تابعتُ يوم الجمعة 19 – 6 – 1430هـ كغيري من المتابعين لقناة " دليل " اللقاء
مع رئيس تحرير صحيفة " الوطن " الأستاذ جمال خاشقجي في برنامج " البيان التالي
" الذي يقدمه الصحفي المعروف د. عبد العزيز قاسم ، وكان محور اللقاء عن اجتماع
الأستاذ جمال خاشقجي مع الصحفي اليهودي على طاولة واحدة عند لقائه بالرئيس
الأمريكي باراك أوباما بعد خطابه في مصر .
كانت حلقة ساخنة من عدة نواحي : المقدم ، الموضوع ، الضيف ، المداخلين ، وختاما
ما الانطباع الذي يخرج به المشاهد ؟! دخل د. عبد العزيز الحوار بثقله المعنوي
لا البدني ! في طرح كل ما يرد في الأذهان من أعذار متوقعة ومحتملة للأستاذ جمال
خاشقجي لتبرير ذلك الاجتماع ، فلم يترك شاردة ولا واردة إلا وحشر فيها ضيفه في
زاوية ضيقة ... وتبقى أجوبة الضيف خاشقجي هي المعبرة عن قناعاته .
خرج المتابع للحوار بعدد من المحصلات والنتائج عن الضيف ألخصها في التالي :
أولا : أصر الضيف على رأيه في الجلوس مع ذلك
الصحفي ، وأن المهنية الصحفية هي الحكم والفصل في ذلك عنده ، وليست مسألة ضمير
مستتر ، أو ضمير متصل أو منفصل . جاءت المفاجأة التي قد تجعل المشاهد لا يستغرب
إصراره على رأيه وهي أنها ليست المرة الأولى التي يجتمع فيها رئيس تحرير جريدة
" الوطن " جمال خاشقجي مع يهود ، وجلس يسرد تاريخه في الجلوس معهم ، فصرح بأنه
التقى في عدة اجتماعات مع اليهود ! ، وهذه فائدة تشترى ! ، ومن بركات د. عبد
العزيز قاسم ... شكر أبا أسامة .
ثانيا : التناقض العجيب عندما صرح أنه لا يرضى بالتطبيع مع اليهود ! ،
فلسان حاله ذكرني بالمثل المصري القائل : تحلف لي أصدقك أشوف أمورك استعجب ! ،
وبالتوجيه القرآني : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا
لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا
تَفْعَلُونَ " ، قبل قليل تقول أنك اجتمعت مع عدد منهم ، ثم تقول أنك لا ترضى
بالتطبيع ! . يبدو أن الضيف لا يعرف معنى التطبيع ! والمعنى بلغة سهلة موجزة :
التطبيع يعني أن يصبح الأمر في التعاطي مع بني صهيون طبيعيا ، بحيث تذوب معاني
الولاء للمسلمين ، والبراء من الكافرين ، فلو قيل لك : هذا شمعون بيريز رئيس
دولة صهيون معك بجانبك ! ، ستقول : وماذا يعني ؟! أهم شيء عندي مهنية الصحفية ،
والبحث عن الخبر ، والإثارة !!!
ثالثا : لغة التعالي عند الضيف ، وتسفيه رأي الآخرين الذين لا يوافقون
فكرته ، وهذا وضح عندما سأله د. عبد العزيز قاسم عن رأيه في المعلقين من
المشايخ والدكاترة على خطاب أوباما ، فبدأ هجوما وتسفيها لأفكارهم ، وأنهم لا
يفهمون شيئا في السياسية !! ، واتهم كل من لا يوافقه في رأيه بأنه يلعب على وتر
دغدغة وشحن المشاعر ، واستخدام الخطابة ، وهذا تسفيه للناس ، وتسطيح لأفكارهم ،
فكم من رئيس لأمريكا خاطب الجماهير العربية ، ووعدهم ، ومناهم ، وما يعدهم إلا
غرورا وكذبا ، وتنتهي فترة ولايته ولم يحرك إبرة في مخيط ؟!
رابعا : استخدم في نقاشه مع الشيخ عوض القرني أسلوبا استعدائيا عندما
فسر كلامه بغير سبب مقنع أنه معارض لخادم الحرمين لأنه يرفض المبادرة العربية !
لا أجد سببا مقنعا لمثل هذا الأسلوب ، فالشيخ عوض القرني طرح رأيه ، فمن الواجب
أن يناقشه في كلامه ، ولا يذهب بعيدا ، ويستخدم أسلوبا غير مهني مع من يخالفه
في الرأي ! فأين المهنية يا رئيس التحرير ! جمال ؟!
خامسا : لم أفهم ما سبب هجومه الحاد جدا على قناة " الجزيرة " ؟! وقد
اتهمها أيضا بأنها تضرب على وتر الجماهيرية والشعبية ، ودغدغة المشاعر ، بالرغم
من اعترافه بمهنية قناة " الجزيرة " في تغطية أحداث غزة الأخيرة ! ، وهذا تناقض
آخر !
وأخيرا : شكراً د. عبد العزيز قاسم فقد أخرجت ما في الجعبة ، وخبايا
الزوايا عند خاشقجي ، وأصبح برنامجك " البيان التالي " مقبلات قبل الغداء لفتح
الشهية ، وفاكهة وحلويات بعد الغداء من يوم الجمعة لمن أحب ، ويبقى التجديد في
التقديم مطلبا ملحا لتواصل المسيرة أبا أسامة ، وفقك الله وسددك .
وشكرا لخاشقجي فقد كنت صريحا واضحا بعرضك لتاريخك التطبيعي مع اليهود بكل فخر
وانبساط وأريحية !
عبدالله بن محمد زقيل
كاتب وباحث شرعي
zugailamm@gmail.com