أَحَادِيث كَثِيرَة بِأَنَّ الْآخِر شَرّ , وَالسَّاعَة لَا تَقُوم إِلَّا عَلَى شِرَار النَّاس , وَأَنَّ الدِّين إِنَّمَا يَبْقَى قَائِمًا عِنْد خَاصَّة مِنْ النَّاس . قُلْت : وَقَدْ وَقَعَ مُعْظَم مَا أَنْذَرَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَقَعُ بَقِيَّة ذَلِكَ .ا.هـ.

وتأمل - أخي المسلم - تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم جحر الضب بالذات .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ التَّخْصِيص إِنَّمَا وَقَعَ لِجُحْرِ الضَّبّ لِشِدَّةِ ضِيقه وَرَدَاءَته , وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لِاقْتِفَائِهِمْ آثَارهمْ وَاتِّبَاعهمْ طَرَائِقهمْ لَوْ دَخَلُوا فِي مِثْل هَذَا الضَّيِّق الرَّدِيء لَتَبِعُوهُمْ .ا.هـ.

فما رأيك - أخي المسلم - في تطبيق هذا الحديث لواقعِ المسلمين بصفة عامة وشبابه بصفة خاصة ؟؟؟؟؟؟

انتهت قبل أيام صورةٌ من صور إشغال الأمة المسلمة عن قضاياها المهمة ، وانشغل بها الكبيرُ قبل الصغيرِ ، وصارت أحاديثَ المجالس - زعموا - .
شُغلت الأمةُ عن قضية فلسطين ، وكشمير ، وأفغانستان ، والشيشان ، وغيرها من قضايا الأمة !!!
شُغلت الأمةُ عن مخططات أعدائها !!!

هل تناستِ الأمةُ حديث القصعة ؟؟؟؟
‏عَنْ ‏‏ثَوْبَانَ ‏قَالَ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :‏ ‏يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ ‏ ‏تَدَاعَى ‏عَلَيْكُمْ كَمَا‏ ‏تَدَاعَى ‏الْأَكَلَةُ إِلَى ‏‏ قَصْعَتِهَا .‏ ‏فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ ‏غُثَاءٌ ‏كَغُثَاءِ ‏السَّيْلِ ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ . فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ .
أخرجه أبو داود (4297) ، وأحمد (5/278) .

وجاء من طريق آخر :
‏عَنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏قَالَ ‏: ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏يَقُولُ ‏لِثَوْبَانَ ‏: ‏كَيْفَ أَنْتَ يَا ‏ ‏ثَوْبَانُ ‏ ‏إِذْ تَدَاعَتْ عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ كَتَدَاعِيكُمْ عَلَى ‏قَصْعَةِ ‏الطَّعَامِ يُصِيبُونَ مِنْهُ ؟ قَالَ ‏ثَوْبَانُ ‏: ‏بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا ؟ قَالَ : لَا أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنْ يُلْقَى فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهَنُ . قَالُوا : وَمَا الْوَهَنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : حُبُّكُمْ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَتُكُمْ الْقِتَالَ ‏.
أخرجه الإمام أحمد (2/359) . وقد انفرد بإخراجه الإمام أحمد .

والحديث لنا معه وقفات في موضوع مستقل مع ذكر طرقه ، وكلام أهل العلم فيه .
معذرةً على هذه المقدمة ، ولكن رأيتُ أنها من الأهمية بمكان .
ولعلكم توصلتم إلى ما أريد أن أقول .

وقصتي مع هذا المقال ، أنني كنت مع أحد الشباب في العمل ، وكان عنده جريدة ، فقلبت صفحات تلك الجريدة ، وإذا بي أرى صورةً لذلك الْـعِـلْـجِ " رُنالدو " ، وقد ظهر في صورةٍ غريبةٍ عجيبةٍ ، ولكن لم أستغرب منه ، لأنه ليس بعد الكفر ذنب .

ظهر وقد حلق رأسه كله إلا بقعةً صغيرةً في مقدمة الرأس ، وهو ما يقال له في لسان الشارع " الـقَـزَع " .
وفي هذه اللحظة تذكرتُ حديثَ أبي سعيد الخدري الآنف الذكر .
قلت في نفسي : هل نرى مثل هذه الصورة في شباب المسلمين ؟؟؟ وخاصة ممن عندهم جنون الكرة .
لا أستبعد ذلك !!!
فقال لي زميلي : سترى هذه القََصة لهذا الكافر غدا في ملاعبنا ، وشوارعنا ، ومجتمعاتنا .
اللهم سلم سلم .
فستذكرون ما أقول لكم .

قبل هذا الْـعِـلْـجِ عِـلْـجٌ قبله قد أقام الدنيا وأقعدها قبل أعوام ، وجعله شباب الأمة قدوة يقتدى به ، عندما يُسألون من قدوتكم ؟

يأتي الجواب مع الأسف : " مـاردونا " .

وقد زار أرض الجزيرة ، وأغدقت عليه الهدايا ، والأموال ، والعطايا ، ثم يظهر بعد ذلك وهو يلبس قيعة اليهود وقد وقف أمام حائط المبكى .

وزاد ضِـغْـثـاً على إِبَّـالَـةٍ أنه مدمن حشيش - نسأل الله السلامة والعافية - .

وهذا الْـعِـلْـجُ " رُنالدو " ستُبدي لنا الأيام من فضائحه مثل سابقه .

أخي المسلم ؛ لقد عرف أعداء هذه الملة كيف يأكلون من هذه القصعة ، بل تفننوا في طريقة أكلها مع الأسف ، وسلطوا سهامهم على شباب الأمة لمعرفتهم أنهم هم عماد هذا الدين وركيزته .
ومن أكبر المشاغل التي أشغل بها الشباب هي الكرة ، فلا تكاد ترى شابا إلا وهو يريد أن يكون مثل اللاعب الفلاني ، ولا نكاد ننتهي من كأس إلا ويأتينا قبل أو بعده أو في أثناءه كأس آخر ، وهكذا دواليك .
اللهم وفق شباب المسلمين للرجوع إلى كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم . وارزقهم الهداية والسداد .

مـلـحـوظـة :
1 - معنى الْـعِـلْـجِ كما ذكر أهل اللغة :
قال ابن فارس : العين واللام والجيم أصل صحيح يدل على تمرس ومزوالة ، في جفاء وغلظٍ . من ذلك العلج ، وهو حمار الوحش ، وبه يشبه الرجل الأعجمي .ا.هـ.
وقال ابن منظور في لسان العرب : والْـعِـلْـجُ : الرجل من كفار العجم .ا.هـ.
وقال ابن الأثير في " النهاية " : يُريد بالعلج الرجل من كفار العجم وغيرهم ، والأعلاج جْمعُهُ ، ويجمع على علوج .ا.هـ.
2 - ضِـغْـثـاً على إِبَّـالَـةٍ :
قال الميداني في مجمع الأمثال (1/419) : الإبَّـالـة : الحزمة من الحطب . والضغث : قبضة من حشيش مختلطة الرطب باليابس . ومعنى المثل بلية على أخرى .

رابط الموضوع

كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com