صيد الفوائد saaid.org
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مسألتان في حكم النية لصوم النافلة

عادل بن عبدالعزيز الجهني


بسم الله الرحمن الرحيم


١/ وقتُ النيَّةِ في صومِ النَّفلِ.

لا يشتَرَطُ جُمهورِ العلماء من الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة تَبييتُ النِّيَّةِ مِنَ اللَّيلِ في صيامِ التطَوُّعِ بدليل عمومُ حديث عائشة رَضِيَ الله عنها، حيث قالت: "دخل عليَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ فقال: هل عِندكم شيءٌ؟ فقلنا: لا. قال: فإني إذًا صائِمٌ" رواه مسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (…وأما النفل فيجزئ بنية من النهار كما دل عليه قوله "إني إذاً صائم" كما أنّ الصلاة المكتوبة يجب فيها من الأركان ـ كالقيام والاستقرار على الأرض ـ ما لا يجب في التطوع توسيعاً من الله على عباده في طرق التطوع، فإن أنواع التطوعات دائماً أوسع من أنواع المفروضات...ثم علق شيخ الإسلام على هذا القول بقوله: "وهذا أوسط الأقوال")

………………………..

٢/ حكمُ النيةُ في صوم النفل المُقيّد
كصيام السِّتِ من شوال، ويوم عرفة وعاشوراء والأيّام البيض، وهل يُثاب ثوابًا كاملًا عن صوم هذا اليوم؟

وهذا مما حصل فيه الخلاف بين أهل العلم، فيرى بعضُهم أنّه لا بدّ من نيّة من الليل لصيام هذه الأيّام حتى يُثاب عليها ثوابًا كاملًا، وتعليلهم أنّ الصوم عبادة لا بدّ فيها من نيّة قبلها، ومن نوى من وسط النهار لا يُقال أنّه صام اليوم كله.

🍃 ويرى آخرون أنّه لا يلزم تبييت النيّة لأنّها نافلة وقد دلّ الدليل على صحة صوم النافلة، ويستوي فيها المقيّد وغير المقيّد.
وأنّ له الثواب كاملًا سواءً نواه من الليل أو من النهار، وذلك أنّ الصوم لا يتبعّض فهو عبادة متصلّة من الفجر إلى المغرب.
(قال القاضي وأبو الخطاب: يُحكم له بالصوم الصحيح الشرعي المُثاب عليه من أول النهار، لا من وقت النية، سواء نوى قبل الزوال أو بعده؛ لأنّ صوم بعض النهار لا يصح، بدليل ما لو نواه بعد الأكل، أو أراد الفطر في أثناء اليوم، فإذا صحّت نيتُه من أثناء النهار عُلِم أن صومه تام، فيُكْتَب له ثواب يوم تامّ…..
وقد تنعطف النيةُ على ما مضى؛ كالكافر إذا أسلم؛ فإنه يُثاب على ما تحمَّله من الحسنات حال كفره….) [شرح العمدة لابن تيمية: ١٩٣/١]
وأمّا مسألة أنّه لا يُثاب إلا من وقت النية، (فقال الماوردي والقاضي أبو الطيب: هو غلط، لأنّ الصوم لا يتبعّض، قالوا وقوله لأنه لم يقصد العبادة قبل النية لا أثر له، فقد يدرك بعض العبادة ويثاب كالمسبوق يدرك الإمام راكعا فيحصل له ثواب جميع الركعة.) ذكره النووي.

ومن المقاصد الشرعية المعتبرة في كل التطوعات مقيّدها ومطلقها هو تخفيفها وعدم التشديد بشروطها لتكثيرها وتسهيلها على المكلفين.
فالقول إنّ الثواب لا يكون إلا من وقت النية فيه التثبيط عن فعلها، والحرمان من صوم هذه الأيّام الفاضلة.

ولا شك أنّ الأفضل والأكمل هو عقد النية من الليل خروجًا من الخلاف، ولكن من نسي، أو طرأ له الصوم من النهار فله ذلك، ويُؤجر إن شاء الله على صيام ذلك اليوم كله، وإنّما قلنا ذلك لئلا يفوته صيام هذه الأيّام التي لا مثيل لها في فضل صوم النافلة، خصوصًا أنّه قد قال بهذا القول أئمة كبار من أهل العلم قديمًا وحديثًا، وهو الأقرب للصواب إن شاء الله بالنظر إلى مقاصد الشريعة من التسهيل في باب نوافل العبادات.
 

كتبه/ عادل بن عبدالعزيز الجهني.
١٤٤٦/١٠/١٦ هـ


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عادل المحلاوي
  • رسائل دعوية
  • مقالات موسمية
  • كتب
  • مقالات أسرية
  • خطب الجمعة
  • الصفحة الرئيسية