|
أبا أسامة
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته .
تابعتُ الحوار
في مجموعتك الراقية مع خاسقجي والمداخلين ، واسمح لي بذكر نقاط تتعلق به
وردي على مداخلة د. فقيه الذي فهم كلام شيخ الإسلام على غير وجهه الصحيح،
بل على كتب الفقه والعقيدة :
وقبل الدخول في
الموضوع أريد أن أمهد بنقطة : أجد من المناقشين لأبي صلاح أنهم يحاولون
إقناعه بأن يفتح المجال لهم للكتابة والرد ، فأقول : أنتم تطلبون المستحيل
، وبالعامية : " أمل إبليس في الجنة " ، فأبو صلاح عنده قناعة معينة لا
يمكن تتغير ، وأرجو أن تتغير !
ندخل في الموضوع
:
أولا :
ألحظُ على الأخ خاشقجي أنه ظن نفسه داخل مبنى صحيفة " الوطن " فأحب أن يقال
له في المجموعة البريدية : " سمعا وطاعة جيمي " ! ، وهذا ظن خاطىء ، فأنت
في مكان فيه نخبة من المثقفين الشرعيين والتخصصات المختلفة ، فالرد عليك لن
يكون بالقول " سمعا وطاعة " كما في صحيفتك التي تمثلك شخصيا .
ثانيا :
هناك من يرى أن دخول جمال خاشقجي وظهوره وتواجده المحلوظ في مجموعة د. عبد
العزيز قاسم ، وما صاحبها من السماح للدكتور قاسم من الكتابة في جريدته ما
هو إلا محاولة احتواء للدكتور قاسم ، وتدجين ( ذبح سعودي ) مجموعته
البريدية على طريقة ( إن لم تكن معي فأنت ضدي ) !
وإذا كنت ضدي
فالويل لك إن خالفتني عند الكتابة هذا إن سمحت لك بالكتابة !
ثالثا :
بناء على ما سبق ذكره في ثانيا : نأمل من الدكتور عبد العزيز قاسم أن لا
تكون مجموعته ملحقا ثقافيا لا دينيا في جريدة " الوطن " ، وإن كان مصرا على
فتح ملحق جديد في جريدة جديدة فلعل من الأرحم في جريدة " معاريف " أو "
يدعوت أحرنوت " لا في " الوطن " !
رابعا :
إذا كانت القضية قضية حرية رأي ، ووجود فكر وشخصية ثقافية فهل يقدر جمال
خاشقجي أن يخرج في مناظرة مباشرة على أي قناة يريدها ، ولو كانت القناة
العاشرة في الكيان الصهيوني مع مثقف حرّ كجمال سلطان مثلا لنرى من هو
المفكر والمثقف ومن هو الذي يردد ما يقوله غيره ؟!
خامسا :
نأتي على الرد على د. هاني فقيه الذي أُغلبُ جانب أنه لم يفهم كتب العقيدة
والفقه بخصوص فضل العرب وكفاءة النسب ، فضلا عن فهمه لكلام شيخ الإسلام ،
ولا أدري ما هو تخصص د. فقيه وفقه الله ؟ ولماذا لم ينقل نص كلام شيخ
الإسلام ليتفق معه من يقرأ أو يختلف في فهم كلام شيخ الإسلام ؟!
قبل الرد لا بد
من تقرير قضية مهمة لكي لا تفهم المسألة خارج سياقها وهي أن تفضيل العرب هو
تفضيل جنس وليس أفراد ، وأرجو أن تفهم هذه العبارة فهما جيدا ، فالأعجمي
التقي أفضل من العربي العاصي ولا شك تصديقا لقول الله تعالى : " إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "
.
وقال شيخ
الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (19/29) : " تَفْضِيلَ الْجُمْلَةِ عَلَى
الْجُمْلَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ فَرْدٍ أَفْضَلَ مِنْ
كُلِّ فَرْدٍ فَإِنَّ فِي غَيْرِ الْعَرَبِ خَلْقًا كَثِيرًا خَيْرًا مِنْ
أَكْثَرِ الْعَرَبِ وَفِي غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ وَفِي غَيْرِ
بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِ قُرَيْشٍ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ
أَكْثَرِ بَنِي هَاشِمٍ " .ا.هـ.
ومسألة تفضيل
جنس العرب ألف فيها أهل العلم فعلى سبيل المثال : " فضل العرب والتنبيه على
علومها " لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكوفي المروزي (ت276هـ) ،
و " محجة القرب في فضل العرب " للحافظ أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين
المعروف بالعراقي ( ت 806هـ ) ، و " مبلغ الأرب في فخر العرب " لابن حجر
الهيتمي ، و " مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب "
للعلامة مرعي الكرمي ، وغيرها من الكتب .
سادسا :
أنقل بعضا من كلام شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم " عن فضل جنس
العرب ، ورده على الشعوبية وهي جمع شُعوبي وهو من يحتقر أمر العرب ، وينكر
فضلهم ، وسماهم شعوبية لأنهم ينتصرون للشعوب الأخرى غير العرب ، واسمحوا لي
على طول النقل ، فالكلام مرتبط ببعضه .
قال شيخ الإسلام
ابن تيمية في " الاقتضاء " : " الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس
العرب أفضل من جنس العجم : عبرانيهم ، وسريانيهم ، رومهم ، وفرسهم ، وغيرهم
.
وأن قريشا أفضل
العرب ، وأن بني هاشم أفضل قريش ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل
بني هاشم ، فهو أفضل الخلق نفسا ، وأفضلهم نسبا .
وليس فضل العرب
، ثم قريش ، ثم بني هاشم ، بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم - وإن
كان هذا من الفضل - بل هم في أنفسهم أفضل ، وبذلك ثبت لرسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه أفضل نفسا ونسبا ، وإلا لزم الدور .
ولهذا ذكر أبو
محمد حرب بن إسماعيل بن خلف الكرماني ، صاحب الإمام أحمد ، في وصفه للسنة
التي قال فيها : هذا مذهب أئمة العلم ، وأصحاب الأثر ، وأهل السنة
المعروفين بها المقتدى بهم فيها ، وأدركت مَن أدركت مِن علماء أهل العراق
والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو
عاب قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة ، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق ،
وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ،
وسعيد بن منصور ، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم
فكان من قولهم :
أن الإيمان قول وعمل ونية ، وساق كلاما طويلا إلى أن قال : ونعرف للعرب
حقها ، وفضلها ، وسابقتها ، ونحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
حب العرب إيمان ، وبغضهم نفاق ) – رواه الحاكم في "المستدرك" (4/97) وقال
الذهبي : الهيثم بن حماد متروك ، وانظر "السلسلة الضعيفة" (1190) -
ولا نقول بقول
الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ، ولا يقرون بفضلهم ، فإن
قولهم بدعة وخلاف .
ويروون هذا
الكلام عن أحمد نفسه في رسالة أحمد بن سعيد الإصطخري عنه إن صحت ، وهو قوله
وقول عامة أهل العلم .
وذهبت فرقة من
الناس إلى أن لا فضل لجنس العرب على جنس العجم ، وهؤلاء يسمون الشعوبية ،
لانتصارهم للشعوب التي هي مغايرة للقبائل ، كما قيل القبائل للعرب ،
والشعوب للعجم .
ومن الناس من قد
يفضل بعض أنواع العجم على العرب .
والغالب أن مثل
هذا الكلام لا يصدر إلا عن نوع نفاق : إما في الاعتقاد ، وإما في العمل
المنبعث عن هوى النفس ، مع شبهات اقتضت ذلك .
ولهذا جاء في
الحديث : ( حب العرب إيمان ، وبغضهم نفاق ) . [ أخرجه الحاكم وقال : " حديث
صحيح الإسناد ولم يخرجاه " ، وتعقبه الذهبي في التلخيص قائلا : " الهيثم
متروك ، ومعقل ضعيف " ]
مع أن الكلام في
هذه المسائل لا يكاد يخلو عن هوى للنفس ، ونصيب للشيطان من الطرفين ، وهذا
محرم في جميع المسائل .
فإن الله قد أمر
المؤمنين بالاعتصام بحبل الله جميعا ، ونهاهم عن التفرق والاختلاف ، وأمر
بإصلاح ذات البين ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له
سائر الجسد بالحمى والسهر) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تقاطعوا ، ولا
تدابروا ، ولا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم
الله )
وهذان حديثان
صحيحان ، وفي الباب من نصوص الكتاب والسنة ما لا يحصى .
والدليل على فضل
جنس العرب ، ثم جنس قريش ، ثم جنس بني هاشم : ما رواه الترمذي من حديث
إسماعيل بن أبي خالد ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن
العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ! إن قريشا
جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم ، فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم
، ثم خير القبائل فجعلني في خير قبيلة ، ثم خير البيوت فجعلني في خير
بيوتهم ، فأنا خيرهم نفسا ، وخيرهم بيتا ) قال الترمذي : هذا حديث حسن ،
وعبد الله بن الحارث هو ابن نوفل .
[ الحديث رواه
الترمذي (3607) وأحمد (17063) ، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ] .
والمعنى أن
النخلة طيبة في نفسها وإن كان أصلها ليس بذاك ، فأخبر صلى الله عليه وسلم
أنه خير الناس نفسا ونسبا .
وروى الترمذي
أيضا من حديث الثوري ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله ابن الحارث ، عن
المطلب بن أبي وداعة قال : جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكأنه سمع شيئا ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال : من أنا
؟ فقالوا : أنت رسول الله صلى الله عليك وسلم . قال : أنا محمد ، بن عبد
الله ، بن عبد المطلب ، ثم قال : إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم ، ثم
جعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ،
ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا ، وخيرهم نفسا ) قال الترمذي : هذا
حديث حسن .
[ رواه الترمذي
(3532) ، وأحمد بنحوه (1791) ، وحسنه محققو المسند ]
وقوله في الحديث
: ( خلق الخلق فجعلني في خيرهم ، ثم خيرهم فجعلهم فرقتين ، فجعلني في خير
فرقة ) يحتمل شيئين :
أحدهما : أن
الخلق هم الثقلان ، أو هم جميع ما خلق في الأرض ، وبنو آدم خيرهم ، وإن قيل
بعموم الخلق حتى يدخل فيه الملائكة ، فكان فيه تفضيل جنس بني آدم على جنس
الملائكة وله وجه صحيح .
ثم جعل بني آدم
فرقتين ، والفرقتان : العرب والعجم . ثم جعل العرب قبائل ، فكانت قريش أفضل
قبائل العرب ، ثم جعل قريشا بيوتا ، فكانت بنو هاشم أفضل البيوت .
ويحتمل أنه أراد
بالخلق بني آدم ، فكان في خيرهم ، أي ولد إبراهيم ، أو في العرب ، ثم جعل
بني إبراهيم فرقتين : بني إسماعيل ، وبني إسحاق ، أو جعل العرب عدنان
وقحطان ، فجعلني في بني إسماعيل ، أو بني عدنان ، ثم جعل بني إسماعيل أو
بني عدنان قبائل ، فجعلني في خيرهم قبيلة وهم قريش .
وعلى كل تقدير
فالحديث صريح في تفضيل العرب على غيرهم .
ومثله أيضا في
المسألة ما رواه أحمد ومسلم والترمذي من حديث الأوزاعي عن شداد بن عمار عن
واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله
اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني
هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ) .
وهذا يقتضي أن
إسماعيل وذريته صفوة ولد إبراهيم ، فيقتضي أنهم أفضل من ولد إسحق ، ومعلوم
أن ولد إسحق الذين هم بنو إسرائيل أفضل العجم ، لما فيهم من النبوة والكتاب
، فمتى ثبت الفضل على هؤلاء فعلى غيرهم بطريق الأولى ، وهذا جيد ...
واعلم أن
الأحاديث في فضل قريش ثم في فضل بني هاشم فيها كثرة ، وليس هذا موضعها ،
وهي تدل أيضا على ذلك ، إذ نسبة قريش إلى العرب كنسبة العرب إلى الناس ،
وهكذا جاءت الشريعة .
فإن الله تعالى
خص العرب ولسانهم بأحكام تميزوا بها ، ثم خص قريشا على سائر العرب بما جعل
فيهم من خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص ، ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة
واستحقاق قسط من الفيء إلى غير ذلك من الخصائص ، فأعطى الله سبحانه كل درجة
من الفضل بحسبها ، والله عليم حكيم .
( الله يصطفي من
الملائكة رسلا ومن الناس ) و ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) وقد قال الناس
في قوله تعالى : ( وإنه لذكر لك ولقومك ) وفي قوله : ( لقد جاءكم رسول من
أنفسكم ) أشياء ليس هذا موضعها .
وفي المسألة
آثار غير ما ذكرته ، في بعضها نظر ، وبعضها موضوع .
وأيضا فان عمر
بن الخطاب رضي الله عنه لما وضع ديوان العطاء كتب الناس على قدر أنسابهم ،
فبدأ بأقربهم نسبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انقضت العرب
ذكر العجم ، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين وسائر الخلفاء من
بني أمية وولد العباس إلى أن تغير الأمر بعد ذلك .
وسبب هذا الفضل
- والله أعلم - ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم ، وذلك
أن الفضل إما بالعلم النافع ، وإما بالعمل الصالح ، والعلم له مبدأ ، وهو
قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم ، وتمام وهو قوة المنطق الذي هو البيان
والعبارة ، والعرب هم أفهم من غيرهم ، وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة ،
ولسانهم أتم الألسنة بيانا ، وتمييزا للمعاني جمعا وفرقا ، يجمع المعاني
الكثيرة في اللفظ القليل .
وأما العمل فإن
مبناه على الأخلاق ، وهي الغرائز المخلوقة في النفس ، وغرائزهم أطوع للخير
من غيرهم ، فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء وغير ذلك من الأخلاق
المحمودة " .ا.هـ.
أكتفي بهذا
القدر من النقل ، وأرجو أن تكون المسألة واضحة فشيخ الإسلام يتكلم عن فضل
جنس العرب لا أفراد .
سابعا :
أختم بكلام نفيس للعلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - رغم أنه
أعجمي باعترافه ، فقد علق في " الضعيفة " (1/196 حديث 163) على حديث : "
إذا ذلت العرب ذل الإسلام " : " ... بيد أن ذلك لا ينافي أن يكون جنس العرب
أفضل من جنس سائر الأمم ، بل هذا هو الذي أؤمن به و أعتقده ، وأدين الله به
- وإن كنت ألبانيا فإني مسلم و لله الحمد – ذلك؛ لأن ما ذكرته من أفضلية
جنس العرب هو الذي عليه أهل السنة والجماعة ، ويدل عليه مجموعة من الأحاديث
الواردة في هذا الباب ... و لكن هذا ينبغي ألا يحمل العربي على الافتخار
بجنسه ، لأنه من أمور الجاهلية التي أبطلها نبينا محمد العربي صلى الله
عليه وسلم على ما سبق بيانه ، كما ينبغي أن لا نجهل السبب الذي به استحق
العرب الأفضلية ، وهو ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم و أخلاقهم و أعمالهم
، الأمر الذي أهلهم لأن يكونوا حملة الدعوة الإسلامية إلى الأمم الأخرى ،
فإنه إذا عرف العربي هذا و حافظ عليه أمكنه أن يكون مثل سلفه؛ عضوا صالحا
في حمل الدعوة الإسلامية ، أما إذا هو تجرد من ذلك فليس له من الفضل شيء ،
بل الأعجمي الذي تخلق بالأخلاق الإسلامية هو خير منه دون شك ولا ريب ، إذ
الفضل الحقيقي إنما هو اتباع ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم من الإيمان
و العلم ، فكل من كان فيه أمكن ، كان أفضل ، و الفضل إنما هو بالأسماء
المحددة في الكتاب و السنة مثل الإسلام و الإيمان و البر و التقوى والعلم ،
و العمل الصالح و الإحسان و نحو ذلك ، لا بمجرد كون الإنسان عربيا أو
أعجميا ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، و إلى هذا أشار صلى
الله عليه وسلم بقوله :
(( من بطأ به
عمله لم يسرع به نسبه )) رواه مسلم
و لهذا قال
الشاعر العربي :
لسنا و إن
أحسابنا كرمـت * * * يوما على الأحساب نتكل
نبني كـما كـانت
أوائـلنا * * * تبني ونـفعل مثل ما فعلوا
و جملة القول :
إن فضل العرب إنما هو لمزايا تحققت فيهم فإذا ذهبت بسبب إهمالهم لإسلامهم
ذهب فضلهم ، و من أخذ بها من الأعاجم كان خيرا منهم ، (( لا فضل لعربي على
أعجمي إلا بالتقوى )) .
ومن هنا
يظهر ضلال من يدعو إلى العروبة و هو لا يتصف بشيء من خصائصها المفضلة ، بل
هو أوربي قلبا و قالبا ! " .ا.هـ.
١٩-١٠-٢٠٠٩