يا صحافتنا .. هل
خطبة د. العريفي أم خطباء الفتنة ؟!
عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل
تابعتُ لقاء برنامج "البينة" على قناة "اقرأ" عن طريق اليوتيوب ، وكان ضيفا
اللقاء الشيخ سليمان الدويش وكاتب صحفي كان لاعب كرة يد سابق ، ودار النقاش عن
موقف الكُتّاب الصحفيين من ثورة "حنين" الفاشلة ، وفي الحلقة برر الكاتب الصحفي
في مقال له بعبارة تدلك على العقلية المُسطّحة له ولمن يبرر بمثل تبريره ، فقد
قال : " هي ثورة بدأت في النت وانتهت في النت " ! .
كلامه لا يحتاج إلى توقف ولكن قفوا مع التبرير الأقبح من الذنب في عدم الكتابة
عنها ، وهل ما قامت به الدولة من استنفار للجهات الأمنية وغيرها ، وبيان هيئة
كبار العلماء ، ثم بيان وزارة الداخلية كان عبثا ؟
في الأزمة التي مرت بسلام اتضح للجميع كيف هؤلاء الكُتاب لا يعول عليهم في مثل
هذه الأزمات ؟ لأن التصغير والتقليل من مثل هذه الثورة ومن حولنا بلاد بدأت
الثورة بالنت وانتهت بخلع الحكام ليعد تسطيحا خطيرا ، ولكن الله سلم بلادنا
منها .
ودار النقاش عن قضية الهجوم على الشيخ العريفي بعد خطبته الشهيرة التي تحدث
فيها عن موقف الصحافة والمستكتبين منها بالإحصائية التي أوردها ، والشيخ لم
يذكر اسم صحفي واحد بل استخدم النهج النبوي : ما بال أقوام .
أحصيتُ أكثر من ثلاثين مقالا كُتبت عن الشيخ العريفي بعد خطبته عن موقف الصحافة
من ثورة "حنين" ، وصلت إلى السخرية والشخصنة والرمي بالتهم ، والدخول في النيات
، وسلسلة طويلة ، ولا يخفى على الجميع أن التوافق في الكتابة عنه من الكُتاب
يصل إلى أكثر من ثلاثين مقالا لا يمكن ولا يتصور أنه جاء اعتباطا أو مصادفة ،
بل التنسيق والتواصي واضحا بل يصل الأمر إلى حث وحض رؤساء التحرير للكُتاب
بالكتابة لأنهم يعتبرون موظفين عند رئيس التحرير متى شاء حركهم ، وبالعكس .
لا سيّما وقد قال اللاعب الصحفي المناظر في تلك الحلقة مفتخرا : " أنا أول من
كتب عن الشيخ العريفي " !!
لقد رفعوا عقيرتهم بالمطالبة بمحاكمة الشيخ د. العريفي بزعمهم أنه رمى الصحفيين
والكتاب بتهمة الخيانة ، واستخدم منبر الجمعة فيما لم يوجد له ، وشغبوا
وتقافزوا وأرعدوا وأزبدوا وهو لم يذكر اسم كاتب واحد ، فكيف لو ذكر اسما ؟
سأنتقل بالصورة إلى حالة مشابهة تماما في استخدام منبر الجمعة لغير ما وضع له
كما زعمت الصحافة ، بل الحالة التي أطرحها أشد بمراحل مما قاله الشيخ د.
العريفي ، وكما قيل : وبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ .
في أحداث البحرين الأخيرة احمرت أنوف شيعة الخليج العربي بعد دخول قوات درع
الجزيرة ، وقامت قيامتهم ، واعتبروا دخول القوات تدخلا في سيادة البحرين –
زعموا - ، وقامت الماكينة الإعلامية الإيرانية بدعم إعلامي لوجستي يصور أنه مع
دخول القوات حدثت أعمال قتل للشيعة ، وبروبقندا إعلامية مفبركة صدقها شيعة
المنطقة ، ولا غرابة في ذلك فإيران تملك ماكينة إعلامية لا تقارن بما عند السنة
، وعلى سبيل المثال قارنوا بين عدد القنوات الشيعية والسنية لتدركوا الفرق ،
وبكل أسف لا يوجد مقابل تلك القنوات الكثيرة التي تزيد عن أربعين قناة إلا
قناتان سنيتان (وصال وصفا) فقط ، فأين الباقي ؟ .
من تأثير تلك البروبقندا قام بعض معمموا القطيف بتصديق فرية قتل قوات درع
الجزيرة للشيعة في البحرين فاستخدموا منبر الجمعة لإيصال تلك المعلومة المفبركة
، وزادوا عليها ، وهاجموا بلادهم التي يعيشون على أرضها تلميحا أو تصريحا ،
ورفعوا شعارات أثناء الخطب .
نأتي إلى موقف الصحافة المحلية من تلك التجاوزات والخيانات فلم (ولن) نقرأ حرفا
واحدا من الكُتاب عن تلك الخطب الموثقة في اليوتيوب ، ولا شك أنها تحمل شعارات
معادية للدولة ، وافتراءات يكذبها أهل البحرين أنفسهم كما صرح في برنامج
"البيان التالي د. عادل علي عبد الله الباحث الاستراتيجي في مجلس التعاون
الخليجي ، ويكذبها الإعلام البحريني نفسه أيضا .
إن إغماض أعين الكُتّاب والصحافة المحلية عن المنبر الشيعي وما قيل فيه من هجوم
صريح أو تلميح على الدولة ، واتساع حدقة العين على خطبة الشيخ د. العريفي ليدل
دلالة واضحة أن المسألة مزاجية ، وهوى ، وتصفية حسابات شخصية ، لا تفسير لها
إلا هذا ، وإلا فخطبهم موجودة في اليوتيوب ، ومطالبهم أيضا فلماذا التعامي عنها
وشن الكُتاب على الشيخ العريفي ؟
حالهم المتناقضة بين المنبرين ذكرني بمقولة ابن عمر لرجل من العراق عندما سأله
عن حكم دم البعوض فأجابه : " انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ
الْبَعُوضِ ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " .
مع الأسف كُتّاب الصحافة عندنا ليس لديهم أولويات عند الكتابة ، فأيهما أشد
خطرا على البلاد خطبة المعممين عن البلاد ، أم خطبة الشيخ العريفي عن قضية أتى
فيها بإحصائيات ؟!
ولذلك قال ابن بطال في فوائد كلام ابن عمر السابق : " يؤخذ من الحديث أنه يجب
تقديم ما هو أوكد على المرء من أمر دينه " .
وصدق الشاعر وأُراه في وصف حال الصحافة عندنا لما قال :
ولئلا يكون كلامي عبثا أو هراء أو مجازفة أضع لكم روابط تلك الخطب لتقارنوا
بأنفسكم أيهما أشد قولا وفتنة ، ومن يستحق أن يكتب في حقه أكثر من ثلاثين مقالا
.