|
في زحمة الحياة وبعدما كبرنا وزادت مشاغلنا , لانجد وقتاً للحديث مع أحب الناس
إلينا والاستمتاع بقصصهم وحكاياتهم وخبراتهم وتجاربهم , فضلاً عن كونهم يحبون
من يستمع إليهم ويتفاعل مع حديثهم , لأن الكثير من الناس- ولاشك أنه يبرّ
والديه ويزورهما – لكن لا يتباسط في الحديث معهما كما يفعل مع أصحابه , بل ربما
نجده يلزم الصمت , بعد السؤال عن الحال وماذا يريدون من خدمات يقدّمها لهما ؟
فهل انتهت مهمّته بزيارة تقليدية رتيبة لاطعم لها ولا لون
لذا يحس الوالدان بوحشة عظيمة وفجوة كبيرة بينهما وبين أولادهما , وبالمقابل
سرّتنا صور جميلة منها ما قاله أحدهم : إنني أجد المتعة في قضاء أحلى الأوقات
مع أمي والتي تملأ قلبي سعادة بحديثها وقصصها الشيّقة , فلا أملّ من الجلوس
معها ولا أستطيل ذلك أبداً وإذا مرّ بي يوم لم أسمع حديثها وحكاياتها أحس بأن
شيئاً كبيراً قد افتقدته ! وآخر يقول : يومياً أخصص ما بعد صلاة المغرب للجلوس
مع الوالد , وأنهل من خبراته , فقلت : هل يحدّثك والدك كما يحدث أصحابه وبنفس
درجة التفاعل ؟ قال : نعم , فقلت لماذا بعض الآباء ينقبضون أمام أولادهم
ولايتحدثون كثيراً في جلسات يحفها الصمت والهيبة ؟
فقال : هل تنتظر أن يحدث مثل هذا , بادر أنت بالدخول المؤدب مع أبيك , وافتح له
أبواباً من الموضوعات عن خبرته في الحياة فستجد تفاعلاً عجيباً تلوم نفسك –
فيما بعد – على زمن مضى لم تستمتع بخبراته وحكاياته , وهل هناك أحلى من الجلوس
مع الوالدين ؟ بينما البعض محروم من هذا والله المستعان ,
أخي أختي : جرّبا وستجدا أن أمتع الأوقات تقضى مع الوالدين والسماع لحديثها في
وقت ٍ قلّ من يستمع إليهما ويأنس بهما فالله الله في الوالدين والله الله في
انتقاء أطايب الحديث لهما كما تنتقيان أطايب الثمر تؤجرا وتفلحا وتسعدا دنيا
وأخرى ,,